** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 صفاتاالله تتمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو مروان
" ثــــــائـــــــــر منضبــــــــط"
صفاتاالله تتمة Biere3
ابو مروان


عدد الرسائل : 411

الموقع : الحرية
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

صفاتاالله تتمة Empty
26062010
مُساهمةصفاتاالله تتمة



الله قادر





43- كيف نعرف
القوة، وما هي
حدود قوة الإنسان؟



*
نعرف القوة من شعورنا بأننا نقدر أن نفعل بعض الأفعال. وتنحصر قوة الإنسان
في دائرة
ضيقة، فهو يقدر أن يغير مجرى تفكيره ويوجِّهه إلى موضوع خاص، ويقدر أن يحرك
بعض
أعضاء جسده، وهذا حد قوته الذاتية. ومن هذا المقدار الصغير من القوة صدرت
كل العلوم
البشرية والاختراعات المتنوعة. غير أن هذه القدرة ليست خاضعة لمجرد مشيئة
الإنسان
وحدها، لأنها لن تؤلف كتاباً ولن تبني بيتاً، فالإنسان يحتاج إلى استخدام
وسائط،
مثل المواد الطبيعية.



44- كيف نتوصل من
الشعور
بقوتنا المحدودة لمعرفة قوة الله غير المحدودة؟



* يكتشف الإنسان أن هناك الكثير الذي يحد
قوته، فيتجه
عقله إلى قوة الله غير المحدودة، فنحن نقدر على قليل، والله يقدر على كل ما
يشاء.
ونحن نفتقر لاستعمال وسائط في إتمام غاياتنا إلا في بعض الأمور الجزئية،
والله غني
عنها. وهو يشاء، فيصير كما يشاء. قال «ليكن نور» فكان النور، وبمجرد مشيئته
خلق
مواد الكون الأصلية من لا شيء. وطوعاً لمشيئة المسيح سكنت الرياح وصار هدوء
عظيم،
وبمشيئته وحدها شفى المرضى وفتح أعين العميان وأقام الموتى.


45- ما أهم آيات
الكتاب
التي تنسب إلى الله القوة غير المحدودة؟



*
قوله «أنا الإله القدير» (تك 17: 1). وقال إرميا «إنك صنعت السماوات والأرض
بقوتك
العظيمة وبذراعك الممدودة. لا يعسر عليك شيء» (إر 32: 17). وقال المسيح
«عند الله
كل شيء مستطاع» (مت 19: 26). وقال المرنم «إن إلهنا في السماء. كل ما شاء
صـنع» (مز
115: 3). «كل ما شاء الرب صنع في السماوات وفي الأرض، في البحار وفي كل
اللجج» (مز
135: 6). والله في الكتاب المقدس على الدوام موضوع تسبيحاتنا ومركز ثقتنا
لأنه يملك
ويفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الأرض.



46- هل يلزم عن عدم
محدودية
قوة الله أنه يقدر أن يفعل المستحيل؟



* فسر بعض الفلاسفة القوة المطلقة بأنها قوة
لا تُحد
مطلقاً حتى بالمستحيلات، وأنها غير خاضعة للعقل ولا للشرائع الأخلاقية.
وبحسب هذا
التعليم يقدر الله أن يعمل المستحيلات والرذائل، حتى أنهم قالوا إنه يقدر
أن يعدم
حياته.


فنجيب: لاشك أن الله قادر على ما هو مستحيل
على قدرة
البشر أو الملائكة، ولكن لا يلزم عن ذلك أنه يقدر على عمل ما هو مستحيل له،
فلا بد
أن نأخذ ذات الله في الاعتبار، فلا يحد القوة الإلهية شيء، ولكنه لا يفعل
ما يخالف
طبيعته الصالحة، ولا يحد صلاحه غير المحدود شيء، لكنه لا يقدر أن يفعل
الحرام.
فالذي ينسب لله القدرة على عمل الشر يهينه ولا يرفع شأنه. وقولنا إن قدرة
الله غير
محدودة لأنه يقدر أن يفعل كل ما يشاء لا يستلزم أنه يشاء عمل الشر، أو أن
مشيئته
تخالف طبيعته الأخلاقية. ولا يحط من شأن قدرته إذا كانت محدودة بالكمال
الأخلاقي.


47- ماذا يقصد بعض
اللاهوتيين بالقوة المطلقة؟



* سمى بعض اللاهوتيين القوة التي يظهرها الله
في عمله
«أعمالاً بدون وسائط مطلقة» تمييزاً لها عن القوة الظاهرة في استعماله
الوسائط.
ونسبوا إلى القوة المطلقة الخليقة والعجائب والوحي وتجديد القلب، ونسبوا
إلى غير
المطلقة أفعال العناية الإلهية. وهذا التمييز بالمعنى المذكور صحيح.


48- هل تدبر قوة
الله أعمال
البشر الاختيارية؟



* يعلمنا الكتاب المقدس أن سلطان الله يَجري
على
الفاعل المختار، وأنه قادر على سياسة أعمال الإنسان وإرشاده كما يشاء بدون
معارضة
لاختياره (دا 4: 35 وأم 21: 1 ومز 76: 10 وفي 2: 13 ورو 9: 19 وأف 1: 11).
ويتبين
ذلك أيضاً من النبوات، لأنه لو لم يكن الله قادراً على إجراء ما يلزم
لإتمامها،
والإنسان مخيَّر، لما نطق بها (انظر تاريخ فرعون خر 4: 21 و6: 1 وتاريخ
يوسف تك
37-41 وتاريخ ملك أشور إش 10: 5-7 وتاريخ كورش إش 45: 1 وتاريخ يهوذا أع 2:
23).
وللبشر شيء من تلك القوة، لأنهم يقدرون أن يقنعوا غيرهم ويرشدوهم دون
معارضة
لاختيارهم. فكم بالحري يقدر الله على ذلك!





الله قدوس





49- ما معنى
القداسة في
الكتاب المقدس، وما معنى قداسة الله؟



* إذا كان الموصوف بالقداسة مكاناً أو زماناً
أو
إرادة أو شيئاً آخر من المواد كالزيت واللحم والمذبح، كان المقصود بها
تخصيص ذلك
الموصوف لخدمة الله وإفرازه لتلك الخدمة. وإذا كان الموصوف بالقداسة خلائق
عاقلة
كالكهنة والأنبياء وشعب الله دلت على الإفراز والتخصيص، ودلَّت أيضاً
بالضرورة على
الكمال الأخلاقي فيهم، لأنهم عاقلون. وإذا وُصف الله بالقداسة كان المقصود
طهارته
الأخلاقية الروحية وخلوّه التام من كل ما ينافي القداسة في الفكر والفعل.


وقد تُطلق القداسة على مجده الأخلاقي كما هو
ظاهر في
جميع صفاته الكاملة (مز 22: 3 و98: 1 وإش 6: 3 ورؤ 4: 8).


وبناءً على ذلك نقول إن المقصود بقداسة الله
كمالاته
الأخلاقية وطهارته وخلوه التام من كل نقص أخلاقي. «ليس قدوس مثل الرب» (1صم
2:2) أي
ليس أحد طاهراً بالتمام وغير محدود في كماله الأخلاقي إلا الله. وكثيراً ما
سُمي
الله «قدوساً» ووُصف بالقداسة، فقيل «علّوا الرب إلهنا واسجدوا في جبل
قدسه، لأن
الرب إلهنا قدوس» (مز 99: 9). «من لا يخافك يا رب ويمجد اسمك، لأنك وحدك
قدوس» (رؤ
15: 4). وقداسة الله غير المحدودة هي الصفة التي يُبنى عليها إكرامه بنوع
يفوق ما
يُبنى ذلك الإكرام على قدرته وعلمه، حتى أن كلمة «قدوس» تُستعمل أحياناً
بمعنى صاحب
الكرامة. والملائكة الذين يهتفون نهاراً وليلاً قائلين: «قدوس قدوس قدوس رب
الجنود»
يعبِّرون بذلك عن إحساسات كل خلائق الله العاقلة غير الساقطة، وينظرون إلى
كمال
طهارته. وهو نار آكلة لأنه قدوس، ولما تأمل النبي في قداسته قال: «ويل لي!
إني
هلكت، لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عينيَّ
قد رأتا
الملك رب الجنود» (إش 6: 5).





الله عادل





50- ما معنى العدل
في
الكتاب المقدس؟



* جاء «العدل» في الكتاب المقدس بمعنى عام
للدلالة
على الكمال الأخلاقي، مرادفاً لكلمة «بر». وجاء أيضاً بمعنى خاص للدلالة
على
الاستقامة التي تنفي الجور والظلم. والله عادل بالمعنيين، فبالمعنى الأول،
يختلف
العدل عن القداسة (سؤال 49). وبالثاني يُنسب العدل إلى الله ليصف تصرفه مع
خلائقه
العاقلة، فهو حاكم عادل، وشرائعه مقدسة عادلة صالحة يجريها بدون محاباة ولا
تردد.
وهو الديان الذي يجازي كل واحد حسب أعماله، لا يدين البريء، ولا يبرِّر
المذنب، ولا
يعاقب بأشد مما يجب.


51- إلى كم قسمٍ
قَسَم
اللاهوتيون عدل الله؟



* قسمه بعضهم إلى قسمين: (1) العدل المطلق
وهو كمال
الله الأخلاقي غير المحدود، ويرادفه كلمة «بر». و(2) العدل النسبي، وهو عدل
الله في
معاملته الأخلاقية لخلائقه باعتباره ملكهم وحاكمهم.



وقسمه آخرون إلى قسمين آخرين: (1) العدل الظاهر في سلطانه وإجراء حكمه في
الكون
باعتباره الملك. و(2) عدله الظاهر في دينونته للخطاة ومجازاته للأبرار
باعتباره
الديان. فبالأول يسن الشرائع ويتسلط على كل أعمال الملائكة والبشر،
وبالثاني يكافئ
أو يعاقب كل واحدٍ حسب استحقاقه.



52- اذكر بعض
النصـوص
الإلهية على عدل الله.



* جاء في الكتاب أنه ملك عادل وديان، ومنه
القول
«حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر: أن تُميت البار مع الأثيم، فيكون البار
كالأثيم.
حاشا لك! أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً؟» (تك18: 25). «الله قاضٍ عادل» (مز
7: 11).
«يدين المسكونة بالعدل والشعوب بأمانته» (مز 96: 13). «العدل والحق قاعدة
كرسيه»
(مز 97: 2 وأيضاً مز 71: 15 و19: 9 و145: 17 و119: 144 وعز 9: 15 ورؤ 16:
7). ويثبت
الكتاب على الدوام أن الله عادل، مع أننا نرى في الحياة الحاضرة عدم
المساواة في
معاملته للبشر، فأحياناً ينجح الشرير ويتألم البار. غير أن الله يؤكد لنا
أنه يرسي
قواعد عدله في كل معاملاته لخلائقه، ويبين للكون أنه بار في كل طرقه، وقدوس
في كل
أعماله.


53- ما هي المسألة
التي
يهمنا البحث فيها في شأن عدل الله؟



* هي: هل يعاقب الله المذنب وفقاً للعدل لأن
العدل
يطلب ذلك ولأن الخطية تستحق العقاب، أو هل يعاقب لغرضٍ آخر؟ وبما أن كل
إنسان يعرف
أنه أثيم، وبما أن الشعور بالذنب عام ودائم، تكون العلاقة بين عدل الله
باعتباره
دياناً وقصاص الخاطئ موضوعاً يهم كل لاهوتي.


54- ماذا قيل في
عدل الله
العقابي وفي الأسباب التي توجب قصاص الخطية؟



* أنكر البيلاجيون والسوسينيون وغيرهم العدل
العقابي
(انظر فصل 7 س 3-12)،
وقالوا إن الله يعاقب الخاطئ ليصلح أمره ويقوده
للتوبة،
ولأجل خير البشر عموماً، أو ليمنع امتداد الشر بفصل الخطاة عن الأبرياء.
فتحوَّل
عدل الله عندهم إلى واسطة للإصلاح أو عمل الخير أو منع الشر. والصواب هو أن
الله
يعاقب الخاطئ لأنه يستحق العقاب الذي يطلبه العدل.


55- ما هي الأدلة
على عدل
الله العقابي؟



* (1) نصوص
الكتاب
المقدس على أن الله ديان عادل لا يتردد في حكمه (تك 18: 25 وخر 34: 7 ومز
5:5 و50:
6 و94: 2 و96: 13 وإش 51: 4، 5).



(2) نصوص
الكتاب على
بغض الله للخطية (تث 4: 24 ومز 5: 4، 6 و7: 11 و45: 7 وأم 11: 20 إر 44: 4
وإش 61:
8).



(3) شهادة الشريعة الأخلاقية التي تعبر عن
حكم الله
في الخطية، ومطالبه المبنية على صفات الطبيعية. فنتعلم من تلك الشريعة لزوم
العقاب
(خر 20: 5، 7، 20 ورو 1: 18، 32 و2:2، 12 و3: 19 و5: 12 وغل 3: 10) وأن
الطبيعة
الإلهية تنظر إلى الخطية بغضب شديد، وأن الله لا يمكن أن يتغاضى عن قصاص
الخاطئ.
وتؤيد ذلك الشريعة الطقسية التي طالبت بالذبائح الدموية التي نرى منها أن
الغفران
للخاطئ يتوقف على عقاب خطيته في ذبح الحيوان الذي حمل عقاب الخطايا عنه (عب
9: 22).
ونتعلم أيضاً أنه لا بد من تنفيذ شريعة الله (مت 5: 17، 18 ولو 24: 44 ويو
7: 23
و10: 35 ورو 10: 4).


(4) شهادة موت المسيح كفارة عن الخطية (إش
53: 5-11
ورو 3: 24-26 وغل 3: 13، 14 و1بط 3: 18) فهي توفي العدل الإلهي حقه بذبيحة
المسيح.
فالكفارة ضرورية إكراماً للعدل الإلهي، لا لمجرد تأثيرها في الإنسان كقوله
«ليكون
باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع».


(5) شهادة العقل والضمير البشري عند شعوره
بالخطية،
لأنه يحكم سريعاً بأنها تستحق العقاب. وقد تشتد إحساسات الأسف والندم في
الإنسان
حتى تلقيه في اليأس، فبعض المجرمين لا يقدرون أن يحتملوا الشعور بالذنب
فيعترفون
ويقدمون أنفسهم للعقاب الذي يفرضه القانون. ونعرف من الاختبار أن اعتقادنا
بكفارة
المسيح لأجلنا والاتكال عليه يمنحان الضمير سلاماً. ومن أحكام العقل البشري
أن كل
أثيم يستحق العقاب.


ومما يشهد لحكم طبيعة الإنسان بوجوب العدل
العقابي
الذبائح الدموية الجارية في كل القرون بين جميع الشعوب، والوسائل المتنوعة
للتكفير
عن الخطية من أعمال النُّسك والتقشف. ونجد في كل اللغات البشرية كلمات تدل
على
استحقاق الخطية للعقاب، لأنها خطية.


ويشهد العقل البشري أيضاً أن العقاب الذي
يكون بدون
استحقاق هو من باب الظلم ولو قُصد به الخير العام، لأن قتل الإنسان لأجل
الخير
العام هو خطية خطيرة لا يُجيزه إلا استحقاق المذنب.


56- ما هو الاعتراض
على
القول إن الله عادل لذلك يعاقب الخاطئ، مع أن البشر

يغفرون لبعضهم ولا يعاقبون، وما هو الجواب عليه؟



*
اعتُرض على وجوب عقاب الله للخاطئ بحسب العدل العقابي بالقول إن القضاة
البشريين
والآباء والمعلمين يقدرون أن يغفروا الخطية ويتركوا القصاص أحياناً إذا
أرادوا، ولا
يكون في هذا تحقير للعدل. فكيف لا يقدر الله أن يصفح عن الخطية بدون عقاب؟




فنجيب: يختلف حكم الله على الخليقة عن حكم البشر في ثلاثة أمور:



(1)
ليس على البشر مسؤولية عظمى في عقاب الخطية، بل عليهم مسؤولية ثانوية.
ويطلب البشر
عقاب المذنب لخير المجتمع، ولمنع امتداد الشر. وأما الانتقام فهو للرب، كما
قيل «لي
النقمة أنا أجازي قول الرب» (رو 12: 9 وتث 32: 35، 36).



(2)
حكم الله لا يتغير في صفاته ومبادئه خلافاً لحكم البشر، فإذا كفَّ البشر عن
إجراء
العقاب كان ذلك ممكناً أحياناً بدون تحقير لشأن القاضي أو المعلم.



(3)
الله يعرف كل شيء وهو خبير بأسرار القلب، فلا يُخشى من خطإٍ في توقيع
عقابه، لأنه
دائماً عادل. وأما البشر فلا يعرفون الأفكار الحقيقية ولا انفعالات قلب
المذنب،
فيضطرون أحياناً أن يخففوا العقاب لئلا يظلموا المخطئ. وجواز صفح البشر
أحياناً عن
الذنب لا يعني أن الله يفعل ذلك في حكمه العادل. فالعدل الإلهي هو طلب
طبيعة الله
الطاهرة أن تعاقب الخطية، فالله طاهر إلى غير نهاية، ولا يتغير، فلا يمكن
أن يهمل
العقاب على الإثم إلا بإهانة العدل. وعدله منزَّه عن أن يكون نتيجة الغضب
أو الهوى،
ولا يُقصد به سوى إكرام الشريعة، لا التشفّي. وعقابه ليس استبداداً بل هو
العمل
الحق. فغضب الله ليس نفسانياً بل هو ما يقتضيه عدله، وحكمه على الخاطئ لا
يخرج عن
دائرة الوجوب، فلا يتغير.





57 - برهِن أن إصلاح الخاطئ ليس هو الغاية الأصلية من قصاصه.




توهَّم البعض أن غاية قصاص الخاطئ هي إصلاحه، بدليل أن الأب يؤدب ابنه
لخيره، والآب
السماوي يضرب أبناءه بعصا التأديب لبنيانهم. وللرد نقول: هذا تأديب لا
عقاب، لأن
العقاب هو استيفاء العدل حقه، والتأديب والعقاب متباينان في الغرض. والأدلة
على ذلك
ما يأتي:



(1)
يعاقب الله الأشرار بسبب غضبه، أما تأديبه لشعبه فهو بسبب محبته. فبين
الأمرين فرق
ظاهر، لأن الله يعاقب الأشرار غير التائبين ليُظهر عدم رضاه بهم، ويستوفي
حقوق
عدله. وأما التائبون المتبررون ببر المسيح المؤمنون المتجددون فيؤدبهم
ليقرِّبهم
إليه.



(2)
تبيِّن نتيجة العقاب أن الغرض فيه ليس خير المذنب. فالطوفان وانقلاب سدوم
وعمورة
وخراب أورشليم، وعقاب الملائكة الذين سقطوا لم تكن مفيدة للذين هلكوا.



(3)
يعلمنا الكتاب المقدس والاختبار أن آلام العقاب لا تُحدِث بذاتها إصلاحاً
إلا إذا
رأى المتألم أن الله يرسلها كأبٍ ليظهر محبته فتكون لإصلاحه وتقديسه. ولكن
إذا رأى
أن الله يرسلها كديان ومنتقم وهي علامة الغضب والانفصال عن الله، زاد قلبه
قساوةً
وتمرداً. ومن ذلك قول بولس إن الناس ما داموا في الجسد يعاندون الله
بشرورهم، وتحت
الدينونة، فإنهم يثمرون أثماراً للخطية لا لله حتى يتصالحوا معه ويتأكدوا
من محبته.
وقول يوحنا في رؤياه إن الأشرار يعضّون ألسنتهم من الوجع ويجدّفون على إله
السماء
دون أن يتوبوا عن أعمالهم.



(4)
شعور البشر هو أعظم برهان على أن غرض العقاب هو إيلام المذنب وضرره لا خيره
ونفعه،
فقد أجمع الناس على الانتقام من الأشرار، وغاية الانتقام ليست خيراً. نعم
إن طباعنا
(بسبب قسوتها) لا تنتبه لما تستحقه شرور الأثمة ما دامت قليلة الضرر، ولكن
إذا زادت
شرورهم استيقظت تلك الطباع من غفلتها وصرخت طالبة عقاب المذنب، وليس ذلك
لخيره ولا
لنفعه بل للانتقام منه.





58- ما هو الرد علي الذين قالوا إن الداعي للعقاب هو منع امتداد الشر، فلا
يجوز أن
يُعاقب المذنب إلا لهذا الغرض؟



* الاعتقاد أن
غاية
العقاب هو في منع امتداد الشر وإصلاح المذنب يجعل العدل من أعمال الخير
والرحمة،
كأن الرحمة والعدل صفة واحدة في طبيعة الله، وكأن العدل لا يُجرَى إلا
كواسطة لعمل
الخير. نعم إن العدل يُنتج خيراً ويؤدي للسعادة، غير أن السعادة العامة
والخير
العام ليسا الغرض الأصلي في إجراء العدل، بل هما نتيجته. والقول إن غرض
العدل هو
منع امتداد الشر مبني على مبدإٍ فاسد وهو أن السعادة هي أعظم خير، ولذلك لا
يطلب
العدل إلا كل ما يؤدي للسعادة، حتى أن القصاص جائز لهذا الغرض فقط. وكذلك
لا يجوز
إجراء العدل إلا إذا أدى للخير والسعادة. والصواب هو أن القداسة هي أعظم
خير لا
السعادة، وأن الخطية هي أعظم شر لا الشقاوة. ولذلك يوجب العدل القصاص على
الخطية،
ويتميَّز عن الرحمة، لأن الغرض في تنفيذه ليس السعادة وفعل الخير، بل إجراء
ما
تستحقه الخطية من العقاب. ولنا خمسة أدلة على بُطل ذلك:



(1) شعور كل
الناس
يخالف ذلك. لأن كل إنسان يعلم أن الصلاح والعدل في قلبه ليسا صفة واحدة بل
صفتين
متميزتين، الأولى منهما تحثنا على فعل الخير، والثانية تنبئنا بوجوب عقاب
المذنب.
فمتى تأملنا في الذنوب لا نسأل عن نتيجة قصاص مرتكبها ولا نفتكر فيها، بل
نحكم
طبعاً أن الشرير يستحق العقاب لأنه أثيم. وتعلمنا ضمائرنا دائماً أن عقاب
البريء
ولو كان لأغراض حسنة أو خيرية هو من باب الظلم، ولا يقبله الضمير الصالح
مطلقاً.
ومن المعلوم أن غريزيات طبيعتنا الأخلاقية تعلن جلياً طبيعة الله التي
تستحق كل
الاحترام، فإن كان العدل والصلاح فينا صفتين متميزتين فهما كذلك في الله.
وإن كنا
اتِّباعاً للطبيعة التي غرسها الله فينا نحكم أن المذنب يستحق العقاب لمجرد
ذنبه
بدون نظر للنتيجة. فلا بد أن الله يحكم كذلك.



(2) ما وجده
كل الناس
من أنفسهم في هذا الأمر وجده أيضاً الذين استناروا بالروح القدس. فإن الروح
يحرك
الناس أحياناً وينبه أفكارهم لخطيتهم وللخطر الذي يهددهم. وحينئذ تظهر
المشاعر
الأصلية التي غرسها الله في طبيعة الإنسان، فالذي يشعر بعظمة خطيته يسلم
نفسه
للحكام ليعاقبوه، وكثيراً ما يعذِّب الناس نفوسهم ليُسكِتوا تأنيبات
ضمائرهم.



ثم إن شعور
الناس بما
يطلبه العدل من العقاب ليس مكتسباً من مجرد التربية، بل هو طبيعي في كل
إنسان،
ويتضح ذلك من لغات البشر فإنها جميعاً تميز بين العدل والصلاح. وهذا
التمييز اللغوي
بالكلمات دليل على وجود المعاني التي تشير إليها. ولنا أيضاً في تواريخ
الشعوب ما
يثبت عموم الشعور بما يطلبه العدل، فهي تُظهر أن الناس يطلبون على الدوام
عقاب
المذنبين، ويلومون الذين يُعفونهم من العقاب. وتؤكد لنا الطقوس الدينية
المستعملة
في كل الأرض للتكفير عن الخطية وتسكيت ضمائر الناس الحقيقة نفسها، فكل
ذبيحة تقدمت
عن الخطية، ودخان كل مذبح صعد إلى السماء في جميع القرون في كل أقطار
المسكونة
يؤكدان ما يشهد به العقل والكتاب المقدس، وهو أن عدل الله هو غير رحمته.



(3) قصاص
الخطية وفقاً
للعدل هو من مقتضيات قداسة الله، لأنه لما كان الله قدوساً واجب الكمال إلى
غير
نهاية، فإن طبيعته تبغض الخطية لأنها رديئة في ذاتها. والله يعاقب الخاطئ
لهذا
السبب بدون نظر إلى نتيجة عقابه.



(4) يُظهِر
اقتران
الشقاوة بالخطية أن الله يبغض الخطية، كما أن اقتران السعادة بالقداسة
يُظهر رضاه
بالقداسة. وهذا الترتيب الإلهي يبرهن أن الخطية شريرة في ذاتها، وأن
مرتكبها يستحق
العقاب، لأن شريعة الله تعلن طبيعته بإعلانها أوامره وسوء عاقبة مخالفيها.
فالأوامر
تظهر قداسته، وعقاب مخالفيها يظهر عدله، وكلاهما لا يتغيران. ولما كانت
أجرة الخطية
هي الموت كان الموت استحقاق فاعلها عدلاً، وكان رفعه عن المذنب مضاداً
للعدل.



(5) يُثبت
تعليم
الكفارة في الكتاب المقدس أن الخطية تستلزم العقاب، لأنه يعلمنا أن الخطية
لا تُغفر
إلا إذا استوفى العدل الإلهي حقه، وأن المسيح قُدم كفارةً لينال العدل حقه
«لأنه إن
كان بالناموس بر فالمسيح إذاً مات بلا سبب». «لأنه لو أُعطي ناموس قادر أن
يحيي
لكان بالحقيقة البر بالناموس». فإن قيل: إن هذا التعليم يجعل الله مضطراً،
بسبب
عدله العقابي، أن يعاقب الخاطئ بحسب عدله، يكون الله غير مقيَّد بشيء خارج
عن
كمالاته وخواص طبيعته، ويكون استيفاء حقوق عدله متفقاً مع حريته، بل هو مثل
قولنا
إن الله لا يقدر أن يخطئ لأنه قدوس لغير نهاية.




59 -
ما هي بركات تعليم العدل العقابي للمؤمن؟



* الفرح
والطمأنينة،
لأنه يبرهن أن العدل استوفى حقه بذبيحة المسيح، فلا شيء من الدينونة يقع
عليه بعد،
فيتأكد خلاصه من الخطية لأن العدل لا يطلب العقاب بعد الكفارة، والله لا
يتقاضى
أجرة الخطية مرتين. ويصير الغفران والخلاص من باب العدل بناء على كفارة
المسيح
الكاملة، وبناءً على المواعيد الإلهية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

صفاتاالله تتمة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

صفاتاالله تتمة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: