المفاهيم المؤسّسة للنحو العربي
بالرغم من التفهّم والتواصل والاحترام والصراع والتفنيد والاعتراض بين النحاة الذي وضحت مظاهره الكبرى في الجزء الأول من هذا المقال إلا أننا يمكن أن نتتبع في كتب الكبار منهم ما يمكن أن أسميه المفاهيم المؤسسة للنحو العربي ؛ أعني اتفاقهم على مجموعة من المفاهيم لا يقوم النحو العربي بدونها.
وهنا ملاحظتان تدرجان في الإجابة عن معنى مفاهيم النحو العربي المؤسسة ؛ الملاحظة الأولى: أن المفاهيم التي أسسوها هي مفاهيم مشتركة بين علماء النحو العربي، وهي مفاهيم لا توجد بالضرورة بين علماء آخرين كعلماء البلاغة أو التفسير أو الفقه أو الحديث، ولا توجد بين المؤرخين والبلاغيين، فهي مفاهيم خاصة بالنحو من حيث هو علم . والملاحظة الثانية أن هذه المفاهيم المؤسسة للنحو العربي هي مفاهيم مشتركة، وأكثر من ذلك هي مفاهيم مُستلهمة، أو لأقل مطمورة تحت ركام من التفصيلات وتفصيل التفصيلات في تاريخ النحو العربي .
بأي معنى يكون هؤلاء هم الموحون بمفاهيم النحو العربي المؤسسة ؟ في الواقع ليس الأمر بهذا الشكل في تاريخ النحو العربي؛ ذلك أن هؤلاء يُذكرون ضمن قائمة طويلة من النحاة . غير أن وضع سيبويه وابن جني في مقابل ابن مضاء في رده على النحاة يُظهر إلى أي مدى كان هذان هما من كبار مؤسسي مفاهيم النحو العربي الأساسية بالمعنى الذي شرحته أعلاه .
1 – يجب أن تبدأ قائمة كبار النحويين بسيبويه؛ مؤسس علم النحو العربي، ومؤلف الكتاب العمدة فيه؛ حيث فهم ما كان يقوم به. صحيح أن قبله نحاة كبارا لكنهم كانوا في الغالب مشدودين إلى البنية الذهنية للقرن الأول الإسلامي؛ لذلك يمكن القول: إن سيبويه كان أول من جمع وحزم ووحّد في مفاهيم علمية ما أُنجز قبله.
وعلى حد ما أعرف فإن سيبويه لم يرحل إلى الصحراء، ولم يجمع اللغة من أفواه الأعراب، لكن وجوده كان ضروريا للكم الهائل المجموع من قبل آخرين، وقد استخدم في ذلك عقله الخالص، وخياله الفذ لكي يصف اللغة . وهكذا وبحكم تلمذته على الخليل بن أحمد فقد وجد كمية اللغة التي جمعها طوال حياته، وتحتاج إلى عقل كعقل سيبويه .
لقد أجاب سيبويه عن أول الأسئلة وأوضحها، الذي يطرحه أي دارس للنحو العربي وهو: ما الذي يحدث الأثر في أواخر الكلمات؟ ونحن الآن نعرف إجابة سيبويه . يقول : ” وإنما ذكرت لك ثمانية مجارٍ لأفرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة كما يحدث فيه العامل-وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه-وبين ما يبنى عليه الحرف بناء لا يزول عنه بغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل، التي لكل منها ضرب من اللفظ في الحرف، وذلك الحرف حرف الإعراب [1]” . ولتأكيد مفهوم العامل، وأنه علّة العمل؛ أي أنه هو الذي يحدث الأثر ضمّن سيبويه أبوابا تحمل مفهوم العامل و تنص عليه سأدرج منها ما يشير إلى ذلك
- هذا باب ما يعمل فيه الفعل فينصب وهو حال وقع عليه الفعل وليس بمفعول .
- هذا باب ما يعمل عمل الفعل ولم يجر مجرى الفعل ولم يتمكن تمكنه.
- هذا باب ما لا يعمل فيه قبله من الفعل الذي يتعدى إلى المفعول لا غيره .
- هذا باب الحروف الخمسة التي تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده .
لا أنوي هنا مناقشة وجهات النظر التي ترتبت في تاريخ النحو العربي على مفهوم العامل، وكونه مؤثرا أو أمارة وعلامة فقط، أو لا عمل له على الإطلاق، إنما أود أن أقترح أن مفهوم سيبويه عن العامل حدد مبدئيا النحو من حيث هو علم يختلف عن علوم اللغة والدين والتاريخ .
إن مفهوم العامل مفهوم أساس في دراسة النحو العربي، ومفهوم مؤسس ، والنقاش الذي حدث في تاريخ النحو العربي سببه قبول النحاة الضمني لمفهوم العامل مهما كانت رغبتهم في متابعة سيبويه أو رغبتهم في مجادلته أو معارضته . وأريد أن أؤكد أن مفهوم العامل هو المفهوم المؤسس الأول للنحو العربي، وإني لأظن أن من النادر أن تجد نحويا لا يسلم بهذا المفهوم.
إن مشكلة ما أسميتُه المفهوم الأول والمؤسس للنحو العربي ليست في ظهور العامل إنما في عدم ظهوره، وهنا يأتي مفهوم الإضمار حينما لا يكون العامل ظاهرا من حيث هو مفهوم مؤسس للنحو العربي . وكل النحاة الآن يعرفون إجابة سيبويه التالية: ” إذا رأيت رجلا متوجها وجهة الحاج، قاصدا في هيئة الحاج، فقلت: مكةَ ورب الكعبة، حيث زكنت ( حدست ) أنه يريد مكة، كأنك قلت: يريد مكة والله. ويجوز أن تقول: مكةَ والله، على قولك: أراد مكة والله، كأنك أخبرت بهذه الصفة عنه أنه كان فيها أمس، فقلت: مكةَ والله، أي أراد مكة إذ ذلك [2]“. وتأكيدا لمفهوم الإضمار عنون سيبويه كثيرا من أبواب كتابه ناصا عليه صراحة، وسأدرج منها هنا ما يشير إلى ذلك ويدلل عليه.
- هذا باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل إظهاره في غير الأمر والنهي .
- هذا باب ما يضمر فيه المستعمل إظهاره بعد حرف .
- هذا باب منه يضمرون الفعل لقبح الكلام إذا حمل آخره على أوله.
- هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهار من المصادر في غير الدعاء.
لا أنوي هنا مناقشة ما طرأ بعد ذلك على مفهوم الإضمار في تاريخ النحو العربي، إنما أريد أن أؤكد على أن مفهوم الإضمار هو المفهوم المؤسس الثاني للنحو العربي، ومثله مثل مفهوم العامل لا أظن –إلا نادرا –أننا سنجد نحويا لا يسلم بأهمية هذا المفهوم المؤسس.
2 – أرسى سيبويه علم النحو، وحدد طريقه لآخرين، وقد بقي ما أنجزه الآخرون. أكتفي هنا بابن جني النحوي الأهم عندي بعد سيبويه. ومن قرأ كتابه الخصائص يعرف أنه أنجز مهمة مملة ولكنها حيوية جدا في تاريخ النحو العربي، فقد أراد من تأليف كتابه الخصائص أن يفكر من جديد في النحو، وأن يحدد أصوله على أصول الكلام والفقه مما مكّن من استخدام مفهوم العلة على نحو منتج ومفيد. يقول: ” أنا لم نرَ أحدا من علماء البلدين (البصرة والكوفة) تعرض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه، فأما كتاب أصول أبي بكر (ابن السراج) فلم يلملم فيه بما نحن عليه إلا حرفا أو حرفين في أوله، فعُلق عليه به. وسنقول في معناه [3]“. وإذا ما توقفت الآن عند دوافع ابن جني، من حيث إنها دشنت واقعيا مفهوم العلّة، فيجب أن أوضح غرابة هذا المفهوم عن نحو تلك المرحلة التاريخية؛ أعني ما يُفهم من قول ابن جني في مقدّمة الخصائص ” تعريد (هروب وفرار) كل من الفريقين: البصريين والكوفيين عنه (التعليل) وتحاميهم طريق الإلمام به، والخوض في أدنى أوشاله وخُلجه، فضلا عن اقتحام غماره ولُججه “.
يمكن أن نستخلص من هاتين العبارتين، وعبارات أخرى مشابهة تتعلق بأصول الأخفش النحوية، وأصول الكلام وأصول الفقه أن ابن جني شعر بأن هناك جانبا من كلام العرب لم يُعلل أو أنه عُلل بشكل بدائي. هناك نوعان من الكتب في التراث النحوي العربي؛ كتب تصف لغة العرب، وكتب أخرى تعلّلها، وإذا ما كان كتاب سيبويه الكتاب الأهم في تاريخ النحو العربي الذي يصف كلام العرب فإن كتاب الخصائص هو الكتاب الأهم في تعليل كلام العرب في التراث النحوي كله.
تكمن جدة كتاب الخصائص في الوعي بمفهوم العلة ؛ فبغير مفهوم العلة يبدو الحكم النحوي مليئا بالثغرات وما يجعله متماسكا هو مفهوم العلة. لقد ساوى مفهوم العلة بين الأحكام النحوية، وهذه أعظم مساهمة لكتاب الخصائص؛ إذ بإمكان أي شخص أن يتحدى أي حكم نحوي بشرط أن يقدم العلة لحكمه النحوي المعارض . أما المساهمة الأخرى التي لا تقل أهمية عن هذه فهي أن النحوي لم يعد هو الشخص الذي يعرف الحكم النحوي فقط، إنما الشخص الذي يبحث أيضا عن علته. إننا نخطئ خطأ جسيما إذا نحن أولنا كتاب الخصائص على أنه تطوير لفكرة العلل عند ابن السراج. لذلك يجب أن نعتبر كتاب الخصائص محاولة ابن جني لإيقاظ النحو العربي ودعم مفهوميه المؤسّسيْن (العامل والإضمار) بمفهوم جديد هو مفهوم العلة. وعلى أي حال لن أناقش هنا مفهوم العلة، وما ترتب عليه من عدد العلل التي وصلت إلى عشرات العلل في تاريخ النحو العربي إنما أريد أن أؤكد أن من النادر أن نجد نحويا لا يسلم بمفهوم العلة في النحو.
3 – يُنظر إلى عبد القاهر الجرجاني على أنه بلاغي وليس نحويا، ومكانته لا تكاد تذكر في تاريخ النحو العربي، ولا يشكل شخصية مرجعية علمية عند التعرض لقضايا النحو. ومن المثير في هذا الصدد ما جاء في التعريف بالطبعة الأولى من كتاب “دلائل الإعجاز” التي كتبها السيد محمد رشيد رضا. كتب: “أما الكتاب ( دلائل الإعجاز ) فيعرف مكانته من يعرف معنى البلاغة وسر تسمية هذا الفن بالمعاني، وأما من يجهل هذا السر ويحسب أن البلاغة صنعة لفظية محضة قوامها انتقاء الألفاظ الرقيقة أو الكلمات الضخمة الغريبة، فمثل هذا يعالج بهذا الكتاب”
تبدو غرابة هذا القول حينما نقرأ في مقدمة الكتاب أن عبد القاهر الجرجاني نفسه أدرج كتابه في النحو وليس في البلاغة. يقول : “هذا كلام وجيز يطلع به الناظر على أصول النحو جملة، وكل ما به يكون النظم دفعة، وينظر منه في مرآة تريه الأشياء المتباعدة الأمكنة قد التقت له، حتى رآها في مكان واحد، ويرى بها مشئما قد ضم إلى معرق، ومغربا قد أخذ بيد مشرق” .
ويقول في صفحة أخرى: “ومما ينبغي أن يعلمه الإنسان ويجعله على ذُكر، أنه لا يُتصور أن يتعلق الفكر بمعاني الكلم أفرادا أو مجردة من معاني النحو، فلا يقوم في وهم ولا يصح في عقل، أن يتفكّر متفكّر في معنى ” فعل ” من غير أن يريد إعماله في “اسم”، ولا أن يفكر في معنى “اسم” من غير أن يريد إعماله في “اسم” ولا أن يفكر في معنى “اسم” من غير أن يريد إعمال ” فعل ” فيه وجعله فاعلا أو مفعولا، أو يريد منه حكما سوى ذلك / من الأحكام مثل أن يريد جعله مبتدأ، أو خبرا، أو صفة، أو حالا، أو ما شاكل ذلك ” .
وسوف يوضح لنا الجرجاني بشطر بيت من الشعر كيف أن المعنى يتوقف، أو بالأحرى “يمتنع معه دخول شيء من معاني النحو” حينما نزيل ألفاظه من مواضعها. لقد لاحظ الجرجاني أن الفكر لا يتعلق بمعاني الكلمات المفردة؛ أي وهي متجرّدة من معاني النحو “إنما منطوقا بها على وجه يأتي معه تقدير معاني النحو وتوخّيها فيها” . ويستطرد قائلا : “ولم تجئ إلى فعل أو اسم ففكرت فيه فردا، ومن غير أن كان لك قصد أن تجعله خبرا أو غير خبر” .
ماذا يعني هذا؟ يعني أن هناك قضيتين نحويتين مفترضتين هما
– لكل كلمة في الجملة حكم نحوي .
– ليس لكلمتين متتاليتين في جملة واحدة الحكم النحوي ذاته .
إذا كان ذلك كذلك؛ فمن أين جاء اللبس في حشر كتاب ” دلائل الإعجاز في كتب البلاغة والجرجاني في علماء البلاغة ؟ من أن عبد القاهر الجرجاني- واستناد إلى هاتين القضيتين الأولويّتين –أراد أن يكون النحو علم علوم اللسان العربي؛ أعني العلم الشامل لكل فنون اللغة العربية. ومن أنه استطاع مستندا إلى فكرة العقل الإنساني الذي يهيمن على كتابه على أن يصوغ قضية الإعجاز بعد أن كانت مثقلة بالدين. من وجهة النظر هذه لا يمكن أن تكون ” المرآة ” في عبارة الجرجاني إلا مجازا لهذا العلم الشامل الذي تُرى فيه الأشياء المتباعدة، وتُضم إليه أي أن النحو يصف الكلام العربي ويتذوقه ويؤوله.
لقد هيأت اللغة العربية لعبد القاهر الجرجاني سبل تحليل كلامها وفنها وجمالها من منظور النحو. ومن المفارقة أن الشعر والقرآن الكريم وليس الكلام بعامة هما ما سمحا له بذلك؛ لأنهما يظهران التمايز، وفيما يبدو لي فإن العنوان الذي اختاره الجرجاني (دلائل الإعجاز) يشير إلى عدم معرفته بتسمية ما كان واعيا أنه ينجزه؛ أعني النحو مدخلا لتحليل الكلام الجميل.
تكمن أهمية عبد القاهر الجرجاني في تاريخ النحو العربي في تأكيده على مفهوم الحذف الذي يعتبر أهم مظهر من مظاهر التأويل النحوي. وهو ينص على ذلك صراحة في عنوان فصل من فصول كتابه (القول في الحذف) أظنه أجمل فصل كتب في تاريخ النحو العربي.
لقد ذكرت فيما سبق أن هناك نوعين من الكتب في التراث النحوي الأولى تصف كلام العرب وأهمها كتاب سيبويه، والثانية تعلل كلام العرب وأهمها كتاب الخصائص، وسأضيف هنا نوعا ثالثا يتذوّق كلام العرب وأهمها كتاب دلائل الإعجاز.
مكمن الروعة في هذا الفصل أن عبد القاهر الجرجاني وعى وظائف مفهوم الحذف ليس من جهة النحو فحسب، إنما من ناحية الجمال أيضا. إن غموض اللغة كما يكون عادة في الكلام الجميل والكلام المعجِز يحتاج إلى وضوح العقل، ولم يجد الجرجاني أفضل من علم النحو المستند إلى العقل ليوضح وحدات الفن التركيبية، فالعقل ليس دلاليا أو وصفيا فحسب؛ إنما أيضا جمالي.
ينطلق الجرجاني من فرضية مفادها أن مستويات اللغة العربية؛ أعني الكلام بعامة، والكلام الجميل كالشعر، والكلام المعجز كالقرآن نتاج عقل المتكلم بها، فحيثما يوجد مستوى من هذه المستويات يعني أن العقل يعمل” فالعاقل يرتب في نفسه ما يريد أن يتكلم به” . وكل مستوى منها قادر على أن يحقق الهدف الذي يريده العقل الذي أنتجه، ويسعى لكي يحقق فكرة المستوى اللغوي الكامل. وبالتالي فإن عمل النحوي هو أن يتقصّى الحد الذي يقترب فيه المستوى اللغوي من فكرة كمال المستوى اللغوي ذاته. هناك اختلافات بين هذه المستويات، ويقر الجرجاني بذلك؛ إلا أنه لا يفرض معيارا من خارج كل مستوى، إنما يستمده من طبيعة المستوى الداخلية.
لا أحد قبل الجرجاني فكر في أن الحذف يمكن أن يهيئ معرفة. ومقارنة الفصل الذي خصصه ابن جني للحذف بداية من العنوان “باب في شجاعة العربية” بالفصل الذي خصصه الجرجاني يرينا إلى أي حد تحول عمل الهاوي (ابن جني) إلى عمل محترف (الجرجاني) وأن ما أطلق عليه ابن جني “شجاعة العربية” ليست إلا فكرة بدائية نضجت وأتت أكلها عند عبد القاهر الجرجاني، وشجاعة العربية عند ابن جني لم يكن لها أن تقاوم شجاعة المعرفة عند الجرجاني.
يختفي وراء بناء النحو العلمي عند الجرجاني قناعة تتمثل في إعجاز اللغة ودلائل إعجازها، وليس ما فُهم على أنه إعجاز مستوى لغوي معيّن. هذه القناعة هي أن اللغة معجزة الإنسان.
بدهيات النحو العربي
إن ما أردت أن أوضحه فيما سبق هو وجود مفاهيم مؤسسة للنحو العربي من حيث هو علم أسهم في وضعها علماء كبار وهي: العامل والإضمار والعلة، والحذف وهي مفاهيم نحوية تشكل حدا أدنى لكل معرفة بالنحو العربي، وبداية يؤمن بها معظم النحاة، ويستعملونها بوصفها لا تقبل الجدل.
غير أن القول بمفاهيم مؤسسة للنحو العربي يمكّن القولَ ببدهيات النحو العربي الآتية، ويمكن أن تُعرض ضمن تاريخ النحو العربي بتأسيس النحو على أقل عدد ممكن من البدهيات.
-لكل حكْم نحوي عامل.
-إذا لم يكن العامل ظاهرا فهو مضمر.
-لكل حكم نحوي علّة.
-تُسقط كلمة أو أكثر بشرط ألا تتأثر الصياغة أو المعنى.
إنني أشعر بضعف صياغة هذه البدهيات، وبمقدار تداخلها، وتعقيداتها في التراث النحوي، وهي تعقيدات لن أتوقف عندها. وما أريد قوله هنا أن المفاهيم المؤسسة للنحو العربي التي مكنت من القول ببدهيات النحو العربي قد تعرضت إلى تحدٍّ كبير في كتاب ” الرد على النحاة ” لابن مضاء، وقد ظهر هذا التحدي بعد وقت طويل من تأليف الكتاب؛ حيث أثار صدوره في عام (…) محققا الرغبة في التخلي عن تلك المفاهيم المؤسسة أو على الأقل مراجعتها .
إن من يقرأ كتاب “الرد على النحاة” يعرف أن ابن مضاء لم يكن غريبا عن النحو العربي، وما يثير الإعجاب حقا وعيه بالتراث النحوي إلى حد أنه اختار بدقة وحصافة ما يهاجمه منه. من هذا المنظور فكتابه يؤكد أن ما اخترناه على أنها بدهيات ومفاهيم مؤسسة للنحو العربي هي بالفعل كذلك، فتفكيك قضية ما أو تدميرها يجب أن تُستهدف فيها بدهياتها ومفاهيمها المؤسسة.
ما الذي كان يشغل ابن مضاء في كتابه؟ سأتجاوز لغة السجال لأتوقف عند فكرة هي أن ابن مضاء شعر بأن النحو العربي فقد براءة وبساطة مفاهيمه وبدهياته المؤسسة، وأن هناك طرقا إلى المعرفة النحوية أسهل مما آلت إليه مفاهيم النحو وبدهياته المؤسسة ، وقد ركز الكتاب على هذه الفكرة، وهو يعالجها تقريبا بشكل تفصيلي . وكما هو معروف فإن الكتاب مستوحى من المذهب الظاهري، ويعكس وجهة نظره في التمسك بحرفية النصوص وإلغاء القياس واستبعاد العلل.
هل قبل النحاة كتاب الرد على النحاة أم رفضوه؟ بالإمكان أن نتجنب كلا الموقفين؛ ذلك أن تحدي ابن مضاء بدهيات النحو ومفاهيمه المؤسسة كان يمكن أن يدفعهم إلى أن ينظروا بجدية إلى تلك المفاهيم. إن ما تحداه ابن مضاء، وربما هدمه، هو فائدة لتلك المفاهيم و البدهيات في صورتها الأبسط والأبعد عن التعقيد. وهنا لن أحاول إعادة إنتاج حجج ابن مضاء في الاستغناء عن العلل الثواني والثوالث؛ إنما سأكتفي بلفت النظر إلى أنه قَبِل المفهوم البسيط منها؛ أعني العلل الأولى وهي فكرة أمثّل بها لما عنيتُه هنا بالمفهوم النحوي في صورته البسيطة والسهلة .
المفاهيم الموجّهة للنحو العربي
كتب ابن جني في الخصائص “وليس غرضنا فيه (كتاب الخصائص) الرفع، والنصب، والجر، والجزم؛ لأن هذا أمر قد فرغ في أكثر الكتب المصنفة فيه منه. وإنما هذا الكتاب مبني على إثارة معادن المعاني، وتقرير حال الأوضاع والمبادي، وكيف سرت أحوالها في الأحناء والحواشي[4]” .ويبين بعد ذلك أن لغة العرب هي التي يسميها دارسو النحو الجمل، على اختلاف تراكيبها. كتب هذا في ختام باب الفرق بين الكلام والقول، وهو فرق يعيده إلى أن القول أوسع تصرفا من الكلام، وأنه قد يقع على الجزء الواحد، وقد يقع على الجملة، وعلى ما هو اعتقاد ورأي. ويأخذ على آخرين أنهم ضيقوا القول إلى حد أنهم لا يفصلون بينهما، ثم يتعجب من أن أولئك الذين لم يفهموا سيبويه الذي فصل بينهما، ويختم بشطر بيت من معلقة لبيد يدل على أنه متّبع لا مبتدع[5]. وقد نميل بما فيه الكفاية إلى أن نعتقد أن ابن جنّي بما هو متّبع سيبويه في التفريق بين القول والكلام -يميز بسهولة بين القول المرتبط بالكلام الناقص وغير المفيد الذي يخلو من المعنى، وبين الكلام من حيث هو قول تام. والتام هنا هو المفيد ذو المعنى كالجملة وما كان في معناها.
يجب أن نلاحظ أن مفهوم المعنى الذي يُفهم من الإفادة لم يكن له بادئ ذي بدء الدور الاستكشافي الذي يمكن أن يُعترف به للتفريق بين المفاهيم، ذلك لأنه اُستخدم عند سيبويه لتحليل مبنى المتكلّم الناتج عن المعنى الذي يقصده. وقد نفخ سيبويه روحا في هذا المفهوم الموجّه من دون أن يضطلع بدور تمييزي بين المفاهيم العامة؛ أعني المداخل بينما أظهر ابن جني خصوبته.
ومن أجل أن يسير الطريق الذي فتحه سيبويه كان لابد لابن جني أن يكون صارما وصابرا؛ فقد تعلّقت بعض أبحاثه في الخصائص بصورة رئيسة بمفاهيم كالمعنى والخفّة والثقل والتشابه والإيجاز. ومن المهم أن أنبه هنا على الجدّة؛ حتى في حالة أن ابن جني يتبنّى رأي سيبويه، وأكثر من ذلك يستعرض آراءه التي يعرفها كلها، لكن تقدُّم النحو وأبعاد التبحّر والمعرفة هي الجديد، وإن كان هذا لا يجعل من الخصائص كتابا تأسيسيا ككتاب سيبويه إنما كتاب استثماري.
هناك نص لابن جني يقودنا رأسا إلى أهم المفاهيم الموجّهة للنحو. يقول: “ومعلوم أن الكلمة الواحدة لا تشجو، ولا تحزن، ولا تتملك قلب السامع، إنما ذلك فيما طال من الكلام، وأمتع سامعيه، بعذوبة مستمعه، ورقة حواشيه (….) والإطالة والإيجاز جميعا إنما هما في كل كلام مفيد مستقل بنفسه، ولو بلغ الإيجاز غايته لم يكن له بد من أن يعطيك تمامه وفائدته، مع أنه لا بد فيه من تركيب الجملة، فإن نقصت عن ذلك لم يكن هناك استحسان، ولا استعذاب”.
ما الذي نفهمه من هذا النص؟ السبيل المؤدي إلى هدف. المرْشد، وقد كان ابن جني في حاجة إلى مرشد وموجّه ليتجاوز أي إشكال للتفريق بين القول والكلام، وهو ما نقصد به المفهوم الموجّه. وقد وجد هذا المفهوم في الإفادة وهو ما يمكن أن نوسّعه ليكون المعنى فالكلام ذو معنى بينما القول غير ذي معنى، وإذا ما كان ذا معنى فهو كلام، لذلك فإن كل كلام قول، وليس كل قول كلام.
لكي يفرق ابن جني بين القول والكلام احتاج إلى المعنى من حيث هو مفهوم موجّه. وقد حل الإشكال بهذا المفهوم، وأدرك به الفرق بين القول والكلام . ولم يكن ممكنا الحل بدونه؛ فالكلام ذو المعنى ينطبق عليه وصف ابن جني فهو قد يشجو، وقد يحزن. قد يمتلك قلب السامع، وقد يمتع سامعيه، بعذوبة مستمعه، ورقة حواشيه، وهو ما لا يمكن أن يكون هذا في كلام غير ذي معنى. ومهما تكن فكرتنا غريبة عن هذا المفهوم الموجه فإنها تعتمد على أمر مسلّم به وهو: لكي يكون الكلام ذا معنى يجب أن يكون مركبا، وهو ما يستدعي مفهوم الجملة النحوية.
لا أضمن ما إذا كان دقيقا تعبيري عما يقصده ابن جني من أن التركيب يصنع سياقا للكلمات، وأن الكلمات في سياقها تصنع جملا مركّبة، لكن هذا ما يبدو؛ ذلك أن مفهوم التركيب ليس بعد عند ابن جني مفهوما يوصّف بنية اللغة ولا بنية النصوص إنما يوصف بنية الجملة. إنه مفهومُ شرط الإفادة منظورا إليها بما هي معنى يراد به أن يُفهم. وفي هذه المرحلة التاريخية التي كان فيها النحو يميل بقوة إلى أن يبحث المعمولات التي تخضع للعوامل كان ابن جني يصوغ ما سيثمر من بعد عند عبد القاهر الجرجاني في مفهوم النظم بما هو توخّي معاني النحو.
أستطيع -إذن- أن أصف المفهوم الموجّه بأنه يرسم للنحوي السبيل الذي يسلكه بثقة، فالنحوي في حاجة إلى مفهوم موجّه يريه الهدف. إنه ضروري ليختار النحوي طريقه؛ يعبّر عنه ابن جني أحيانا بقوله “وهذا عادة للعرب مألوفة، وسنة مسلوكة[6]” يقصد به مفهوما آخر من المفاهيم الموجّهه وهو مفهوم التشابه؛ ذلك أن العرب “إذا أعطوا شيئا من شيء حكما ما قابلوا ذلك بأن يعطوا المأخوذ منه حكما من أحكام صاحبه؛ عمارة لبينهما، وتتميما للشبه الجامع لهما [7]” ثم يفسر ذلك في مكان آخر فيقول “واعلم أن العرب تؤثر من التجانس والتشابه وحمل الفرع على الأصل، ما إذا تأملته عرفت منه قوة عنايتها بهذا الشأن، وأنه منها على أقوى بال[8]” . دفع ابن جني مفهوم التشابه إلى أقصاه فولد منه مفهوم القياس؛ ذلك أن القياس يعني المماثلة والتشابه والنظير من حيث هو منهج بدأ أولا في الأحكام الفقهية؛ حيث الاستدلال الفقهي من مقدمات مشروعة في النصوص الدينية المؤسسة كالقرآن الكريم والسنة النبوية، وقد حاد عن الصواب من اعتقد بتأثر ابن جني بالقياس الفلسفي الذي يعني لزوم نتيجة من مقدمتين [9]. إن ما جمعته هنا يكفي لأن يشير إلى بعضٍ من مفاهيم النحو الموجهة وليس كلها. لقد أهملتُ أكثر مما ذكرت من المفاهيم الموجّهة للنحو؛ إذ إن هدفي في هذا المدخل هو أن أشير إلى مجالات في النحو لم تُدرس بعد. إنها مجرد اقتراحات أعرضها في أفكار عامة؛ لذلك سأكتفي بمفهومين آخرين دليلا على فكرتنا عن المفاهيم الموجّهة للنحو العربي. يقول ابن جني: “أما إهمال ما أهمل، مما تحتمله قسمة التركيب في بعض الأصول المتصوّرة أو المستعملة، فأكثره متروك للاستثقال، وبقيته ملحقة به، ومقفاة على أثره [10] ” ويقول في مكان صفحة أخرى: ” فأعلق يدك بما ذكرناه: من أن سبب إهمال ما أُهمل إنما هو لضرب من ضروب الاستخفاف[11]” . مشكلات النحو الكبرى
لا شك أن دراسة للخلاف بين النحويين مفيدة، لكن مجرد التوقّف عند مسائل الخلاف وقسْمتها إلى أصولية وموضوعات نحوية وجزئية والاكتفاء بذلك فإنها لا تفعل أكثر من أن تصنّف الخلاف وتعيد سرده[12]. وهي بذلك لا تتعدى إلى ما هو أهم لتاريخ علم النحو كربط الخلافات بتصورات ومعتقدات النحويين العلمية، وعلاقتها بالثقافة؛ ذلك أن تاريخا جزئيا كتاريخ النحو مرتبط قبل كل شيء بالتاريخ العام، ولا ينبغي لمؤرخ النحو أن يتجاهل ذلك. ومهما حاولت دراسة كهذه أن تورد العوامل التي هيأت الجو للخلاف كالاتجاهات السياسية، والتعصب، والمنهج إلخ، فإنها لن تكون كافية من دون أن تحلل تكوين النحاة العلمي، وارتباط هذا بذلك؛ ذلك لأن شبكة من المسلمات تشكل خلفية النحوي المعرفية؛ فحين يتصرف، أو يفكر، أو يتحدث، فهو يسلم بوجود طريقة معينة توصف بأنها “شبكة من الأحكام”.
يمكن أن يقال عن شبكة الأحكام هذه بأنها نظرية، وربما مجموعة من النظريات، لكن حين تؤدي الخلفية عملها أي تقوم بوظيفتها، فليس النحوي في حاجة إلى نظرية؛ لأن مسلماته تسبق نظرياته. بناء على ذلك يُقصد بأصول النحاة المعرفية مسلمات النحاة. ليست تصوراتهم وفرضياتهم وآراؤهم فحسب، بل هي جزء مما يُسمى بخلفية فكرهم.
سأتوقف عند مشكلة كبرى من مشكلات النحو العربي وهي مشكلة العامل. وقد تتبع السيد رزق الطويل الخلاف بين “المدرستين” البصرة والكوفة في كتاب ابن الأنباري وعدّها في اثنتين وعشرين مسألة ليصل إلى نتيجة هي الاتجاه الكوفي إلى العامل اللفظي، والعقلي عند البصري. ويفسر هذا بقرب الكوفيين من الواقع اللغوي، وفهمهم لطبيعة اللغة، بينما يفرض البصريون على العامل قيودا عقلية بحتة. وهو تفسير يرضي الفكر الذي يود دائما أن يبسّط المعقّد، ويركز على البسيط. لكن الفكر العلمي “الحقيقي” هو في جوهره يقرأ المعقّد في البسيط على حد تعبير باشلار[13]. وعلى هذا النحو ندرك أن التفسير بكون هذا أو ذاك أقرب إلى اللغة وطبيعتها هو تفسير يتناسى أن قيمة مشكلة نحوية كالعامل النحوي يتناسب مع إيحاءاتها بتحقيقات عقلية. التحقيقات العقلية. هذا ما أصف به دراسة البصريين العامل في النحو بعد أن تجاوزوا التخريجات النحوية واللغوية البدائية، وهي فيما أرى تحقيقات عقلية تتفق مع اللغة التي نتكلّمها بسهولةٍ يعقّدها العقل كشأن أي علم يدرس ظاهرة ما، وهي طريقة ممتازة في العلم.
لكن بما أن “الطريقة الممتازة تفقد خصبها إذا لم نجدد موضوعها [14]” فقد حدث بسبب وضع هذه التحقيقات العقلية في ما هو أزود وأشمل، وسلسلة من التحريفات والتبديلات تتيح التوسع في تشغيل التحقيقات العقلية، أن تجدّدت في مفهوم مهم من المفاهيم الموجّهة للنحو العربي وهو التأويل. وإني لأذهب أن تحرر التخريج النحوي من الشبه بالتخريج اللغوي في تفسير النصوص المؤسسة هو الذي قاد إلى التأويل من حيث هو “أداة هامة وأساسية من أدوات بناء العلم ذاته [15]” ومن الجائز القول إن الكوفيين اهتموا بالظاهر من دون أن يُعنوا بالتركيز على ما يُستر. وفي المقابل اقتنع البصريون أن فيما يُستر ويُحذف ويُضمر ما يزيد على ما يظهر. لذلك كان من المتعذر على الكوفيين أن يتوصّلوا إلى مفهوم التأويل المهم في بناء علم النحو. قد يرضي اكتفاء الكوفيين بالعامل اللفظي أو “في العوامل المعنوية المستندة إلى الروابط اللفظية” الوصفيين، لكن هؤلاء يتناسون أن تخريجات البصريين ثم فيما بعد تحقيقاتهم العقلية ثم تأويلهم لها أطرها الثقافية؛ حيث يتجاوب بعمق مع تأويل النصوص المؤسسة للمجتمع العربي الإسلامي.
لقد منح التأويل النحو حيوية وقيمة عقلية استخلصها نصر حامد أبو زيد؛ فالتأويل في النحو العربي ليس ذلك المرض الذي يجب التخلّص منه في مفهوم المحدثين، وهو أداة أساسية في بناء أي علم كعلم النحو، و هو يعكس الرؤية العلمية لظاهرة في فترة تاريخية. ثم إنه أداة أصيلة في الثقافة العربية الإسلامية التي وُلدت من نص أساسي ومركزي هو القرآن الكريم [16]. لا داعي لأن نتوقف عند هذه الأطر فقد أشبعها غيرنا بحثا، وما نود أن نتوقف عنده الآن هو الشذوذ بوصفه مشكلة كبرى من مشكلات النحو العربي؛ ذلك أن أهمية الشذوذ بوصفه مشكلة تكمن فيما لو كُشف لنا الآن ما لم يُكشف للقدماء فبنوا عليه قاعدة؛ إذ إن الشذوذ تعريفا هو ما لم يخضع للقاعدة التي اُستنّت من قبل البصريين[17]. يترتب على هذا أن يكون الشذوذ نقيضا للقاعدة، وخروجا عن النظام، ومرتبط بطبيعة العلم؛ ذلك أن من طبيعة العلم أن يكشف ما هو خارج نظامه على أنه شاذ؛ أي ” غير المفهوم طبقا للإطار المعرفي الحالي [18]” . هذا مجرد مثلين للمشكلات الكبرى للنحو العربي، ولا شك أن هناك ما هو أكثر؛ فالخلافات النحوية كثيرة جدا. وترتبط مثل هذه الخلافات لاسيما الكبرى منها بمشكلات نحوية بعينها، وهو أمر جيّد لأنها تشير إلى أن النحو علم واع بموضوعه، ولهذا يمكن أن يوصّف تاريخ النحو تبعا لمشكلاته الكبرى. فيمكن أن نعلّم مراحلَ تاريخية ونبرزها في تاريخ النحو تبعا للمشكلة الكبرى أو المشكلات التي دار حولها الخلاف، وما إذا كان ذلك يشير إلى عوامل ثقافية، وحتما أننا نتذكر هنا مشكلات النحو التي أثارها ابن مضاء وعلاقتها بالعوامل الثقافية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن أن تعطينا مشكلات النحو الكبرى مخططا تاريخيا لتناسل المشكلات من بعضها البعض، ومعها تناسل الحلول. وإذا ما عرفنا أن مشكلات النحو الكبرى تختلط في تاريخ النحو مع رد النحاة على بعضهم البعض، وفي مسائل الخلاف بينهم فإن دراسة هذه الكتب يمكن أن تساعدنا على رسم المخطط التاريخي لمشكلات النحو الذي اقترحناه.