لم تحدث المعجزة
يسرائيل هرئيل
2010-12-09
إن تعليق مطلب استمرار التجميد لا يبشر بنهاية الاجراءات القصيرة النظر للادارة الامريكية. كذلك ستستمر خيارات التجميد في إبعاد العرب عن المحادثات المباشرة بدل تقريبهم منها. ولا تُرى في الأفق نهاية لقناع الأوهام الموجود منذ اربعة عقود وأكثر. لم تقع لنا معجزة.
يريد العرب وهذا هو جوهر رحلة الأوهام الدائمة دولة في حدود 1967 تُعايش اسرائيل في سلام. تتحمل اسرائيل المسؤولية عن أن السلام الذي يأمله الفلسطينيون لم يُحرز بعد. إن القادة الرؤساء لرحلة الأوهام الطويلة التي اقتضت عشرات آلاف الضحايا، هم اسرائيليون في الأساس أعدَوا العالم بوهمهم الخلاصي. لا يزال باراك اوباما متمسكا بالوهم برغم انه كان يفترض أن يتعلم شيئا ما من رفض الفلسطينيين العودة الى محادثات مباشرة حتى بعد عشرة اشهر تجميد كان هو الداعي اليها. ربما تعلن مبعوثته هيلاري كلينتون من الغد بـ 'التفضل' البديل الذي سيُطلب الى اسرائيل أن تفعله للفلسطينيين كي يتفضلوا بالنزول عن شجرة الرفض.
في 'منتدى سبان'، الذي ستخطب فيه كلينتون، سيُحبون كل رمز يتهم اسرائيل بالجمود. لان جزءا ملحوظا من المشاركين فيه، وهم يهود من اسرائيل ومن الولايات المتحدة، شركاء في تصور أن الواقع دحض مرة بعد اخرى، أن العرب مشتاقون للسلام في حدود 1967 وأن مفتاح السلام في يد اسرائيل.
ثمة تصور محطم آخر، تبيّنت عورته النظرية والعملية في هذه الايام، وهو الربط الذي أحدثه قادة الأوهام بين حل المشكلة الفلسطينية واعادة الاستقرار السياسي للشرق الاوسط كله. فليس الرفض الاسرائيلي اذا هو الذي يُعرض للخطر 'الدول المعتدلة' ويهدد بتسليمها الى مخالب ايران وسائر القوى المتطرفة. فقد تبيّن بفضل 'ويكيليكس' اليوم أكثر من أي مرة مضت، كم كان اولئك الاسرائيليون الذين رفضوا لكن لم يكد يكون لصوتهم صدى في اللعبة الاعلامية الاسرائيلية المبيعة هذا الربط على حق. لكنه هنا الآن ايضا، والحديث عن تصور يكاد يكون دينيا، لا احتمال أن يتغير شيء في تصور الاشخاص الذين زاغت أعينهم عن رؤية الحقيقة.
بعد أكثر من اربعة عقود عقيمة من الضغط الزائد على اسرائيل، يجب على الامريكيين أن يُغيروا توجههم تغييرا انقلابيا وأن يحصروا جهودهم في اولئك الذين غدا مفتاح السلام في أيديهم، أي الفلسطينيين. صحيح ان توجها معكوسا كهذا يخالف رأي الاسرائيليين الذين تُصغي اليهم آذان الامريكيين، لكن له مشايعين في الرأي العام الاسرائيلي. وأهم من ذلك أنه صحيح. أساسه انه ينبغي في البدء جعل العرب يعترفون باسرائيل، علنا وعلى نحو ملزم، بأنها دولة يهودية وبأنها الوطن القومي للشعب اليهودي؛ وعليهم أن يعلنوا في اطار اتفاق سلام على اختلاف شعبهم، بانهاء الصراع بين اليهود والفلسطينيين وبتخلٍ مطلق عن حق العودة.
إن الموافقة العربية الملزمة على هذه الأسس الثلاثة ستقنع اسرائيليين كثيرين، لا يؤمنون اليوم برغبة العرب في السلام، بالعودة للفحص عن موقفهم. كي يستجيب الفلسطينيون للامريكيين يُحتاج الى تغيير توجه ثوري ايضا عند 'معسكر السلام' الاسرائيلي. فما دام الفلسطينيون يعلمون أن هذا المعسكر الذي له صدى اعلامي كبير في العالم، يؤيدهم آليا، فسيبقون يتسلقون شجرة الرفض. إن حصر الضغط في الفلسطينيين سيثبت أن هدف هذا المعسكر هو السلام وهو الشيء الذي يشك فيه أكثر الاسرائيليين.
هآرتس 9/12/2010