** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 النصاب بطليموس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

النصاب بطليموس Empty
01092011
مُساهمةالنصاب بطليموس



النصاب بطليموس Arton2221-27efe
لا
بدّ بداية أن أشكر الأستاذ محمد الحاج سالم على تعقيبه المعنون: (1) وأحيي
فيه هذه الروح العلمية الرصينة والمثابرة، والأفق الموسوعي المعرفي،
والخلاصات القيّمة، وأغتنم فرصة هذا الحوار الراقي والحيويّ، لإبراز وجهة
نظر التيار النقديّ، تجاه التاريخ، ومكوّناته الأساسية من تراث كتابي
وموروث وآثار حسية وأركيولوجيا. وقبل كل شيء أسجّل عدم معرفة وإلمام
بالمأثور الفلكيّ لعصر الحضارات الكبرى أو الأنتيكا والقرون الوسطى،
بإستثاء معلومات عامة، يعرفها ( المساكين وأبناء السبيل ). فهذه الأمور
مناط عمل المؤرّخين، والمختصّين، وقد يكون سبب تجاهل تلك المعارف والعلوم،
كونها تقع في إطار صورة أفلاطونية للعالم، تجاوزتها علوم الحداثة، بما
تملكه من أدوات وتقنيات حديثة، وهذا لا يعني إغفال دور العلوم اليونانية
والإسلامية، التي كانت بالتأكيد دينامو تشغيل عصر النهضة، لهذا اخترت
متعمدا، نصّ (توبر) عن ابن عاصم الغربالي، لإبراز دور الفلكيين المسلمين في
تحريض المغامرة الأوروبية الكبرى. فعندما يترجم بيورباخ Peurbach أزمنة
ابن عاصم ويستنسخها عام 1460م، ثمّ نكتشف في أماكن مختبئة، أنّ بيورباخ هو
أستاذ ومعلم Regiomontanus ريغيومونتانوس( 1436ـ1476م ) أحد أكثر العقول
توقدا، في تاريخ أوروبا (2) (وضع الجداول الفلكية، التي استخدمها فيما بعد
كولومبس، وفاسكو دوغاما، في غزو الكوكب) فهل كان لأزمنة ابن عاصم وغيره من
فلكيي العرب أثر مباشر على ريغيومونتانوس؟ وهل كان موته المفاجئ قدرا
طبيعيا؟ أم كان يخفي لحظة حادة في خضم معركة تشكيل رؤية العالم، التي
قادتها الكاثوليكية بنجاح ساحق؟

فالنقد
لذاته ليس مهما، والشطحات والأطروحات العشوائية التي يتبناها بعض النقاد،
تبدو مزعجة، المهم تلك الإضاءات المعرفية التي تختبئ وراء أسئلتهم الجريئة.
فإثارة الشك حول ما هو يقينيّ ومطلق، باستخدام العقل النقدي، كان وما زال
طريق المغامرة الإنسانية. ومرة ثانية ولكي توضع الأمور في سياقها، سأنطق عن
هوى يعني أصحابه، إذكاء لوهج هذا النقاش المحتضر، الذي أعتقد أنه يدور،
بين تلامذة درس التاريخ الرسميّ، وبين أقرانهم في مدرسة المشاغبين، ومبدئيا
أودّ وضع علامات رئيسية، قد تساعد على عدم اتساع رقعة الجدل، وثانيا:
لمعرفة اللاءات والأسباب التي يتذرع بها هذا التيار:


أولا، معظم
التراث الكتابي المنسوب إلى عصر الأنتيكا والعصور الوسيطة، تم تداوله
بإعادة نسخه يدويا، ومن النادر وجود مخطوطات أصلية (إلا بعد القرن 10 أو
11ميلادي)، وغالبا ما وقع النساخ في أخطاء وسهو طبيعيين (من قبيل ترجمة
Widder بالجدي، بدل الحمل كما حصل مع كاتب السطور، أو كما حصل مع الأستاذ
محمد الحاج سالم ، عندما ذكر أن بطليموس توفي 138 ق.م ) وأحيانا كثيرة
تعرضت النسخ لإضافات وحشو لاحق، حسب إملاءات دوغماسياسية، وأحيانا تم
اختلاقها، ولم تسلم من ذلك حتى النصوص المقدسة التأسيسية، وسير مؤسّسي
الأديان.


ثانيا،
في حقل المصنفات العربية، هناك نظرة ريبة وشكوك بسبب إعادة إنتاجها
كتابيا، بمعنى إعادة توليفها لتتناسب مع مناخ زمنيّ آخر وهذا يعكس تناقضات
داخلية وتغير سياسي ودوغمائي. ومن المعتاد أن يسمع المرء الرواة والوراقين
والنساخين يتحدثون بإسم المؤلف (وقال رحمه الله ..) وأحيانا يستمر سرد
أحداث أعقبت موت المؤلف بقرون (3)، وهذا ينطبق على المخطوطات، فما لدينا
الآن من الكتب عبارة عن نسخ منسوخة عن نسخ أخرى، بعيدة زمنيا عن مصدرها
الأم(4) .

ثالثا،
وهذا ينطبق على الموروث الكتابي للكنيسة الشرقية، التي عانت من انقطاعات
لغوية، وأبستمولوجية، وتدهور حقيقي للمعرفة، وقد يستغرب المرء أن بعض
بطاركة الكنيسة النسطورية، التي هجرت العراق إلى الأناضول، أعقاب اجتياح
تيمورلنك، كانوا أميين، وأشبه بشيوخ القبائل الكردية المجاورة، وكانوا
يورثون كرسي البطريركية لأبنائهم، في ظل غياب الثقافة الكتابية (5).

رابعا،
معظم الصورة التاريخية للشرق القديم، والكشوف الأركيولوجية للحضارات
الكبرى (المصرية والرافدية) تم تفصيلها، وتأويلها بواسطة علماء آثار
ولسانيات في القرنين 18و19م وعلى إيقاع الحدث التوراتي، بما فيها من تزمين
للحقب، وقوائم الملوك والسلالات، ويمكن القول بأن بداية التنقيب
الأركيولوجي، في المشرق العربي، كان بسبب سباق محموم لاكتشاف أرض حكاية
الكتاب المقدس.

خامسا:
أما التقاويم، التي استخدمتها الشعوب، فقد خضعت هي الأخرى لأنماط من
التأويل، فعندما يتم تداول تقويم مدينة بصرى مثلا(انطلق عام 105ميلادي
لإنشاء المدينة) ثم يُستخدم ذلك في قراءة تاريخ مدوّن على قبر منسوب لامرئ
القيس، فإننا في الحقيقة نخضع لسلسلة من التأويلات والقراءات، وهنا لا بد
للعين البصرة أن تتقمص دور ضابط تحقيق جنائيّ يسأل عن القنصل أو القيصر
الروماني، الذي أسس المدينة وعن الوثيقة ( غير المنحولة ) الدالة على ذلك
التاريخ، وعن نقش امرئ القيس ومكتشفه، وهل كان تأويل الكتابة النبطية
والأرقام المدوّنة حقيقيا، وصولا إلى ربط كل ذلك بالتقويم الميلادي، وفي
النهاية يعاد طرح السؤال الأزلي: متى وُلد المسيح؟؟ بالتأكيد هذه طريقة
استفزازية، لكن هؤلاء ينطلقون من شكوك كبيرة، في وجود تلاعب وخلل في تركيب
الصورة التاريخية. ولابد من الاعتراف بأن كثيرا من التقاويم، لم تستخدمها
العامة، بل اقتصرت على مراكز الثقافة الكتابية من دواوين ملكية وسلطانية
وكهنوتية ( وعلى سبيل الدعابة، أذكر بأقدم تقويم في التاريخ ، استمر حتى
منتصف القرن العشرين، وكان يؤرخ اعتمادا على أحداث ومناسبات، كموت أحد
الأعيان، أو زفاف ابنه أو يوم معركة حامية بالعصيّ والمقاليع. وفي إحدى
المرات اصطاد بعض القرويين في منطقتنا ضبعا، وبسبب الجوع الكافر قاموا
بطهيه والتهامه، فكان يوما مشهودا. ويُذكر أن أحد أقاربي ُولد في السنة
الثانية لعام [الضبع] ، والسؤال: أي عام ميلادي صادف ذلك؟؟ لا أحد يعرف
بالضبط).


[size=16]أما
بصدد الاعتراضات التي وردت في تعقيب الأستاذ محمد الحاج سالم، فهي محقّة،
ومؤسسة على تراكم معرفيّ، من الصعب تجاهله، وأتّفق معه بأنّ أطروحات (
توبر) حول المناخ، غير جدّية أحيانا، لكن عرضه لهذا الموضوع مهمّ للغاية،
حتى ولو كان مستفزّا، وعشوائيا.. فهذه العشوائيات قد تتحول يوما إلى نظام
رؤية جديدة؟ ومثال على ذلك ما ورد في هامش التعقيب (رقم 16) حين استعان
الأستاذ محمد الحاج سالم بمرجع: (ماجد عبد الله) شمس الحضارة والميثولوجيا
في العراق القديم، دار علاء الدّين200، وأطلعنا عن القوى المحورية، التي
تسبب الترنّح في دوران الأرض، وتغير اتجاه المحور الدوراني للأرض، وبالتالي
تغير نقاط الاعتدال الربيعي، في إطار تفسيره لانتقال بداية الربيع البابلي
من 4 أبريل، إلى 21 مارس!!


أليست
هذه النظرية إحدى فرضيات (وربما عشوائيات) فيلكوفسكي، صاحب كتاب : أزمنة
في فوضى، وأحد أباء النقاد الحاليين والذي سبب صداعا وإزعاجا للباحثين،
بسبب فكرته عن ( الكوارث، ودورها في نهاية وتدمير الحضارات) (6) ونظرا
لأهمية هذا الموضوع أودّ تناول هذه النقطة ببعض الإسهاب لأن فرضية
فيلكوفسكي، عن حدوث ترنح أو رجّة (Ruck )أثناء دوران الأرض في مدارها، سبب
انشقاقا عميقا حول فكرة الثبات النيوتنية، التي قارنت الكون بساعة ( أوميغا
) فائقة الدقة، تدور بانتظام، من وإلى الأزل؟ إذ يمكن بقوانين نيوتن
للحركة، إجراء حسابات ارتجاعية عن مسيرة الفلك في الماضي السحيق والتنبؤ عن
حركته في المستقبل البعيد ( وهذه هي الفكرة المهيمنة على التراث العلمي
الأوروبي ) أما جذور فكرة فيلكوفسكي، فتعود إلى جدل مبكر ساهم الفلكيون
العرب في إنضاجه، هذا ما يكشفه المرء، حين يعود إلى ريغيومونتانوس ( مذكور
أعلاه) الذي كتب عام 1474م كتابا (7) يؤكد فيه بشكل نهائيّ، ثبات هذا
النظام الكونيّ، ودقّته، وبهذه الفكرة يكون قد وضع حجر الزاوية لكوبرنيكس
وكيبلر ونيوتن، لكن كتابه هذا جاء أساسا لدحض آراء (مهرطقة) لجيرهارد
الكرموني، الذي ترجم في القرن12م النصوص الفلكية العربية واليونانية إلى
اللغة اللاتينية، والتي تنقل وجهة نظر، وحسابات عربية تؤكد، عدم اتزان
النظام الفلكي، واضطرابه وتذبذب حركته كما ورد في فرضية فيلكوفسكي، وبهذا
يكون تيار النقاد "العشوائيين" قد ساهم في زحزحة فكرة جوهرية مؤسسة لتاريخ
العلوم الأوروبية الحديثة( ليس تماما) هذا ما يلمسه المرء أيضا في أفكار
الفيزياء (الما -دون الذرية) الحديثة، والحديث عن ( نظام فوضى) ، يتعارض مع
التصوّر الديكارتي الرياضي، ويستعصي إدراكه وتصوره، أو تجسيده داخل مفردات
اللغة


جريمة بطليموس:
عام
1977 نشرت جامعة Johns Hopkins الأمريكية كتاب الباحث الفلكي روبرت نيوتن
(8)، المعنون : جريمة كلاوديوس بطليموس. ولأهميته، اقتبست بعض الأفكار، كما
وردت عند كريستوفر ماركس (9) و توبر(10) فمضمون النص يمنح إطلالة مهمة على
النقاش الفلكي، باعتبار ر. نيوتن أهم باحث استطاع أن يتجول في علم فلك
العصور القديمة، ويعيد حسابها، بجهد علمي غير مسبوق، ويطلعنا بالدرجة
الأولى على المجسطي، (أهم عمل فلكي، لأكبر عالم عرفته العصور العتيقة) وقبل
ذلك، أجد من المناسب وضع توطئة مفيدة عن الحركة العكسية للنجوم (كان أشار
لها الأستاذ محمد الحاج سالم باختصار).

بما
أن السنة الاستوائية( الأرضية) أقصر من السنة الفلكية ب20دقيقة، لذا فإن
لحظة الاعتدال الربيعي ( تساوي الليل والنهار ) تحدث قبل بلوغ الشمس موضعها
الفلكي الذي كانت فيه قبل عام. ولعودة تطابق السنتين (الاستوائية
والفلكية)، يتوجّب على الشمس أن تدور دورة كاملة ( 360درجة) وتمرّ أمام
جميع الأبراج، وتسمى هذه الدورة بالسنة الأفلاطونية، ومدتها 25900عام، عليه
فإنّ كل درجة ( حركة عكسية) تساوي 72سنة، وكل انتقال بين برجين يلزمه
2100عام . أما تحديد يوم الاعتدالين (الربيعي أو الخريفي) فقد عرفت الشعوب
القديمة طريقة سهلة، إذ يتم وضع قضيب أو رمح ( ساعة شمسية)في أرض مستوية،
وعندما يشكل خط ظل الشروق وخط ظل الغروب خطا مستقيما، يكون إيذانا بحلول
الاعتدال وتساوي الليل بالنهار. ولقياس الحركة العكسية للشمس ( والنجوم )
يتم تعيين النجم الذي اقترن مع الشمس لحظة الاعتدال الأول، وبحكم الضرورة
فإنّ هذا النجم سيظهر في منتصف ليلة الاعتدال الآخر في الجنوب (180درجة )
لذا كان التقرير الفلكيّ عن ولادة أغسطس مهمّا جدّا، وقد حدّد يوم 23
سبتمبر ولادة للقيصر، وهو يوم الاعتدال الخريفي، آنذاك تم اقتران
النجم Spika مع الشمس (نجم سبيكا: أحد النجوم اللامعة في برج العذراء) هذا
يعني أنّ مطلع النجم سبيكا في الاعتدال الربيعي 21 آذار سيكون في الجنوب،
وتم ربط ولادة أغسطس ( وضمنيا المسيح ) بأشعار فرجيل التي اعتبرها الرومان
نبوءة. ويقول الشعر: الآن عادت العذراء ثانية لتعظم القيصر وسلالته الجديدة
التي أرسلتها السماء. وأطلق الرومان عليها لاحقا، صاحبة العفة لوثيا
(حاملة الضوء) الإلهة الأم للرومان، وهي تتساوى على المستوى الشعري مع
النجم سبيكا (برج العذراء) والآن يمكن بسهولة قياس الحركة العكسية له ليعرف
المرء كم من السنوات مضت منذ أغسطس.


وعودة
إلى بطليموس (المجسطي المجلد السابع 2.3) الذي يذكر أن الفلكي
هيبارخHipparch ( 130 ق.م) استخدم النجم سبيكا نقطة قياس، معتمدا على
Timocharis تيموخاريس (290 ق.م ) وعليه حدد بطليموس ( 140م) انحراف النجم
بست درجات بالنسبة إلى هيبارخ، وثمانية إلى تيموخاريس، وفي هذه الحالة يكون
الفرق (2 درجة ) بين تيماخورس وهيبارخ صحيحا تقريبا، لكن المسافة منهما
إلى بطليموس خاطئة .

روبرت
نيوتن، كشف في كتابه، أن بطليموس اعتمد على معاينات وجداول فلكية سابقة له
ولم يراقب الفلك بنفسه، وهنا ينبري توبر ليزعم بأن أخطاء بطليموس، حدثت
لاحتمالات عديدة، إحداها بسبب تزوير الكتب، وربما إعادة صياغتها وكتابتها
من قبل العرب. فهل نسخ بطليموس هيبارخ بشكل ملتبس؟ هل أساء العرب استخدام
بطليموس؟هل تطلب حشو تلك الحسابات في عصر النهضة ولصقها ببطليموس لتخطي
عقبة الـ 300سنة المزعومة ؟ هل قام بطليموس فعلا بخداعنا؟


لكن
روبرت نيوتن، الذي أعاد كل حسابات المجسطي، يجد أن بطليموس خدع معاصريه
والأجيال من بعده، لأنه سجل معاينات اقتبسها من جداول قديمة، وكل المعلومات
التي نسبها لنفسه هي حشو قام بحسابه في وقت لاحق، وهي لا تتطابق مع الزمن
الذي عاش فيه (140 ميلادي )، فخطّ منتصف النهار لمدينة الإسكندرية(
ميريديان) ونقطة التعادل الربيعي، ووضع القمر وعطارد وغيرها من جداول
مراقبة الكواكب والنجوم الثابتة، وبالإجمال فإنّ كلّ معلومات المجسطي
مغلوطة، فنقطة الربيع، تتأخر 28 ساعة، ونقطة الانقلاب الصيفي 36 ساعة، وخط
الميريديان يتقدم نصف ساعة عن موعده. وكلما تقدم روبرت نيوتن في كتابه،
ازداد غضبا وحنقا فيقول: لقد فبرك بطليموس مراقبته الفلكية بذكاء، فهو يحدد
الوضع القمري، ويعطي بدقة زمن استخدامه لأجهزة المراقبة، وفي النهاية يكون
كل شيء مكذوبا ، لأن القمر في الوقت المزعوم لم يكن في المكان المزعوم.
وكذلك تحديده لمساحة (النجوم الـ 1030 ) فهي خاطئة، وتثبت أن بطليموس لم
ينظر نحو السماء قط، وهذا ينطبق على الأرقام التي أوردها عن سابقيه ،
كالخسوفات الثلاثة بين ( 382ـ381 ق.م ) فهي أيضا مختلقة، ويتعرض نيوتن إلى
جداوله التي ذكرت قوائم ملوك بابل بين 746 ق.م والإسكندر المقدوني، ويحذر
ويطالب بإعادة التثبت وحساب التاريخ البابلي بدون معلومات بطليموس. ويؤكد
ر. نيوتن أن 17 مراقبة فلكية لعطارد، ثمان قام بها بطليموس وست ديونيسسيوس
الإسكندي [ قرن 3ق.م ] والأخيرة صحيحة نسبيا، أما المعاينات الفلكية
لبطليموس فخاطئة وتدل أنها مأخوذة من قرون قديمة، وهذا ينطبق على 11مراقبة
لكوكب الزهرة. ستة منهن لبطليموس ( خاطئة ) والباقي لتيون وتيموخاريس، وهي
جديرة بالثقة. ثم يذكر بأن بعض مخطوطات المجسطي أضافت معاينات فلكية
متأخرة، وضعها هيليودور Heliodor للفترة بين 490و 510 م وهناك مراقبة فلكية
تعود إلى 475م وهذه جميعها معلومات موثوقة؟؟ فقط معلومات هيليودور جديرة
بالثقة هذا ما اكتشفه إسماعيل بويار I. Bouillard في القرن 17م وكذلك
الفرنسي دولامبر Delambreعام 1817.


أما
بخصوص المراقبة الفلكية في أوروبا، فقد قام نيوتن بمراجعة 50 كتابا فلكيا
ألمانيا تعود للقرون الوسطى، حُددت فيها أزمنة حدوث الخسوف والكسوف،
وبحسابات ارتجاعية أثبت وجود ست حالات صحيحة من أصل تسعة وثلاثين، وعلى
امتداد أوروبا وجد 27 حادثة ذات مصداقية من أصل 183 حادثة فلكية مدوّنة.

وما
يهمني في هذا الموضوع إضافة توبر الذي يقول: إن راوي المجسطي الفلكي
المسلم الكفء ابن يونس، ( يُزعم أنه عاش حوالي 1008م) كتب ما يلي: ثبت
بالمعاينة الفلكية وحساب القياسات لوضع الشمس، أن معلومات هيبارخ صحيحة،
أما معلومات بطليموس فيتوجب أن تكون خاطئة. ووفق حساب هذا الفلكي المسلم،
فإنّ المسافة الزمنية بينه وبين هيبارخ ( التي تبلغ 11 قرن ونصفا حسب
التاريخ الرسمي الحالي ) غير صحيحة، ويجب على ابن يونس أن يعيش في القرن
13م ويصبح معاصرا للفلكي القشتالي السابيوEl sabio ( صانع جداول ألفونسو)
ويسأل توبر: أي تاريخ هجري تحمله نصوص ابن يونس؟ وهل هناك مخطوطات تتضمن
معلومات أكيدة وغير منحولة؟؟[ وهنا أتوجه إلى من يهمه الأمر، فجميعنا يعرف
أن أبا سعد عبد الرحمن بن يونس المصريّ، أحد أهم الفلكيين العرب بعد
البتاني توفي عام 399هجري، وكتب الزيج الحاكمي، في عهد الحاكم الفاطمي، لكن
هذه الإجابة الكلاسيكية غير كافية لإقناع توبر؟ فهل هناك من مخطوطات أصلية
مؤرخة تثبت ذلك؟)


أما
الملاحظة المهمة جدّا لروبرت لنيوتن فتشير إلى أن المراقبة الفلكية لحلول
الانقلاب الصيفي بواسطة ميتون Methon يوم 28 يونيو 432ق.م الساعة العاشرة
في أثينا، ربما تكون معلومة القياس الوحيدة التي استخدمها اليونان القدماء،
وهي تبتعد 296سنة عن زمن هيبارخ !! هنا يتدخل توبر ليؤكد أن القفزة من
ميتون إلى هيبارخ تساوي ما جاء في فرضية إليغ عن السنوات الشبحية، أما
القفزة من هيبارخ (130ق.م ) إلى بطليموس (140م ) فتبدو لتوبر لثاما تقصّد
وضعه كتاب عصر النهضة، الذين قاموا بحشو حسابات هيبارخ وإلصاقها ببطليموس
ليتسق حسابهم للمسافات الزمنية، التي أطالت الزمن ثلاثة قرون. لذا يعتقد أن
معلومات المجسطي وحسابات النجوم لعصر الأنتيكا، تحتمل معنى وحيدا، هو
تأبيد الصورة التاريخية والتحايل على قفزة الـ297 سنة، التي حدثت في القرون
الوسطى، وتدعيم أجيال العهد القديم بقوائم ملكية بابلية، وبهذا البناء
التاريخي المدجج بالمعلومات الفلكية لا يتمّ دعم الكتاب المقدس فقط، بل
كامل نظام رؤية الكون، ويختم قائلا :إذا وجدنا تقارير ونصوصا عربية، مستقلة
عن النصوص الفرنجية، وتتحدث عن شارلمان، وتعطي معلومات متطابقة ومتزامنة،
فإننا سوف ننقذ قيصر القياصرة، وإذا انعدمت هذه الشهادة فإن فرضية إليغ
H.Illig( حو ل القفزة الزمنية) صحيحة.


رأي وتقييم:
خلال
مراجعتي لما كتبه توبر، أرى أن زجّ ابن يونس في القرن 13ميلادي خطأ جسيم،
وتناقض مزعج، خصوصا أنّ الفترة الفاطمية جيّدة التوثيق التاريخيّ، وتقع
خارج أية فجوة محتملة، وكان حريا به أن يلقي هيبارخ في سلّة المهملات،
فملاحظة ر. نيوتن عن الانقلاب الصيفي الذي سجله ميتون عام 432ق.م واعتبارها
علامة القياس الوحيدة، لليونان القديمة تؤكّد ( لي شخصيّا) أنّ المجسطي
خدع ابن يونس أيضا. إن إعادة لبعض الأرقام والتواريخ تجعلنا نحدس بأن
هيبارخ هو شبح داخل المجسطي، رغم أنه من آباء الفلك ويُنسب إليه بداية حساب
الحركة العكسية للنجوم (بدقة تفوق سابقيه )وحساب طول السنة بدقة عالية،
وهو مذكور في مصادر عديدة غير المجسطي لكن أعماله المعروفة لم تصلنا، فتوبر
لم يتجرأ على شخصية بهذا المقام والحضور في تاريخ الفلك ( إلا تلميحا )
لكنه استسهل في النهاية التلاعب بتاريخية ابن يونس، (رغم وصفه له
بالكفاءة).

إنّ المسافة
بين بطليموس(140م) وهيبارخ (130ق.م ) وفق معلومات المجسطي (72 سنة× 6
درجات ) تساوي 432 سنة وهذا خطأ فادح، لكن هذا الرقم يتطابق مع المسافة
الزمنية بين بطليموس ( 140م )وتيموخاريس( 290 ق.م ) أما المسافة الزمنية
المجسطية بين بطليموس وتيموخارس ( 8 درجات ×72 ) 576 سنة، فهي تتساوى
تقريبا مع المسافة بينه وبين ميتون ( 140+ 432) وعليه فإن حساب ابن يونس
يصدق إذا ألقينا هيبارخ بإتجاه تيموخاريس، فهذا أجدى من التشكيك بتواريخ
وأحداث قريبة، مازالت تحتفظ نسبيا بتماسكها.

ملاحظة:
إن مطلع النجم سبيكا ( ليلة الاعتدال الربيعي ) في زمننا الحالي يقع على
203.88 درجة، أي أنّ حركته العكسية منذ أغسطس ليومنا بلغت 23.88
درجة [203.88 ـ 180] عليه فإنّ الزمن من أغسطس ليومنا يبلغ حوالي 1720سنة [
23.88×72] ومن المعروف أنّ المسيح وُلد في زمن هذا القيصر!! وهكذا فإننا
نعثر على تأكيد إضافي لنظرية إليغ حول السنوات الشبحية (11)
أخيرا
وبعد أن قدم ر. نيوتن برهانا، من خلال حساباته الفائقة الدقة، وأعلن عن
كشف أكبر فضيحة في علوم الأنتيكا أقتبس أهم جملة حماسية قالها: إنّ المجسطي
سببت ضررا لعلوم الفلك أكثر من أي كتاب آخر، وبطليموس ليس الفلكيّ الأكبر
في تاريخ العلوم، بل شيء شديد الغرابة : إنه ألمع نصّاب في تاريخ العلوم.

بعد أن قرأت هذه الكلمات، تذكرت عملية نصب تعرضت لها في الإسكندرية، فضحكت.

[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

النصاب بطليموس :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

النصاب بطليموس

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: