تحليل: تركيا تفقد صبرها مع سورية وتزن البدائل
2011-06-27
انقرة ـ رويترز: تواجه تركيا خطرا متناميا يتمثل في
امتداد الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية في سورية لاراضيها ويخشى البعض
ان يؤدي تدفق اللاجئين السوريين لقيام القوات التركية بعمليات حدودية على
مقربة من القوات السورية.
ودفعت حملة الرئيس السوري بشار الاسد ضد
المعارضة علاقات بلاده التي كانت وثيقة مع تركيا في وقت ما لنقطة
الانكسار. ودفع قمع الاسد الدموي للاحتجاجات 12 الف سوري للنزوح شمالا
واللجوء لمخيمات في تركيا بينما تتحرك القوات السورية لغلق الحدود. واحتدت
اللهجة التركية تجاه سورية وطالبت الاسد علنا بالسير على طريق الاصلاح
ووصفت حملته 'بالوحشية' ولكن محللين يقولون ان انقرة ما زالت تأمل ان يغير
الاسد موقفه.
ويوم الجمعة قال أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي إن
الخطاب الذي القاه الأسد تضمن 'عناصر إيجابية مثل إشارات إلى الإصلاح'
مضيفا أن المهم أن يتبع اقواله بأفعال.
وقال دبلوماسي غربي على دراية بالمنظور التركي 'يبدو الاتراك قلقين لغياب بدائل لنظام مستقر'.
وتابع 'افضل امالهم - رغم انهم ليسوا سذجا- ان ينفذ الاسد بشكل ما اصلاحات ذات مغزى سعيا لانقاذ نفسه'.
وسورية
دولة حليفة لإيران وهي في قلب العديد من الصراعات في الشرق الاوسط. وستقع
تبعات عدم الاستقرار في سورية على تركيا التي تربطها حدود مشتركة مع
العراق وإيران إيضا.
وقال غاريث جنكينز وهو محلل امني في اسطنبول 'الخوف من المجهول عامل رئيسي'.
وتابع
'حزب العدالة والتنمية متحفظ جدا. يفضل التعامل مع الشيطان الذي يعرفه
والاسد شيطان يعرفه' في إشارة للحزب الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب
اردوغان والذي حسن علاقاته مع سورية ودول مسلمة اخرى.
وقد تقرر تركيا التخلي عن الاسد اذا ما انزلقت سورية نحو حرب اهلية بين جماعات طائفية وعرقية.
ورغم
ان تركيا دولة غير عربية الا ان تركيبتها السكانية تتشابه مع سورية. ويوجد
في كل من سورية وتركيا أغلبية سنية واقليتان كردية وعلوية. وتنتمي أسرة
الاسد للاقلية العلوية.
وكتب مراد يتكين رئيس تحرير صحيفة 'حريت'
اليومية في الاونة الاخيرة 'يشير البعد الاستراتيجي والسياسي إلى أن
الاستقرار في سورية حيوي للاستقرار في الشرق الاوسط.
'ولكن هذا لا يعني دعم النظام الحالي بأي ثمن لان الحكم البعثي لم يعد بوسعه توفير الاستقرار في ظل إصراره على سياسته الحالية'.
ومع
تدفق اللاجئين على الحدود اوردت وسائل الاعلام ان القيادات السياسية
والعسكرية في تركيا تدرس إقامة منطقة عازلة داخل سورية في حالة زيادة حادة
في اعداد اللاجئين.
وينفي مسؤولون ان تكون لديهم دراية بمثل هذه الخطط.
وزار
قائد الجيش الثاني التركي قرية جويتشتشي الحدودية هذا الاسبوع ليطلع بنفسه
على كيفية انتشار القوات السورية قرب الحدود ووضع اللاجئين.
وباغت تدفق
نحو 500 ألف شخص عبر الحدود من العراق تركيا ابان حرب الخليج في عام 1991
وبقي البعض في تركيا لفترة بعد انتهاء الحرب. وشهدت السنوات التالية تواجد
مجموعات صغيرة من القوات التركية في 'المنطقة العازلة' في شمال العراق.
ولا
ترحب دمشق بوجود قوات تركية على اراض سورية وكاد البلدان ان يخوضا حربا في
اواخر التسعينات بسبب ايواء سورية متمردين اكرادا اتراكا.
ومازالت
انقرة تشهد توغلات لمتمردين اكراد يسعون لاقامة دولتهم في الجنوب والشرق.
وتحرص تركيا على فتح حدودها امام حركة التجارة مع سورية وإيران والعراق
وفي نفس الوقت منع تسلل المتمردين.
وقال جنكينز ان اقامة منطقة عازلة
في سورية ينطوي على مخاطر في ظل مخاوف بعض الدول العربية من طموحات خارجية
'عثمانية جديدة' للاتراك ولكنه ذكر ان انقرة ربما تضطر لاقامة المنطقة
العازلة في حالة تدفق اعداد كبيرة من اللاجئين.
وفشلت تركيا في استغلال
ثقلها الاقتصادي لارغام دمشق على التغيير نظرا لان انقرة أكبر شريك تجاري
لسورية الا انها تناور للتعامل مع اي تبعات.
وقبل أشهر قليلة فقط عقدت
تركيا وسورية اجتماعات حكومية ومناورات عسكرية مشتركة والغيتا شرط الحصول
على تأشيرة دخول. وفي وقت سابق من الشهر الجاري استضافت تركيا مؤتمرا
لشخصيات سورية معارضة في مدينة انطاليا كما يعمل اعضاء من جماعة الاخوان
المسلمين المحظورة من تركيا.
وفي ذات الوقت لاحت بوادر تحسن في العلاقات الفاترة بين تركيا وإسرائيل عدوة سورية.
وتدهورت
العلاقات التركية الإسرائيلية بشدة حين هاجمت قوات خاصة إسرائيلية قافلة
بحرية تدعمها تركيا تحمل مساعدات لغزة العام الماضي وقتلت تسعة نشطاء
اتراكا.
وقال سامح ايديز خبير السياسة الخارجية في صحيفة ميليت التركية
'انهارت سياسة التقارب مع سورية كليا ولكن سنرى تركيا تبحث عن هامش جديد
للمناورة في ظل اي وضع يطرأ بدلا من ان تبلغ نقطة تفقد فيها صبرها مع
الاسد'.
كما قادت الازمة السورية لتعاون اوثق بين انقرة وواشنطن بعد خلافهما بشأن إيران.
وناقش
اردوغان الذي سبق ان امضى عطلة مع الاسد الازمة السورية مرتين مع الرئيس
الامريكي باراك اوباما على الهاتف في الاونة الاخيرة واتفقا في الرأي بشأن
حاجة دمشق لتنفيذ اصلاحات.
وقاد قمع الاسد للاحتجاجات لتصعيد تدريجي لعقوبات اقتصادية امريكية واوروبية ضد مسؤولين سوريين ولكن تركيا لا تقر العقوبات.
وقال
دبلوماسي غربي 'يمقت الاتراك العقوبات. عانى الاتراك كثيرا من عقوبات
استمرت لفترات طويلة على العراق في ظل حكم (الرئيس السابق) صدام والآن في
ايران. آخر ما يريده الاتراك اخضاع دولة ثالثة على حدودها الشرقية لعقوبات
دولية'.
واضاف 'على الارجح لن يترددوا في ان يشيروا لنموذجي صدام
وإيران في حديثهم مع الاسد اذا استمر في قمع شعبه وتحدي الرأي العام
العالمي'.