|
المعلم خلال مؤتمره الصحافي في دمشق امس (ا ف ب) |
|
|
عناصر من القوات السورية يشيعون في حمص امس جثامين 20 من قوات الامن قتلوا في جسر الشغور (ا ف ب) |
|
|
دمشق ـ «السفير»
بروكسل ـ «السفير»
تولى
وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس مهمتين أساسيتين، الاولى الرد على
حملة الانتقادات الخارجية، والاوروبية تحديدا، والتأكيد على ما قال ان
البعض أغفله في مضامين الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الاسد قبل
يومين في ما يتعلق بخطوات الاصلاح الدستوري والسياسي في سوريا.
وكان
الهجوم الاعنف الذي شنه المعلم، على الاتحاد الاوروبي حيث قال ان دمشق
ستتجاهل وجودها على الخريطة، فيما وجهت اكثر من ملاحظة باتجاه أنقرة التي
قال ان دمشق تبادلها حبا من طرف واحد، داعيا إياها الى مراجعة مواقفها من
الاحداث في سوريا، وملمحا بوضوح الى تورط تركي ما في الاضرابات، متسائلا
عن سبب إقامة مخيمات للنازحين المحتملين حتى قبل بدء الهجوم العسكري على
جسر الشغور. لكن الوزير السوري، في هجومه الدبلوماسي الذي بدا فيه هادئا،
لم يغفل توجيه التحية الى من يقف الى جانب سوريا في ما تواجهه، خصوصا
لبنان وروسيا والصين.
وأعلن المعلم انه لن يكون هناك تدخل عسكري أو
حظر طيران فوق سوريا، وذلك بعد ساعات من كشف صحيفة «حرييت» التركية أن
الرئيس الأميركي باراك أوباما تناول في اتصاله الهاتفي برئيس الحكومة
التركية رجب طيب اردوغان الاثنين الماضي مسألة إقامة منطقة حظر طيران فوق
سوريا «لحماية المدنيين من قمع النظام»، وتأييدهما أن يتحرك المجتمع
الدولي بصورة جدية في اتجاه مماثل لتحرك مجلس الأمن الدولي تجاه ليبيا.
(تفاصيل صفحة 13)
واتفق ممثلو الاتحاد الأوروبي في بروكسل على توسيع
العقوبات التي فرضوها على سوريا، مضيفين إليها أسماء أربع شركات، وسبع
شخصيات جديدة، بينها 3 إيرانيين، معتبرين أنها مرتبطة بالنظام السوري
ومسؤولة عن «قمع المتظاهرين».
وقدم المعلم، في مؤتمر صحافي في دمشق،
توصيفا للصورة التي ترغب القيادة السورية بأن تكون البلاد عليها بعد مدة،
فتحدث عن دولة ديموقراطية يتساوى فيها الجميع أمام القانون وتتحقق فيها
العدالة الاجتماعية ويحاسب فيها المقصرون. وشجع أقطاب المعارضة، وبينهم
جماعة الإخوان المسلمين، على المشاركة في الحوار الوطني، مؤكدا «رفض سوريا
أي تدخل خارجي لأننا نتحرك ونستظل بالمصلحة الوطنية السورية الجامعة لنا».
وبعد أن أكثر الصحافيون من التركيز على الانتقادات الأوروبية لسوريا،
قال المعلم «القافلة السورية تسير والكلاب تعوي» في إشارة لإسقاط الخارج
من الحسابات. وبدا واثقا من مواقف «الأصدقاء» من الدول، مسمّياً روسيا
ولبنان وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل والصين في مجلس الأمن الدولي.
وأعلن
المعلم أن أنقرة لم تتصرف «كصديق في وقت الضيق» داعيا القيادة التركية إلى
مراجعة مواقفها، متحدثا بما يشبه «الخيبة» عن «حب من طرف واحد»، ليذكر بأن
الطرفين قادران على التأثير بعضهما على بعض.
كذلك انتقد المعلم تصريح
الرئيس التركي عبد الله غول من دون أن يسميه، بعد ان وصف خطاب الاسد بأنه
«غير كاف». وتساءل المعلم «كيف يكون غير كاف وقد نص على تعديل الدستور بما
في ذلك المادة 8 أو تغيير الدستور»، مضيفا «أليس الدستور في أي بلد هو
الإطار الذي يرسم الحياة السياسية للمجتمع؟». وأوضح أن السياسة السورية
تقوم على إشراك الجميع في صنع القرار وصياغته، وهو السبب وراء إعلان فتح
باب النقاش لمشاريع القوانين.
ونوه المعلم بأن الأسد بصلاحياته كرئيس
للجمهورية، وفي غياب مجلس الشعب، كان قادرا على أن يصدرها كقوانين «لكنه
لم يفعل وتركها للحوار الوطني، لأنه أراد أن تكون هذه هي الديموقراطية في
أوضح صور ممارستها». وأضاف «هذه القوانين والمراسيم الإصلاحية تركت للحوار
الوطني لكي يشعر كل سوري أنه شريك في صناعة مستقبله السياسي.. ولن نجلس 10
سنوات، فهي مسألة أسابيع بالنسبة إلى سوريا».
وأشار إلى أن ردود فعل
المسؤولين الأوروبيين صدرت على خطاب الرئيس بشار الأسد قبل سماعه، وهو
مؤشر على أن «لديهم مخططاً يريدون السير به بهدف زرع الفتنة والفوضى في
سوريا»، معتبرا أن العقوبات الأوروبية «تستهدف لقمة عيش المواطن السوري،
وهذه توازي الحرب». وذكر بما قاله في العام 2006 أمام مجلس الشعب بأننا
«سننسى أن أوروبا على الخريطة، وسأوصي قيادتي بتجميد
عضويتنا في
الاتحاد من أجل المتوسط، وكنا قد جمدنا حوارنا من أجل الشراكة الأوروبية.
سننسى أن هناك أوروبا على الخريطة وسنتجه شرقاً وجنوباً وبكل اتجاه يمد
يده إلى سوريا».
ونفى المعلم «نفياً قاطعاً وجود تدخل إيراني أو من
حزب الله في ما يجري على الأرض السورية»، مؤكداً في الوقت ذاته «وجود دعم
سياسي إيراني ومن حزب الله لسوريا لتجاوز هذه الأزمة».
وحول الحديث
عن وجود حظر جوي ضد سوريا، قال المعلم «أؤكد من خبرتي انه لن يكون هناك
حظر جوي على سوريا، ولن يكون هناك تدخل عسكري خارجي بالشأن السوري». وقال
«إننا لا نأخذ دروسا في الإصلاح من أحد، وحين ننتهي سنعطيهم دروسا في
الديموقراطية». وأضاف، ردا على انتقادات بهذا الشأن، إن «القافلة السورية
تسير والكلاب تعوي».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم التجمع الوطني
الديموقراطي حسن عبد العظيم لوكالة «اسوشييتد برس» انه يرفض الدعوة للحوار
ما دام «السلاح موجهاً إلى رؤوسنا». وأعلن أن المعارضة قد تعلن، خلال
أسبوع، تأليف «المجلس التنسيقي الوطني من أجل التغيير الديموقراطي»، موضحا
انه سيضم جميع المجموعات المعارضة داخل سوريا وخارجها.
وقالت وكالة
الأنباء السورية (سانا) «شيع من المستشفى العسكري في حمص جثامين 20 من
عناصر قوى الأمن قضوا في مجازر جسر الشغور على أيدي التنظيمات الإرهابية
المسلحة إلى مقبرة الشهداء باللاذقية». وأشارت الى انه سيتم اليوم تشييع
جثامين 26 عنصرا.
ميدانيا، ذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان
رامي عبد الرحمن أن «قوات الأمن داهمت بعنف المدينة الجامعية في دمشق
واعتقلت أكثر من مئة طالب»، مشيرا إلى «حدوث عدة إصابات في صفوف الطلاب
عندما انهال رجال قوى الأمن وأعضاء من اتحاد الطلبة الموالي للنظام عليهم
بالضرب».
عقوبات أوروبية جديدة
وفي بروكسل، اتفق ممثلو الاتحاد
الأوروبي على توسيع العقوبات التي فرضوها على سوريا، مضيفين إليها أسماء
أربع شركات، وسبع شخصيات جديدة، بينها 3 مسؤولين إيرانيين، معتبرين أنها
مرتبطة بالنظام السوري ومسؤولة عن «قمع المتظاهرين».
وكشف مصدر
دبلوماسي في بروكسل لـ«السفير» أن العقوبات الموسعة ضمت سبع شخصيات، بينهم
ثلاثة ضباط في الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى مسؤول الأمن في الرئاسة
السورية اللواء ذو الهمة شاليش، والمدير السابق لمؤسسة الإنشاءات العسكرية
رياض شاليش، ورجلي الأعمال السوريين خالد قدور ورياض القوتلي.
أما
الشركات السورية التي شملتها العقوبات فهي، بحسب المصدر، «بنا» العقارية
و«صندوق المشرق للاستثمار» اللتان تعود ملكيتهما لرجل الأعمال السوري رامي
مخلوف، و«حمشو الدولية» لرجل الأعمال محمد حمشو، و«مؤسسة الإسكان العسكري»
الحكومية. وستقر حكومات الاتحاد رسميا العقوبات الجديدة اليوم قبل البدء
بتطبيقها غدا.
ولفت مصدر آخر، اطلع على المداولات الأوروبية بشأن
العقوبات، إلى أن معاقبة شخصيات إيرانية جاء بناء على مبادرة من بريطانيا،
وان هذه الشخصيات موجودة سلفا على قائمة العقوبات التي كان قد فرضها
الاتحاد الأوروبي على طهران. هذه المسألة الأخيرة، سببت بعض «الخلافات»
بين الأوروبيين، إذ أشار المصدر إلى «صعوبات قانونية وقضائية» تتعلق بوضع
الأشخاص أنفسهم على قائمتي عقوبات مختلفتين ومنفصلتين. وهنا لفت المصدر
إلى أن مسألة اختيار قوائم العقوبات الأوروبية تلقى بعض الصعوبات في أماكن
أخرى ولأسباب مختلفة، مستشهدا بتقديم المصريين، عبر مؤسسة الجيش، قائمة
بأسماء حوالى 150 شخصية مصرية كي يعاقبها الأوربيون، الأمر الذي أثار
«استغراب وحــتى ســخرية» الأوروبـيين من «ضخامة القــائمة».
وكررت (
ا ف ب، ا ب، رويترز) واشنطن مطالبتها «بأفعال لا أقوال»، معتبرة أن الوضع
الحالي غير مقبول. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر
«لقد ألقوا الكثير من الخطابات، وفي الوقت ذاته استخدموا العنف استخداما
متواصلا ضد المدنيين الأبرياء».
وفي نيويورك، اعتبر الأمين العام
للأمم المتحدة بان كي مون أن الأسد لا يتمتع بأي «مصداقية»، وحض مجلس
الأمن الدولي على تجاوز انقساماته حيال الأزمة السورية. وقال «لا أجد
مصداقية تذكر في ما قاله حتى الآن». وأضاف «كم سيستغرق هذا الأمر من وقت؟
ينبغي عليه (الأسد) أن يتخذ إجراءات ملموسة».
وقال انه سيكون «من
الأهمية بمكان أن يحسم مجلس الأمن الأمر بصوت واحد حيال الأزمة السورية»
مشيرا إلى انه يبحث الموضوع مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وأشار إلى
انه يرحب بإعلان الأسد عن عفو عام لكنه أضاف «بالطبع، ينبغي عليه أولا أن
يحترم إرادة شعبه وتطلــعاته. لكن المجتــمع الدولي يتوقع الكثير»، مضيفا
انه سيحاول التحدث إلى الأسد.
وفي روما، اعتبر وزير الخارجية
الإيطالي فرانكو فراتيني أن أي تدخل ضد سوريا، عدا فرض عقوبات اقتصادية أو
توجيه إدانات لها، من شأنه زعزعة استقرار الشرق الأوسط.
وردا على
اتهامات المعلم الذي قال إن باريس «تمارس سياسة استعمارية»، قال المتحدث
باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «منذ بضعة أشهر، دعت فرنسا
باستمرار السلطات السورية إلى فتح حوار سياسي وتطبيق الإصلاحات التي تلبي
التطلعات التي عبر عنها الشعب السوري». وأضاف «منذ ذلك الحين، حبس نظام
بشار الأسد نفسه في منطق العنف الأعمى الذي لا يفضي إلى نتيجة». وتابع ان
«موقف فرنسا من الأنظمة التي تستخدم العنف ضد شعوبها معروف: فهي تفقد
شرعيتها ولا تؤدي إلا إلى تفاقم مناخ العنف في بلادها».