هناك
فارق كبير بين الخلاف السياسي والبلطجة.. ولا يمكن بحال أن ندرج سلسلة
عمليات قطع الطرق التي مارستها جماعات الأقلية السياسية المهمشة،
والمدعومة لوجستيا بإعلام مبارك "الخاص".. بأنها "خلاف سياسي" أو "وجهة
نظر".. وإلا بات مقتل أكثر من ألف مصري على عبارة ممدوح إسماعيل "وجهة
نظر" وليست "جريمة".
الكذب ـ كما يقول العامة ـ ليس له أرجل.. وكذلك البلطجة أو اللصوصية
لا "مولى" لها.. كيان ورقي هش لا يصمد طويلا أمام الحق.. فهي "الخشب
المسندة" تنهار مع نسمات الحق الناعمة التي لا يستشعر عبيرها إلا الانقياء
من ذوي الفطر السليمة.
"سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ".. وسلسلة الهزائم لم
تتوقف: هزموا على جبهة "الاستفتاء" وخسروا الرأي العام، بعد أن شتموا
المصريين واتهموهم بأنهم "شوية" دراويش وبهاليل، ضحك عليهم "شوية" مشايخ
ووعدوهم بـ"شقة" في الجنة، مقابل كل صوت يقول "نعم" للتعديلات الدستورية.
وهزموا على جبهة "المجلس الرئاسي".. بعد أن اكتشف بأنهم "شوية" لصوص،
حاولوا تقليب الشعب المصري ونشله وسرقة السلطة من حافظة استفتائه الرائع
في مارس الماضي.. وتسليمها لشلة "حرامية" .. وسيظلوا كذلك مهما تجملوا
بـالبدل الشيك وبالبرفان الباريسي.
واليوم أعلنوا تراجعهم عن المواجهة على جبهة "الدستور أولا".. وهي
آخر معارك اللصوص من أجل السطو على إرادة الشعب المصري واختطافها لصالح
"دولة اللصوصية" التي يأملونها وريثا لنظام حكم الرئيس المخلوع.
هذه المعارك، لم تكن يوما ما "خلافا سياسيا" تجوز تسويته بالرأي
وإنما عمليات بلطجة لا يصلح معها لغة الاتيكيت السياسي، وإنما باستخدام
اللغة التي يستحقونها مهما كانت فظة وقاسية.
إهانة الشعب المصري لأنه قال نعم في الاستفتاء .. لم تكن وجهة نظر..
وإنما "قلة أدب".. وفكرة "المجلس الرئاسي" لم تكن ابداعا سياسيا أو من
قبيل الاجتهاد السياسي، وإنما لصوصية استهدفت سرقة السلطة ومصادرتها من
أيدي أصحابها الحقيقيين" المصريين".. وشعار "الدستور أولا" كان أيضا
امتدادا لسلسلة المواقف المتعالية التي تحتقر الشعب.. وتنظر إليه باعتباره
متخلفا و"عبيطا" وعرضة للضحك عليه من مشايخ الفضائيات.. والدعوة إلى تأجيل
الانتخابات، كانت في حقيقتها طلبا لمد مظلة الحماية إلى أجل غير مسمى
للحرامية واللصوص والفاسدين الذين يخشون من نتائجها وعلى رأسها حكومة
منتخبة وديمقراطية تحاسب وتعاقب وتفتح كل الملفات التي يتم تعليقها لصالح
كل فاسد له صوت عال وسلطة إعلامية لا تجيد إلا البلطجة والشرشحة وتقطيع
ملابس كل من يقترب من ملفاتهم المسكوت عنها.
يوم أمس تراجعوا عن "الدستور أولا".. واعلن د. عصام شرف بأن
الانتخابات في موعدها.. وهو نصر جديد للقوى الوطنية المصرية.. التي انحازت
إلى الشعب المصري، ولم تستسلم لاغراءات حاملي الشيكات من رجال الاعمال
الفاسدين.