أحمدي نجاد وبشار الأسد.. أي مصير؟
تاريخ النشر: الثلاثاء 09 أغسطس 2011
تم التحديث: الثلاثاء 09 أغسطس 2011
مخاوف في ايران وفي روسيا من أن يكون التدخل العسكري الغربي عسكريا في
سوريا،(إذا حصل) مقدمة لضربة عسكرية تستهدف ايران مستقبلا. لكن الإصلاحيين
وهم خارج السلطة ويمثلون غالبية الشعب الايراني، ورغم أنهم يعارضون التدخل
العسكري الغربي في سوريا، سيكونون أول المحتفلين بسقوط النظام هناك، ليصبح
النظام في ايران وحيدا من دون حليف في المنطقة، وسيسهل ذلك في سقوطه أو
تغييره من الداخل، أو بدعم من الخارج.
فبعد خطاب العاهل السعودي الملك عبدالله وتحذيره أن "مستقبل سوريا بين
خيارين إما الحكمة أو الفوضى"، وماسبقه من كلام عبر فيه رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان عن غضبه حيال ما يجري في سوريا قائلا "لايمكننا أن
نقف متفرجين حيال ما يجري هناك"، سارعت أوساط مقربة من الحكومة الايرانية
الى القول :هل حانت ساعة رحيل بشار الأسد؟ وماذا بعد سوريا؟.
في
الأيام الآخيرة، بات واضحا أن الغرب زاد حماسه و تأييده لفكرة شن ضربة
عسكرية ضد سوريا وسط مخاوف في موسكو وطهران، أن تكون هذه الخطوة مقدمة
لضربة عسكرية طال انتظارها ضد إيران. وقد تُرجمت هذه المخاوف على لسان
"دميتري روجوزين" سفير روسيا لدى حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي قال بأنه
يخشى من أن يكون أي تحضير لشن ضربة عسكرية على سوريا مقدمة لشن ضربة عسكرية
ضد إيران.
وتناولت وسائل الإعلام العالمية تصريحات السفير الروسي،
بشكل ملفت، و مع أن هذه التصريحات أثارت ضجة بين وسائل الإعلام الإيرانية
إلا أنها تناولتها بشكل مختلف تماما، بحيث حذفت الشق الأخير من تصريحات
السفير الروسي و الذي يتعلق بشن ضربة عسكرية على إيران و سعت لإظهار الأمر و
كأن إيران ليست المعنية بالأمر بشكل مباشر.
لقد أخذ موضوع استهداف
المنشآت النووية الإيرانية في كل مرة يتم فيها طرح فكرة شن ضربة عسكرية
حيزاً مهما في الأخبار المتعلقة بإيران خلال السنوات الست الماضية، أي منذ
تولي الرئيس الحالي "محمود أحمدي نجاد" رئاسة الجمهورية الإسلامية
الإيرانية بسبب تصريحاته المثيرة للجدل، حتى باتت تلك الأنباء المتعلقة
ببرنامج إيران النووي و فكرة شن هجوم على منشاتها النووية أخبارا مستهلكة و
قديمة.
إلا أنه يمكن اعتبار تصريحات "دميتري روجوزين" الأخيرة،
حركة دعائية سياسية روسية الهدف منها تحذير الغرب من مغبة التفكير في شن
ضربة عسكرية ضد إيران.
و كان السفير الروسي في الناتو قد حذر من قبل
أيضاً و بالتحديد في يناير الماضي من عواقب إرسال فيروس "إستاكس نت" الذي
استهدف أجهزة الحاسوب في المنشآت النووية الإيرانية و بالاخص في مفاعل
بوشهر النووي، و الذي قال حينها بأنه قد تكون نتائجه كارثية و قد تتكرر
فاجعة مفاعل "تشرنوبل".
إلا أن السفير الروسي اعتبر تلميح بعض أعضاء
الناتو من احتمال تدخل الناتو عسكريا في كل من سوريا و اليمن مقدمة لشن
ضربة عسكرية على إيران من اجل ثنيها عن الاستمرار في برنامجها النووي أو
إسقاط النظام الحاكم فيها.
هذا في الوقت الذي نفى فيه الأمين العام
لحلف الشمال الأطلسي "اندرس فوج راسموسين"، وجود أي نية للحلف لشن هجمات
عسكرية على سوريا، رغم أن بعض الدول الأعضاء في الحلف يجرون مشاورات لتقديم
مشروع قرار جديد لمجلس الأمن ضد سوريا، إلا أن تركيا هي البلد الوحيد من
بين أعضاء الناتو التي تتوفر فيها شروط مناسبة لشن أي هجوم عسكرية بري على
سوريا – نظرا لوجود أكثر من ثمانمائة كلم حدود برية بين البلدين و امتلاك
تركيا جيشا قويا و مجهزا بأكثر أنواع الأسلحة تطورا في المنطقة.
ويبدو
أن تصريحات رئسي الوزراء التركي رجب طيب أوردغان يمكن أن يكون مقدمة لهذا
التدخل، وذلك يتوقف على موقف الرئيس السوري مما قاله أردوغان.
و
إذا نظرنا إلى الخارطة السورية فسنجد إسرائيل في الجوار، على الرغم من إنها
ليست أحد أعضاء الناتو، إلا أن إسرائيل تعتبر أحد أقوى حلفاء حلف شمال
الأطلسي في الشرق الأوسط ، و التي تمتلك قدرات عسكرية كبيرة وترسانة ضخمة
من الأسلحة.
إعلام الحكومةإن تصريحات السفير
الروسي في حلف شمال الأطلسي التي احتوت على تحذيرات من قيام الناتو بأي
تدخل عسكري في سوريا، تلاه بساعات قليلة تصريحات الرئيس الروسي "ميدفيدف"
التي نشرتها صحيفة "فسيتا" الروسية و الذي وجه فيها تحذيرا للرئيس السوري
بشار الأسد من التمادي في استخدام القوة ضد المتظاهرين و المعارضة
السورية.فالرئيس الروسي، كان يخاطب الأسد مباشرة محذراً حيث قال إن النظام
السوري ينتظره مصير محزن إذا ما استمر في استخدام العنف ضد المتظاهرين و
معارضيه.
و في المقابل فإن وسائل الإعلام الإيرانية المقربة من
الحكومة التي دأبت و منذ اندلاع الأزمة في سوريا على عدم التطرق إلى ما
يحدث في سوريا، نشرت تصريحات السفير الروسي في الناتو المتعلقة بتحذيره من
أي هجوم عسكري ضد دمشق و تطرقت إليها بشكل واسع، فيما بدأت و لأول مرة بنشر
بعض الأنباء المتعلقة بتحركات الجيش السوري في المدن السورية و أعداد
الضحايا في صدر تقاريرها اليومية.
و رغم أن وسائل الإيرانية الرسمية
لا تزال تظهر الأزمة السورية و كأنه أمر عادي و لا تتطرق إليه بشكل موضوعي و
تفصيلي إلا أنه يلاحظ حدوث تغيير طرأ على السياسة الإعلامية لوسائل
الإعلام الرسمية الإيرانية، و الذي يظهر مدى تزايد قلق النظام الحاكم في
إيران حيال ما يحدث في سوريا.النظام الحاكم في إيران يخشى كذلك من أي تغيير
يطال نظام الأسد في دمشق، وبالتالي فان نظام إيران يحضر نفسه لمواجهة
النتائج المباشرة و غير المباشرة لسقوط النظام في سوريا.
آخر أوراق الأسداستخدم
نظام الأسد في سوريا كامل قوته العسكرية في قمع المتظاهرين، فحشد النظام
عشرات الدبابات أثناء إقتحام الجيش السوري لدينة "حماه" يـظهر أن بشار
الأسد استخدم آخر أوراقه في مواجهة الإحتجاجات الداخلية المتزايدة.
من
جهة فان هذا الأمر يجعل من المستحيل على الجيش السوري البقاء في الشوراع
لأمد طويل، ما سيدفع به إلى التفكك التدريجي و فقدان الكثير من قوته، بحيث
بات واضحا إمكانية حدوث تمرد بين صفوف قيادات الجيش و ذلك عبر ترك الكثير
من الجنود و الكوادر التابعة له و انضمامهم للمعارضة.
فالجيش السوري
صورة مصغرة للتركيبة السكانية للشعب السوري، فغالبية المنتمين للجيش هم من
السنة في الوقت الذي ينتمي بشار الأسد إلى الطائفة العلوية و التي تشكل
الأقلية في التركيبة السكانية للمجتمع السوري.
و يظهر هذا الأمر مدى
صحة الأنباء التي تحدثت عن انشقاقات و تمرد في صفوف الجيش السوري الأمر
الذي يبطل مفعول أي محاولة للسلطة الحاكمة في سوريا لإخماد الاحتجاجات، و
في حال سقوط نظام الأسد في سوريا ستتغير معادلات القوة في المنطقة بشكل
كبير.
تغيير سياساتإن الحكومة الإسرائيلية
التي كانت ترى في الربيع العربي و ثوراته خطرا كبيرا على أمنها و مصالحها
القومية، لا تزال تلتزم الصمت حيال ما يحدث في سوريا و كأنها بهذا الأمر
تدعم فكرة بقاء نظام الأسد في سوريا بشكل يظهر مدى التغيير الذي طرأ على
السياسة الإسرائيلية.
فالحكومات الغربية لم تبد بشكل علني رغبتها في
تنحي بشار الأسد عن السلطة، و كل ما فعلته هذه الحكومات هو إنتقاد بشار
الأسد بسبب لجوئه للعنف و القتل في تعامله مع الإحتجاجات، الأمر الذي لم
نشاهده في تصرف الغرب مع القذافي في ليبيا.
فتصريحات الرئيس الروسي و
تحذيره للأسد من المصير المحزن الذي قد ينتظر النظام السوري، أثارت جدلا
واسعا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، على عكس وسائل الإعلام الإيرانية
التي تجاهلتها تماما. كذلك فإن تصريحات السفير الروسي لدى حلف شمال الأطلسي
الذي حذر من مغبة أن تكون فكرة شن هجمات عسكرية ضد سوريا مقدمة لشن ضربة
عسكرية ضد إيران أخذت حيزا أكبر في وسائل الإعلام الاسرائيلية.
ويبدو
أن تغييرا طرأ في السياسة الإسرائيلية حيال النظام السوري، وبات من الواضح
أن إسرائيل تعتقد أن أي حملة عسكرية ضد سوريا في المدى القصير ستمهد
الطريق إلى حملة عسكرية أكبر ضد إيران في المدى المتوسط و هذا من أجل تحقيق
هدف أكبر.
كذلك يبدو أن الناتو قد أيقن أن شن ضربات عسكرية على
القدرات الدفاعية الضعيفة لدول مثل ليبيا و اليمن و أكبر بقليل سوريا، قد
يمهد الطريق إلى ضرب القدرات العسكرية الإيرانية التي تعتبر متوسطة إذا ما
قارناها بالقدرات العسكرية لأعضاء الناتو .
و روسيا تعتقد أن الــ
"ناتو" قادر على شن ضربات عسكرية ضد إيران التي تمتلك قدرات عسكرية متوسطة و
إن شن أي ضربة عسكرية ضد سوريا التي تملك قدرات عسكرية ضعيفة سيمهد الطريق
لنيل الهدف الأكبر ألا و هو شن ضربة عسكرية ضد إيران.
و من دون شك
فإن سقوط نظام الأسد في سوريا إما بعوامل داخلية (نجاح الثورة) أو بعوامل
خارجية (ضربة عسكرية) سيتسبب في فقدان إيران لأهم حليف لها في المنطقة،
وسيشجع الإصلاحيين على العودة مجددا الى الشارع، متحدين القمع، ومستفيدين
من الظرف الدولي الجديد والدعم الغربي لهم بعكس ما كان في الاحتجاجات
السابقة الي لم تحظ بغطاء غربي.
و بالتالي سيكون هذا بمثابة الجائزة
التي تنتظر إسرائيل الحصول عليها و التي تخطط لنجاحها في المدى المتوسط، و
لهذا السبب فقدت الأمل من نظام الأسد و تخلت عنه. فهل وصلت الرسالة بالفعل
الى ايران وهي توشك أن تفقد أهم حليف لها في المنطقة، أم أن الفوضى ستعم
بعد سقوط نظام الأسد، وتغيّر المعادلة في لبنان نحو الضبط أو الانفلات إذا
تحرك حزب الله بأجندة ولاية الفقيه، وتعرض ايران لضربة او ضربات عسكرية
تترافق مع احتكاكات إقليمية واحتجاجات شعبية، فيما يكون العراق غير بعيد
قبيل الانسحاب الأمريكي تستعد ايران لتعويضه وسط تقارير تتحدث عن رغبة
البعض في الغاء العملية السياسية والمطالبة بالفيدرالية او التقسيم على
اساس طائفي.
"من دَق ، دُق" عبارة قالها أردوغان بالعربي ولم تترجمها
وسائل الاعلام الايرانية القريبة من الحكومة والتي نقلت خطابه عن التطورات
السورية، أو ربما فهمها المرشد الايراني علي خامنئي الضليع بالعربية، اذا
كان تابع هذه التطورات شخصيا ومن دون الاستعانة بجهاز مخابرات"البيت"، فعمد
الى اقالة الرئيس محمود أحمدي نجاد عن طريق إسقاط البرلمان كفاءته
السياسية، وسمح بإجراء انتخابات مبكرة لإعادة الإصلاحيين، والعمل بمقترحات
رئيس مجلس تشخيص النظام هاشمي رفسنجاني لإعادة ثقة الشعب بالنظام، وحل
الأزمة المستمرة لانتخابات حزيران/ يونيو 2009، لترميم البيت الايراني
..قبل الطوفان!
الإثنين أكتوبر 17, 2011 10:50 am من طرف سبينوزا