26 فبراير 2014 بقلم
قسم التحرير قسم:
حجم الخط
-18
+ للنشر:الجدل لغة: اللدد في الخصومة والقدرة عليها، وهو مقابلة الحجّة بالحجّة (ابن منظور، د.ت، مج 1، ص 571). واللفظ المقابل ديالكتيك، مصطلح يوناني معناه: فن الحوار أو النقاش، وهو علم القوانين الأكثر عموميّة التي تحكم الطبيعة والمجتمع والفكر. وقد يكون لزينون الإيلي (القرن الخامس قبل الميلاد) الفضل في نشأة الجدل، إذ عدّت أغاليطه نماذج من الجدل الجاد الذي استثار فلاسفة عصره للردّ عليه وكانت الغاية فيه البحث عن الحقيقة والارتقاء من تصوّر إلى آخر، ومن قول إلى قول بغية إدراك أعمّ التصوّرات وأعلى المبادئ. وقد ذهب أفلاطون إلى أنّ الجدلي هو الذي يتقن فنّ السؤال والجواب ودعّم بذلك كلام سقراط قبله في إقراره أنّ العلم لا يُعلّم ولا يُدوّن في الكتب، بل يُكشف عن طريق الحوار واستدراج الخصم عبر القياس إلى نتائج مستخرجة، انطلاقا من مبادئ مسلّم بها عنده. إلاّ أنّ الوصول إلى الحقيقة لا يرتهن ضرورة بالحوار، إنّما قد يعتمد تعريف المعاني الكلية وتصنيفها، وهو ما أثبته أفلاطون في اعتباره الجدل علما لتصنيف المفاهيم وتقسيم الأشياء إلى أجناس وأنواع، وهو بهذا الشكل أضحى منهجا يسعى إلى الارتفاع بالعقل من المحسوس إلى المعقول.
وقد حظي الجدل بمكانة مهمة لدى الرواقيّين، فهو عمدهم يمثّل المنطق الصوري وقد طوّره سينيكا ليشمل ضروبا من الاستدلال تُدرج اليوم مع حساب القضايا. واعتمدت الفلسفة المدرسيّة الجدل في إشارة إلى المنطق الصوري مقابل فنّ البلاغة. وقدّم ديكارت وسبينوزا نماذج من الفكر الجدلي الحقيقي، وكذلك فعل روسو وديدرو حين حاولا معالجة التناقض الحاصل في الوعي الاجتماعي، باعتباره شرطا للتطوّر التاريخي.
ومن معاني الجدل اليوم كونه طريقة الفكر الذي يعرف ذاته ويعبّر عن موقفه بتأليف حكم مركّب جامع بين الأحكام المتناقضة، وهو أيضا طريقة الفكر الذي يوجّه حركته إلى جهات متعارضة تؤثّر فيه تأثيرا متقابلا يفضي في النهاية إلى تقدّمه، مثل جدل القياس والحدس، والعبد والسيد..(صليبا، 1982، ج1، ص 394)
انظر:
-ابن منظور. (د.ت). لسان العرب. القاهرة: دار المعارف.
-الحفنى، عبد المنعم. (د.ت). الموسوعة الفلسفية. (ط.1). بيروت: دار ابن زيدون للطباعة والنشر والتوزيع- القاهرة: مكتبة مدبولي. ص ص 152-154
-روزنتال.م و يودين.ب. (1987). الموسوعة الفلسفيّة. (سمير كرم، مترجم). (ط.6). بيروت- لبنان: دار الطليعة للطباعة والنشر. ص ص 160-162
-صليبا، جميل. (1982).
المعجم الفلسفي. بيروت- لبنان: دار الكتاب اللبناني- مكتبة المدرسة. ج1، ص ص 391-