الدستور وخرائط الاستبداد
ذ.محمد الهداج
2011-07-06 14:32:00
"
يحسبون كل صيحة عليهم هُمُ العدو فاحذرهم قاتلهم الله انى يؤفكون"
(المنافقون 4)
-1-
خرج
الدستور "المنتظر" إلى الوجود و جاءت "النعمْ"اتُ مثلجة لصدور الكثيرين و
على رأسهم الجاثمين على صدورنا منذ غابر الأزمان، وقد بدؤوا كما يبدوا،
حتى لطويل الأمل الذي يضع يديه على عينيه و أصابعه في آذانه، أنهم يستعدون
على قدم و ظِلْف للجثوم عليها مرة أخرى، ربما لأن "اللي حشمو ماتو"، لكن
هؤلاء و بصفاقتهم الخشبية الملامح يُمنون النفس بإعادة إنتاج بؤس هذا
البلد لأجَلٍ غير مسمى، ليس هذا تيئيسا و لا تصغيرا من شأن دستور في بلد
لا يعرف فيه الساسة معنى لاحترام شيء غير أطماعهم في السلطة و الثروة، و
لكن لأن "اللعب" سيبقى بنفس اللاعبين المذكورين آنفا، كما أن حزب الداخلية
بمنشار تقطيعه الانتخابي سيُبقي على البلقنة و سيضطر "الأحزاب" للتحالف
(من الحِلْف و الحلُّوف) من أجل تشكيل حكومة عاجزة إلا على مراكمة الثروة
بآلة السلطة يضع فيها من يجوسون فسادا في "الحقلين" السياسي و الاقتصادي
قواعد مدونة المحسوبية، و يفتحون دكاكين بيع العقار لذوي القربى و اليتامى
من كل حس بالوطنية و المروءة.
كيف لتقطيع انتخابي يُرسَم في الداخلية كألعاب الحاسوب أن يَسمح بميلاد حكومة قوية تستطيع أن تضغط في اتجاه تنزيل "برامجها" ؟.
دستور بلا إمكانية أغلبية مطلقة في البرلمان يبقى حبرا على ورق و لو
جئتم به من المستقيل. ستبقى السياسة في، ظل حزب الداخلية و تصرُّفِه في
رقعة الوطن بمنطق "الحرشة"، حقلا للتسابق على الكلأ أياما بعد أن يفهم
رئيس الحكومة أن ليس له من الأمر شيء بنظرة بائسة فيمن حوله من الوزراء
القادمين باضطرارِ "التحالف".
-2-
آية ما أذهب إليه أعلاه
هو إصرار المخزن و من حوله على إيهام الشعب بأن حركة العشرين من فبراير هي
العدو الحقيقي للبلاد و لمستقبلها "الزاهر" بقيادة ساسة لم يعملوا قبل ذلك
إلا على ازدهار أرصدتهم و معاشهم.
ما الذي يجعل هؤلاء يضيق صدرهم و تنطلق ألسنتهم بالتنديد أو بالتبشير بنهاية حركة العشرين؟
إنها لا تسرق أحدا و لا تنصب على أحد و لا تضع العراقيل أما أحد، و لا
تبيع البلاد بالتقسيط لأحد و لا تبيع الوهم لأحد، و لكنها على عكس كل ذلك
تضع نفسها حصنا للشعب دون استفراد عصابات السلطة و الثروة به و بمستقبله،
و من لا بستطيع مساندتها بشيء، فأضعف المواقف أن يقول خيرا أو ليصمت.
في كل بلاد الحق و القانون توجد معارضة و مؤسسات تضمن المحاسبة و توازن
السلط (check and balance) وعندنا لا يوجد حتى الآن سوى "كتلة" تتوافق
بينها لخدمة مصالحها بتَوَسُّل كل شيء حتى بالنقابات المفروض فيها الدفاع
عن المستضعفين و التي تحولت وظيفتها إلى الضغط بهم لمصالح الساسة أو
تخديرِهم إلى أن يُفرغ اللصوص خزائن الوطن.
-3-
لجوء المخزن
لفرسان الصعلكة و للتغليط لكثير من شرفاء البلد الحيارى، ليس إلا طرقا
لمسامير في نعشه أو في نعش مستقبل هذا البلد الأمين، و الذي يَحشر حركة
العشرين في دائرة المخرفين أو الملاحدة أو يُصَدِّق هذاا التخريف، هو يقول
بلسان حاله أن البلد بخير و أن حاله السياسي بألف خير و أن الناس في
بحبوحة من العيش لا ينقصهم إلا النظر بأعين المترفين في "طريق زعير" و
"كاليفورنيا" و "حي الرياض" بدل استعمال النظارات المهترئة لساكنة "رجاف
الله" و "سيدي مومن" و "ثلاث الحنشان" و سبت الكْفَافْ" و "أنفكو" و "آيت
محمد" و...
كيف تتحول "نعم" للدستور إلى رفض للمعارضة و الاحتجاج؟ هل يُدشن
الدستور الجديد لعهد جديد من الحرية و الكرامة أم لحالةِ طوارئَ مُضْمرَة
؟!!
دعوا عنكم حركة الشرفاء من أهل العشرين من فبراير فإنها ربما كانت
سفينة النجاة في بحرٍ أمواجُ الفساد فيه عاتية ولا تدَعُوا الفاسي و من
على شاكلتها يُحوِّلونها إلى يَباب.