شرود مرحبا بك
عدد الرسائل : 44
تاريخ التسجيل : 05/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | رهان الديمقراطية في ظل المنظومة الحزبية المغربية | |
الديمقراطية ليست شعارات أو عبارات تكتب في النصوص الدستورية أو القانونية, وإنما هي مفاهيم و إجراءات عملية و تطبيقية تهدف إلى بناء مجتمع قانوني مؤسساتي منتظم. تسود فيه الممارسات والسلوكيات الديمقراطية السليمة والصحيحة الناضجة التي تحترم كل التوجهات الفكرية و الحساسيات و التعابير المجتمعية دون تمييز. و لايمكن أن تقوم هذه الديمقراطية دون وجود أحزاب سياسية . فالأحزاب هي الأساس المتين في الحياة الديمقراطية و تعددها هو المظهر الجوهري للديمقراطية, و تنتفي هذه الأخيرة بانتفاء الأحزاب السياسية. والديمقراطية هي ظاهرة سياسية تسعى إليها الشعوب وتبذل من اجلها التضحيات الجسيمة لكي تتمكن من إرساء نظام سياسي سليم يحقق لها سقف من الحرية ويؤَمن لها عيش كريم ويسهر على مصالحها الوطنية. فضعف وغياب الديمقراطية داخل صفوف الأحزاب السياسية يحولها الى قواقع فارغة و يفقدها جوهر وجودها وقيمة تفاعلها مع الجماهير.وخوضنا في هذا الموضوع لا نعتبره نوعا من المشاكسة السياسية, وإنما نروم به تسليط الضوء على حالة سياسية قائمة تتقاطع مع النهج الديمقراطي الجديد وتحطم تطلعات الشعب المغربي نحو بناء الديمقراطية ببلادنا.إن الرؤية الموضوعية للمشهد الحزبي المغربي تثبت حالة الارتباك و الانحسار الذي تعيشه هذه المنظومة ببلادنا, فجل الأحزاب السياسية تعاني من حالة اختلال التوازن السياسي داخلها و انحسار تواجدها في الشارع المغربي و تحولها من قوى سياسية مؤثرة و فاعلة داخل المجتمع إلى دكاكين انتخابية موسمية ومغلقة يغيب عنها الانفتاح والإيمان بالتداول السليم للقيادة بين نخبها , وقبول الآراء والانتقادات في داخل صفوفها.و لعل نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة و نسبة التصويت المتدنية التي عرفتها هذه الاستحقاقات كشفت عن حالة الترهل و الهشاشة التي يعاني منها المشهد السياسي المغربي و التي ضلت مسسترة و مسكوت عنها لسنوات عديدة. فامتناع غالبية الشعب المغربي عن التصويت وعدم الاهتمام بكل ما له علاقة بالسياسة , يساءل المنظومة السياسية والحزبية المغربية برمتها و يفرض على جميع مكوناتها استقراء و استخلاص رسائل الشعب المغربي من خلال إعادة النظر في بنيتها التنظيمية و خطابها السياسي و علاقتها بمكونات الشعب .إن الأحزاب السياسية المغربية مطالبة اليوم بالإنصات بشكل جدي للشعب المغربي و تغير عقليتها و مناهجها المحافظة و الابتعاد عن حالة الانقسام و الصراع الخالي من أي بعد فكري و سياسي واضح و القطع مع المزايدات السياسوية و فتح المجال أمام الفئات الاجتماعية الجديدة و الطاقات الشبابية الخلاقة الفاعلة و المؤثرة بعيدا عن منطق فرض الأشخاص , و ضرورة ماسسة و ضمان تجديد النخب داخل أجهزتها بناءا على قواعد الديمقراطية و النزاهة, فالشعب المغربي في حاجة إلى أحزاب ديمقراطية قوية و منيعة تعبر عن أماله و تطلعاته يحسها بجانبه في كل معاركه و همومه اليومية , و تملك ما يكفي من الثقة في النفس و القدرة على التعبئة و الجرأة على النقد الذاتي العميق الذي سيزيد و بلا شك من مصداقيتها و يفسح المجال للتعبئة الشعبية الواسعة و يمكنها من استعادة قوة جدبها و تأثيرها في أوساط الشعب المغربي و ذلك في أفق أن تلعب هذه الأحزاب دورها كشريك أساسي في عملية البناء الديمقراطي الحداثي الذي دشنه المغرب خلال السنوات الأخيرة.إن تطلع الشعب المغربي للديمقراطية كممارسة وسلوك سائد في المجتمع, هو أمر طبيعي و بديهي بعد أن أدى ثمناً غاليا من الدماء والوقت اللازم لتنفيذ المشروع التنموي الحداثي . لذلك فان التفاعلات السياسية والأحداث المتسارعة و الملتبسة التي يشهدها المشهد السياسي المغربي اليوم , تجعل غالبية الشعب المغربي تاخد مسافة من كل مايجري و تتأمل كثيراً في مجريات الأمور والأحداث. في انتظار تحقق حلم البناء المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي طالما انتظرته. وذلك انطلاقا من منهجية فكرية وممارسة حقيقية و عملية للسلوك الديمقراطي, تنبع من الأحزاب السياسية الوطنية صاحبة المشروع السياسي الديمقراطي. من خلال إعادة النظر في منظوماتها و سلوكياتها, وإعادة إنتاج علاقاتها السياسية على أسس وطنية وديمقراطية واضحة. فاستمرار حالة المخاض الطويل المدة أو التيه و الالتباس الذي تعيشه المنظومة الحزبية المغربية اليوم سيدفع و بلا شك إلى فشل التجربة السياسية الجديدة وهدر للديمقراطية وضياع المكتسبات السياسية والاجتماعية التي شهدها المغرب في السنوات الأخيرة. و بالتالي فأن المنظومة الحزبية المغربية اليوم بحاجة إلى عملية إصلاحية شاملة و مشروع شجاع وصريح بين قواعدها وقياداتها. لتشخيص كل نقاط الضعف والخلل التي تلفها و تعدم جوهر الديمقراطية داخل أجهزتها. و هو ما سيعطي لا محالة تفاعل ايجابي بين الجماهير و الأحزاب ينبثق عنه سلوك جديد و متحرر من كل القيود والالتزامات النمطية والجامدة و الممارسات القديمة و الرجعية التي التصقت بالأحزاب السياسية في المحلة الأخيرة التي تنسف أسس المشروع الديمقراطي الحداثي ببلادنا . | |
|