** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الإنسان إله العالم الافتراضي الذي لم يخلقه من العد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هذا الكتاب
فريق العمـــــل *****
هذا الكتاب


عدد الرسائل : 1296

الموقع : لب الكلمة
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

الإنسان إله العالم الافتراضي الذي لم يخلقه من العد Empty
05112011
مُساهمةالإنسان إله العالم الافتراضي الذي لم يخلقه من العد



الإنسان إله العالم الافتراضي الذي لم يخلقه من العد Arton7238-9d703
يُحكى أن الرياضيات كانت
معجونة في الحياة، تسكن بين أصابع اليد، ومع القدمين تمشي، كانت ملموسة بكل
معنى الكلمة، ولكن العقل عند نقطةٍ وصل فيها الزمن العامودي إلى توتره
الأقصى، قطع صلته مع الزمن الأفقي ونقل الرياضيات من الحواس واليدين
والقدمين لتسكن في الرأس (العقل)، وهذا الرأس بدأ رحلته المدهشة معها، سافر
بها إلى حيث اللاملموس، إلى عالم التجريد، ومع العقل فارقت الرياضيات
جذورها الوضعية المحسوسة الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية، تحوّلت
الأشياء إلى أعداد وأشكال هندسية مرسومة في الذهن وأصبح الاستنتاج العقلي
طريقها ومنهجها.

إلا أن الرياضيات وبعد سفرها الطويل هذا اشتاقت وحنّت إلى جذورها
الملموسة، فبقدر ارتفاعها وازدياد تجريدها واشتداد رمزيّتها أكثر وأكثر،
كان حنينها إلى العودة إلى جذورها يزداد ويتناسب طرداً مع ازدياد تجريدها.

وتدريجياً أصبح توْق الإنسان للمْس الأعداد يزداد توتراً، اشتاق أن تعود
الرياضيات إلى الحياة ثانية، وأن يلمسها بيديه وقدميه كما كان يفعل سابقاً،
وقد كانت الطريقة المثلى للمْس الرياضيات هي التكنولوجيا، فتجسّدت
الرياضيات على هيئة آلات وسيارات وطائرات وأجهزة تلفزة وأقمار صناعية
وفضائيات وحواسيب…. فأصبحت بذلك تنطلق من الحياة صوب التجريد ثم ترجع إلى
الحياة مُجَسّدَة بتقنيةٍ ما، لكن نهم الإنسان للمْسِها لم يُشفَ غليله
بعد، فسعى لأن تكون حياته كلها عبارة عن أرقام يعيش في داخلها، فكانت
الشبكة العنكبوتيّة، وهذه الشبكة توّجتْ طموح الإنسان أن يعيش الأرقام
ويحيا بها في عالم رياضي بكل ما في الكلمة من معنى، عالم لا يبعد كثيراً عن
عالم ديكارت الذي وصفه بأنه آلة رياضية ميكانيكية.

الإنسان قلقٌ، نزق، متسائلٌ، يشعر بالنقص والحسْرة والغضب كونه لا يستطيع
فكّ شيفرة الكون، فلغز البداية والنهاية وما الغاية من وجود الإنسان في هذا
الكون إنْ كان سيرحل عنه، كل هذه المسائل المتأصّلة في نسيج الوجود
الإنساني جعلته يزداد توتراً تجاه الطبيعة التي لا تكشف له عن سرّها رغم كل
محاولاته من أجل استنطاقها، لكن عبثاً فهي لا تفهم، ولا تتصف بوعيه،
فلغتها هي الغريزة، ونتيجة لإحساس الإنسان بالنقص كونه ليس خالقاً للكون
حقيقة، يقرّر أن يخلقه افتراضيّاً.

(في البدء كانت الكلمة) تحمل هذه العبارة الكثير من دهاء الإنسان ومكره،
فالكلام سمة ذاتية تترجم فهم الإنسان الخاص للحياة، وبالتالي حينما يُقال
(في البدء كانت الكلمة) هذا يعني أن الإنسان هو خالق الحياة طالما أنه
الكائن الوحيد في الكون الذي يتكلم، وإذا ما عُمّم الكلام تحوّل إلى لغة،
واللغة أيضاً عندما تعلو في سلم التجريد ستتحول إلى مفهوم وبالتالي كلما
علا التجريد كلما زادت الدقة واليقين، ألم يقل"أرسطو" (لا علم إلا
بالكليّات)؟

إذن الإنسان صانع المفاهيم وبإسقاطه المفاهيم على العالم يصبح صانعاً للعالم، مشكلاً له، مؤنْسِناً لملامحه.

رغبة الإنسان في أن يكون خالقاً للكون فاعلاً به، لا تتوقف. وهنا يأتي
السؤال، كيف سيخلق الإنسان كونه الخاص به وما هي أدواته في الخلق طالما أنه
لا خلق من العدم؟

حسنٌ، ليس هناك من أداة للخلق على طريقة الإنسان إلا العقل، كونه ميزته
العليا، وكانت نقطة البداية في النصف الأيمن من دماغ الإنسان فهو نصفٌ
حالمٌ متخيّلٌ، فانبثقت فكرة الخلق وتلقفها النصف الأيسر من الدماغ كي يبدأ
التنفيذ طالما أنه مسؤول عن المنطق والفهم، فاستأصل الإنسان النصف الأيسر
من دماغه وجسّده على هيئة حاسوب (كمبيوتر) تدخل إليه البيانات فيعالجها ثم
تخرج منه على هيئة معلومات، وقد كان إعجاب الإنسان بهذا الكائن المنطقي
التام الذي يجيد الإجابة على كلّ الأسئلة إعجاباً لا مثيل له يزداد شيئاً
فشيئاً ليتحول إلى معبود ويصبح الإنسان عبداً لمَنْ خلقه بنفسه، وهذه
العبادة ستتصاعد تدريجياً لتصل إلى الوحدانية في الألوهة، فالوحدة هاجس
الإنسان منذ القدم، والعنقوديّة في التفكير جعلته يوحّد العالم كله في
(مفهوم)، ومن هذا المفهوم خلق عالمه الافتراضي (عالم النت) وهنا وصل إلى
الوحدة التي يطمح إلى تحقيقها على الأرض.

إذن: إن عجز الإنسان عن كشف لغز الكون الطبيعي، وتذمّره كونه لم يكن
مساهماً في خلقه وإبداعه بالمعنى الطبيعي، جعله يسعى لينفي عجزه من خلال
إبداع عالم افتراضي، له قوانينه وشروطه ومنطقه الذي يتشابه في نظامه
وتراتبيّته ودقته مع نظام وقانون الكون الطبيعي، ليصبح النظام والقانون
حاكم الكون الطبيعي والافتراضي.

في هذا العالم الافتراضي سيحقق الإنسان طموحه في السيطرة على الطبيعة
تماماً، حتى أنه لا وجود لها في عالمه إلا بشكل رمزي، فالجسد غائب، لا نبض،
لا طعام، لا شراب، لا جنس بالمعنى الحيوي الحقيقي.

في العالم الافتراضي لا مجال لوجود كائنات أخرى غير الإنسان، فالجماد
والنبات والحيوان تنتمي إلى العالم الطبيعي الذي يريد الإنسان التخلص من
أسْره، فطرد كل هذه الكائنات من عالمه وأبقاها فيه بشكل رمزي فقط، ليتسيّد
هو وحده هذا العالم، وسيادته ستكون من خلال جوهره الذي يميزه عن بقية
الكائنات ألا وهو(النطق "اللغة" والتفكير المنطقي).

في العالم الافتراضي لا يوجد إلا اللغة، وإذا ما عدنا إلى عبارة(في البدء
كانت الكلمة) سنجد أن الكلمة تلعب الدور المحوري في العالم الافتراضي والذي
هو من خلق الإنسان، وبما أن الإنسان ظاهرة لغوية فقد حقق ذاته تماماً في
هذا العالم، عالمه، العالم الافتراضي الذي لا يتم التواصل داخله إلا من
خلال الكلمة واللغة والتي تأخذ دور الرّسول.

في هذا العالم الافتراضي، لا تماسّ بين الناس بالمعنى الحيوي، لا وجود
لانفعالات الجسد، ولا لتعابير العيون، ولا يسمع صوت الضحكات……ليس هناك إلا
اللغة، اللغة فقط، وهذه اللغة ستكون هي الكائن الحي الذي ينوب عن كل سلوك
حيوي واقعي طبيعي، ستكون اللغة هي وسيلة التواصل الوحيدة بين الناس وستقوم
بدور الرسول بكل ما في هذه الكلمة من معنى.

هنا تكمن الخطورة التي تستحق التفكير بها مليّاً، فإلى أي مدى ستكون اللغة
قادرة على أن تحمل عبئاً كبيراً يخوّلها القيام بأدوار بعيدة عن وظيفتها
الأساسية كـ(دال) يشير إلى الأشياء وفقط؟

فهنا لا تعود اللغة (دالاً) فقط بل ستصبح (دالاً ومدلولاً) (مفهوماً
وماصدق) طالما أنه في العالم الافتراضي لا يوجد (ما صدقات). فالماصدقات، أي
الأشياء الواقعية المُشار إليها باللغة والتي هي تجسيد للمفهوم المجرّد،
هذه الماصدقات موجودة فقط في العالم الواقعي، لذلك فاللغة ستقوم بدور
الماصدق أيضاً.

إذن اللغة هنا ستكون (مفهوماً وشيئاً) بنفس التوقيت وبنفس الدرجة، وهذا
يدعونا للتفكير باللغة الملموسة التي ستقوم بدور الحواس، فتصبح قادرة على
أن تنوب عن ملامح الوجه الغاضبة مثلا أو ملامح الفرح والحزن في العيون….حيث
أن هذه التعابير الجسدية غير متوفرة في عالم الإنسان الافتراضي (النت)،
إذن لا مجال للتعبير إلا من خلال اللغة، اللغة فقط.

في عالم الإنسان الافتراضي، سيتواجد الإنسان بكل ما يحمله من تناقضات،
ستهطل المعلومات أمطاراً، بل فيضانات،حتى أن الإنسان سوف لن يشعر بالغربة
والوحدة التي قد يشعر بها في عالمه الواقعي، فعلى سبيل المثال يستطيع أي
إنسان في الكون أن يجد اهتمامه في هذا العالم المفترض(النت)، فمن يشعر أن
رأيه مغيّب ومهمّش في محيطه الواقعي سينتفي شعوره هذا في العالم الافتراضي،
وكلّ من المُنفتح والمتشدّد دينياً سيجد لنفسه موقعاً أيضاً، ومن يُحارَب
في فكرةٍ ما في بيئته الواقعية سوف يجد من يناصره في العالم الافتراضي،
والشباب الضائعون الذين يبحثون عن أنفسهم ولا يجدونها في واقعهم ولا يجدون
من يتماهى مع همومهم ومشاكلهم وأحلامهم وطموحاتهم سيجدون صدراً يتسع لهذه
الهموم والأحلام في العالم الافتراضي، والشاب الذي ينتقده أهله ليل نهار
كون ذوقه في الأغاني هابط سيجد من يناصر ذوقه في العالم الافتراضي، وكذلك
من يشعر أنه غريب ووحيد في واقعه الذي هبط ذوقه الفني والفكري والثقافي سوف
لن يشعر بذلك عندما سيجد لنفسه مطرحاً في العالم الافتراضي، بل وحتى
المثليين في الجنس غير المعترف بهم في واقعهم سيجدون من يعترف بهم في
العالم الافتراضي، والمرأة التي تشعر ألا قيمة لها وأنها مجرّد شيء في
واقعها سوف تجد في العالم الافتراضي ما يشعرها بقيمتها المعنوية، ومن لديه
إعاقة ما في جسده تخجله في محيطه الواقعي سوف لن يعاني من هذا الأمر في
العالم الافتراضي، ونستطيع طرح أمثلة قد تصل إلى عدد سكان الأرض.

في الحقيقة نحن ما زلنا غير مدركين تماماً لخطورة العالم الافتراضي
(النت)، وهذا لا ينطبق فقط على المجتمعات النامية، بل وحتى في الدول
المتقدمة صناعيّاً وتكنولوجيّاً والتي تشكل بؤرة للتقنية، حتى هذه الدول ما
زالت لا تستوعب خطورة العالم الافتراضي هذا، وإلى أي مدى يصل بديمقراطيته،
بحيث يستوعب هواجس كل إنسان على سطح الكوكب، أجل الدول والمجتمعات ونحن
كأفراد ما زلنا لا ندرك خطورة العالم الافتراضي، ويظهر ذلك أكثر ما يظهر
حينما لا تعير الدول انتباهاً للرّأي والفكر على سبيل المثال.

ويبقى السؤال واستمراريّته هما الأهم دوماً، وتبقى الإجابة مفتوحة على كل الاحتمالات.

هل ستتحول كل حياتنا إلى افتراض بافتراض، بحيث يصبح الحب افتراضاً،
والمعرفة افتراضاً، والجنس افتراضاً، والعلم افتراضاً، والدين افتراضاً،
والطبيعة افتراضاً، والإنسان افتراضاً؟!

هل سينكشف لنا من خلال هذا الافتراض وهم كل شيء، بحيث تصبح العودة إلى
نقطة البداية وبدء الرحلة من جديد من أجل الكشف والمعرفة أمراً لا مفرّ
منه؟! هنا نستطيع استحضار فكرة الفيلسوف الألماني "هيغل" بشأن العودة،
فالعودة عند "هيغل" عودة واعية، حيث تكون الفكرة قد وعت لذاتها. وهذه ليست
محاولة لتقديم إجابة من خلال" هيغل" إنما فقط إشارة إلى فكرة العودة عند
"هيغل".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الإنسان إله العالم الافتراضي الذي لم يخلقه من العد :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الإنسان إله العالم الافتراضي الذي لم يخلقه من العد

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: