الدكتور مرسي والخطوة المقبلة
رأي القدس
2012-07-15
بعد
نجاح الدكتور محمد مرسي رئيس مصر المنتخب في تجاوز ازمة دستورية كادت ان
تهز استقرار مصر بتراجعه عن قرار اعادة تفعيل اعمال البرلمان المصري
المنحل بقرار من المحكمة الدستورية، ما زلنا ننتظر خطوته المقبلة المتمثلة
في تشكيل حكومة لادارة شؤون البلاد خلفا لحكومة الجنزوري الحالية التي من
المفترض ان تستقيل في اي يوم.
الدكتور مرسي بحاجة الى التحرك وبسرعة
على ثلاث جبهات رئيسية، اثناء فترة الهدنة الحالية مع المجلس العسكري،
التي يأمل الكثيرون ان تطول.
' الجبهة الاولى: فتح حوار معمق مع جميع
او معظم القوى السياسية المصرية واعادة بناء الجسور معها، خاصة تلك التي
عارضت بقوة قراره بعودة البرلمان ومخالفة قرارات المحكمة الدستورية، وابرز
هؤلاء الدكتور محمد البرادعي والسيد حمدين صباحي رئيس حزب الكرامة وصاحب
الترتيب الثالث في انتخابات الرئاسة، علاوة على قوى سياسية اخرى مثل حزب
الغد بزعامة ايمن نور وحزب الوفد.
' الجبهة الثانية: محاولة اصلاح
العلاقة مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وكذلك مع المؤسسة القضائية،
والمحكمة الدستورية وقضاتها على وجه الخصوص، واذا كان هناك من يجادل بان
هذه العلاقة لا يشوبها التوتر في الوقت الراهن، فان تعزيزها امر مهم في
الفترة الانتقالية الحالية.
' الجبهة الثالثة: العمل بكل الطرق
والوسائل من اجل اعطاء دفعة للاقتصاد المصري لاخراجه من عثراته الحالية،
والزيارة التي قام بها الدكتور مرسي الى المملكة العربية السعودية خطوة
رئيسية في هذا الاطار، شريطة ان يلتزم السعوديون بتنفيذ وعودهم ويضخوا
مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري على شكل استثمارات منتجة توفر
الوظائف لآلاف العاطلين عن العمل. والاهم من ذلك ان يفتحوا، اي المسؤولون
السعوديون، اسواق العمل امام الكفاءات المصرية في بلادهم.
' الجبهة
الرابعة: اعادة ترتيب المؤسسة الامنية، من خلال تعيين وزير داخلية على
درجة كبيرة من الكفاءة والمهنية ليتولى اعادة هيبة الامن وضبط اعمال
البلطجة والانفلات الامني في البلاد.
لا شك ان التحديات التي يواجهها
الدكتور مرسي كبيرة، وهو الرجل الذي يتولى مسؤولية الحكم دون خبرة سابقة
في هذا المضمار، والاهم من ذلك ان هناك جبهة عريضة من القوى المضادة التي
تضع العصي في دواليب رئاسته وتحاول افشال مهمته.
فلم يعد خافيا على احد
ان هذه الجبهة العريضة لا تضم فقط انصار النظام السابق، وانما ايضا بعض
القوى الليبرالية التي تعارض تولي رئيس اسلامي حكم مصر، وقد شاهدنا هذه
المعارضة في اوضح صورها اثناء تحديه، اي الدكتور مرسي للمحكمة الدستورية،
وردود فعل هؤلاء الغاضبين تجاهها.
لا يعيب الدكتور مرسي ان يتراجع عن
قرار او موقف يكتشف انه خطأ، بل هذا يحسب له، لان الرجل الشجاع هو الذي
يعترف بخطئه ويعمل على اصلاحه، ولذلك يستحق من شعبه التقدير والاحترام،
وفوق ذلك كله الدعم والمساندة القويين.
الرئيس مرسي يجب ان يسارع الى
تشكيل حكومة جديدة يختار لها شخصية قوية تحظى باحترام الشعب المصري وثقته
لتكون عونا له في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه رئاسته.