سليمان وجنبلاط يتجاوبان مع اقتراح المعارضة ... والحريري يدرسه
ازدحام المخارج: قرار عربي بحماية الحكومة
ينتظر ان تنحسر العاصفة الثلجية والمطرية التي ضربت لبنان على مدى الأيام الثلاثة الماضية اعتباراً من مساء اليوم، على ذمة الأرصاد الجوية، لتعود مجدداً قبل نهاية الأسبوع.
في هذه الأثناء، ظلّت الرؤية السياسية على الطريق المؤدي الى مجلس الوزراء الاستثنائي، وبجدول أعماله المئوي، غداً، في القصر الجمهوري غير واضحة، على الرغم من ازدحام المخارج لملف شهود الزور، في تعبير واضح عن وجود قرار عربي بمنع انفجار الحكومة، الأمر الذي قد يؤدي الى تطيير الجلسة نفسها في آخر لحظة، اذا تعذر التوصل الى مخرج إجماعي، خاصة بعد تصاعد وتيرة الخطاب السياسي في الأيام الأخيرة، وبلوغ بعضه حافة هاوية المحظور المذهبي.
واذا كانت المشاورات قد تكثفت في الساعات الماضية، سعياً الى بلورة مخرج مناسب للجميع لملف شهود الزور، فإنّ ما رشح عنها لا يؤشر الى حصول خرق من شأنه نقل هذا الملف الى مساحة الاتفاق الكلي او حتى الجزئي حوله، او من شأنه ان يجعل من انعقاد جلسة مجلس الوزراء، امراً أكيداً، في الوقت الذي ابلغ فيه مرجع سياسي «السفير» قوله «إن انعقاد مجلس الوزراء وعدمه ما زالا متساويين حتى الآن».
وفيما كلف رئيس المجلس النيابي نبيه بري معاونه السياسي النائب علي حسن خليل بنقل صيغة مخرج تتبناه المعارضة الى كلّ من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، أمس، اكتفى خليل بالقول إن هناك محاولة تبذل «حتى لا نصل (المعارضة) الى قرار الانسحاب من الجلسة ولا الى اللجوء للتصويت»، وأوضح لقناة «الجديد» إن هناك وجهتي نظر تتصارعان، فرئيسا الجمهورية والحكومة لن يؤيدا مبدأ التصويت ونحن مصرّون على الحسم تحت سقف المجلس العدلي. وما نحاوله هو الخروج بصيغة وسطية».. اما الموقف النهائي للمعارضة فيحسم في لقاء يعقد في السادسة من مساء اليوم لوزراء المعارضة في ساحة النجمة بحضور خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل.
وقالت مصادر في المعارضة إن الصيغة التي حظيت بقبول كل من رئيس الجمهورية والنائب جنبلاط، تقضي بأن يبادر رئيس الجمهورية في مستهل جلسة مجلس الوزراء الى إحاطة مجلس الوزراء علماً بأن ملف شهود الزور سيحال الى المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكون مجلس الوزراء أحال القضية للمجلس العدلي في العام 2005 وتم تعيين محقق عدلي، على أن يترك للأخير أن يقرر ما اذا كان الملف من اختصاصه أم من اختصاص القضاء العادي.
وقالت أوساط قريبة من رئيس الجمهورية إنّ الصيغة التي تقدمت بها المعارضة لا تخرج عن توجهها المبدئي بضرورة إحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، وتتقاطع في مكان ما مع المرسوم، الذي اصدرته حكومة الرئيس عمر كرامي في العام 2005 بإحالة الجريمة على المجلس العدلي.
وفيما اشارت أوساط معارضة الى أن طرح المعارضة ما يزال على الطاولة، عكس زوار رئيس الحكومة سعد الحريري، ليل أمس، مناخاً سلبياً ازاء اقتراح المعارضة، ورد مصدر معارض بالقول «سنرفض التأجيل، او المماطلة والتمييع، ونحن تنتظر إجابات واضحة حول طرحنا».
وقالت أوساط رئيس الجمهورية إن الرئيس سليمان أبدى امام موفد بري ترحيبه بكلّ ما من شأنه ان يوصل هذه الازمة الى خاتمة سعيدة، الا انه أصر على عدم اللجوء الى طرح ملف شهود الزور على التصويت، لكي لا يساهم في تعميق الشرخ القائم حول هذا الموضوع، وربما يتسبب ذلك في توترات اضافية. والامر نفسه كرره النائب جنبلاط ايضاً، حيث اكد على اولوية التوافق، وضرورة تجنب التصويت المكلف، مشيراً
الى انه يعمل مع رئيس الجمهورية في هذا الاتجاه، وكلف الوزير غازي العريضي بالمشاركة في الجهود الرامية الى ايجاد مخارج. وقال جنبلاط لـ«السفير» إن وضع بند شهود الزور كبند اول في جلسة مجلس الوزراء اشارة ايجابية من قبل الشيخ سعد الحريري، ولذلك انا لا أحبذ اللجوء الى التصويت، فليتم التوافق على هذا الملف وكفى تأخيراً، واعتقد ان هناك امكانية لذلك.
واعتبر مصدر وثيق الصلة برئيس الحكومة ان ملف شهود الزور سيطرح في مجلس الوزراء، وسيناقش ولكنه لن يطرح على التصويت، بل سيتم تأجيله. وقال إن مجلس الوزراء «ليس الجهة الصالحة بإحالته الى المجلس العدلي، خصوصاً ان هذا الملف لا تنطبق عليه الصفة القانونية، وإن حصل وصوت مجلس الوزراء فإنه بذلك يرتكب مخالفة للقانون». وأكد المصدر ترحيب رئيس الحكومة بتقرير وزير العدل ابراهيم نجار وكذلك باقتراح الوزير بطرس حرب.
وقال مصدر رسمي لبناني واسع الإطلاع لـ«السفير» إن رئيس الجمهورية يتداول مع بعض المقربين منه بمجموعة من المخارج أبرزها أن يصدر عن الحكومة اللبنانية بيان بإجماع وزرائها حول المحكمة الدولية والقرار الاتهامي المنتظر صدوره عن المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار، الا ان هذا الاقتراح اصطدم بفرضية انه قد يتعرّض لتجاذب قد يبدأ ولا ينتهي، بحيث سيسعى كل فريق الى شد مضمون البيان في الاتجاه الذي يخدم مصلحته.
واشار المصدر الى وجود صيغ أخرى قيد التداول الرئاسي، تفيد الاولى بأن ينعقد مجلس الوزراء ويتم طرح ملف شهود الزور للنقاش، حيث يتم الاتفاق في نتيجة المداولات على تأجيله الى جلسة لاحقة تعقد في وقت قريب، ويتم تحديدها خلال الجلسة نفسها، على ان يصار بعد ذلك الى الانتقال الى جدول الاعمال العادي والبت في الامور الملحة وأبرزها التعيينات، في حاكمية مصرف لبنان والمديرية العامة للأمن العام. الا ان هذا الطرح لا توافق عليه المعارضة.
وتفيد الصيغة الثانية باعتماد اقتراح الوزير بطرس حرب حول الاحالة الى القضاء العادي وليس الى المجلس العدلي، على ان يبت القضاء العادي بصلاحيته للنظر في هذا الملف ام من صلاحية المجلس العدلي بالتزامن مع نقل دعوى اللواء جميل السيد من دمشق الى بيروت.
واما الصيغة الثالثة، يتابع المصدر الرسمي، فتفيد بأن يصار الى طرح الملف على النقاش، ويصار في نهايته الى طرحه على التصويت، على ان تتكرر في هذا التصويت معادلة الموقف من العقوبات الدولية على ايران بحيث يخلص التصويت الى تعادل الاصوات (15 مع الإحالة و15 ضد أو امتناع).. وهنا تنتهي حكاية شهود الزور في مجلس الوزراء