** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول Empty
23042012
مُساهمةمرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول


مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول





الكاتب عبد الاله بلقزيز | مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول Pdf_button | مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول PrintButton | مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول EmailButton


عبد الإله
بلقزيز، كاتب وباحث من المغرب العربي – أصدر كتباً عديدة تبحث في القضايا
الاجتماعية الاقتصادية والثقافية في بلدان الوطن العربي – من هذه الكتب:
"إشكالية المرجع قي الفكر العربي المعاصر" ،"إشكالية الوحدة – خطاب الرغبة
وخطاب الممكن " ، "القومية والعلمانية والتاريخ والايديولوجيا" وكثير غيرها
– وله أيضاً كتابات في الموسيقى والغناء ومقالات يحلل فيها موسيقى مرسيل
خليفة.






ذاتَ عامٍ وُلِدَتْ مغامرةُ مرسيل خليفة
الفنية والموسيقية، وكان ذلك قبل ثلث قرنٍ، في مكانٍ متعيّنٍ هو لبنان، في
ضَيْعَةٍ منهُ كانت شرفةً أطلَّ منها على ما وراءَ الأزرق البعيد، ثم
كَبُرَ المكان وفاض عن حدود لبنان. اتسعت جغرافيتُه باتساع فضاء اللسان :
لسانِ العرب. حتى إن لبنانَ نفسَه فاضَ عن حدوده المكانية الصغيرة فضاقت به
رقعة الـــ10452 كلم 2 ليتخذ مساحتَه الحقيقية. مساحةٌ رسمتْها أوتار
عودْ، وصوتٌ دافىءٌ ودُودْ، وقصيدةٌ مسكونةٌ بالبطولةِ، وأغنيةٌ مهرَّبَةٌ
عبر الحدود.

خرجَ النصُّ من مكانه الصغيرِ كي
يتخلَّل المكانَ الأكبر. مَرَّ من العواصم والجامعات واستوطنْ. دَخَل أحياء
القصدير في الهوامش البعيدة. تسلَّل إلى البيوت المحاطَةِ بالأسوار
والأسرار. داهَمَ خُلْوَةَ العشاق في خِبَائهم. حوَّلَ الزنازين إلى باحات
قصور. طاف في الأرجاء كما الفراشةُ فوق الأخضر الرحب. حين تمنعه الجماركُ،
تفْرِج عنه صدورُ الناس. حين يطاردهُ البوليس، تَفْتَكُّهُ القلوبُ من
الحُراس. ذاك المكانُ العربيُّ الممتدُّ من مكانه. هو هناك يَشْغَل
الحيِّزاتِ جميعاً ويتجدَّد.

ولأنه نصٌّ كثيفُ التعبير الإنساني،
ضاقت به ديارُ العرب بما رحِبَتْ فَسَافَر في نفسه إلى حدود الإنسان في
المكان. في البدء ذهبَ النصّ إلى أهله خارج الديار. أخذ معه إليهم كلَّ
شيء: وطناً غادروهُ بحثاً عن الخبز والكرامةِ والتألُّق، ذاكرةً تتوّجُ
الأمسَ سيّداً على اليومِ وتُشْعِل الملحَ في دمِ الإنتماءَ، وقضيةً عادلة
تقول لهم: كونوا لي لساناً حيث كنْتُم وأَقَمتُم. نَسَجَ النّصُّ حواراً
بين الغربة والديار. اطمأنَّ على الوشيجة وسافر إلى الآخر. نَقَرَ على باب
قلعته الحصينة. راوَدَ إصغاءَهُ عن نفسه. أنزل كبرياءَ التفوُّق عنده من
العَلْياءِ إلى الأرض. علَّمَهُ كيف يُصْغي إلى آخرِهِ الآتي من بعيد.
بدَّد لديه صورةَ الشرق الغارق في سديم الماضي، ثم أخْلَدَهُ إلى الشعور
بأن الكونيةَ شرَاكةٌ بين نِدَّيْن، وبأن العالميةَ لا مرْكزَ لها ولا
هوامش.

هكذا أعاد مرسيل صناعةَ المكانِ:
مكانه، فاشْتَجَرَ المشتجرون في نَسَبِه. يقول الأول: هو فنَّانٌ لبناني.
ويقول الثاني: هو فنان عربي. ويقول الثالث: هو فنان إنساني. وما اختلفوا في
ما اشْتَجَرُوا فيه وإنِ اختلفوا، وإنّما شُبِّهَ لهم أنهم اختلفوا.
فالمُخْتَلَف عليه واحدٌ ومكانُهُ متعدِّد، فَمَنْ ذا الذي يحتكر هذا
النَّسب؟ مَنْ ذا الذي يختزِل العديدَ في عَدَد؟
والزمان؟

لِنَصِّ مرسيل خليفة زمانُه: زمانُ البدءِ والتكوين. وزمانُه زمنٌ موسيقي،
وهو زمنُ الموسيقى العربية والشرقية. لكنه في زمنيته الشرقية أزمنةٌ في
زمنٍ واحدٍ تركَّبَ وتجدَّل (=من الجدل) بعد تاريخ من الصَّهر والتآلف. إن
فَكَّكْنَاهُ إلى وحْداته التكوينية تبدَّتْ صورتُه الفسيفسائيةُ الغنيةُ
بالروافد: روحانيةُ الشرق القديم، ميراثُ بيزنطةَ بدفْقه الكنسي، لمْساتُ
موسيقا فارسَ السحرية، حزنُ العراق القديم المُودَعِ في المقام، إيقاعُ
الصحراء العربية، طَرَبُ البشارف التركي، فُحُولةُ الغناء الجبليّ،
زُخْرُفُ الأداء الحلبي، نسمةُ الفردوس الأندلسي الضائع. لوحةٌ تَعْرِضُ
نفسها في تركيبْ، تدعوك إلى حفلةِ شرقٍ لا يَنْضَب من المعاني ولا تَعْصَى
عليه المَبَاني.

في نصّ مرسيل حوارٌ لم ينقطع مع الزمن
الموسيقي الشرقي. يصغي كثيراً إلى أصوات هذا الزمن، يندَسُّ في تفاصيلها
ويدخل في الدهاليز السريّة باحثأ عن مكنونٍ غَمِيس. وحين يتكلم موسيقا،
يَرُدُّ للشرق جميلَهُ ويضيف إليه ما يرفعه إلى أعلى، ما يجعله أَبْهى، ما
يُطْلِقُ الإغراء في صوت هذا الشرق فيَصْدَحُ في العالم: هَيْتَ لك.


ذاكَ زمنُ البدء والتكوين، زمن موسيقا
شرقٍ بتاريخهِ ثخين. ثم تعدَّدَ الزمن، صار أزمنةً موسيقية بعدد أمكنةِ
الأصوات والتراثات. وفي الطريق إلى امتلاك ناصيةِ هذه الأزمنة: ما وَفَدَ
منها من خارج الشرق، ما شدَّ الرجلُ رحالَهُ إلى مكانها الرحب، كان مرسيل
يقطع مسافَتَهُ نحو العالمية والكونية. لم يَحُلَّ ضيفاً غريباً على موسيقا
الآخرين، على موروثهم ومعهودهم وما هم فيه يَسْبَحُون، وإنما أتاها
مشاركاً في إخراجها من نرجسيتها، من ادعائها بأنها وحدها التعبيرُ
الإنسانيّ، ووحدها الكونية. كان يؤمن بأن الموسيقا لا وطن لها تماماً مثلما
آمَنض بأن العمل لا وطنَ له. وكان حادَّ الإدراك بأنها وحدها اللغةُ
المشتَرَكةُ بين بني البشر الخليقةُ بأن تعوِّض عن نقص التواصل بين ألسنٍ
يَقْهَرُ بعضُها بعضاً. كان يعي بأن الموسيقا، في النهاية، غير قابلة
لقسمةٍ مانوية إلى شرقية وغربية لأنها لغةٌ واحدة تُنْطَق بلكْناتٍ مختلفة.
الأحرى عنده أن يقال: شرقُ الموسيقا وغرب الموسيقا. فهي الكان وهي الزمان
زهي منهما المركز والقلب.

وما سَقَطَ هذا النصُّ في إغراءِ مفهومٍ
دارجٍ ورثٍّ للعالمية بحسبانها تماهياً مع لغة الآخر وترديداً نمطيّاً لها
باسم أَوْحَدِيَّةِ النموذج الكونيِّ وامتناعِ الكونية على التعدُّد.
اطَّرَحَ هذا المفهومَ المبتذلَ جانباً، بل أقام دليلاً من تجربته على
ضِدِّه. ذهب إلى العالمية بوصفها شراكَةً إنسانيةً بين مختلف اللغاتِ
(الموسيقية) والتراثات والموارد الإبداعية، بوصفها لِقَاحاً بين أصواتٍ
ومرجعياتٍ في المباني والأدوات، بما هي لحظةُ التقاطُعِ والانصهار بين
الثقافات، اللحظةُ التي تولد فيها تلك الكيمياءُ الجماليةُ العابرةُ لحدودِ
المجتمعات والتواريخ الخاصة، إذن، اللحظةُ التي تصنع المشتَرَكَ
الإنسانيَّ وتفرض على العقل الذائقة الجمالية شرعيتَهُ.

هكذا أتى النصُّ الموسيقيُّ عندهُ
يَنْضَجُ بهذا المعنى التجريديِّ، السيمفونيِّ، التثاقفي، للعالمية. أما
أسلحتُهُ، فقد شُحِذت تماماً وهيَّأتِ المغامرةَ الجميلةَ – والتأسيسيةَ في
بابها – للانتصار على ما يَعْصَى على التطويع. إن ثقافَةَ مرسيل خليفة
الموسيقية العالية، ونَهَمَهُ الشديدَ في قراءة تاريخ الإنتاج الموسيقي
العالمي، ودُرْبَتَهُ الطويلةَ على التأليف الموسيقي ذي النَّفَس السيمفوني
والأوبرالي، وحساسيَتَهُ الجماليةَ الرفيعةَ تجاه الأصوات، وشغَفَهُ الذي
لا يُحَدّ بتوليد المتآلِفات بينها في نظامٍ هارموني، وبَحْثَه الدائبَ عن
الطاقات الجمالية الدفينة في الآلات – حديثها والقديم – والفرضيات الضمنيةَ
في التأليف الموسيقيّ عندَهُ والتي تقيم النصَّ على مقتضى البناء
الأوركسترالي وتَسْلُكُ نهجاً في الكتابةِ الموسيقية النظيفة
للآلات...جميعَها أدواتٌ في حوزةِ نصِّ خاضَ مغامَرةَ تأسيسٍ وبناء. لكنها
ما تنزَّلتْ من النصِّ والمغامرةِ منزلَةَ صناعةٍ وحياكةٍ وصَوْغٍ إلا وقد
جنَّدتْ مواردَها في الاشتغال على مادةٍ محلية، على موروثٍ صانَهُ مرسيل من
التَّلَف والابتذال واستخرج الدفين من كنوزه التعبيرية، وأعْمَلَ فيه
أدوات الصناعة الموسيقية العصرية. هكذا نجح نصُّه في أن يزُجَّ بالشرق
ومفاتِنَهِ في الموسيقا العالمية وأن يعبّر عن ذلك الشرق، تلك الأنا
التاريخية والثقافية، بلغةٍ موسيقية إنسانية أعادت للمعبَّر عنه مكانةً
شاغرةً في العالم وأهَّلَتْهُ ليخاطب ذلك العالم والذائقةَ الجماليةَ
الرفيعَةَ فيه.
ليس من العرب – إلاّ أصمٌّ معذور - من لا تهزُّه
"غنائية أحمد العربي" جماليّاً وموسيقيّاً حتى بمعزلٍ عن نصّها الشعري
الجميل والملحميّ الذي كتبه الراحل الكبير محمود درويش. لكن هذا النصّ نصّ
عالمي يمتلك طاقة الدخول من دون استئذان إلى مهاجع الناس جميعاً وإلى
قلوبهم جميعاً في أمكنة الأرض جميعاً. وحين يستمع أيُّ إنسانٍ في العالم
تشدُّهُ إلى الموسيقا علاقةُ إلْفَةٍ ومعرفة إلى مجموعة من النصوص
الموسيقية التي يَضُمُّها عنوان "حلم ليلةِ صيف" مثلاً، لن يقول عنه سوى
أنه نصٌّ موسيقيّ متوسطي من دون أن يُدْرِك على وجه الدقة من أي شرفةٍ من
المتوسط يُطِلُّ هذا النصّ لِعُسْرِ التمييز بين مُتَدَاخِلات النصّ
وتقاطعات المناخات والأصوات واللغات الموسيقية فيه. وقد يخالُ مستَمِعٌ
عَرُوفٌ بالموسيقا أن "كونشرتو الأندلس" عملٌ من توقيع مؤلفٍ موسيقيّ غربيّ
يستوحي تراث غرناطة وبلاد الشام وسائر الشرق. أما أمام عملٍ موسيقيٍّ –
أوبراليٍّ مثل "شرق"، فقد تأخذهُ الحيرة بعيداً فلا يدري كيف يمكن لهذا
الشرق أن يتجلَّى في الموسيقا بهاءً إلى هذا الحدّ.

هذا زمنُه الموسيقي، كمكانه متعدّدٌ،
خصبٌ، ممتنعٌ عن التنميط أو عن التعيين النهائي. إنه حوارٌ لا ينقطع بين
الأنا والأنا، وبين الأنا والآخر. وقد يحصل – وكثيراً ما حَصلَ – أن تجري
فصولٌ من ذلك الحوار على أرض الآخر وبحضور شهودٍ من أهل الشرق في بلاد
الآخر, وتلك قصةٌ يحلو الحديثُ فيها ويَطُول. لكن المقامَ، هنا والآن، لا
يسمحُ بغير الإلماعِ والإلماح.

...هناك إذن، حيث اللقاءُ بين
ثقافتين، يَحْلو اختيارُ قدرة نصّ مرسيل خليفة على بناء مساحةٍ للمشتَرَكِ
الإنسانيِّ والثقافيِّ والجماليّ، وعلى تأكيد نِدّيةِ، الشرقيِّ وعالميتِه.
وهناك يكتشف الجمهورُ العربي المغترب أكثر فأكثر أنه ليس ضيفاً ثقيلاً على
العالمية، وأن لثقافته فيها سهماً وحصَّةً ونصيباً.

مع الجمهور العربي المقيم في مهجرِه،
لا يلعب مرسيل على وتَرِ الحنين إلى أول الطفولة والمكان والموْطن
والذاكرة، لا يُشْعِلُ النوستالجييَّ في النفوس ويُلْهِبَ مِلْحَه. تأتي
موسيقاهُ الشرقية – وقد زُفَّتْ في لغةٍ باذخة – كي تزوِّدَ الجمهورَ
بالشعور بالنِدّيّة تجاه آخر يتقاسم معه الجوار في دياره. يرتفع معدَّل
التزويد حين يُطلّ النصُّ الموسيقيّ مُسَرْبَلاً بعتاد البناء الهارموني
والأوركسترالي الحديث. أيُّ شعورٍ ذاك الذي في داخِل المغتَرِبَ حين يستمع
إلى "كونشرتو الأندلس" أو إلى "شرق" وقبلهما إلى "بساط الريح" و"غنائية
أحمد العربي"؟ مَنْ يقوى حينها على أن يمنعه من أن يمشيَ بِخُيَلَاء ، أن
يدعوَ صديقَه الآخر إلى لحظةِ استماعٍ مشتَركَة يعيدان فيها تعريف معنى
الشرق.

ما أغنانا عن ذكر "ريتا" و"أحِنّ إلى
خبز أمّي" و"جواز السفر" و"بالبال أغنية" و"يا بَحْرِيِّة" و"صرخة ثائر"
وما تفعله – وغيرُها من دافىء الأغنيات – في الحشود الألفية من الناس، في
هذه القارة أو تلك من الأرض. لكني أحسَبُ أن مرسيلاً موسيقيٌّ في المقام
الأول، وأن غناءَهُ – على جماله وروعته وأناقته – معطوفٌ على الموسيقا، إذْ
هي الأوَّلُ وهو المَحَلّ الثاني، على قول أبي الطيب المتنبي، في بيانه
وجُوهُ التراتُب بين الحكمة والشجاعةِ. ولولا أن الموسيقا معدنَهُ
النَّفيس، ما أتَتْ أغنياتُهُ تُفْصح عن ذلك القدر الكثيف من الجمالية
والجاذبية فيها. ولقد تشاطروني الرأيَ في أن الجمهورَ المغترِب أكثر مَن
يعي هذه الحقيقة بسبب يُسرِ اتصاله بمصادر الموسيقا العالمية وتكوُّن ذائقة
موسيقية عنده. وأحْسَبُ أن شدة الإقبال على حفْلاتٍ موسيقية لمرسيل
قُدِّمتْ فيها "جدل" و"تقاسيم" دليل إضافيّ على ما أزْعُمُه أو ما أذهب إلى
زعمه.

قلتُ "جدل" و "تقاسيم"، إذن نحن نتحدث
عن آلة العود: سلاحِ مرسيل الموسيقيّ الأحبِّ إلى نفسه. والعود عنده آلةٌ
لا تحاورُ نفسَها في عزفٍ منفردٍ أو في مطلعِ أغنيةٍ فحسب، ولا تحاورُ
عوداً يبادلُهَا جدلاً بشهادةِ رقٍّ وكونترباس، ولا تتقاسم ارتجالاً منظماً
مع كونترباس يحاول أن يجاريها في لغتها الشرقية كما في "تقاسيم"، وإنما هي
فوق هذا وذاك تحاورُ الأوركسترا الحديثة، تقول لها: وُلدتُ في الشرق،
ومنّي خرجَ إلى الدنيا بعضُ آلاتِك، لا أريدُ معركةً، أريدُ حواراً
وتآلفاً، ثم تبدأ المغامرة: آلةٌ تلقي أسئلتَها الموسيقية، وأوركسترا حديثة
تجيب. أيُّ شعورٍ ذاك الذي يسري في نفوس العرب جميعاً، وفي نفوس المغتربين
خاصة، حين يُجْبر مرسيل خليفة الأوركسترا الحديثةَ، في عماه الموسيقيّ
الرائع "كونشرتو الأندلس"، على أن تقف بين يديْ آلة العود كما تقف
الوصيفاتُ أمام المَلِكَة يُتَوِّجْنَهَا على الجمال وهي تختال؟ في حضرة
العود وقَفَتِ الآلات : كلٌّ منها بما كسبتْ من حظ المصاحبة والرُّفقة أو
الترداد. كأنْ يَنْفُثُ فيها روحَ الشرق، يطوّعها على لغته، يُخْرجها من
لَكْنَتِها كي تُحْسِن نطق مفردات الشرق الموسيقية. بيداغوجيا موسيقية
فريدة تستطيع مثل ذلك الضربِ من الترويض، الترويض الذي يُدخل الترومبيت
والكلارينت والفلوت في نظام الناي، ويغري الكونترباس أو التشيلو بمحاكاة
العود، ويجعل الأخير سلطاناً على الجميع.
مَن غيرُهُ رَفَعَ العود إلى هذا المقام؟ مَن غيرُه استولى على البدايةِ والختام؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مرسيل خليفة – موسيقي في المقام الأول

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: استـــراجيــات متحـــــــــــــــولة يشاهده 478زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: