دح التونسيون اليوم بأشهر بيت شعر كتبه الشاعر الراحل أبو القاسم الشابي: «إذا الشعب يومًا أراد الحياة، فلا بدّ أن يستجيب القدر»، بعدما نجحوا في ثورتهم الشعبية واستطاعوا خلع رئيسهم زين العابدين بن علي.
بيت الشعر الشهير للشابي تحوّل إلى شعار للثورة، تبنّاه عدد كبير من اللبنانيين على الموقع الاجتماعي «فايسبوك». هناك، على جدران صفحاتهم الخاصة عبّروا على طريقتهم الخاصة عن سعادتهم لرحيل بن علي من تونس وعن أملهم بامتداد الثورة إلى الدول العربية الأخرى، ومن بينها لبنان.
هؤلاء ليسوا بالضرورة من المهتمين بتونس الخضراء ونظامها الدكتاتوري، إلا أن عنوان الانتفاضة استقطبهم، خصوصا أن التحرك الشعبي التونسي الذي تبنى قضية تغيير الحكم، انطلق كاحتجاج على غلاء المعيشة والبطالة، وهما مشكلتان بارزتان في لبنان ويعاني منهما معظم الشباب.
وكما هي العادة، يتجه كل متصفح إلى «فايسبوك» عند تلقيه الأخبار. يدوّن عبارة، يعرض صورة ويعبّر عن موقفه. ورغم مرور عدة أيام على مغادرة بن علي البلاد، ما زال مستخدمون كثيرون يتحدثون بموضوع الثورة التونسية، ويغمزون من قناة نظامهم في لبنان، وخصوصا في ما يتعلّق بالموضوع الاقتصادي.
بداية، استبدل عدد كبير من المتصفحين على الموقع صورهم الخاصة بصورة علم تونس. نشروا أخباراً تناولت الحدث، وفتحوا باب الجدال والنقاش، حول «غيبوبة اللبنانيين» و«متى سيستفيقون من سباتهم العميق». لم يذكروا اسم أي زعيم لبناني ولم يشتموا دولتهم، ولم ينقسموا بين هذا الطرف وذاك، بل انطلقوا من ثورة تونس لإيصال رسالة معينة.
التعليق هنا سيّد الموقف. عبارة يدونّها أحدهم: «يا ناطرين شو ناطرين.. مزيد من الديون ناهزت 70 مليار دولار، بطالة هائلة، مزيد من الفقر.. هل الشعب التونسي أكثر شجاعة منّا؟».
وبينما يكتفي البعض بتدوين عبارة «مبروك يا تونس»، ينشط آخرون في عرض الروابط الخاصة بمجموعات تونسية، تتضامن معها، منها مجموعة باسم «سيدي بوزيد»، وهي إحدى المدن التونسية التي انطلقت منها شرارة الثورة، وكذلك نشيد الثورة للفنان مارسيل خليفة «نحن نارُ الكفاح نحن عصفُ الرياح...».
في المشهد نفسه، تحضر صورة الشاب محمد بوعزيري، وهو المتخرج الجامعي وبائع الخضار المتجوّل الذي أضرم النار في نفسه أمام قصر الولاية بسبب تردي الأوضاع المعيشية، فأشعلت ناره ثورة عارمة شملت كل البلاد.
يتوقف عدد كبير من الشباب عند طريقة تعبير بوعزيري، يتساءلون «إن كان الزعماء في لبنان ينتظرون أن يقوم أحد الشبان بحرق نفسه كي يأتوا بالحل للازمة اللبنانية».
ولليساريين حصتهم الخاصة على الموقع. هؤلاء انتفضوا أيضا تحت شعار «امتدي يا انتفاضة امتدي للعواصم، امتدي للساحات...». ويروّج هؤلاء للتحرك الذي دعا إليه اتحاد الشباب الديموقراطي ومجموعات يسارية أخرى في الثلاثين من الجاري، تحت عنوان: «تحرك ضد التجويع، الهجرة، الحرب، المحاصصة...». ومن المتوقع أن تنطلق المسيرة الحادية عشرة ظهرا من منطقة الكولا إلى السرايا الحكومية.
ولم يفلت الرؤساء المصري حسني مبارك والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والليبي معمر القذافي من جملة الانتقادات، على طريقة «مبارك يا مبارك الطيارة بانتظارك»، و«بوتفليقة ومبارك حضروا حالكم» و«جايي دورك يا معمّر». بينما تحوّل الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إلى «زين الهاربين بن علي»، في حين يسأل البعض عن «مستقبل العلاقات الإسرائيلية التونسية بعد سقوط بن علي».
بعض المتضامنين استعاروا كلمات من أغان عربية، عبروا بها عن أملهم وفرحهم. أغنية وردة الشهيرة «بتونس بيك» صارت «بـ(تونس) بيك». و«الله الله يا بابا ع شباب تونسي يا بابا..»، وصباحك سكّر يا تونس..»، و«من قلبي سلام لتونس» على طريقة أغنية السيدة فيروز «من قلبي سلام لبيروت». وحتى الشاعر عمر الفرا حضر من خلال الاستعانة بما كتبه: «تونسي الهوى قلبي وما أحلى أن يكون هوى قلبي تونسيا».
لا تنتهي التعليقات، بل يستمر تفاعل الجمهور مع الأحداث يوماً بعد يوماً، بعد أن أشعل شباب تونس شوقا إلى التغيير، فلم تعد تكفيه التحية: «شكراً أيها التونسيون، يعيّشكم.. ع قبال اللبنان