تل ابيب: على الإيرانيين أنّ يعلموا بأنّنا مجانين وعلى استعداد لتدمير إيران كلّها
زهير أندراوس:
2011-07-08
الناصرة ـ 'القدس العربي' يعتبر د. يوعاز هندل،
أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة تل أبيب من أشد الأيديولوجيين المتشددين
وأكثرهم يمينيّة، ولا تخلو مقالاته التي تُنشر في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'
من تأييد المعسكر القومي الإسرائيلي، أيْ غلاة المستوطنين حتى اليمين
المتطرف، ود. هندل، والصحافيّ يعكوف كاتس، مراسل ومحلل عسكريّ في صحيفة
'جيروزاليم بوست'، الإسرائيليّة الصادرة باللغة الإنكليزيّة ويعمل مندوباً
للمجلة الدولية (جينز) للقضايا العسكرية في إسرائيل، ويحاضر في قضايا
الأمن القومي في الجامعات أصدرا مؤخرا كتابا جديدا لمناقشة المسألة
الإيرانيّة وتبعاتها وتداعياتها جاء تحت عنوان: إسرائيل ضدّ إيران، حرب
الظلال، ويتبيّن من الاطلاع على الكتاب أنّه يعتمد في العديد من مباحثه
التفصيلية إلى ما أوردته مراكز دراسات إستراتيجيّة غربيّة بالدرجة الأولى،
حاولت تصوير سيناريو افتراضي لطبيعة الضربة الإسرائيليّة المتوقعة ضدّ
إيران، لتدمير البرنامج النوويّ الإسلاميّ، كما يحلو للإسرائيليين تسميته.
واللافت
أنّ كلّ مراكز الأبحاث أجمعت على أنّه في غياب الاستخبارات الحقيقية
والمتدفقة، فإنّ الهجوم سيكون معقداً بشكل خاص، ونتائجه ستحمل كارثة
لإسرائيل، لا سيما في ظلّ وجود عشرات المفاعلات النووية الإيرانية،
المحصنة في كتل إسمنتية كثيفة تقع على أعماق عشرات الأمتار تحت الأرض،
ويشير المؤلفان إلى أن الضربة الإيرانيّة تختلف في جميع مناحيها للضربة
العسكريّة الإسرائيليّة لمفاعل تموز العراقيّ في العام 1981.
واكتسب
الكتاب، الذي تمّ عرضه قبل أسبوعين ونيّف في أسبوع الكتاب بالدولة
العبريّة أهمية خاصة، تحديدًا لأنّه صدر بعد تصريحات رئيس جهاز الموساد
السابق، مائير داغان، الذي قال إنّ فكرة توجيه ضربة عسكريّة لإيران، هي
أغبى فكرة، الأمر الذي دفع السلطات الإسرائيليّة إلى انتقاده بشدة،
ومعاقبته بسحب جواز سفره الدبلوماسيّ.
ويرى المؤلفان أنّ حرب الظلال
بين الدولة العبريّة والجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بدأت مع نهاية
العدوان الإسرائيليّ على لبنان في أب (أغسطس) من العام 2006، ويتناول طرق
العمل السرية التي اتبعها الموساد طوال السنوات الماضية، والوسائل
المستخدمة، ويتعرض لهجوم سلاح الجو الإسرائيلي على المفاعل النووي السوري
في 2007، وعملية الرصاص المصبوب سنة 2008، وما تخللها من عمليات اغتيال
لعدد من علماء الذرة الإيرانيين، والحرب التي يخوضها سلاح البحرية
الإسرائيلي في عرض البحار.
يرى المؤلفان أنّ مناقشة استخدام الخيار
العسكري ضدّ إيران يتطلب المزيد من التروي والتأني، لأنه قد لا يكون أمراً
حكيماً اللجوء إليه، ملمحاً إلى أن من سيحل هذه المعضلة هو الرئيس
الأمريكي، الذي بإمكانه أن يعلن أن آثار هذا الهجوم المتوقع سيؤثر سلباً
على المصالح الأمريكية في الخليج، ويقول بشكل قاطع وواضح بأنه ليس مقبولاً
أن تتم عملية كهذه، متخوفاً من عدم توفر هذه الرسالة الأمريكية اليوم أو
في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكد المؤلفان على أن المنطقة تشهد
تطورات متسارعة خلال السنوات الأخيرة، تشير معظمها إلى أن تحركاً عسكرياً
إسرائيلياً ما قد تشهده الأجواء والسواحل والأراضي المجاورة، وغالباً ما
ستكون وجهته إيران، علما بأن التركيز الإسرائيلي منذ إعلان فوز اليمين في
الانتخابات البرلمانية، بقي منصباً، وما زال، على الملف النووي الإيراني،
لافتًا إلى تصريح رئيس الوزراء الإسرائيليّ الذي قارن بين الهولوكوست
والنوويّ الإيراني.
ويضيف المؤلفان أنّه في ظلّ تنامي المؤشرات
الميدانيّة الأخيرة، والتحركات السياسيّة، واللقاءات المكوكيّة، السريّة
منها والعلنية، فقد بات من الواضح أن توجهاً إسرائيلياً ما يعد لإيران،
وأن المنطقة حبلى بتطورات قد تبدو دراماتيكية، لا يعلم أحد عقباها، على حد
تعبيرهما.
يستند الكتاب في العديد من مباحثه التفصيلية إلى ما أوردته
مراكز دراسات إستراتيجية غربية بالدرجة الأولى، حاولت تصوير 'سيناريو
افتراضي' لطبيعة الضربة الإسرائيلية المتوقعة ضدّ إيران، وأجمعت جميعها
على أنه في غياب الاستخبارات الحقيقية والمتدفقة، فإن الهجوم سيكون معقداً
بشكل خاص، ونتائجه ستحمل كارثة لإسرائيل، لا سيما في ظلّ وجود عشرات
المفاعلات النووية الإيرانية، المحصنة في كتل إسمنتية كثيفة تقع على أعماق
عشرات الأمتار تحت الأرض.
وفي هذا السياق يتساءل المؤلفان حول طبيعة
المعلومات المتوفرّة لدى الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة عن البرنامج
النووي الإيرانيّ، بل يذهبان إلى ما هو أبعد من ذلك حيث يناقشان قضيّة مدى
كفاءة الأجهزة الاستخبارية بما فيه الكفاية لتعرف حقيقة الأهداف التي ستتم
مهاجمتها، ومدى النجاح في الوصول إليها، ومدى قوة السلاح المستخدم في
الهجوم، وقدرته على اختراق التحصينات الإيرانية، والأهم من كل ما تقدم
طبيعة التشويش، أو التأخير للبرنامج النووي الإيراني في أعقاب الهجوم
الإسرائيلي المفترض.
واللافت في الكتاب أنّه يُشدد على نقطة مهمة حيال
التغيّر في السياسة الإسرائيليّة حيال النووي الإيرانيّ، حيث يشيران إلى
أن تغيراً جوهرياً حصل في طريقة تناول إسرائيل لمسألة القنبلة النوويّة
الإسلاميّة، ويلفتان إلى أنّه بعد أن كانت الدولة العبريّة تعتبر هذه
المسألة مشكلة عالمية، وعليه لن تتصرف حيالها بشكل أحادي، فقد باتت مؤخراً
تلمح إلى أنها حرة الحركة ضدها، وهو تطور أخذ ينمو شيئاً فشيئاً، بما يحيل
إلى صورة تظهر تل أبيب في نهاية المطاف، كما لو أنها مطالبة باتخاذ خطوة
عسكرية ضدّ طهران، ولو بصورة منفردة.
ونقل المؤلفان عن مصدر أمنيّ
وصفاه بأنّه مطلع على الملف النووي الإيرانيّ من داخل المؤسسة العسكريّة
الإسرائيليّة قوله إنّه يتحتم على الإيرانيين أنّ يعلموا بأنّ
الإسرائيليين مجانين، وأنّهم على استعداد لكل شيء، حتى السيناريو النهائي،
علاوة على ذلك، عليهم أنْ يعرفوا بأنّ للدولة العبريّة القدرة للقضاء ليس
على جزء من إيران فقط، بل على كل مدنها المركزية، لما لهذا الحديث من أثر
على إحداث ردع وخوف عندهم، ورفض المصدر عينه التبريرات التي تُطرح بشأن
الخوف من ردّ إيراني، وأنّ آلاف الصواريخ ستُطلق باتجاه إسرائيل، وأنّ
القصف الإيرانيّ يعني نهاية إسرائيل، وهذا المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه
يُذّكر بأقواله ما كان لوزير الأمن الإسرائيليّ، إيهود باراك، قوله في
السنة الماضيّة حول قوة تل أبيب: على الإيرانيين أنْ يعلموا، قال باراك،
بأنّه باستطاعة الدولة العبريّة إعادة الجمهوريّة الإسلاميّة آلاف السنين
إلى الوراء، وأنّه إذا قصفت إسرائيل إيران فإنّه لن يبقى من يعّد ويحصي
عدد القتلى والجرحى في جميع أنحاء إيران، على حد تعبيره.