حمادي فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1631
تاريخ التسجيل : 07/12/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | إسرائيل تدعم الطغيان شلومو افينري 2011-02-14 | |
في ضوء الهزة التي تمر على مصر والمنطقة، يجدر بالذكر ان السلام مع مصر ليس مجرد ذخر استراتيجي، بل قيمة اخلاقية. مؤخرا عُرض في مطارحنا اختيار مغلوط: مع الديمقراطية، أو مع المصلحة الاسرائيلية للحفاظ على الأمن والاستقرار؟ عند وضع هذه القيمة الاخلاقية (الديمقراطية) ضد الواقعية السياسية (الاستقرار، الأمن) من السهل التدهور الى الادعاء بأن اسرائيل تدعم الطغيان. ولأن جزءا من التقديرات عبر عنها شخصيات ذات خلفية أمنية، فقد كانت مليئة بالخطاب الأمني الاسرائيلي الخاص وكاد الجانب القيمي المتمثل بالحفاظ على السلام يختفي. السلام ليس مجرد تسوية سياسية، عسكرية وأمنية، بل وايضا قيمة اخلاقية. حقيقة انه على مدى ثلاثين سنة لم يُقتل جندي اسرائيل أو مصري واحد في اعمال عدائية على حدودنا المشتركة، بينما في الثلاثين سنة التي سبقتها وقع عشرات آلاف القتلى والجرحى في الجانبين، ليس مجرد انجاز استراتيجي، بل وايضا انجاز اخلاقي من الدرجة الاولى يُنسب الى القيادات السياسية في الطرفين. وكما ينبغي الثناء على مناحيم بيغن لانجاز السلام مع مصر حتى لو لم يكن المرء يوافق على كثير من آرائه ومواقفه، هكذا ينبغي ايضا الثناء على حسني مبارك لحفاظه ـ بتصميم، بل واحيانا تحت ضغوط شديدة ـ على السلام الذي بادر اليه أنور السادات. هذا ليس دعما لطاغية، هذا دعم لمضامين السلام الاخلاقية. ما لم يُقل عندنا عن السلام مع مصر، ولا سيما من جانب اليمين: في ان هذا 'سلام بارد'، وأن في مصر يعارضون التطبيع، وان هناك مظاهر مناهضة لاسرائيل في وسائل الاعلام بل وتشجعها السلطات احيانا. من الافضل ألا نذكر ما الذي تمناه افيغدور ليبرمان، حين كان في المعارضة، لمبارك في نقاش حول رفضه زيارة اسرائيل. كل هذا كان صحيحا، ولكنه غير ذي صلة: الحقيقة الحاسمة كانت ان الاسرائيليين والمصريين لم يقاتل الواحد الآخر، ولم يقع قتلى، ولم تُضف أرامل ويتامى. كما ان أجزاء في اليسار الاسرائيلي استخفت بالسلام مع مصر. اليسار ركز جدا على الحاجة، المبررة بحد ذاتها، للوصول الى سلام مع الفلسطينيين، الى أن نسي أن لدينا سلاما تحقق بغير قليل من الجهود مع كبرى الدول العربية، والذي يشكل ضمانة ألا تقع حرب واسعة في المنطقة. هؤلاء واولئك تجاهلوا البُعد الاخلاقي للسلام. هذا الجانب يجب ان يوجه نهج اسرائيل تجاه التطورات في مصر. أولا، يجب علينا ان نتأثر من كبح الجماح وضبط النفس اللذين ميزا حتى الآن سواء جماهير المتظاهرين أو وحدات الجيش التي احتشدت أمامهم. هذا ليس أمرا مسلما به في مثل هذا الوضع. في دول اخرى في المنطقة، فان مواجهة جماعية ومتواصلة كهذه كفيلة بأن تنتهي بحمام من الدماء. غياب العنف يجب ان يعزى ليس فقط للاحترام الذي يكنه المصريون لجيشهم بل وايضا لثقافة السلوك المصري. ينبغي ان نأمل في ان غياب العنف، الذي يتباهى المصريون به جدا، سيميز ايضا استمرار التطورات. على اسرائيل ان تكون معنية بالديمقراطية في مصر، وذلك لأن الديمقراطية ترافقها ايضا ثقافة النفور من العنف ومن نزعة القوة. ولكن النظام الداخلي لمصر هو شأن مواطنيها ومرغوب فيه ألا نحاول أن نوصيهم من ينتخبون ومن لا ينتخبون. في كل الاحوال، فان الجانب الاخلاقي للسلام، الذي في أساسه يقبع مبدأ حماية حياة البشر وجودتها، يجب ان يكون شمعة تضيء الطريق لنا مثلما للمجتمع المصري الذي انطلق لتوه في طريق جديدة.
هآرتس 14/2/2011
|
| |
|