سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3149
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | نيتشه: مولد المأساة من روح الموسيقى/ عادل عبدالله. | |
نيتشه: مولد المأساة من روح الموسيقى/ عادل عبدالله.[rtl]نيتشه : مولد المأساة من روح الموسيقى[/rtl] [rtl] عادل عبدالله الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 10:27 المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع[/rtl] [rtl] http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=428120[/rtl] [rtl] مولد المأساة من روح الموسيقى بداية تاريخ انتصار العقل على الغرائز
عادل عبدالله
- (لقد كان "مولد التراجيديا" أول عملية قلب لكل القيم قمت بها)
- (إن سقراط اعتاد أن يساعد يوربيدس في كتاباته، ثم ما لبث أن تحول سقراط المتحضر إلى قديس جديد لدى الشباب من النبلاء اليونانيين، وفي المقدمة كان منهم الهيليني النموذجي أفلاطون.. الذي احرق ما كتبه لكي يكون احد تلامذة سقراط)
- نيتشه -
مولد المأساة من روح الموسيقى، أو مولد التراجيديا، كما يحلو للنقاد تسميته ، هو أول كتاب مهم صدر لنيتشه، وهو كتاب عبّر فيه "عن تصوره الأساسي للفن والفكر والتاريخ" وللكتاب هذا اهمية بالغة جدا تتمثل بالقول : إن جميع الافكار الجديدة التي طرحها نيتشه في كتابه المبكر هذا ستبقى هي ذاتها مبثوثة ومعضدة بالتفصيل والإفاضة في مؤلفاته اللاحقة كلها. فماذا يقول نيتشه في هذا الكتاب وماهي الأفكار التي ظل نيتشه محتفظا بها في مساره الفكري كله ؟
ربما تكون الإجابة الفضلى عن هذا السؤال , هي الإجابة التي يحررها نيتشه نفسه باتجاه الكشف عن أهمية هذا المؤلف , يقول نيتشه , متحدثا عن كتابه, بعد أكثر من عقد من الزمان على تاريخ تأليفه : " كثيرا ما رأيت هذا المؤلف يُذكر بالاسم – المولد الجديد للتراجيديا من خلال روح الموسيقى- ولم يكن يصغى إلاّ لما يتعلق بصيغة جديدة للفن وبنوايا مهمة فاغنر "( 1) ومعنى هذا أن نيتشه يشير هنا إلى موضوعات ثانوية تضمنها كتابه , ولذا فهو يشير, كمقابل لذلك إلى الموضوعات الأساسية فيه ,إذ يقول مكمّلا جملته الأولى " في حين وقع إهمال ما كان يختفي داخل هذا المؤّلف في الواقع من أشياء ثمينة "( 2). وأول هذه الأشياء الثمينة هو : أن عبارة " الهيلينية والتشاؤم , ذلك ما كان من الممكن أن يكون عنوانا لا شبهة فيه, ذلك أنه أوّل من وضّح الطريقة التي مكّنت الإغريق من الانتصار على التشاؤم, كيف تجاوزوه... فالتراجيديا بالذات هي الدليل على أن الإغريق لم يكونوا متشائمين "( 3) أما الشيء الثمين الآخر في الكتاب نفسه فهو, ما يعبّر عنه نيتشه بقوله، " التحديدان الحاسمان في هذا الكتاب هما: أولاّ, فهم الظاهرة الديونيزية لدى الإغريق: حيث يكشف للمرة الأولى سيكولوجية هذه الظاهرة, ويرى فيها المنبت الأصلي لمجمل الفن الإغريقي, وثانيا, فهم الظاهرة السقراطية: لأوّل مرة يتم التعرف على سقراط كآلةٍ للتفكك الإغريقي وكنموذج للانحطاط : ," العقل" ضد الغريزة,"العقل" بأي ثمن كسلطة خطيرة تنخر وتخرّب الحياة "( 4). أما الشيء المهم الثالث في الكتاب فهو" في كامل الكتاب صمت عميق وعدواني تجاه المسيحية, فلا هي بالأبولونية ولا هي بالديونيزية, إنها تنفي كل القيم الجمالية, القيم الوحيدة التي يثبتها "مولد التراجيديا" ،( 5) باسم الديونيزية. وفي أداء يشبه الاحتفال بلحظة الانتصار, من جهة, ويخبرنا بالمزيد عن طبيعة ما تمّ لنيتشه اكتشافه, في كتابه: يقول " كنت بذلك أول من تمكّن من استيعاب الظاهرة البديعة للديونيزية . كما أنني عبر اكتشاف الوجه الحقيقي لسقراط كمنحط, أقمت الدليل بما لا يدع مجالا للالتباس, على أن براعتي كخبير نفساني, في مأمن من مخاطر أية حساسية أخلاقانية, وكان اعتبار الأخلاق نفسها, كعرض انحطاط, ابتكارا وحدثا فريدا من الدرجة الأولى في تاريخ المعرفة. ولكم هي عالية في كلتا الحالتين تلك القفزة التي أنجزتها متخطيا الهراء السخيف البائس حول التضاد القائم بين التفاؤل والتشاؤم."( 6) ومن هنا يعدّ نيتشه كتابه "مولد التراجيديا" أوّل عملية قلبٍ لكل القيم قمت بها" ( 7) ، كما يقول. أما من وجهة نظرنا بوصفنا باحثين, فإن الأهمية الكبرى لهذا الكتاب, مع أخذنا بالحسبان مضامين تثمين نيتشه لكتابه, تكمن وتتضح في القول: إن هذه الموضوعات التي ثمّنها نيتشه في كتابه تؤلف على وجه الدقة عددا من الموضوعات الأساسية في فلسفة نيتشه كلها, وسيظل محتفظا في مؤلفاته الأخرى بماهيتها, مع بعض الإضافات والتطوير لها, وربما تكون نبرة الفخر التي يتحدث فيها هنا نيتشه, أي بعد أكثر من عقد من الزمان , عن تلك الموضوعات نفسها, بوصفها كشوفا معرفية خاصة به وحده، هو الدليل على صدق ما نذهب إليه . يقول نيتشه : " كنت أول من رأى التضاد الحقيقي : الغرائز المنحلّة التي تعمل بحقدها السري الدفين على محاربة الحياة ( المسيحية, فلسفة شوبنهاور, وحتى فلسفة أفلاطون بمعنى محدد ما, المثالية في مجملها, جميعها كأشكال نموذجية) من جهة, وصيغة الإثبات الأرقى, المتولّدة عن الوفرة والامتلاء بالحياة, الاستجابة الاثباتية للحياة دون تحفظ، للألم أيضا, وللذنب أيضا, ولكل ما هو إشكالي وغريب في الوجود، "( 8) من جهة أخرى. وربما يكون في إعادة نيتشه نشر كتابه هذا، مرة أخرى في العام 1886 تحت العنوان الذي فضّل أن يكون لكتابه أي "مولد التراجيدي أو الإغريقوية في طبعة جديدة مع محاولة في النقد الذاتي". أقول ربما يكون في هذا الإجراء، دليلاً مضافا إلى اعتزاز نيتشه واحتفاظه بالمضامين الثمينة التي تحدث عنها في كتابه الأول، ولذا فانه يقول"لقد كان "مولد التراجيديا" أول عملية قلب لكل القيم قمت بها"( 9). ثمة موضوعات أخرى عرضها نيتشه في كتابه، أجد من المفيد التعرف عليها بإيجاز، عبر نصوصها نفسها،كونها تمثّل هي الأخرى, بذورا لمواقف فلسفية, سعى إلى تطويرها فيما بعد، منها: موقفه من العلم، كقوله: كم هو غريب أن أرى العلم من خلال عدسة الفنان، بل الفن من منظور الحياة"( 10). ومنها موقفه الأخلاقي من صراع العبيد والسادة، المقام على أسس جينالوجية, كقوله: وكانت "طبقة العبيد أصبحت معروفة كطبقة مستقلة في هذه الفترة"( 11).وهذه العبارة تؤلف نواة الفكرة الأساسية لكتابه" أصل الأخلاق وفصلها" ومنها مهاجمته للسياسة الديمقراطية "التي عاصرت سيادة العقل"( 12).وجميعها موضوعات بقيت أساسية في فلسفته. ولأن الموقف من الفن هو الموضوع الرئيسي لهذا الكتاب- بل وللفكر النيتشوي كلّه فيما بعد- أجد من المفيد جدا، إيجاز بعض مضامين هذا الكتاب وعلى النحو الآتي: "إن الفن يستمد مقومات نموه المستمر من الثنائية المتمثلة في أبولو وديونيس.. نحن مدينون بالنسبة لألهي الفن أبولو وديونيسوس، بمعرفتنا أن هناك تعارضا هائلا في العالم الإغريقي، فيما يتعلق بالجذور والأهداف، بين الفن الأبولي في النحت وبين فن الموسيقى الديونيسي اللابصري، هذان الاتجاهان المتعارضان جدا "النحت والموسيقى" يتماشيان جنبا إلى جنب، في جفاء شديد عادة بينهما، متسابقين نحو استدراك جذور أكثر قوة، ما يعطي لصراعهما المتعارض طبيعة أبدية مفارقة فلا يلتقيان إلا عند عبارة الفن فقط"( 13). وأبولو عند الإغريق هو "إله كل القوى المبدعة all plastic energies" وهو في الوقت نفسه إله العرافة the soothsaying god، انه المشرق، إله النور، وهو المهيمن على الظهور الجميل للعالم الداخلي للفنطازيا، إن الحقيقة السامية، التكامل بين هذه الحالات في تعارضها مع الواقع اليومي غير المفهوم جيداً، هذا الوعي العميق بدور الطبيعة، في توفير الشفاء والمساعدة على النوم والحلم هي في الوقت ذاته، النظير الرمزي لملكة العرافة وللفن على نحو عام يجعل الحياة ممكنة وجديرة بان نحيا فيها"( 14). أما أبولو "فيمثل في نظري تجسيداً للفكرة العبقرية، مبدأ الفردانية، كسبيل وحيد للبحث عن الخلاص الحقيقي عبر الوهم". وعن صلة الحياة اليونانية بالفن، من حيث كون الأخير وسيلة وملاذا يتم اللجوء إليه، هربا من قساوتها، يقول نيتشه، لقد أصبح كل ما يمكن أن يراه الإنسان الآن، هو الرعب فقط أو عبث الوجود"( 15). وعن هذه اللحظة المتحدية التي تهدد الإرادة، يظهر ذلك، المنقذ, الفن، "الفن،وحدة القادر على تحويل هذه الأفكار المروعة عن الرعب وعبث الوجود إلى تمثلات يمكن للإنسان أن يعيش معها"(16 ). أنها حالة "ترويض الرعب بواسطة الفن، الانعتاق الفني من فرض العبثية، لقد كان كورس السايتر المنشد لاغاني الدايثرمب،the satyric chorus of the dithyramb هو وسيلة الخلاص في الفن الإغريقي"( 17). غير أن الحال هذا لم يدم طويلاً هكذا، فلقد "واجهت التراجيديا الإغريقية نهاياتها، بطريقة مختلفة عن موت أخواتها الكبار في الفن، إذ أنها ماتت منتحرة، كنتيجة لصراع لا سبيل لحله، في حين أن أخواتها الكبريات متن بهدوء موتا طبيعيا بسبب تقادم العمر"( 18). أما عن سبب موت التراجيديا، فهو على نحو عام انفصام ذلك التوازن الفريد الذي كان بين الإلهين ديونيزوس وأبولو، أو بعبارة أخرى محاولة بعض الشخصيات اليونانية الشعرية المسرحية في البدء, والفلسفية، فيما بعد, تغليبَ الجانب الأبولوني على الجانب الديونيسي، بعبارة أكثر دقة، تغليب الجانب العقلي الابولوني، على الجانب الحسي الغريزي الذي كان يمثله الإله، ديونيسوس. ومثل هذا الإجراء، كان قد تم على يدي الشاعر يوربيدس، كما يخبرنا نيتشه، في مجموعة النصوص هذه "لقد ماتت التراجيديا، وبموتها مات الشعر أيضا, ولقد كان يوربيدس، هو الذي خاض معركة موت الدراما( 19)، إذ تبين لنا بجلاء أن استئصال العنصر الديونيسي القديم والقوي من التراجيديا، وإعادة بناء التراجيديا على أسس فنية وأخلاقية وفلسفية غير ديونيسية, كان هدفا سعى له يوربيدس( 20). غير أن يوربيدس لم يكن في حقيقته سوى قناع لروح حارسة مولودة حديثا يدعى سقراط.وكان هذا الأخير يمثل تناقضا جديدا، قطباه ديونيس وسقراط، وفي خضم هذا النزاع بينهما حدث سقوط التراجيديا( 21). ولذلك فان "يوربيدس، بوصفه شاعرا هو على نحو جوهري صدى لمعرفته الواعية الخاصة, وبرجوعه إلى فاعليته النقدية المنتجة، بدا له أن من واجبه أن يطلع الناس على نوعه المعرفي,أي أن يدخل موضوعيا إلى الدراما الكلمات التي استهل بها انكساغورس بحثه في الطبيعة: " في البدء كانت الأشياء كلها مختلطة مع بعضها، ثم جاء العقل وخلق النظام" .(22) إن انكساغوراس في فكرته عن العقل ظهر بين الفلاسفة – كما قيل – الصاحي الوحيد بين جمع من السكارى the only sober person amid a crowd of drunken ones.(23) وكان مبدأ يوربيدس الجمالي, أو لكي يكون أي شيء جمالياً، ينبغي أن يكون معروفا"( 24). وهذا المبدأ كما سبق منا القول، مساويا لقول سقراط، "لكي يكون أي شيء خيراً، ينبغي أن يكون معقولا أولاً"( 25). "ولذا يمكن أن يُعدّ يوربيدس، شاعر الجمالية السقراطية"( 26). وفي حقيقة الأمر أن يوربيدس يتفق مع سقراط على جملة من القضايا منها، أنهما متفقان على : "أن الكون مرتّب في أحسن نظام، ووصل التفاهم والتناغم بينهما، إلى درجة أن سقراط – كما يقال- كان يساهم في كتابة المسرحيات اليوربيدية، ويساعده في تحديد مضمونها وأهدافها"( 27) كما أنهما يتفقان على " تحررهما من الأسطورة، بل الأكثر من ذلك قتلهما وتدميرهما لها، وهذا بسبب نزعتهما العلمية، فقد كان يوربيدس- مدفوعا بنزعته الواقعية والعقلانية – يعمل على تمحيص الأسطورة، والتشكيك فيها"( 28) وهكذا يكتشف ويكشف نيتشه، أن سقراط اعتاد أن يساعد يوربيدس في كتاباته، ثم ما لبث أن تحول سقراط المتحضر إلى قديس جديد لدى الشباب من النبلاء اليونانيين، وفي المقدمة كان منهم الهيليني النموذجي أفلاطون.. الذي احرق ما كتبه لكي يكون احد تلامذة سقراط( 29). وفي معرض الإجابة عن السؤال نفسه, بصورة تفصيلية, بغية إضاءة معنى الرجوع إلى الإغريق، نقول: في هذا المؤلف، يجعل نيتشه "للتراجيديا قطبين مختلفين وقد عبر عن هذا الازدواج باسم ديونيسوس وأبولون، وهو ازدواج يفيد التعارض بين الصوفي والذوقي، والعقلي البرهاني، بين الإرادي والمنطقي، بين المقيد المجدد، والمتحرر الطليق"( 30). الديونيزوسي، يعبر عن اللذة والألم، الفرح والرهبة، ويعبر عن ذوبان الإنسان في الطبيعة، أما الأبولوني، فهو يحرر الإنسان من كل اندفاعاته المتوحشة، ويجعله متوازناً ومنسجماً، ومن هذا التقابل، يلاحظ التناقض بين نوعين من المنطق أو صورتين من التفكير، هما: النمط الغريزي القائم على المخاطرة والإقدام والذي يتجسد في الرقص والموسيقى والمسرحية، والنمط الثاني هو النمط التأملي الهادئ والتفكير العقلي القائم على الحوار المنطقي والتريث الفلسفي( 31) ابولون، بمزيد من التحديد "رمز غريزة فن التشكيل، وهو إله الوضوح والنور والقياس والتشكل والتأليف المتناسق، أما ديونيزوس فهو على العكس، إله الفوضى المفرطة، واللا شكل، وتيار الحياة الصاخب والهذيان الجنسي، انه إله الليل، وهو بعكس ابولون إله الموسيقى، الموسيقى التي تغوي وتثير وتطلق عنان الأهواء جميعاً"( 32).[/rtl] | |
|