سبينوزا فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1432
الموقع : العقل ولاشئ غير العقل تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..
من اقوالي تاريخ التسجيل : 18/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5
| | متى ستنتهي الرأسمالية ؟ | |
[b][b][b][b] ربما يؤدي سقوط النظام الرأسمالي العالمي بشكله الحالي إلى صدع كبير في عموم بنية الحضارة الانسانية الحداثية العصرية , فربما ادى فقدان هذا النظام لتوازنه إلى نكوص وتراجع انتاجي و ثقافي كبير و شامل .. لا يعني مثل هذا التكهن لماركسيٍ مثلي ( أو هكذا ادعي ) بان المادية التاريخية وتطلعها لمجتمع العدالة الاقتصادية الشيوعي هي نظرية طوباوية خيالية لا يمكن تحققها بالمطلق ما دامت الرأسمالية لا تزال تمثل صمام الامان لديمومة واستمرار الحضارة ..
لكنه اعتراف وراي شخصي بأن قراءات الشيوعية السابقة لم تكن على قدر من الموضوعية لتشخيص واقعي للتحول الممكن في الاقتصاد العالمي من " الرأسمالية " إلى " الاشتراكية " ..قبل ان يمتد هذا التحول إلى الشيوعية بشمولها الكلي ..
فالحديث الموضوعي .. ربما ليس من سمات الفضاء الثقافي العربي بالمطلق لاسباب تكوينية بنيوية في الثقافة الشرق اوسطية والشمال افريقية ، فالكلام عندنا إما ان يشوه الماركسية كأنها خرافة أو يمجدها ويقدسها و كأنها دينُ الحضارة الجديد ..
لا يوجد كلام يحاكمها بتجرد وعقلانية ..
نعم , شيخنا المبجل كارل ماركس لم يكن على قدرة تنبؤ كافية اواخر القرن التاسع عشر بعلاقة " التطور التكنولوجي " بهيكل الاقتصاد الرأسمالي وما ستحدثه اواخر القرن العشرين ..
وربما لم يدر في خلده يوماً بان العالم يمكنه الاعتماد على عملة ورقية مثل الدولار تطبع دون غطاءٍ ذهبي بفعل تطور التكنولوجيا ودخولها كمكون اساس في عملية الانتاج وكذلك امكانية بروز طبقة ما بعد رأسمالية تولد من رحم الرأسمالية وهي :
الطبقة " المالية " او " النقدية " العالمية التي تدير بشكل مباشر البنوك المركزية الاساسية في العالم وتشرف بشكل مباشر على طباعة العملات الورقية الاكثر رواجاً في العالم ومنها الدولار إلى الحد الذي بات اليوم من غير الممكن تصور الاقتصاد العالمي بلا " دولار " ....!
موضوع اليوم يسلط الضوء على واقعية سقوط الحضارة البشرية حين تزول الرأسمالية فجأة أو بفعل " ثورة " عالمية شاملة ، لأننا نطرق و لأول مرة مسالة " الفراغ " في قراءة الماركسية الكلاسيكية التي اهملت " تطور " الرأسمالية ..
هذه الرأسمالية بشكلها النمطي الحديث قابلة لأحداث تسونامي تراجعي خطير في الحضارة البشرية وارجاعها لمراحل اكثر بدائية بمجرد سقوط وانحلال الطبقتين الاساس في الاقتصاد العالمي :
• الطبقة المالية النقدية العليا وما تمثله من قلة المتنفذين على المصارف المركزية حول العالم ( التي لم تتنبأ بولادتها الماركسية بقراءاتها السابقة ) ، هذه الطبقة يمكنها ان تسقط اذا اتفقت اغلب دول العالم الثالث على التعامل والتعاون فيما بينها ونبذ اي تعامل مالي مع الغرب بالعملات الغربية الصعبة مثل الدولار واليورو والجنيه ..
• الطبقة الرأسمالية وما تمثله من اثرياء العالم واصحاب الشركات العالمية الكبرى ، وهي الطبقة التي تعمل بأمرة الاولى ، فلا حول لها ولا قوة دونها اليوم ، ما يجعل من المعيب ان يصب الماركسيون عليها جام غضبهم بشكل " دوغمائي " يردد صدى الماركسية البخارية " البلشفية " الاولى خصوصاً وهذه الطبقة اقل تأثيراً في اوربا منها في آسيا وإن بدت هي الاقوى اقتصادياً من نظيرتها في آسيا فهذا لا يعود لقوتها الذاتية وإنما قوة النظام " النقدي " الاوربي الاميركي المهيمن عالمياً ..!
هاتين الطبقتين العلويتين في الهرم الاقتصادي العالمي حين تنحلان .. لن يكون العالم إلا في حالة من الخراب غير المسبوق ، والمادية التاريخية الماركسية بحاجة إلى اعادة صياغة وفق هذا الهيكل الحديث للاقتصاد العالمي ليسهل وضع الحلول العملية القابلة للتطبيق لكي يتم تحول الاقتصاد العالمي برمته للاشتراكية بسلام ..!
(2)
ففي حين انقسمت رؤى الشيوعيين في القرن الماضي بين من يرى في هذا التحول من الرأسمالية إلى الاشتراكية انسيابية طبيعية لا يتدخل بها " الفعل الإنساني " مثل اغلب ذوي التوجه الاشتراكي في اوربا لتفسير الماركسية ( المادية التاريخية ) من جهة ، ومن يرى ضرورة التدخل الإنساني المباشر في احداث هذا التغيير عبر " الثورة " كما حدث في الاتحاد السوفييتي ، حال التوجه " اللينيني " كأغلب الحركات والاحزاب ذات التوجه الماركسي في دول العالم الثالث من جهة ثانية ..
بين هذا وذاك ، نجد بأن الرأسمالية هي التي " تحولت " إلى مرحلة جديدة من مراحل تطورها .. خصوصاً بنهاية الالفية الثانية ودخولنا في اول سنين القرن الحادي والعشرين !
الرأسمالية ، وربما بفعل الصراع مع المعسكر الاشتراكي في القرن الماضي تمكنت من تجديد نفسها ( كما يرى فؤاد مرسي ) بالوصول إلى مراحل متقدمة تتفوق على الاقتصاد الاشتراكي من ناحية ادارة عملية الانتاج والتسويق وسرعة التطور التقني الحاصل في كلا ادوات الادارة والانتاج .. إلا إن الملفت يبقى هو طبيعة وقدرة الطبقة " المالية " التي تحرك القرار السياسي العالمي في اوربا واميركا الشمالية وتهيمن على عموم الطبقة الرأسمالية حول العالم بما فيها تلك المتواجدة في الصين ..
فرغم العداء الايديولوجي بين الصين والولايات المتحدة ، لكننا نجد الصين غالباً ورغم انها تقترب بسرعة من ان تكون دولة الانتاج الاولى في العالم تظهر كتابع اقتصادي ومهادن سياسي للولايات المتحدة ..!
السبب هو " افتقار " الصين لأفراد الطبقة المالية " العالمية " ومنظومة عمل هذه الطبقة التي تسير شؤون الاقتصاد الصيني عالمياً ، كذلك الحال بالنسبة لليابان وكوريا والبرازيل وروسيا ودول النفط العربية ..
فاهم البنوك العالمية التي تؤثر وتراقب قيمة كافة العملات عبر العالم وقد يمكنها ان تتحكم بها هي :
• نظام الاحتياطي الفيدرالي الامريكي System of Federal Reserve -SFR الذي يطبع الدولار ويتحكم في قيمته عبر الاسواق العالمية .. • بنك التسويات الدولية Bank for International Settlements – BIS في سويسرا والذي يعيد موازنة " كافة " عملات العالم الورقية مع الدولار ما يعطي للدولار قوة اسناد اضافية فوق الاسناد البترولي ..!
قد يستخف الكثير من الماركسيين بواقعية تأثير البنوك المركزية حول العالم المرتبطة بمعاهدات واتفاقيات مع هذين البنكين ، ويعتبرون بأن " الانتاج " وحده هو الذي يحدد قيمة الاقتصاد العالمي ، لكن الامعان في طبيعة الهيكل " التبادلي " للاقتصاد العالمي تؤكد بان نمو وتحريك الاقتصادات عبر العالم تتطلب آلية ادارة لا تمتلكها سوى منظومة الاقتصاد الغربي !
( للمزيد حول هذا الهيكل انظر للباحث : " هيكل الاقتصاد العالمي حتى العام 2012 " ) http://www.doroob.com/wp-content/library/global_economy_walid_mahdi.pdf
(3)
هذا الهيكل التبادلي الشامل للاقتصاد الحقيقي ( الانتاج ) مع الاقتصاد الرمزي ممثلاً بالذهب والمعادن النفيسة والعملات الورقية والمضاربات الرقمية في البورصات العالمية ، وما ينتج عن ذلك من وفرة انتاج وبالتالي استهلاك وتضخم في الطبقة الوسطى عبر العالم وولادة ما يعرف بدولة الرفاه welfare State ( كما يرددها فؤاد النمري ) كلها تمثل واقعية الترابط بين " الرأسمالية " و " الحضارة " .. إلى الحد الذي يمكننا ان نقول بان الحضارة البشرية في القرن الحادي والعشرين هي حضارة رأسمالية – نقدية ..
وليس امام البشرية سوى طريقين :
1. اما التحول للاقتصاد الاشتراكي ( الحد الادنى من الاشتراكية بلغة الماركسية الصينية المعاصرة ) بجعل الدولة تشرف على سير ديناميكية الاقتصاد والاسواق بشكل كامل ، وهو ما تتردد الكثير من الدول في الغرب بتطبيقه بعد الازمة الكبيرة في 2008 .. 2. البقاء على الوضع الحالي من هيمنة " النقد " على اقتصاد العالم وتلاعب الدول الكبرى بمصير الشعوب عبر اطلاق خطط " التخدير " الموضعي لانعاش الاقتصاد في هذه الدولة او تلك والمضي قدماً من قبل حكومة الولايات المتحدة وما تمثله من مصالح " النخب المالية و الرأسمالية " في محاولة تخفيض قيمة الدولار الاميركي إلى ادنى حدٍ ممكن كي تستعيد الولايات المتحدة مكانتها كدولة مركزية في الانتاج والتصدير تستقطب القوى العاملة البشرية وبمستوى استهلاك اقل من مستواه الحالي المرتفع نسبياً في الولايات المتحدة ، وهو المسار الذي ينحو باتجاهه الجمهوريين ، على غرار الصين اليوم ذات الانتاج الذي يتفوق على الاستهلاك باطراد .. ولعل هذا الاتجاه الاخير يحمل نذر الكارثة على مستقبل الرأسمالية والحضارة بشكلها النمطي المعاصر المنعكس في المعرفة والعلوم والثقافة والادب والفنون .. فالحزب الجمهوري الامريكي يسعى " لضرب " الكادحين في الولايات المتحدة نفسها قبل اي مكانٍ في العالم .. لماذا ..؟
حتى تتمهد خطوات خفض مستوى الطبقة الوسطى ذات مستوى الاستهلاك العالي نسبياً لتتراجع إلى مستويات تؤهلها ان تكون عمالة " رخيصة " تعيد القدرة للولايات المتحدة ان تكون دولة رائدة في الانتاج والتصدير من جديد ..
وهو ما لا يفعله الديمقراطيين واوباما حالياً ، ما يقودنا إلى الاستنتاج بان عودة الجمهوريين ( رعاة وعبيد الطبقة المالية العالمية ) للحكم في الاعوام القادمة قد يعني بداية " الكارثة " العالمية الكبرى حسب منهجية تدميرية خفية لا تراعي إلا المصلحة النخبوية العليا ولا تبالي بمصير الانسانية ابداً ، فإذا ما انهار هذا الصرح العالمي العملاق فهذا سيؤدي إلى صدع ثقافي وقيمي كبير يؤدي بالإنسانية إلى خوض صراع صعبٍ مع " التاريخ " قد لا يحافظ على ديمومة التطور التقني والمعرفي للبشرية ، وبدلاً من ذلك ، ربما تدخل الحضارة الانسانية في نفق تقهقري يؤدي بها إلى سقوط مجهول القعر .. (4)
النظام الاقتصادي العالمي المعاصر على ضخامته وامتداده غير واضح الملامح ..! فحين تقف امام قطار كثير العربات يمكنك ان تشاهد هذه العربات جميعاً عند الابتعاد بمسافة موائمة عنها حتى تمكنك زاوية الرؤيا من الإحاطة بمنظور كلي عن هذا القطار الطويل ..
لكن ، حين تقف على سطح كوكب كبير مثل الارض ، ما هي المسافة المطلوبة لكي تمكنك زاوية الرؤيا من الاحاطة بنظرة شاملة لعموم الكوكب ...؟؟ طبعاً هذا لن يتم إلا بمساعدة مركبة فضائية او صاروخ فضائي يرتفع لمسافة تزيد على 200 كيلو متر حتى يمكن رؤية الارض كروية .. كذلك هو الاقتصاد العالمي ، لفرط ضخامته ، يتصور الكثير من الاقتصاديين ومنهم مفكرين ماركسيين ممن يفكرون بسطحية وسذاجة طفولية بريئة بانهم على دراية كافية به ، شأنهم شأن الذين تصوروا قبل قرون بأن الارض مسطحة مستوية وتقف على قرني ثورٍ كوني عملاق !
الاقتصاد العالمي هذا ، لم يتمكن الكثير من رؤيته إلا كصراعٍ طبقي .. وتطور في وسائل الانتاج .. نعم ، هذا جزءٌ من المشهد .. لكنه ليس كل المشهد ..
ماركس لم يكن بمقدوره ولا لينين ولا الذين جاؤوا من بعده من رؤية كامل المشهد الكوني .. للأسف ، آل روتشيلد وآل مورغان وآل ستانلي وآل روكفلر وغيرها من العوائل المصرفية المالية في العالم التي تحولت في القرن الماضي من عوائل رأسمالية إلى نقدية هم من يرون كامل المشهد بوضوح ..إلى درجة هم الآن القوة الاكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي .. لماذا ؟
لانهم هم من حددوا محيط الاقتصاد العالمي بهذا النحو عبر البنوك العالمية الكبرى مع ان ديناميكية الاقتصاد يحركها العمال وجلهم اليوم في آسيا ، لكن هؤلاء العمال يكدون ليل نهار للحصول على الورقة الخضراء ( الدولار ) التي يشرف على طباعتها الفيدرالي الامريكي ومن يشرف عليه بشكلٍ مباشر من هذه العوائل ..
(5)
ما تبقى من المشهد ، مالم يستطع السوفييت ولا الماركسيين المعاصرين من رؤيته ، بالإضافة إلى الراس النقدي العالمي ، هناك " مرتكز " هذا النظام النقدي ، ألا وهو سياسة البترودولار التي تنتهجها الولايات المتحدة الامريكية .. فالبترول لا يشكل داعماً اساسياً للدولار فحسب عبر استحالة تسعير النفط حالياً بعملة غير الدولار ما يؤدي إلى " حتمية " الطلب العالمي على الدولار ، وهو ما يعني تحويل النفط إلى قيمة اوراق الدولار الخضراء بالمقام الاول ..
لكن ايضاً ، يشكل البترول بصورة اساس عصب الاقتصاد العالمي ومورد الطاقة الرئيسي عبر العالم .. كل دولة صناعية او ناهضة هي بأمس الحاجة إلى بترول يأتيها بسعر " دولاري " من مناطق محددة عبر العالم وليس من اي منطقة في العالم مثل اليابان التي تعتمد على نفط الخليج الاسلامي ... وهو ما لم يستطع ماركس ولينين من رؤيته ايضاً في ذلك المشهد المسطح ..!
" آل روتشيلد " اصحاب وعد بلفور التاريخي وكذلك النخب الرأسمالية الاخرى مطلع القرن الماضي وحدهم كانوا يدركون هذا وايقنوا ما للبترول من اهمية في بناء اقتصاد العالم الجديد بل وتحديد شكل الحضارة في مستقبل هذا العالم وبسط السيطرة السياسية الاقتصادية على عموم آسيا دون ارسال الجيوش .. ! شكل الحضارة الجديدة يقوم على عمال يديرون آلات انتاج شديدة الشراهة ودائمة الجوع للبترول ، الرأسمالية – النقدية العالمية تضع يدها على جل منابع البترول عبر العالم ، لتصبح سيدة ً على كل آلة في العالم .. حتى التي لا تمتلكها في روسيا والصين ودول المقاومة والممانعة مثل ايران وبعض الدول في اميركا اللاتينية ..! الحضارة البشرية ستتوقف بشكل شبه كامل لو توقف ضخ البترول ، النظام النقدي الحالي الذي تتحكم الولايات المتحدة به وتدير به العالم مهدد في اي لحظة بالاضطراب والفوضى نتيجة الحروب والازمات التي اشعلتها اميركا في - وحول مناطق انتاج النفط .. لكي تبقي على نفوذها على البترول من جهة ، وتسرع في وتيرة عودتها لصدارة او الاقتراب من مستوى انتاج وتصدير الصين ..
اللافت في امر الماركسيين القدامى والجدد إنهم يستخفون بقدرة وذكاء التخطيط الاستراتيجي الاميركي الغربي لإدارة الازمات طويلة الامد عبر العالم ، لربما كانت الولايات المتحدة اقل حظاً في خوض الحروب القارية الممتدة منذ فييتنام والصومال وافغانستان والعراق .. لكن هذا لا يعني إن التخطيط والنقلات التكتيكية لإدارة الاقتصاد العالمي من قبل الاميركان هي تحركات فاشلة مثل الحروب ، اميركا دولة الاقتصاد العالمي الحديث الاولى وعملتها هي العملة العولمية الرسمية ويمكنها فعل الكثير بالاقتصاد العالمي ، والخطأ الكبير هو ان لا احد اليوم يفكر .. بماذا يفكر العقل السياسي الاقتصادي الامريكي .. وما هو المنزلق الذي تقود العالم إليه .. حتى تستعيد اميركا مكانتها بعد ان تنخفض قيمة الدولار إلى ادنى حد ممكن ليصبح منافساً شرساً في قابلية التصدير كاليوان الصيني ..؟؟ المجاعة التي تقترب ، واكادُ احس بها ، ستكون جوع " الآلات " للنفط وتوقف عجلة ارتكاز الاقتصاد العالمي في آسيا ، نتيجة تهالك الدول العظمى واقتتالها للسيطرة على المنابع المحددة في بيئات جغرافية بعينها ، خصوصاً ، منطقة الخليج الإسلامي .. فمن مصلحة الولايات المتحدة ان تتهاوى اقتصادات آسيوية مثل اليابان وكوريا والصين في تزامن مع الهبوط الحاد في قيمة الدولار ومستوى الاستهلاك داخل اميركا نفسها حتى يعود لها الاستقطاب كدولة انتاج رقم واحد وليس دولة رفاهية فقط .. لا يعني هذا ان الاميركان سيفلحون في ذلك ، لكنه السيناريو الاكثر " واقعية " حسبما تخبرنا به نمطية وعنجهية السياسة الامريكية و هو ما يكشف لنا حجم الكارثة المقبلة على البشرية جراء ذلك.
الولايات المتحدة لم تكن لتصل إلى سدة قيادة العالم اقتصادياً وسياسياً لولا الحربين العالميتين الاولى و الثانية التي اتاحت لها بعد خراب الاتحاد السوفييتي و اوربا ان تعيد بناء النظام الاقتصادي العالمي وفق ما تخطط له النخب المصرفية والصناعية هناك .. سلوك الادارة الامريكية الحالي ينذر بقيادتها لدفة الاقتصاد العالمي نحو حرب عالمية او حزمة من الحروب الاقليمية طويلة الامد في عموم آسيا تساعدها على استعادة مكانتها القديمة بعد اضعاف آسيا وانهاكها ..
(6)
الماركسية .. وحتى تكون نظرية ممكنة التطبيق إما ان تكون بحاجة إلى " ثورة عالمية " شاملة تبسط اليد على منابع النفط وتعيد تسعيره بعملات غير العملات الرائجة في الغرب الرأسمالي ومنها الدولار ، وهو حلمٌ شبه مستحيل .. أو تنتظر البشرية حتى تدخل " الطاقة البديلة " في حيز التطبيق التكنولوجي ، حينها ستصبح الآت الانتاج ( ادوات الانتاج بالاصطلاح الماركسي ) لا تحتاج إلى " حليب الطبيعة " الذي نسميه البترول ..
ستصبح حينها الآت ذاتية التغذية auto-trophy وليست بحاجة إلى عملية ارضاع من مسافة جغرافية بعيدة تهيمن عليها وتشرف عليها بشكل مباشر دول المركز الرأسمالي – النقدي المعاصر ..
فمشكلة التغذية الذاتية للآلة هي اساس كل مشاكل العالم المعاصر ..
ونظرية فلسفية علمية مثل الماركسية حين تتعامل مع " الآلات " وتعتبرها مجرد وسائل انتاج Product Means دون بحث " الحاجات " الاساسية لتطور وديمومة هذه الآلات تكون قد وقعت في اكبر اخطائها الحسابية في مسار تطور الاقتصاد العالمي والتنبؤ بزوال الرأسمالية قبل حلول الاشتراكية ، اذ لم يفسر سر بقاء الرأسمالية حتى اللحظة ..!
فهي وعلى الرغم من اعتبار هذه الادوات اساس حركة التاريخ والتطور الحضاري الانساني ، إلا انها ضربت على مشهد هذه الحركة نوع من الجمود " اللحظي " الذي اختزل ان تكون الآلة هي التي تحرك التاريخ .. لغاية .. تخدم الآلة نفسها بالإضافة لحاجة الإنسان ! فالمعروف اليوم في واقعنا الثقافي الانساني برمته إن الانسان هو سيد هذا العالم ، وهذا صحيح إلى حدٍ معين ، لكن سيادته هذه اصبحت اسيرة احتياجه للآلة ، وبالتالي اصبح الإنسان اسيرا لحاجات الآلة نفسها ، لتتداخل الالة مع الإنسان في بنية وتكوين الحضارة كسعينا الدائب لصيانة وادامة و " إطعام " سياراتنا الشخصية .. وهو ما يعني ان التاريخ لا يمضي كما هو التصور السائد ، النخب النقدية العليا وحدها التي تدرك ربما تعقيد هذا المشهد ..
فتحول التكنولوجيا إلى مصادر طاقة ثورية تجعل من المصادر الجغرافية الحالية عديمة القيمة ( مثل الجاذبية المضادة Anti-gravity ) سيؤدي بصورة طبيعية إلى تفكك الوحدة السياسية للمنظومة الرأسمالية حول العالم ..
حينها سيكون لكل دولة واقليم في العالم القدرة على ادارة شؤونها بمعزل عن الدول الاخرى ما يؤدي إلى بروز شكل جديد من " الاستقلال " السياسي لكل دولة وهو ما سيدعم التحول الاشتراكي بكل تأكيد عبر تدخل مباشر من سلطة كل دولة ( وهو ما يؤشر لعودة النظم العسكرية في مسرح التاريخ ازاء مثل هذا التحول ) .. فيما عدا هذا التحول الثوري التقني ، يصبح الامل الماركسي حلماً صعب التحقيق ولا اقول مستحيلاً ، لكنه سيكون بالغ الصعوبة حتى لو اجمعت كل جماهير الامم على ثورة عالمية شاملة .. !
وبصورة عامة ، بهذا التحول التقني أو بدونه ، السياسة الرأسمالية – النقدية التي يدار بها اقتصاد العالم دون ان تدرك بشكلها الكلي إلا من قبل نخب تخطيط خاصة هي سياسة تدفع عالم اليوم لمزيد من الكوارث والازمات وربما ادت إلى حروب كونية شاملة تتسع قد يصعب على الانسانية النهوض بعدها مقارنة بما حدث بعد الحرب العالمية الثانية ..
اذ قد يصاب العالم بأمراض مزمنة من الازمات ، وقد تتحول العديد من دول العالم إلى دولٍ فاشلة على غرار الصومال ..
وحين يتزايد عدد هذه الدول بشكل يشمل نصف سكان العالم ، تكون حينها قد " سقطت " الحضارة.
[/b][/b][/b][/b] | |
|