** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 ربيع براغ وماي 68 بين السياسة والأدب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جنون
فريق العمـــــل *****
جنون


عدد الرسائل : 2121

الموقع : منسقة و رئيسة القسم الفرتسي بالمدونات
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

ربيع براغ وماي 68 بين السياسة والأدب Empty
01092011
مُساهمةربيع براغ وماي 68 بين السياسة والأدب



ربيع براغ وماي 68 بين السياسة والأدب Arton10235-c5112
1



في سبتمبر 1968، وقد رجّتني تراجيديا الزحف الروسي على تشيكوسلوفاكيا،
أمكنني قضاء بضعة أيام في باريس. كان كلّ من جوزيف وزدينا سكوفرشكي(1) هناك
أيضا. تعاودني صورة شابّ خاطبنا بعدوانية : « ماذا تريدون بالضبط أنتم
التشيكيون؟ هل مللتم الاشتراكية بعدُ؟ »
خلال الأيام ذاتها تناقشنا
طويلا مع حلقة من الأصدقاء الفرنسيين الذين كانوا، من جانبهم، يرون في
الربيعين، الباريسي والتشيكي، حدثين متقاربين يشعّ منهما ذات الروح
المتمرّد. كان هذا أكثر لطفا على السمع بكثير، لكنّ سوء التفاهم كان لا
يزال قائما :
كان ماي 68 انفجارا غير منتظر. أمّا ربيع براغ فكان تتويجا
لمسار طويل ضارب بعروقه في صدمة الرعب الستاليني للسنوات الأولى التي تلت
1948.



كان ماي 68، الذي حملت لوائه في البداية هبّة الشباب، موسوما بغنائية ثورية. أمّا ربيع براغ فقد ألهمته ريبية الكهول المابعد-ثورية.
كان
الــــ ماي الباريسي مناهضة لعوبا للثقافة الأوروبية منظورا إليها
باعتبارها مضجرة ورسميّة ومتكلّسة. أمّا ربيع براغ فقد كان افتخارا بذات
تلك الثقافة التي خنقتها طويلا البلاهة الإيديلوجية. كان دفاعا في الآن
ذاته عن المسيحية وعن الكفر المتحرّر وطبعا عن الفن الحديث (أقول جيّدا :
الحديث، لا مابعد الحديث.)
كان ماي 68 يعلن بوضوح أمميّته. أمّا ربيع براغ فقد كان يريد أن يعيد إلى أمّة صغيرة أصالتها واستقلالها.



بفعل " صدفة عجيبة " التقى هذان الربيعان المتواقتان ولكن القادمان من زمنين تاريخيين مختلفين على " طاولة تشريح " السنة نفسها.



2
ارتبطت بداية الطريق نحو ربيع براغ في ذاكرتي
بالرواية الأولى لسكوفورشكي، الأوغاد، المنشورة سنة 1956 والتي استقبلت
بشماريخ الكراهية الرسمية. هذه الرواية التي كانت تشكّل نقطة انطلاق عظمى
من الجهة الأدبية تتحدّث عن نقطة انطلاق تاريخية : خلال أسبوع من ماي 1945
ولدت أثناءه من جديد جمهورية تشيكوسلوفاكيا بعد ستّ سنوات من الاحتلال
الألماني. ولكن لمَ كلّ تلك الكراهية؟ هل كانت الرواية معادية للشيوعية
بكلّ هذه العدوانية؟ أبدا. فسكفورشكي يقصّ فيها حكاية رجل عمره واحد وعشرون
سنة يعشق الجاز بجنون (مثل سكوفورشكي نفسه) تأخذه دوّامة حرب تشارف على
النهاية كان يتهاوى خلالها الجيش الألماني وكانت المقاومة التشيكية تبحث
فيه عن ذاتها على نحو أخرق وكان فيه الروس قادمين. لا معاداة إذن للشيوعية،
وإنما موقف لا سياسي على نحو عميق، حرّ وخفيف وغير إيديولوجي على نحو
"وقح".



وأضف إلى ذلك الحضور الشامل للدعابة، للدعابة غير اللائقة. وهذا ما
يجعلني أعتقد أنّ الناس يضحكون بكيفيات مختلفة في كلّ بقاع العالم. كيف
يمكن أن ننكر حسّ الدعابة لدى برتولد برشت؟ ولكنّ اقتباسه المسرحي لرواية
الجندي الهمام شفايك تؤكّد أنه لم يفهم شيئا من البعد الكوميدي لدى هازيك.
إن دعابة سكوفورشكي (مثلها مثل دعابة هازيك أو هاربال) هي دعابة من هم
بعيدون عن السلطة ولا طميعة لهم في السلطة وينظرون إلى التاريخ باعتباره
ساحرة عمياء تدعو أحكامها الأخلاقية إلى الضحك. وإنني لأجد أن من المعبّر
جدّا أنه في هذا الروح غير الجدّي والمعادي للأخلاق وللإيديولوجيا قد بدأت
في فجر الستينات عشرية عظيمة من الثقافة التشيكية (بل هي آخر العشريات التي
يمكن نعتها بالعظيمة).



3
آه على سنوات الستين العزيزة تلك. كنت أحبّ أن
أردّد أيامها على نحو كلبيّ : النظام السياسي الأمثل هو "ديكتاتورية في
حالة تحلّل". فالجهاز القمعي يشتغل على نحو أكثر فأكثر سوءا…غير أنه قائم
بعدُ من أجل تحريك الفكر الناقد والمتهكّم. خلال صيف 1967، وبسبب انزعاجهم
من المؤتمر الجريء لاتحاد الكتّاب وتقديرهم أن البجاحة قد بلغت أشواطا
كبيرة، حاول أصحاب الدولة جعل سياساتهم أكثر صلابة. لكن عداوة الفكر النقدي
كانت قد طالت اللجنة المركزية ذاتها، بما أنها قرّرت أن يرأسها سنة 1968
شخص مجهول : ألكسندر دوبتيش. بدأ ربيع براغ : مقهقها رفض البلد أسلوب
الحياة المستورد من روسيا. انفتحت حدود الدولة كلّها واستقلّت كل المنظمات
(من نقابات واتحادات وجمعيات) التي كانت في الأصل مقيّضة لتبليغ إرادة
الحزب للشعب لتغدو أدوات غير منتظرة لديمقراطية ما كانت منتظرة. وولد (دون
أي مشروع مسبق، على سبيل تقريبا) نسق كان حقا دون سابقة : اقتصاد مؤمّم
مائة بالمائة، فلاحة بين يدي التعاضديات، لا فقراء جدّا ولا أغنياء جدّا،
مجانية التعليم والصحة، حرّية الكتابة دون صنصرة ومن ثمّة ازدهار الأدب
والفن والفكر والمجلاّت. أجهل ما كانت آفاق مستقبل هذا النسق ضمن الوضع
الجيوسياسي آنئذ ولا شكّ أنها كانت منعدمة. ولكن من الذي بإمكانه في وضع
جيوسياسي آخر. وعلى كلّ حال فإن تلك الثانية التي وجد خلالها هذا النسق،
تلك الثانية كانات مبهِرة.



ضمن معجزة في بوهيميا (التي اكتملت سنة 1970) يروي سكوفورشكي هذه الحقبة
المتراوحة بين 1948 و1968. والمفاجئ في الأمر هو أنه يسلّط نظرته الريبية
لا فقط على "بَهامة" السلطة وإنما أيضا على المناهضين، على تلويحاتهم
المغرورة التي كان ربيع براغ مسرحا لها. لهذا السبب فإن هذا الكتاب، لم
يتمّ منعه فحسب، مثل باقي كتب سكوفورشكي، وإنما لم يرق للمعارضين الذين
أصابتهم عدوى الأخلاقوية بحيث لم يكونوا يحتملون تلك الحرية غير اللائقة،
حرية السخرية غير اللائقة.



4
حين تناقشنا أنا وسكوفورشكي وزوجته خلال سبتمبر
1968 بباريس مع أصدقاء فرنسيين بخصوص ربيعيْنا لم نكن خلوين من الهموم :
كنت أفكّر في عودتي الصعبة إلى براغ. وكانا من جهتهما يفكّران في هجرتهما
الصعبة إلى تورنتو. وقد يسّر عليهما هذا الخيار غرام جوزيف بالأدب الأمريكي
وبالجاز. (كما لو أن كلّا يحمل في ذاته منذ شبابه الأوّل منفاه المحتمل :
فرنسا بالنسبة لي وأمريكا الشمالية بالنسبة لهما). غير أن آل سكوفورشكي
كانا وطنيين بقدر ماكانت مواطنتهما الكونية عظيمة. آه، أعلم ذلك جيّدا الآن
كيف أنه كان ينبغي، في زمن الحفلات التنكرية التي كان يشنّها التنميطيون
في أوروبا، أن يقال (باستخفاف) "قومي" عوضا عن "وطني". ولكن أعذرونا، إذ
كيف كان بإمكاننا ألاّ نكون وطنيين في تلك الأوقات العصيبة؟ كان آل
سكوفورشكي يقطنان منزلا في تورنتو خصّصا منه بيتا لنشر أعمال الكتّاب
التشيكيين الممنوعين في بلادهم. لم يكن ثمّة أهمّ من ذلك آنئذ. ولا أتحدّث
عن الأدب باعتباره سلاحا سياسيا. أتحدّث عن الأدب باعتباره أدبا. وعلى كلّ
حال فإنه لم تكن هناك أية منظّمة سياسية تموّل آل سكوفورشكي الذين كان
ينبغي عليهما التعويل على قواهما وتضحياتهما الذاتية باعتبارهما ناشرين. لن
أنسى ذلك مطلقا. كنت أقيم بباريس في حين كان قلب بلادي الأمّ في تورنتو
بالنسبة إليّ. مع نهاية الاحتلال الروسي لم يعد هناك سبب لنشر كتب تشيكية
خارج الحدود. من وقتها كان جوزيف وزندا سكوفورشكي يزوران براغ من حين لآخر.
لكنهما كانا يعودان دوما إلى وطنهما. إلى وطن منفاهما القديم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

ربيع براغ وماي 68 بين السياسة والأدب :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

ربيع براغ وماي 68 بين السياسة والأدب

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الأخلاق في السياسة من خلال محاضرة ماكس فيبر "مهنة رجل السياسة والتزامه"
» إشكالية العلاقة بين الفلسفة والأدب
» دروبيون ما بين الفلسفة والأدب من اتصال
»  هل من حدود للحرية الجنسية في الفن والأدب
» الروائي إبراهيم عبد المجيد يحكي عن الثورة المصرية والأدب

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: