الجيش المصري يرسم السقوف السياسية
ويترك للمدنيين إدارة شؤون الحكم |
مصريات ينظفن ميدان التحرير أمس غداة اعلان الرئيس المصري حسني مبارك تنحيه عن السلطة. (رويترز) |
داة انتصار الثورة المصرية التي اطاحت نظام الرئيس حسني
مبارك وتولي الجيش السلطة، حدد المجلس الاعلى للقوات المسلحة السقف السياسي
العام الذي ستعمل تحته اي سلطة جديدة في مصر متعهدا "احترام المعاهدات
الاقليمية والدولية "، في اشارة خصوصا الى معاهدة السلام المصرية -
الاسرائيلية، باعثا بذلك رسالة اطمئنان الى الخارج وخصوصا الولايات المتحدة
واسرائيل، القلقتين من عواقب احتمال انقلاب الموقف في مصر ازاء معاهدة كمب
ديفيد ودور مصر المحوري في عملية السلام في المنطقة. وقد اراح هذا الامر
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي رحب بهذا الالتزام.
كذلك
بعث المجلس برسالة اطمئنان اخرى الى الداخل الذي خاض ثورة عارمة وظافرة من
اجل التخلص من نظام الحكم الفردي، متعهدا تأمين "انتقال سلمي" نحو "سلطة
مدنية منتخبة لبناء الدولة الديموقراطية الحرة". وهذا الامر لاقى ايضا
ترحيب الرئيس الاميركي باراك اوباما في بيان اصدره البيت الابيض.
واورد
البيان ان "الرئيس (اوباما) اتصل بعدد من القادة الاجانب اليوم (امس)
لمتابعة مشاوراته مع نظرائه حول التطورات الاخيرة في مصر"، مشيراً الى ان
الرئيس الاميركي اتصل برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والعاهل
الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين ورئيس الوزراء التركي رجب طيب
اردوغان. واضاف ان اوباما "رحب بالتحول التاريخي الذي حققه المصريون وجدد
اعجابه بجهودهم. واشاد ايضا باعلان المجلس الاعلى للقوات المسلحة والذي
تعهد فيه عملية انتقال ديموقراطية الى حكومة مدنية واحترام الالتزامات
الدولية" لمصر.
البيان الرقم 4
ففي
ظل التساؤلات حول دور الجيش ونياته، اصدر المجلس الاعلى للقوات المسلحة
"البيان الرقم 4" الذي تعهد فيه الامرين الداخلي والخارجي. وطلب من الحكومة
الحالية برئاسة رئيس الوزراء احمد شفيق، التي كان الرئيس المخلوع الفها في
31 كانون الثاني الماضي ومن المحافظين "الاستمرار بتسيير الاعمال حتى
تاليف حكومة جديدة"، في اشارة ضمنية كذلك الى ان القوات المسلحة ستستجيب
للمطالب الشعبية بتأليف حكومة انقاذ وطني تتمثل فيها كل القوى السياسية في
البلاد. (راجع العرب والعالم)
وستعقد حكومة شفيق اول اجتماع لها اليوم.
واكدت وكالة "انباء الشرق الاوسط" المصرية الرسمية ان مجلس الوزراء
"سيستعرض الجهود المبذولة لتوفير السلع الغذائية والاساسية للمواطنين
وتحقيق الامن والاستقرار". واضافت ان رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة
المشير محمد حسين طنطاوي اجتمع مع وزير الداخلية محمود وجدي لمناقشة سرعة
اعادة نشر قوات الشرطة لتوفير الامن. كما اجتمع مع رئيس الوزراء ورئيس
المحكمة الدستورية فاروق سلطان ووزير العدل محمود مرعي.
وكان "البيان
الرقم 2" الصادر صباح الجمعة عن الجيش تعهد "اجراء انتخابات رئاسية حرة
ونزيهة" و"انهاء حال الطوارىء فور انتهاء الظروف الحالية".
مزيد من التدابير
ولمزيد
من الاطمئنان بعثت السلطات المصرية بالمزيد من الرسائل الى المصريين
بتحقيق مطالبهم بمحاسبة رموز النظام السابق. اذ قرر النائب العام المصري
عبد المجيد محمود منع رئيس الوزراء ووزير الاعلام السابقين احمد نظيف وانس
الفقي من مغادرة البلاد. وعلى الاثر تقدم الفقي باستقالته من منصبه وقبلت
الاستقالة فورا. واكد بيان صادر عن النائب العام أن القرار اتخذ بحق رموز
النظام السابق "في ضوء البلاغات المقدمة ضدهم وضد بعض المسؤولين الحاليين
والسابقين".
كما قرر النائب العام "التحفظ على أموال (وزير الداخلية
السابق) حبيب العادلي وأفراد أسرته ومنع التصرف فيها لما ورد من بلاغات عن
تحويل ما يزيد على 4 ملايين جنيه الى حسابه الشخصي من احدى شركات
المقاولات". واضاف انه "جرى تحديد جلسة أمام محكمة جنايات القاهرة للنظر في
تأييد قرار التحفظ" على اموال العادلي.
وكان النائب العام اعلن في
الثالث من شباط الجاري منع العادلي من السفر وكذلك رجل الاعمال احمد عز
المعروف بـ "امبراطور الحديد" الذي كان الرجل الثالث في نظام مبارك.
وكذلك صدرت قرارات مماثلة ضد وزراء الاسكان والسياحة والتجارة السابقين محمد المغربي وزهير جرانة ورشيد محمد رشيد.
ونقلت
وكالة "انباء الشرق الاوسط" عن مصدر قضائي أن النائب العام طلب من وزير
الخارجية في حكومة تسيير الاعمال احمد ابو الغيط ان "يخاطب بالطرق
الديبلوماسية عددا من الدول الأوروبية لتجميد الحسابات والأرصدة الخاصة بكل
من المغربي ورشيد وجرانة والعادلي وعز" وذلك طبقا لاتفاق الامم المتحدة
لمكافحة الفساد الذي يكفل "طلب المساعدة القانونية من الدول الأطراف في
الاتفاق باتخاذ الإجراءات التحفظية، واسترداد الموجودات والأموال المتحصلة
من جرائم الفساد إلى بلدانها الأصلية".
المعارضة
في
غضون ذلك، تواصلت احتفالات المصريين بتنحي مبارك واستمر وجود الالاف في
ميدان التحرير، والكثيرون منهم باتوا ليلتهم فيه متعهدين البقاء الى ان
يقبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة وثيقة الاصلاح التي وضعوها. وطالبوا في
بيانين صدرا ليلا برفع حال الطوارىء التي كانت تستخدم أثناء حكم الرئيس
المخلوع لقمع المعارضة. ودعوا الى حل الحكومة وتعليق جلسات مجلس الشعب الذي
شاب انتخاباته التزوير في اواخر العام الماضي وطالبوا بتأليف مجلس رئاسي
من خمسة اعضاء يضم اربعة مدنيين وعسكرياً واحداً.
ودعوا ايضاً الى تأليف
حكومة انتقالية والاعداد لانتخابات تجري في غضون تسعة اشهر ولجنة لصياغة
دستور ديموقراطي جديد. كما طالبوا بحرية الاعلام والنقابات المهنية مثل تلك
التي تمثل المحامين والاطباء والمهندسين وتشكيل احزاب سياسية وحل المحاكم
العسكرية ومحاكم الطوارئ.
وأبلغ خالد عبد القادر عودة وهو أكاديمي
الصحافيين في ميدان التحرير ان بعض منظمي الاحتجاجات سيشكلون مجلس أمناء
للدفاع عن الثورة والتفاوض مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وتبنى شبان مصريون حملة تهدف إلى ازالة اسم مبارك من المؤسسات وتستبدل به عبارة "شهداء الثورة" التي استمرت 18 يوما.
اما
جماعة "الاخوان المسلمين" التي تنظر اليها الولايات المتحدة بارتياب فأكدت
انها لا تسعى الى السلطة واشادت بجهود القوات المسلحة لنقل السلطة الى
المدنيين.
واكد السيد بدوي رئيس حزب الوفد أقدم حزب سياسي في مصر انه لن يرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية.