[size=34]نحو تفسير جديد للتغيير في العالم[/size]
د. وحيد عبد المجيدمختلفة كثيرا صورة العالم الآن مقارنة بما كانت عليه قبل 50 عاما عندما أُصدرت مجلة "السياسة الدولية". والأرجح أن هذه الصورة ستختلف مرة أخري في فترة تقل عن نصف قرن، لأن معدلات التغير والتغيير تزداد باطراد.فقد تغير العالم، خلال نصف القرن الأخير، بمعدلات أسرع من أي زمن مضي. ولذلك، ربما يجوز القول إن هذا العالم لم يتغير خلال 50 سنة (أية 50 سنة) مثلما تغير في العقود الخمسة الأخيرة.
ولكن ما يميز هذه العقود عن كل ما سبقها في التاريخ ليس فقط حجم التغير والتغيير، ولكن أيضا نوعهما. وهذا هو ما ينبغي أن نتأمله اليوم، وأن نبدأ في بحثه لاختبار الافتراض الذي نطرحه هنا للتفكير والنقاش، وهو أن التحولات الداخلية أحدثت أثرا في تغيير العالم خلال العقود الأخيرة، لا يقل عن ذلك الذي ترتب علي الصراعات الدولية والإقليمية، بل قد يفوقه.
فقد ظلت صراعات القوة والنفوذ علي المستوي الدولي هي المحرك الرئيسي للتغيير في العالم علي مر التاريخ، والعامل الأول وراء التحولات التي حدثت في النظام العالمي في العصر الحديث. وكان للحروب العالمية والإقليمية دور محوري في هذا التغيير. ومن البديهي أن العوامل الداخلية المحددة لقوة الدولة كانت حاضرة بالضرورة في قلب العمليات التاريخية التي تغير العالم عبرها، من خلال الصراعات بين الإمبراطوريات والقوي الكبري، وما اقترن بها من حروب.
فلم تكن التحولات الداخلية بعيدة عن العلاقات الدولية بمعناها الواسع، الذي يشمل التفاعلات بين أنواع مختلفة من الكيانات السياسية والاجتماعية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية.غير أن ما يميز الأعوام الخمسين الأخيرة هو ما يبدو من توسع دور العوامل الداخلية، وازدياد وزن التحولات التي تحدث داخل الدول، مضافا إليها الطفرة التكنولوجية الكبري، في التغيير الذي شهده العالم خلالها.
ويرتبط هذا الافتراض بتنامي وزن التفاعلات الداخلية التي لا تعد عابرة للحدود، ولكنها تؤثر بدرجات مختلفة في العلاقات عبر هذه الحدود.
وثمة افتراض آخر يرتبط بما سبق، هو أن آليات التغيير السياسي والاجتماعي الذي ازداد وزنه في التحولات العالمية تغيرت بدورها، ولا تزال آخذة في التغير. وربما يكون التحول الذي حدث من نظرية قوي التغيير إلي فكرة الكتل الحرجة هو أهم معالم هذا التغير.( للمزيد أنظر المجلة)