غموض مقلق يسود اليمن
رأي القدس
2011-06-21
تتضارب المعلومات حول الوضع الصحي للرئيس اليمني علي
عبدالله صالح بعد ثلاثة اسابيع من اصابته في هجوم استهدفه عند تواجده في
مسجد القصر الرئاسي في صنعاء، وزاد من حالة الغموض عدم ظهور الرئيس اليمني
في اي صورة او لقطة تلفزيونية منذ وصوله الى المستشفى العسكري في الرياض،
حيث يتلقى العلاج من حروق في الوجه والجسم، وبعد عملية جراحية اجريت له
لازالة شظية قيل انها استقرت في صدره بالقرب من قلبه.
المقربون من
الرئيس اليمني، وآخرهم السيد عبده الجندي نائب وزير الاعلام، يقولون انه
في صحة جيدة وعلى تواصل يومي مع السيد عبدربه منصور هادي نائبه حول كيفية
ادارة شؤون الدولة، وذهب هؤلاء الى درجة القول ان الطائرة الرئاسية حطت في
مطار الرياض لاعادة الرئيس الى بلاده في غضون ايام.
في المقابل هناك
روايات متناقضة تؤكد عكس ما ذكر آنفا، حيث كشف مسؤول يمني لوكالة الصحافة
الفرنسية في الرياض ان صحة الرئيس ما زالت على ما هي ولم يطرأ عليها اي
تحسن، والشيء نفسه يقال عن صحة رئيس الوزراء علي مجور، والسيد عبدالعزيز
عبدالغني رئيس مجلس النواب اللذين اصيبا في الحادث نفسه الذي قتل فيه 12
شخصا.
غموض حالة الرئيس الطبية يقابلها وضوح في الشارع اليمني الذي لا
يريد عودة الرئيس، ويصر على رحيله، وانتخاب رئيس ومجلس نواب جديدين، وسط
دعوات الى تشكيل مجلس انتقالي يمني على غرار نظيره الليبي الذي يتخذ من
مدينة بنغازي شرق ليبيا مقرا له.
من المؤكد ان المسؤولين السعوديين في
الرياض على اطلاع كامل على تفاصيل صحة الرئيس اليمني، ونواياه الحقيقية
بشأن قضية التنازل عن الحكم تطبيقا للمبادرة الخليجية التي ترعاها المملكة
العربية السعودية وتدعمها. ولهذا توقف المراقبون طويلا عند تصريح لمسؤول
سعودي رسمي نقلته وكالات انباء اجنبية قال فيه ان الرئيس صالح لن يعود الى
اليمن.
المسؤولون السعوديون مقلون في كلامهم، وغالبا ما تكون تصريحاتهم
او تسريباتهم عبارة عن 'فلاشات' سريعة الهدف منها اطلاق بالونات اختبار او
ايصال رسائل معينة لاطراف بعينها، فالمسؤول السعودي الذي تحدث عن عدم عودة
الرئيس صالح لم يوضح الاسباب، فهل عدم عودته الذي نفته الحكومة اليمنية
فورا، يعود الى خطورة مرضه، ام انه راجع الى التوصل الى اتفاق بتنازله عن
السلطة لنائبه لفترة انتقالية لمدة شهرين تليها انتخابات لرئيس جديد.
الرئيس
علي عبدالله صالح ليس بالرجل السهل، بل هو صعب المراس ولا يتنازل بسهولة،
ويجيد لعبة كسب الوقت للبقاء على كرسي الحكم لاطول فترة ممكنة. ومن الواضح
ان الاوضاع استمرت كما ارادها بعد سفره الى الرياض للعلاج. فابنه احمد،
ولي العهد المفترض، كان يدير القصر الجمهوري اثناء غياب والده، بينما
يتولى ابناء عمومته قيادة الحرس الجمهوري وبعض قطاعات الجيش الاخرى، وظل
السيد عبدربه هادي نائب الرئيس مجرد واجهة دون اي صلاحيات حقيقية.
ثلاثة
اطراف رئيسية تملك الاوراق الاقوى التي ستحدد مصير اليمن في الفترة
المقبلة، الاولى الولايات المتحدة الامريكية، والثانية المملكة العربية
السعودية، والثالثة الثورة اليمنية، ويمكن اضافة ورقة رابعة هي الجيش
اليمني.
بعض المراقبين يعتقد ان الطرفين الاولين اي المملكة العربية
السعودية وامريكا غير راغبين في رحيل الزعيم اليمني لعدم ضمان هوية وولاء
الجهة التي ستتسلم الحكم من بعده، خاصة على صعيد الحرب مع تنظيم 'القاعدة'
والحفاظ على وحدة اليمن واستقراره بالتالي. وعودة الرئيس اليمني الى صنعاء
ستؤكد هذا الرأي، فالطرفان الامريكي والسعودي يستطيعان منع الرئيس علي
عبدالله صالح من مغادرة الرياض والعودة الى اليمن بالتالي اذا كان موقفهما
عكس ذلك.
الاسابيع ان لم تكن الايام القليلة القادمة حاسمة في تقرير
مصير حكم الرئيس علي عبدالله صالح، والثورة الشعبية التي تطالب برحيله،
ولا يملك المرء غير الانتظار وعدم اطلاق احكام مسبقة او متسرعة في هذا
الملف الشائك.