صحف عبرية
2010-12-12
في الاونة الاخيرة اهتمت وسائل الاعلام المصرية ببرقية امريكية هامة نشرها موقع ويكيليكس، البرقية، التي كتبت في شباط/فبراير 2010 تتضمن تقويما للوضع من السفارة الامريكية في القاهرة وتصف توترات بين مصر والولايات المتحدة. ويظهر التحليل الامريكي بان الحكومة المصرية تطرح شكوكا بالنسبة لمكانة واشنطن كـ 'رافعة للديمقراطية'، بدعوى ان نتيجة هذه المساعي هي عمليا 'تعزيز الاخوان المسلمين'.
وفي الاسبوع الاخير ايضا اطلقت في دوائر خاصة من النخب المصرية انتقادات على ادارة اوباما من ذات الاتجاه بالضبط.
في خلفية الامور قبع رد فعل الامريكيين على الجولة الاولى من الانتخابات للبرلمان المصري والتي جرت في 28 تشرين الثاني/نوفمبر. الناطق بلسان وزارة الخارجية الامريكية فيليب كارولي قال ان الولايات المتحدة 'خائبة الامل' من تدخل قوات الامن المصرية في الانتخابات.
صحيح أن لا احد يختلف في ان الحكومة المصرية فعلت كل ما يمكن لها كي تضعف الاخوان المسلمين، ولكن السؤال الذي طرحه على أنفسهم اولئك المسؤولون المصريون كان هل الولايات المتحدة حقا معنية بانتصار الاخوان المسلمين؟
أجندة توسع
تأسست منظمة الاخوان المسلمين في العام 1928 في مصر على يد حسن البنا، بقدر ما كرد على الغاء مؤسسة الخلافة من جانب الاتراك. وتطلعت المنظمة الى احياء الاسلام من خلال النشاط الديني والاجتماعي.
ومع ذلك، فقد كان للمنظمة ذراع سرية تجري تدريبات وتعنى بالمؤامرات والارهاب. وحاول الاخوان المسلمون قتل زعماء مصريين ووعظ البنا تلاميذه بان 'القرآن دستورنا. الجهاد طريقنا. الموت في سبيل الله هو اسمى آمالنا'.
أجندة المنظمة أيدت انتشار الاسلام كما يمكن أن نرى في 'التوجه الى الشباب' الذي كتبه البنا: 'الاندلس، صقلية، البلقان، جنوب ايطاليا كلها أراض اسلامية يجب اعادتها الى حضن الاسلام. الشرق الاوسط والبحر الاحمر يجب أن يكونا قسمين متساويي القيمة في الامبراطورية الاسلامية، مثلما كانا في الماضي'.
بعد اقامة الدولة الاسلامية، يأمل الاخوان المسلمون بنشر الرسائل بشكل عالمي واقامة الحكومة العالمية تحت حكم الخليفة.
المدرسة المعتدلة
لا شك أن الانتخابات في مصر وضعت معضلة امام الولايات المتحدة في مسألة افضلية الانتخابات الحرة على التأييد لخطوات مصر في سياسة قمع الاخوان المسلمين واضعاف قوتهم. في الجولة الاولى من الانتخابات لم يحصل الاخوان المسلمون حتى ولا على مقعد واحد من أصل 508 مقاعد في البرلمان وذلك مقابل الانتخابات السابقة التي حصلوا فيها على 88 مقعدا. واضح ان اعتبارات الولايات المتحدة اليوم تتأثر من مدرسة تنال الشعبية في واشنطن، ترى في الاخوان المسلمين منظمة معتدلة يمكن أن تشكل بديلا لمجموعات كالقاعدة. في 2007 نشرت المجلة الفصلية الاهم في المؤسسة الامريكية 'Foreign Affairs' مقالا يقضي بان الاخوان المسلمين هم 'منظمة معتدلة'. في ذات الوقت التقى زعيم الاغلبية في مجلس النواب، ستاني هوير، مع ممثلين عن الاخوان المسلمين في البرلمان في القاهرة.
بعد سنتين من ذلك، عندما قرر اوباما التوجه الى العالم الاسلامي من القاهرة، دعي ممثلو الاخوان المسلمين للجلوس بين الحضور.
ومقابل الاصوات في الولايات المتحدة الداعية الى انفتاح أكبر في العلاقة مع الاخوان المسلمين، ففي الشرق الاوسط لا تزال هناك معارضة شديدة للحركة. وزير التعليم السابق في الكويت كتب في العام 2005 في جريدة 'الشرق الاوسط' السعودية يقول ان 'مصدر كل الارهاب الديني الذي نشهده اليوم يعود الى ايديولوجيا الاخوان المسلمين'.
واضاف الوزير الكويتي يقول: 'ان المؤسسين للمنظمات العنيفة تدربوا على ايدي الاخوان المسلمين'. وقد كان محقا. من ناحية تاريخية، محمد قطب من الاخوان المسلمين في مصر وعبدالله عزام من المنظمة في الاردن وجدا ملجأ في السعودية في السبعينيات، حيث علما طالبا سعوديا شابا يسمى اسامة بن لادن.
عزام أصبح المعلم الروحي لبن لادن ووجهه الى افغانستان. فضلا عن ذلك، فان خالد الشيخ محمد، العقل خلف عملية التوأمين، هو خريج منظمة الاخوان المسلمين الكويتية، وهكذا ايضا خالد مشعل، رئيس الذراع السياسية لحماس. واليوم تلاحظ قوات الامن المصرية النفوذ المتعاظم لايران على الاخوان المسلمين رغم أن الحديث يدور عن تيارين متنافسين في الاسلام.
حماس ايضا
من ناحية اسرائيل من المهم أن نذكر بان حماس ايضا هي نتاج الاخوان المسلمين. المادة 2 من ميثاق حماس يعلن صراحة بان المنظمة هي 'ذراع الاخوان المسلمين'.
لهذا السبب، واضح ان اولئك الذين يؤيدون الحوار الامريكي مع الاخوان المسلمين يؤيدون ايضا المحادثات مع حماس.
في هذه المرحلة، رغم أن ادارة اوباما لا تزال تعارض حماس بشدة، وهي التي بقيت مخلصة لبرنامجها الداعي الى ابادة اسرائيل، فانها تتعرض لضغوطات لتغيير هذه السياسة.
في اذار/مارس 2009 دعا تسعة مسؤولين امريكيين كبار، بمن فيهم مستشارو الامن القومي للرئيسين جورج بوش الاب وكارتر، الى الشروع في حوار مع حماس. كما أن المصريين لا ينسون ضغط ادارة بوش على اسرائيل للسماح لحماس للمشاركة في الانتخابات في السلطة الفلسطينية في 2006، والتي حملتهم الى الحكم.
محمد مهدي عاكف، الذي وقف سابقا على رأس منظمة الاخوان المسلمين في مصر صرح في 2004 بان 'الاسلام سيجتاح اوروبا والولايات المتحدة. في 2008 اطلق تصريحات اخرى بهذه الروح حين أيد نشاط القاعدة ضد المحتلين، واثبت بذلك مرة اخرى بان 'كل التقديرات الامريكية بان المنظمة معتدلة هي تقديرات خاطئة تماما'.
تبقى منظمة الاخوان المسلمين منظمة خطيرة فهي في نفس الوقت توفر البنية التحتية الايديولوجية للارهاب الاسلامي وفي نفس الوقت تنجح في اقناع الغرب في انها اذا تعاظمت قوتها، فلن تشكل تهديدا على مصالحهم.
الكفاح من أجل الديمقراطية هو كفاح جدير. ولكن يجب منع وضع يحقق فيه هذا الكفاح النتيجة المعاكسة حين يؤيد منظمات تشكل النقيض لفكرة الديمقراطية. في مصر توجد احزاب اخرى يجب السماح لها بالتنافس واطلاق اصواتها، وهذه ما ينبغي للغرب ان يدعمها.
اسرائيل اليوم 12/12/2010