على أبواب جمهورية برلمانية
فراج إسماعيل |
16-02-2011 00:43 شعر
الجميع بالارتياح لتشكيل اللجنة الدستورية المكونة من ثمانية فقهاء
قانونيين كبار يحظون بالثقة والشعبية، على رأسهم المستشار طارق البشري،
نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق.
البشري طوال مسيرته كقاضٍ وبعد
تقاعده كمفكّر يحظى بالاحترام في جميع الأوساط لآرائه المستقلة والمؤيدة
لاستقلال القضاة، وهو أحد المؤسسين للحوار الإسلامي المسيحي، وله آراؤه
وكتاباته المدافعة عن حرية العقيدة والمواطنة وعدم التمييز والدولة
المدنية.
القوى السياسية والمجتمعية تلقت خبر رئاسة البشري للجنة
الدستور بالترحاب، فهم لا يتشككون في قدرته على طرح تعديلات تكفل الحريات
العامة والسياسية وانتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة تحت رقابة كاملة من
القضاء.
مَنْ يراجع مقالات ومقابلات البشري سيطمئن إلى ذلك، بل
يتوقع أن ينحاز إلى خيار نظام برلماني يقلص كثيراً من صلاحيات رئيس
الجمهورية ويمنحها لرئيس الحكومة تحت رقابة كاملة من البرلمان، مع الفصل
بين السلطات بشكل واضح.
الأسماء الأخرى في اللجنة لا تقل عن البشري في آرائها وأفكارها عن الحرية والعدالة والمواطنة وعدم التمييز.
المجلس
الأعلى للقوات المسلحة يعكس في قراراته نموذج "مصر الجديدة" التي بعثها
ثوار ميدان التحرير. تأتي في وقتها بلا إبطاء، خالية من الثغرات، ما يعطي
انطباعاً بأن وراءها مطبخاً سياسياً وقانونياً على أعلى مستوى من الخبرات
والدراسات الكافية حول الأوضاع والظروف المحيطة.
بينما توقع الفقهاء
الدستوريون الذين تحدثوا للفضائيات عن إلغاء الدستور وحل مجلسي الشعب
والشورى وتشكيل لجنة لوضع دستور جديد، جاء قرار تعليق الدستور بصيغة ماهرة
لا تترك أي مجال للخطأ، معلناً إجراء تعديلات عليه ثم طرحها للاستفتاء،
وإجراء انتخابات المجلسين التشريعيين فالانتخابات الرئاسية، كل ذلك بحد
أقصى 6 أشهر.
لجنة يرأسها طارق البشري وتضم كل هؤلاء الكبار في القانون والدستور ستنتج نظام حكم مختلفاً لم تعرفه مصر في تاريخها الحديث.
مصر
كانت قبل ثورة 1952 ملكية دستورية، تتمتع فيها الحكومة بصلاحيات واسعة تحت
رقابة البرلمان، لكن الملك كان بإمكانه الإطاحة بحكوماته واللعب بها
والتحايل على العملية الديمقراطية، وإذا لم يفعل، فعلها المندوب السامي
الإنجليزي، ذلك أثناء الاحتلال طبعاً.
كثيرون الآن متفائلون بأننا
على أبواب جمهورية برلمانية. رئيس بصلاحيات قليلة، أقرب إلى المنصب الرمزي،
وتتشكل من حزب الأغلبية حكومة قوية بصلاحيات لا تستخدمها من دون مساءلة،
ويمكن للبرلمان أن يسقطها بسحب الثقة منها عندما تضل طريقها.
ميزة
النظام البرلماني أنه لا يصنع طاغية ولا يُفرْعن فرعوناً. لا حكم للفرد ولا
وجود للزعيم الملهم الضرورة الذي طالما عانت منه مصر وانتكست وتأخرت،
ودفنت في بؤر الفساد التي نتجت عن ديكتاتوريته عبقريتها وإبداعها وتفوقها
ومكانتها الإقليمية والدولية.