حمادي فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1631
تاريخ التسجيل : 07/12/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | نهاية عصير البرتقال(*) مرض فتاك يقتل أشجار الحمضيات من فلوريدا إلى كاليفورنيا. | |
نهاية عصير البرتقال (*)مرض فتاك يقتل أشجار الحمضيات من فلوريدا إلى كاليفورنيا.
باختصار
حشرة بحجم ناموسة تعرف باسم بسيلا الحمضيات الآسيوية(1) آخذة في نشر مرض مميت للنبات في بساتين الحمضيات بأمريكا. وقد أخفقت محاولات مبكرة لاحتواء المرض الذي يعرف باسم هوانگلونگبنگ(2)، وقد صار المرض خطرا رئيسا على صناعة الحمضيات في الولايات المتحدة الأمريكية. والعامل المسبب لهذا لمرض هو بكتيريا تابعة للجنس Candidatus Liberibacter، والتي تحملها حشرة بسيلا الحمضيات الآسيوية في غددها اللعابية. وتتسلل البكتيريا إلى أنظمة الدوران في النبات، مما يسبب انسدادا في هذه الأنظمة مؤديا إلى عرقلة انسياب العناصر المغذية من الأوراق إلى الجذور. ومن أجل إضعاف ذلك المرض استورد العلماء، كواحدة من مقاربات عديدة في هذا الشأن، دبابير من آسيا لتفترس (لتتطفل على) حشرات البسيلا. هذا وقد يكون التحوير الجيني هو أفضل حل على المدى البعيد، وهو حل يواجه طريقا طويلة ومكلفة من ناحية حصوله على الترخيص من قبل الجهات التشريعية وحيازته على القبول الشعبي. |
في أحد أيام عام 2005، وقبل أن يعصف إعصار كاترينا بولاية فلوريدا ويدمر نيو أورليانز، وقفت <.S هلبرت > [وهي عالمة حشرات تعمل في قسم الزراعة وخدمات المستهلك في فلوريدا (FDACS)(3)] أمام شجرة بوميلو pomelo في مزرعة تقع خارج ميامي، وقد لاحظت أن شيئا ما في هذه الشجرة لم يبدُ صحيحا؛ فقد بدت وكأنها تعاني من سوء التغذية: كانت قليلة الأوراق، وكان شكل ثمرتها التي تبلغ حجم بطيخة مشوّها وغير منتظم (نموها غير متجانس في جميع الاتجاهات). ومع ذلك، كانت النباتات الأخرى في البستان مزدهرة وبحالة جيدة، والسيدة التي كانت تعتني بها زودت شجرة البوميلو حديثا بطبقة مفروشة بعناية من المخصِّبات (السماد) fertilizer. تقول <هلبرت >: «من الواضح أن لها معرفة جيدة بكيفية تنمية النباتات.» تفحصت <هلبرت > الشجرة كما يتفحص التحري موقع الجريمة، مستعرضة في ذهنها كل حالة يمكن لها أن تفكر فيها. لقد استبعدت احتمال عفن الجذور، الذي يتسبب به أحد الفطور، لأن الشجرة لم تبدِ أيا من الأعراض المميزة لهذا المرض. وبعد ذلك، نظرت في احتمال أن يكون المسبب مرضا فيروسيا يسمى تريستيزا الحمضيات(4) - وهي كلمة تعني «الحزن» باللغتين الإسبانية والبرتغالية - وهو مرض يصيب الأشجار التي جرى تطعيمها (في كثير من الأحيان لا ينشئ مزارعو الحمضيات أشجارهم بدءا من البذور وإنما غالبا ما ينشئونها بغرس فرع من شجرة في لحاء شجرة أخرى)، ولكن شجرة البوميلو المريضة لم يسبق تطعيمها. في النهاية وصلت <هلبرت > إلى أسفل قائمة الاحتمالات المتوفرة لديها، وهو المرض الأكثر تدميرا للحمضيات في العالم - ويسمى هوانگلونگبنگ(5)، وهي التسمية الصينية لـ «مرض التنين الأصفر.» يواصل مرض هوانگلونگبنگ والذي يدعى أيضا المرض HLB أو اخضرار الحمضيات انتشاره ببطء في الهند والصين وإندونيسيا وجنوب إفريقيا. وقد ظهر في البرازيل السنة الماضية (2012). وهو يقتل الأشجار عن طريق سدّ أنظمتها الدورانية مخلفا ثمارا مُرَّة الطعم وذات شكل مشوه. وتقوم بذلك بكتيريا تختبئ في الغدد اللعابية لحشرة صغيرة مجنحة تدعى بسيلا الحمضيات الآسيوية(6)، تقوم بحقن الميكروب germ في داخل النبات، بينما تمتص النسغ من أوراقه. ولا يعرف حتى الآن أي علاج - إذ لا توجد هناك مبيدات قادرة على قتل أعداد كبيرة بما فيه الكفاية من حشرة البسيلا، ولا يتوفر أي علاج فعال للمرض. قامت <هلبرت >، بحذر، بقطع بعض أفرع الشجرة وأخذتها إلى المختبر لفحصها. وخلال أيام قليلة تأكدت شكوكها، فقد حطّ مرض اخضرار الحمضيات رِحاله في قلب صناعة عصير البرتقال الأمريكية.
آفة متنامية: تنشر حشرة اجتياحية تعرَف باسم بسيلا الحمضيات الآسيوية Asian citrus psyllid بكتيريا مميتة في بساتين الحمضيات في العالم مخلفة ثمارا غير ناضجة ومشوهة الشكل. |
قرعت <هلبرت > ناقوس الخطر. واستجاب العلماء والمزارعون بالدفع بجميع الموارد المتوفرة من أجل احتواء المرض. فقد اقتلعوا النباتات المصابة، ورشوا كميات كبيرة من المبيدات، وأحاطوا مشاتل بأكملها بسياج عازلة، واستوردوا دبابير من آسيا لتفترس حشرات البسيلا. وأخذ الباحثون بحقن مضادات حيوية داخل جذوع الأشجار وبحثوا عن جينات مقاومة لهذا المرض من أجل تضفيره(7) داخل أشجار البرتقال. ولكن المرض HLB يستمر بالانتشار. وفي السنوات الثماني الماضية أصاب المرض بالعدوى أكثر من نصف أشجار الحمضيات في فلوريدا، وخلال الفترة بين عامي 2006 و2011، كلف الولاية 4.54 بليون دولار وأكثر من 8200 فرصة عمل. ويقول <.G .J موريس > [مدير معهد الأمراض الطارئة في جامعة فلوريدا]: «خلال الخمس سنوات القادمة قد لا يكون هناك عصير برتقال من إنتاج فلوريدا.» ومنذ اكتشاف <هلبرت > له اجتاح المرضُ جورجيا وجنوب كارولاينا ولويزيانا وتكساس. وقد وُجِد المرض في ربيع عام 2012 بلوس أنجلس. وفي الشهر 2012/11 وجد المفتشون أولى حشرات البسيلا - والتي قد تُنبِئ بوصول المرض - في بساتين الحمضيات التجارية بكاليفورنيا. ويمكن للمرض أن يشل صناعة الحمضيات في الولايات المتحدة الأمريكية ما لم يتوصل العلماء إلى طريقة لإيقافه. تَعَرَّف حشرة البسيلا(**) من أجل الوصول إلى مكتب <هلبرت > في گينزفيل بفلوريدا، يمر الزوار عبر قاعة استقبال تضم صناديق زجاجية تحتوي على مستعمرات من الدبابير ذات السترة الصفراء yellow jacket وعناكب الرتيلاء الحية. وإلى الجهة المقابلة من القاعة توجد مجموعة مفصليات الأرجل المنتمية إلى ولاية فلوريدا: وهي مؤلفة من نحو تسعة ملايين حشرة، جرى تجفيف كل واحدة منها وتحميلها داخل أدراج خشبية رقيقة موضوعة في خزانات معدنية طويلة تملأ عدة غرف. وكعالمة حشرات في قطاع الصناعة النباتية التابع لقسم الزراعة FDACS، تستخدم <هلبرت > المجموعة الحشرية كوسيلة مساعدة في تعريف العشرات من الحشرات التي يجمعها مفتشو الولاية من المنتجات والنباتات المزروعة في أصص، ويضعونها في عبوات زجاجية تحوي الكحول، ثم يرسلونها إلى <هلبرت > بالبريد ضمن مغلفات صفراء صغيرة، تتكدس في النهاية في طبق على طاولتها. ويمكن للمرء أن يحسَب <هلبرت >، وهي في الستين من عمرها وتضفر شعرها في جديلة على شكل كعكة، مسؤولة مكتبة لطيفة. ولكنها مقاتلة شرسة عندما يتعلق الأمر بـمحاربة الآفات التي تهدد صناعة المنتجات الزراعية في فلوريدا التي تبلغ قيمتها عدة بلايين من الدولارات. والعالمة <هلبرت > هي واحدة من ثمانية علماء حشرات في الولاية، وأحد خبيريْن مختصيْن برتبة نصفية الأجنحة(8) كحشرات المن ونطاطات الورق وحشرات البسيلا التي تمتص العصير من النباتات. وتكمن مسؤوليتها الأساسية في تنبيه المزارعين والوكالات التنظيمية إلى وصول أية آفات جديدة. وتقول <هلبرت >: «إن عملي هو الإبقاء على كل شيء واضحا على راداري بحيث أتمكن من تحديد هوية الكائنات المسيئة الفاعلة في الخارج.»
مراقبة دائمة: حشرة بسيلا الحمضيات الآسيوية ترفع مؤخرتها بزاوية 45 درجة (1). يساريع nymphs الحشرة (ج: يسروع وهو طور الحشرة قبل اكتمال نموها) تفرز إفرازا نباتيا كالعسل (2). وهو سُمّ من الغدد اللعابية يفرز حتى من قبل حشرات البسيلا السليمة ويؤدي إلى تشوه أوراق النبات ( 3). أشجار في موقع تجارب حقلية تنمو داخل شباك حامية تمنع حشرات البسيلا من الوصول إليها ( 4) |
لقد كان مرض الاخضرار على رادار <هلبرت > منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، عندما سَمِعَتْ للمرة الأولى عن قدرة المرض التدميرية من قبل زملائها في جنوب إفريقيا. وفي الشهر 1998/6، كانت تتفقد أشجار الحمضيات في مقاطعة بالم بيتش، حيث أصبحت أول شخص يكتشف حشرة البسيلا في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تعرفت هذه الحشرة من خلال وقفتها المميزة على النبات، حيث ترفع مؤخرتها في الهواء بزاوية قدرها 45 درجة. وفي نظرة تأملية، تقول <هلبرت > إنه كان يتعين عليها الشعور أكثر بالخطر نتيجة لاكتشافها هذا. ومع ذلك، فقد تعايشت البرازيل مع حشرة البسيلا منذ أربعينات القرن الماضي، وهي لم تشهد حالة واحدة من مرض الاخضرار حتى عام 1998. لذلك قررت <هلبرت > وزملاؤها المراقبة والانتظار. وعندما عادوا إلى بالم بيتش مع فريق من المفتشين وتنقلوا بسيارتهم في كافة الاتجاهات ليرصدوا مدى انتشار الآفات؛ مسلحين بعصي وأطباق بلاستيكية بيضاء، قامت <هلبرت > وزملاؤها حَرْفيا بضرب الشجيرات بحثا عن حشرات البسيلا: لقد قاموا بالبحث عن شجيرات وأشجار من عائلة الحمضيات، ثم قاموا بضربها بالعصي التي يحملونها ثم أحصوا عدد حشرات البسيلا التي سقطت على الأطباق التي بحوزتهم. فقد وجدوا أن أعداد البسيلا تتناقص كلما اتجهوا بعيدا عن مقاطعة بالم بيتش، إلى أن اختفت تماما بشكل سريع. وتبين لهم أن الإصابة كانت محدودة في نطاق 60 ميلا من الشريط الساحلي، ولم تكن أي من حشرات البسيلا التي فحصوها حاملة لمسبب المرض HLB. كان ذلك مؤشرا جيدا. ومع ذلك بقيت <هلبرت > ومساعدوها متأهبين لظهور أي أعراض اخضرار وظلوا يقومون باختبارات دورية لحشرات البسيلا وللأشجار. وفي عام 2005، قررت <هلبرت > القيام بمسوحات أكثر شمولا، موسعة مجالها إلى أحياء للأقليات التي ينحدر قاطنوها من مناطق ينتشر فيها مرض الاخضرار. وهكذا عثرت على شجرة البوميلو المريضة في ميامي، والتي كانت تنمو في حديقة خلفية لمنزل امرأة من تايوان. وقالت <هلبرت > : «لقد كان حقيقة يوما سيئا آخر.» وبحلول الوقت الذي تمكنت فيه <هلبرت > من تأكيد وجود هذا المرض، فإنه قد انتشر بسرعة ساحقة، وهذا يعود بشكل كبير إلى الخصوبة المذهلة لحشرة البسيلا. إذ تضع كل أنثى حتى 800 بيضة خلال فترة حياتها التي تبلغ شهرا واحدا، مما يؤدي إلى تكون مجتمعات على كل شجرة برتقال قد تزيد أعدادها على 40000 حشرة. وبوجود هذا العدد الكبير من الحشرات التي تقفز وتطير من مكان إلى آخر، فإنه حتى ولو استخدمت المبيدات التي تحقق معدل نفوق يصل إلى %99 سيبقى هناك العديد من الحشرات الناجية من الموت. وكما تبين، فإن إحدى أكثر النباتات التي تفضل حشرة بسيلا الحمضيات الآسيوية التغذي بها هي شجيرة واسعة الانتشار تسمى ياسمين البرتقال orange jasmine، وهي تنتج في ميامي وتباع بأسعار مخفضة في المشاتل وفي مخازن البيع المنتشرة في فلوريدا، كما يتم شحنها على نطاق واسع مما يعطي حشرة البسيلا إمكانية الانتقال بسهولة. قد تكون مواسم الأعاصير المدمرة في فلوريدا هي أحد العوامل المساهمة في انتشار هذه الحشرة المدمرة. فمن المحتمل أن تكون رياح إعصار كاترينا والعواصف المدارية الأخرى قد نشرت حشرات البسيلا إلى مسافات أبعد مما يمكن لها الوصول إليه معتمدة على قدرتها الذاتية على الطيران. كما يمكن أن تكون العواصف قد أضعفت الأشجار وجعلتها أكثر حساسية للعدوى. إضافة إلى ذلك، هناك حقيقة أنها باعتبارها نوعا اجتياحيا، فإن ما يسمح لبسيلا الحمضيات الآسيوية بالتكاثر بسرعة في الولايات المتحدة الأمريكية هو عدم وجود مفترسات محلية متخصصة بهذه الحشرة. وتضع هذه الحالة علماء الحشرات في حالة بحث عن حشرة يمكن لها أن تعيث فتكا في مجتمع البسيلا تماما كما عاثت هذه الحشرة فتكا في بساتين الحمضيات. أرسلوا الدبابير(***) في يــــوم حـــار من صيــــف عــام 2012 جهــز <مارك وكرستينا هودل > سيارة فورد بيضاء مستأجرة وقاداها في رحلة استمرت ساعة من بيتهما في ريفر سايد بكاليفورنيا إلى لوس أنجلس. وفي المقعد الخلفي للسيارة وُضع مبرِّد صغير أزرق مصنوع من المطاط، كانت في داخله محفظة جليد ونصف دستة من القوارير تحتوي على دبابير تتغذى بقطرات صغيرة من العسل. وبينما كان <مارك > يقود السيارة كانت <كريستين > تقلِّب في حزمة من الأوراق تضم بيانات عن مواقع البحث التي يمكن أن يزوراها. إن كاليفورنيا هي ثاني أكبر منتج للحمضيات في الولايات المتحدة الأمريكية بعد فلوريدا. وفي حين تستخدم الغالبية العظمى من كميات برتقال فلوريدا في إنتاج عصيره، فإن كاليفورنيا تزود أمريكا بمعظم كميات البرتقال التي يأكلها الأمريكيون ثمارا طازجة. وعندما لوحظت أولى حشرات بسيلا الحمضيات الآسيوية في منطقة سان دييگو عام 2008، أصبحت أولوية الولاية إبقاء الحشرات بعيدا عن البساتين ذات القيمة التجارية بالشمال في الوادي المركزي بكاليفورنيا. لقد بدأ المسؤولون برش المبيدات في سان دييگو، ولكن حشرات البسيلا سرعان ما انتشرت إلى لوس أنجلس واستمرت في التحرك على امتداد الساحل. لقد كانوا بحاجة إلى خطة عمل جديدة. إن عائلة <هودل > هي عالما حشرات بجامعة كاليفورنيا، في ريفر سايد، وهما خبيران في الأنواع الاجتياحية. وبعد فترة قصيرة من اكتشاف حشرة بسيلا الحمضيات الآسيوية في الولاية، قرأ <.M هودل > مقالة علمية يعود تاريخها إلى عام 1927 لمجموعة علماء من البنجاب. يصف مؤلفو المقالة تأثيرات مرض الاخضرار من حيث شدتها وقسوتها («إنه ليس مشهدا غير مألوف أن ترى بساتين ذات قيمة إنتاجية عالية قد اختُصرت إلى مزارع غير منتجة من هياكل أشجار جافة»). كما يشيرون في الدراسة إلى دبور متطفل محلي يمكن له أن يقتل %95 من بسيلا الحمضيات الآسيوية. والسؤال الذي تبادر إلى ذهن <.M هودل > كان: «هل يمكن لهذه الدبابير أن تعيش وتزدهر في كاليفورنيا؟» لقد كان منطقيا وجود العدو الطبيعي لبسيلا الحمضيات الآسيوية في جنوب آسيا، الذي يعتبر مكان النشوء المحتمل لهذه الحشرة. ولكن مكان وزمن وكيفية التقاء مسبب المرض HLB بحشرة البسيلا وأشجار الحمضيات ما زال سؤالا مفتوحا. ومنذ فترة طويلة، كان يعتقد أن جنس الحمضيات تطور في الصين، ولكن أبحاثا حديثة أجراها <.A بيتي > وزملاؤه [من جامعة سدني الغربية في أستراليا] تشير إلى أن نشأتها الأولى كانت في القارة الأسترالية منذ نحو 35 مليون سنة، ومنها انتشرت إلى آسيا. ومن المحتمل أن يكون جنس البكتيريا الذي يعتقد بأنه المسؤول عن المرض HLB، وهو Candidatus Liberibacter (يشير مصطلح Candidatus إلى أن العلماء لا يعرفون بالتأكيد إذا كانت هذه البكتيريا هي مسبب المرض، لأن البكتيريا لم يسبق أن تمت زراعتها في بيئة صنعية) قد تطور في إفريقيا وانتقل إلى أشجار الحمضيات من نبات ذي صلة قربى بالحمضيات فقط خلال الـ 500 سنة الماضية، وذلك وفقا لتقديرات درجة وبائية المرض. (لو كان التقاء أشجار الحمضيات ومسبب المرض HLB قد حدث أبكر من ذلك لكانت أشجار الحمضيات إما طورت مقاومة لهذا المرض، أو أنها انقرضت.) المرض: HLB يعتقد معظم العلماء أن المرض HLB ينجم عن ثلاث بكتيرات من الجنس Candidatus Liberibacter، ومع أن الباحثين لم يبرهنوا على العلاقة بين هذه البكتيرات وإحداث هذا المرض بشكل لا يقبل الجدل فإن هذه البكتيرات الثلاث هي: Candidatus Liberibacter asiaticus، وهي الأكثر انتشارا وتوجد في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وCandidatus Liberibacter africanus وتوجد بشكل رئيس في جنوب إفريقيا؛ وCandidatus Liberibacter americanus وهي توجد بشكل رئيس أيضا في البرازيل. الناقل: بسيلا الحمضيات الآسيوية تضع حشرات البسيلا البيض على الفروع والأوراق لدى بزوغها من البراعم. وتتغذى اليساريع الحديثة الفقس والعديمة الأجنحة حصريا بهذه النموات الغضة أثناء رحلة تطورها إلى حشرات كاملة. وبما أن حشرات البسيلا تمتص النسغ من أوراق النبات خلال مراحل تطورها كافة، فإن بإمكانها نقل المرض HLB من غددها اللعابية. كما يمكن للنباتات المصابة نقل المرض HLB إلى حشرات البسيلا. حشرة بسيلا الحمضيات الآسيوية تصيب البكتيريا اللحاء، وهو نظام الدوران الذي ينقل السكريات من ساق وأوراق الشجرة إلى الجذور مسببة انسداده. نتيجة لعدم وجود مفترسات محلية متخصصة في بسيلا الحمضيات الآسيوية بالولايات المتحدة الأمريكية، جلب علماء الحشرات دبابير متطفلة صغيرة الحجم تدعى Tamarixia radiata من آسيا، وذلك لمساعدتهم على ضبط مجتمعات حشرة البسيلا. وتشير الدراسات المختبرية إلى أنه يمكن لكل واحد من هذه الدبابير قتل مئات من حشرة البسيلا، وذلك عن طريق امتصاصه دمها ووضعه البيوض عليها. فهذه البيوض تتطور إلى يرقات تقوم بالتهام حشرات البسيلا من داخلها إلى خارجها. تحرم هذه الانسدادات الجذور من الغذاء، مما يؤدي إلى توقفها عن امتصاص المواد الغذائية من التربة وإرسالها إلى ساق وأوراق الشجرة عن طريق نظام الدوران المعروف بالخشب. النتيجة: موت النباتات يمكن للمرض HLB أن يظهر على شكل عوز غذائي يعانيه النبات. وتتضمن أعراض المرض أوراقا مصفرة مبرقعة (مرقطة، مبرقشة) وثمارا شكلها غير منتظم (مشوهة)، صغيرة، خضراء اللون، ومرَّة الطعم تسقط قبل نضجها. ويضعِف المرضُ النباتاتِ ويجعلها أكثر عرضة للتأثر بالجفاف والشدائد الأخرى.
كيف تعمل نظرة إلى طريقة في القتل(****) إن المرض هوانگلونگبنگ (HLB) هو واحد من أكثر الأمراض فتكا في نباتات الحمضيات. فالبكتيريا المسببة لهذا المرض تنقل حشرات صغيرة مجنحة، تدعى بسيلا الحمضيات الآسيوية، وذلك أثناء امتصاصها للنسغ (العصارة) من أوراق الأشجار. في البداية عثر المفتشون على بسيلا الحمضيات الآسيوية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1998، كما اكتشفوا المرض HLB للمرة الأولى عام 2005. وكانت فلوريدا هي المكان الذي تم فيه الاكتشافان لأول مرة.
|
يعتقد <بيتي > أن هذا الانتقال السريع حدث في إفريقيا، عندما نقلت حشرة بسيلا الحمضيات البكتيريا إلى شجرة برتقال أو مندرين مستوردة، وجرى بعد ذلك شحنها إلى الهند باعتبارها جزءا من التجارة القائمة في عهد الاستعمار حينها. وأيضا أدى استزراع الإنسان للحمضيات دورا كذلك. تضع حشرات البسيلا بيوضها على الأشطاء الغضة للأشجار المتبرعمة، لأنها بذلك تؤمن سهولة في تغذي اليساريع. ويعود الفضل إلى الري والأسمدة في جعل أشجار الحمضيات تنمو وتتبرعم بسرعة، مما يجعلها أشبه بطبق شهي لكافة أعمار ومراحل حشرة البسيلا التطورية. وحتى تتمكن الدبابير، والتي تعرف باسم Tamarixia radiata، من العيش في الوادي المركزي بكاليفورنيا، حيث توجد معظم مزارع الحمضيات في الولاية، فلابد من وجود تشابه بين مناخ المنطقتين. لقد أدخل <مارك > بيانات إلى برنامجه الحاسوبي الذي يقوم بمطابقة للمناخ، واكتشف أن المنطقتين تتميزان بصيف حار جاف وشتاء بارد ضبابي - تطابق ممتاز. وبعد ذلك اكتشف، بمحض الصدفة فيما يبدو، أن نائب رئيس الجامعة الزراعية الرئيسة في البنجاب هو خريج جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد. ويقول <مارك >، المتحدر أساسا من نيوزيلاندا: «فجأة فتحت هذه الأبواب التي كنت أظن أن عبورها سيكون صعبا بمكان.» وفي بداية عام 2011 توجه <مارك > برفقة <كريستين > إلى باكستان ليتعلما كل شيء عن الدبور T. radiata. إن استيراد الدبابير من باكستان ليس مهمة بسيطة بعد أحداث 11 سبتمبر. وبالتعاون مع القسم التابع لوزارة الغذاء والزراعة في كاليفورنيا، حصل <مارك > على إذن من وزارة الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية لتأسيس آلية لتربية الدبور تحت الحجر الزراعي، وذلك للتأكد من أن الدبابير المستوردة خالية من الأمراض. كما أمضى <مارك > بالتعاون مع أحد طلبته [الحاصل على الدكتوراه] أشهرا وهما يختبران المضيف الذي يمكن لهذا الدبور أن يتطفل عليه عن طريق وضعه في مواجهة حشرات البسيلا المحلية على النباتات المحلية التي تصيبها، وفي مواجهة الحشرات المفيدة التي تهاجم الأعشاب الضارة - وذلك للتأكد من أنها لن تفترس الفلورا والفونا المحلية في كاليفورنيا، كما أنها لن تخل بجهود مكافحة الأعشاب حيويا. وفي النهاية قام <مارك > بالتعاون مع <كريستين > بوضع سلسلة معقدة من الأقفاص داخل مجموعة من مختبرات الحجر الصحي في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، وذلك من أجل إعطاء الدبابير الفرصة لتتكاثر على حشرات بسيلا الحمضيات الآسيوية التي تصيب نباتات حمضيات صغيرة الحجم. منذ الشهر 2011/1 قام <مارك وكرستينا هودل > بإطلاق آلاف الأفراد من دبور T. radiata في أكثر من 100 موقع في لوس أنجلس، ريفر سايد وفي مقاطعة البرتقال (أورانج كاونتي) ومقاطعة برناندينو. وفي ذلك اليوم الصيفي كانا يزوران مواقع الإطلاق في لوس أنجلس من أجل تفقّد تطور أداء الطفيل. قال <مارك > الذي كان يجلس في مقعد السائق في سيارته: «هذه حرب مدن،» وعلى الرغم من الحرارة المرتفعة، كان <مارك > <وكريستينا > يرتديان سروالين طويلين وقميصين ذوي كُمّين طويلين وهو لباس الحماية من أشعة الشمس الذي يلبسانه في جولاتهما الحقلية. ومع أن حشرة بسيلا الحمضيات الآسيوية كانت قد لوحظت للمرة الأولى في سان دييگو، لكن يبدو أن انتشارها الأسرع كان في لوس أنجلس. وتلقى زراعة أشجار الليمون، واللايم (نوع من الليمون الحامض) في الحدائق المنزلية شعبية هنا، والعديد من الناس يجلبونها عبر الحدود من المكسيك أو أنهم يهربون عُقَلا من هذه الأشجار في حقائب سفرهم لدى عودتهم بالطائرة من آسيا. ويمكن بسهولة تطعيم فرع شجرة ليمون مصاب بالمرض على شجرة لايم أو بوميلو، وسينتج النبات المطعم كلا النوعين من الثمار. وبمجرد وصول حشرات البسيلا إلى لوس أنجلس، فإنها تتكاثر بشكل محموم على هذه الأشجار المزروعة في الحدائق المنزلية، تماما كما فعلت في فلوريدا. بدأ قسم الغذاء والزراعة في كاليفورنيا برش المبيدات في لوس أنجلس من أجل مكافحة حشرات البسيلا ومنعها من الانتشار، ولكن سرعان ما تبين عقم هذا الجهد. كل ما يحتاجه المرء هو أن يلقي نظرة على البيانات الإحصائية ليدرك الخطأ الذي حصل. إن %40 من بيوت لوس أنجلس التي يزيد عددها على ثلاثة ملايين منزل لديها على الأقل شجرة حمضيات واحدة في عام 2010. وهذا يعني أن 1.2 مليون منزل بحاجة إلى أن يتعامل بالمبيدات. وتأثير الرش بالمبيدات يستمر من أسبوع إلى عدة أشهر فقط، وبعد ذلك يجب إعادة الرش ثانية. وبحلول الشهر 2012/11 كانت الولاية قد رشت المبيدات في 46 941 منزلا، أو ما يعادل %4 من العدد الكلي، وبتكلفة 4.7 مليون دولار، أو ما يعادل 100 دولار لكل منزل. يقول <مارك >: «يمكنك أن تدرك بسرعة السبب الذي جعل هذه العملية عديمة الجدوى،» فبمجرد أن علّقت الولاية حملة رش المبيدات في لوس أنجلس، أصبح آمنا دخول عائلة <هودل > ودبابيرها إلى المنطقة.
كيف ينتشر إنه يتنقل: كيف أمكن لمسافر عالمي مميت أن يصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية(*****) لقد كتب <.R .T گوتْولد > [من وزارة الزراعة الأمريكية] في مقال مراجعة طبع عام 2010: «منذ أن عُرفت الحمضيات للمرة الأولى على أنها فاكهة يمكن تناولها لكونها غذاء يحتوي على صفات غذائية إيجابية، انتقلت مع الإنسان أينما حل، وكذلك فعلت الآفات والأمراض التي تصيبها،» هذه هي قصة المرض HLB، ويعرف أيضا باسم اخضرار الحمضيات، وقد سُجل للمرة الأولى في الهند خلال القرن السابع عشر، وهو يهدد الآن كل منطقة منتجة للحمضيات في العالم.
|
توقفت عائلة <هودل > في موقف سيارات تابع لفندق بمنطقة آزوسا التابعة للوس أنجلس والتي يقطنها عمال مكسيكيّو الأصل، وتناولوا برَّادتهم المحتوية على الدبابير. لقد وجدا هذا الموقع من خلال تفحصهم بيانات الولاية عن عدد حشرات البسيلا التي التقطت في مصايد صفراء لاصقة جرى توزيعها في كافة أنحاء لوس أنجلس. لقد احتوت هذه الحديقة على عدد كبير جدا. اتجهت <كريستين > إلى شجرة كَري curry (وهي شجيرة ذات صلة قربى بالحمضيات) موجودة على حافة موقف السيارات. تفحصت أوراقها الخضراء اللماعة لتلاحظ فورا تجمعات كبيرة لحشرة بسيلا الحمضيات الآسيوية في كل مرحلة من مراحل حياتها. وعلى قمة الأفرع، اكتست البراعم الحديثة التفتح ببيوض برتقالية مصفرة، ويساريع ضاربة إلى البياض عديمة الأجنحة، وحشرات كاملة مرقطة باللون البني تقفز وتزحف هنا وهناك. وكان الثنائي <هودل > قد أطلق منذ ثلاثة أسابيع بضع عشرات من الدبابير على بعض أشجار الليمون في الجانب البعيد من هذه الأشجار، وقد أرادا أن يريا إن كانت الدبابير قد تمكنت من الوصول إلى هذه الشجيرة، مما سيشير في هذه الحالة إلى أن الدبابير قد بدأت بالتكاثر بالاعتماد على نفسها. كانت الأخبار جيدة، مع أنه من العسير مشاهدة هذه الدبابير، التي لا يزيد حجمها على نصف حجم حبيبة مسحوق شوكولا، فإن آثار النفوق والتخريب الناجمة عن وصولها كانت بيّنة. تقتل أنثى الدبور حشرة البسيلا عن طريق وضع بيضة تحت جدار بطنها من الداخل تحديدا. وعندما تفقس البيضة، تبدأ يرقة الدبور - التي تبدو كدودة قصيرة غليظة - بالتهام الأنسجة الداخلية لبطن اليسروع آتيةً على كافة محتواها الداخلي في غضون أسبوع، مخلفة قشرة رقيقة فقط. يقول <مارك >: «ما تتركه يرقة الدبور هو القشرة الخارجية للكائن الذي كان». تحبس يرقة الدبور نفسها داخل قشرة البسيلا عن طريق غزلها لخيوط حريرية تثبت قشرة البسيلا بإحكام على ورقة الشجر. وبعد ذلك تحيك شرنقة، ثم تنبثق حشرة كاملة تقوم بقرض ثقب صغير في قمة قشرة البسيلا لتتمكن من الخروج. لقد لاحظ <مارك > <وكريستين > عدة قشور بسيلا مثقوبة على نبات الكَري.
لفترة طويلة، كان الاعتقاد السائد أن جنس الحمضيات Citrus تطور في الصين، ولكن بحثا جديدا يرجح أن ظهوره الأول كان في القارة الأسترالية منذ نحو 35 مليون سنة ومنها انتشر إلى آسيا. |
تتلف الدبابيرُ حشرةَ البسيلا بطريقة أخرى أيضا - وهو شيء يسميه <مارك > «القتل الإضافي.» تقف أنثى الدبور على ظهر حشرة البسيلا، وتجرحها عدة مرات بواسطة أنبوب وضع البيض الذي تمتلكه، وبعد ذلك تقوم بشرب دمها. ويقول <مارك >: «إن معاناة تعرضها للجرح المتكرر، واستهلاك دمها كاف لقتل يساريع بسيلا الحمضيات الآسيوية تلك.» ويمكن لدبور واحد من خلال استخدامه لهذا الجمع القوي بين تقنيتين من القتل أن يقضي على مئات حشرات البسيلا. وقبل مغادرته، قام الثنائي <هودل > بتعليق عدد آخر من القوارير الصغيرة على نبات الكَري، وأزالا أغطيتها من أجل السماح للدبابير بالطيران خارجها والبدء بصيد حشرات البسيلا. يقدر الثنائي <هودل > أنه منذ الشهر 2012/12 استوطنت الدبابير التي أطلقاها نحو %40 من مواقع إطلاقها في كاليفورنيا، وأنها تتوسع في الانتشار بمناطق مجاورة حديثة الإصابة بالبسيلا تمتد أحيانا إلى عدة أميال. ومع ذلك، فإن الدبابير لن تحل المشكلة. يقول <مارك >: «لن يكون الحل ناجزا،» ويضيف: «أظن أنه إذا أمكننا الحصول على نسبة قتل %30، فإن هذا سيخفض من ضغط مجتمع الحشرة في المناطق الحضرية وسيخفض معدل انتشارها.» أفضل سبيل للمتابعة(******) بدأت جهود المكافحة الحيوية في فلوريدا قبل مثيلتها بكاليفورنيا، فقد أطلقت هذه الولاية أول دفعة من الدبابير المتطفلة عام 1999، وتخطط في فترة لاحقة من هذا العام إلى إطلاق ملايين أخرى جُلبت من باكستان وفيتنام والصين في المناطق الحضرية التي أوقفت فيها الولاية رش المبيدات (إن مناخ فلوريدا، على عكس مناخ الوادي المركزي في كاليفورنيا، هو أكثر تشابها بمناخ فيتنام.) لقد تبنّى بعض مزارعي فلوريدا مقاربة أكثر إثارة للجدل، وتتمثل في مساعدة الأشجار على التعايش بشكل أفضل مع المرض. فبكتيريا C. Liberibacter تجتاح منظومة الدوران في النبات، مما يؤدي إلى انسداد طريق عبور السكر والمغذيات الأخرى من أوراقه إلى جذوره. ويقول <.P ستانلي > [عالم الحشرات في معهد الغذاء والعلوم الزراعية بجامعة فلوريدا]: «إذا ما تدهورت الجذور، فهي لن تكون قادرة على امتصاص ونقل المغذيات الدقيقة والمواد الأخرى من التربة إلى الأوراق بشكل فعال، وبهذا يتشكل لدينا تأثير مركب.» واستجابة لذلك، بدأ العديد من مزارعي فلوريدا بتزويد الأشـــجار بمغــذيــات إضــافيــة عـن طـريـق الرش الورقي. ويقول <.T ويليز > [وهو مزارع حمضيات من الجيل الثالث ومدير لشركة Mckinnon في منطقة وينترگاردن بفلوريدا، ويشرف على إدارة بستان حمضيات]: «إنني أُشبِّه هذه الحالة بمرض الإيدز، إنهم الآن يبقون البشر المصابين بأمراض فتاكة أحياء لسنوات عديدة. لماذا لا يمكننا القيام بالشيء نفسه لشجرة البرتقال؟» حتى قبل وصول حشرة البسيلا إلى فلوريدا، وضع <ويليز > و< .M بويد > [رئيس شركة McKinnon] أشجارهما على برنامج غذائي يسميه <ستانلي > «كاديلاك» (تعبيرا عن تكلفته المرتفعة)، لقد كانا يغذيان النبات بكل ما أمكنهما من المنگنيز والزنك والبورون. ومع وصول المرض HLB، كانت نصيحة خبراء أمراض النبات للمزارعين هي اقتلاع أي شجرة مصابة. ولكن في الوقت الذي اكتشف فيه المرض في فلوريدا، كان انتشاره قد صار واسعا لدرجة أن اقتلاع الأشجار المصابة كان سيفقد <بويد > و <ويليز > تجارتهما. ويقول <ويليز >: «لقد رعتني هذه الأشجار طوال حياتي، لقد مكنت ابني من إتمام دراسته الجامعية، فلا يمكن للمرء أن يستسلم بسهولة.» وهكذا عززت شركة McKinnon برنامجها التغذوي وانخرطت مع مزارعين آخرين في تطبيق نظام رش مبيدات منتظم ومنسق. وعندما رفض < بويد> و < ويليز> اقتلاع أشجارهما، أبلغهما الخبراء أن أشجارهما ستموت خلال خمس سنوات. ولكن الأشجار لاتزال باقية حتى الآن بعد مضي سبع سنوات، وحتى الآن لم يتراجع إنتاجها. وفي الشهر 2012/11، قاد < ويليز> سيارته البيك أب في جولة استكشافية روتينية داخل بساتينه. كانت الأشجار مخضرة ومحملة بثمار ناضجة وكبيرة من برتقال هاملين Hamlin، وهو طراز مبكر يقطف في أواخر الخريف وبداية الشتاء. وعلى الرغم من أن %100 من الأشجار كانت مصابة بالمرض HLB، فإن عددا قليلا من الأوراق والأشجار كان يحمل أعراض المرض الكلاسيكية: وهي أوراق مرقطة وثمار خضراء مبكرة السقوط تفترش الأرض تحت الأشجار. ومع ذلك، لا أحد يعلم كم سيطول حظه الجيد هذا. يقول< ويليز> : «عندما غرسنا هذه الأشجار، كنا نَعُدُّ الشجرة ستبقى هنا لأجيال.» ويضيف: «الآن يعتبر كثير من الناس، أنني إذا ما حصلت على إنتاجها لمدة 10 أو 15 عاما، فإن هذا سيكون جيدا.» وحتى الآن أخفقت الدراسات المنشورة في تبيان أنه بإمكان برامج التغذيــة كالتي يتبعها < بويد> أن تقدم أي فائدة. ويقول <.R .T گوتْوُلْد> [عالم وبائيات يعمل في وزارة الزراعة الأمريكية]: «لا يمكن لك من خلال التسميد أن تحل هذه المشكلة». وقد نشر مع العديد من زملائه دراسات تحت ظروف مضبوطة تظهر أن برامج التغذية المعززة ليس لها أي تأثير في صحة الشجرة، ونوعية الثمرة أو المحصول. وفي الحقيقة، فإن گوتْوُلْد يرى أن هذه البرامج قد تكون ذات تـأثير سلبي لأنها تخفي آثار المرض وتحوّل الأشجار إلى بؤرة (6) Typhoid Marys لنقل المرض وانتشاره. فمزارع مجاور، وهو مالك مزرعة حمضيات الحدائق الجنوبية ويزود شركات العصائــر الرئيســة بعصير البرتقال، سلك طريقا مختلفا. يقول <.R كرِس> [رئيس شركة Southern Gardens] إن الشركة تعمل على الاستعاضة عن 650000 شجرة مصابة - ما يمثل ربع ما تمتلكه الشركة من الأشجار - بأشجار نظيفة من مشاتل زُرِعت داخل شِباك عازلة لحشرات البسيلا. ويستمر عمال هذه الشركة في مراقبة البساتين بحثا عن أي مؤشرات على وجود أعراض اخضرار الثمار، مع أنه يمكن للأشجار أن تكون حاملة لبكتيريا C. Liberibacter لأشهر أو سنوات قبل أن يصبح ممكنا اكتشاف البكتيريا في الفحوصات المختبرية أو قبل أن تبدأ بالتسبب في ظهور أعراض مرئية على النبات، مما يجعل المرض صعب الاستئصال. وفي الوقت الذي تمكن فيه < كرِس> من تخفيض معدل إصابة أشجاره إلا أن التكلفة لديه ارتفعت بنسبة 40 إلى %50. يسعى العلماء جاهدين إلى إيجاد مقاربات جديدة. وقد أظهرت بعض الدراسات أن تغذية أشجار البرتقال المريضة بالبنسيلين من خلال جذورها وعن طريق حقن الجذع يمكن أن يساعدها على تجاوز هذه الأعراض وأن تُطَوِّر جذورا أكثر قوة. وفي عام 2011، وجد <.J گراهام> [من جامعة فلوريدا] أنه يمكن لمبيد البكتيريا سلفات النحاس أن يجتاز تشريعات وكالة حماية البيئة الأمريكية بسهولة أكبر من البنسلين لأنه لا يستخدم في علاج البشر. ولكن النباتات ستكون بحاجة إلى حقنها بهذه المركبات طوال حياتها وبتكلفة باهظة جدا. وقد يكون التعديل الجيني أفضل الآفاق على المدى البعيد. فقد قام <.E ميرگوف>[وهو عالم أمراض نبات في جامعة A & M بتكساس] بنقل جينَيْن من السبانخ إلى أشجار الحمضيات، مسبغا بذلك على هذه الأشجار صفة المقاومة للمرض HLB. ويقوم الباحثون في جامعة كورنيل بتطوير أشجار حمضيات طاردة لبسيلا الحمضيات الآسيوية (بمعنى أنها غير مستساغة من قبل هذه الحشرة)، ويمكن في نهاية المطاف الجمع بين هاتين التقنيتين. ويجري تمويل المشروعين من قبل مَزارع Southern Gardens، والتي أنفقت ستة ملايين دولار على الأبحاث التي تهدف إلى إيقاف مرض اخضرار الحمضيات. ولكن المنتجات المُحوَّرة جينيا تواجه طريقا طويلة ومكلفة قبل أن تحصل على ترخيص الجهات التشريعية وعلى قبول الشارع لها. والكثيرون قلقون من أنها لن تصل إلى هذه المرحلة في الوقت المناسب لإنقاذ صناعة الحمضيات. تقول< هالبرت: > «إننا بحاجة إلى شيء لم نفكر فيه بعد.»
| |
|