الكرخ فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 964
الموقع : الكرخ تاريخ التسجيل : 16/06/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4
| | الزرواطة لا تحل المشاكل وإنما تفاقمها الزرواطة لا تحل المشاكل وإنما تفاقمها - Hespress عبدالسلام بنعيسي Saturday, June 11, 2011 تقوم قوى الأمن في البلدان الديمقراطية بتوفير الحماية للمظاهرات السلمية. تتميز العلاقة بين المتظاهرين ورجال الأمن في تلك الب | |
الزرواطة لا تحل المشاكل وإنما تفاقمها عبدالسلام بنعيسي Saturday, June 11, 2011 تقوم قوى الأمن في البلدان الديمقراطية بتوفير الحماية للمظاهرات السلمية. تتميز العلاقة بين المتظاهرين ورجال الأمن في تلك البلدان بكونها ذات طابع سوي. المتظاهرون في الشارع يعبرون بشكل جماعي عن مطالبهم، وقوى الأمن تراقبهم ولا تقترب منهم إلا إذا قام بعض المتظاهرين بتجاوز حقهم المشروع في التظاهر وأرادوا التعدي على حقوق غيرهم، من قبيل محاولة نهب الممتلكات العامة أو الخاصة، أو رشق واجهات المحلات التجارية بالحجارة، أو ما شابه ذلك..حتى حين تتدخل القوى الأمنية فإن تدخلها يكون بهاجس حماية القانون والسهر على مرور المظاهرات في جو يطبعه الهدوء والأمن. إذا رفض بعض المتظاهرين الانصياع لأوامر قوى الأمن وبادروا إلى الاشتباك معها، فإن استعمالها للقوة يكون في حده الأدنى وللدفاع عن النفس أساسا. بمجرد ما يتم إلقاء القبض من طرف رجال الأمن على أي متظاهر، ممن لا يتقيدون بشروط التظاهر السلمي، فإنهم يكتفون باقتياده لسيارة الشرطة، ويتم إيداعه هناك، في انتظار التدابير التي يتم اتخاذها في حقه لاحقا..في البلدان التي لا تنعم بالديمقراطية، ومن ضمنها وطننا السعيد، فإن العلاقة بين رجال الأمن والمتظاهرين يطبعها في الغالب الأعم التوجس والتوتر وانعدام الثقة. التظاهر لا يُنظر إليه باعتباره حقا مشروعا تتم ممارسته بشكل تلقائي وطبيعي، وأنه آلية من آليات، الاحتجاج على مظالم، والتعبير عن مطالب يتعين الاستجابة لها من طرف من بأيديهم السلطة. التظاهر ُينظر إليه على أساس أنه تطاول على الحاكمين، وتحد لهم، وينم عن نزعة للتمرد والثورة على الأوضاع القائمة، ويضمر رغبة في الإطاحة بها، إنه من منظور رسمي ( زياغة ودصارة) طبقا للتعبير الدارج..ولذلك نرى الطريقة الموغلة في العنف التي يتعامل بها رجال الأمن مع المتظاهرين. لا تكتفي القوى الأمنية في بلدنا بأداء مهمتها التي تنحصر في تفريق المتظاهرين والحيلولة دونهم والقيام بمظاهراتهم السلمية، يشعر المرء كأن هذه القوى تستغل مثل هذه المناسبات لتضرب وتضرب بأقسى درجات القسوة كل من أسقطه حظه العاثر بين أيديها. تبدو المهمة في نظر البوليس وكأنها تتلخص في الضرب والتنكيل بالمتظاهرين. نكون أمام حفل يمارس فيه سلوك سادي ضد الذين تصادف وجودهم في الشارع لحظة تفريق المظاهرات.لقد شاهدنا في مرات عديدة صورا لمواطنين محاصرين من طرف رجال البوليس، والبعض منهم كان طريح الأرض، ورغم عدم مقاومتهم ووجودهم في حالات أقرب للاستسلام، فإن الهراوات كانت تتهاوى فوق أطرافهم، وفوق رؤوسهم، وكانت الدماء تنهمر من أجسادهم، ولم تكن قوى الأمن تتركهم لحال سبيلهم إلا وهم على وشك الموت. البوليس في المغرب لا يتوقف عند تشتيت المتظاهرين ومنعهم من التظاهر، إنه يلاحقهم في أسطح العمارات والمباني وفي كل مكان يلجؤون إليه، يلاحقهم ليشفي غليله فيهم بالضرب والسب والشتم والقذف دون تمييز بين المرأة والرجل، وبين الصغير والكبير، فحتى الأطفال الذين في عمر الزهور شاهدناهم يعنفون من طرف قوى الأمن. يشكل تصرف البوليس هذا المتمثل في الضرب من أجل الضرب اعتداء سافرا على المواطنين. إن فيه دهسا للقانون، ويحدث ذلك على مرأى ومسمع من الجميع. لا يمكن للبوليس أن يتصرف بهذه الطريقة التي تضرب بالقانون وبحقوق الإنسان عرض الحائط، لولا شعوره بأنه محصن ضد أي متابعة. لا يمكن لرجل الأمن أن يعتدي على الناس بغير وجه حق، لولا أن جهة ما، أكبر منه، هي التي تحرضه على القيام بذلك. إنه ينفذ الأوامر التي تأتيه من الفوق، ويطبق سياسة الدولة في الميدان.حين لفظ الشاب كمال عماري من حركة 20 فبراير أنفاسه الأخيرة واستشهد في مستشفى آسفي جراء الضرب المبرح الذي تلقاه من البوليس، فإن المسؤولية في وفاته لا تقع على رجال الأمن لوحدهم، إنها تقع على الدولة المغربية التي أعطت الأوامر بضرب المتظاهرين وطحنهم في الشوارع. لو تركت الدولة للشباب ممارسة حقهم في التظاهر السلمي، ولو لم تقرر الحسم معهم وإخراجهم منه بالقوة والقهر، لما ضُرب كمال العماري بكل تلك القسوة إلى أن فاضت روحه إلى باريها.نفي السلطات المحلية بآسفي كون كمال عماري توفي نتيجة للضرب، وإنما بسبب ضيق في التنفس، قبل إجراء أي تحقيق مستقل ونزيه، وتشبتها بنفس الطرح بعد إجراء ما أسمته خبرة طبية شرعية، لا يبيض صفحة السلطة، لا على المستوى المحلي ولا على المستوى المركزي، ولكنه نفي يذكر المواطنين بالأسلوب الذي كانت تلجأ إليه ذات السلطة في الستينات والسبعينات والثمانينات.. حين كان بعض شباب اليسار يقضون نحبهم في ضيافتها تحت التعذيب، وكان الجواب الجاهز الذي يعطى حينها لذويهم وللرأي العام بشكل أوتوماتيكي هو أنهم قضوا انتحارا داخل زنازينهم. إذا لم تقطع الدولة المغربية مع مثل هذه الممارسات، وإذا استمرت في إعادة إنتاجها من حين لآخر، فإنها، رغم الدستور الجديد الذي ستطرحه على الاستفتاء، ورغم ما ستصاحبه من دعاية تتحدث خلالها عن الانتقال من عصر إلى عصر، فإن الدولة ستجد أن من المستحيل عليها أن تقنع المغاربة بأنهم غادروا بشكل نهائي وفعلي الزمن الذي كانوا يطلقون عليه سنوات الرصاص. من مصلحة الدولة وصونا لسمعتها يتعين عليها وضع حد فاصل ونهائي لاستعمالها للزرواطة بشكل عشوائي وغير مبرر ضد تظاهرات سلمية مهما كان نوعها. الزرواطة لا تحل المشاكل وإنما تساهم في تفاقمها واستفحالها. الرصاص لم يفد في قمع المتظاهرين في مناطق متعددة من العالم العربي، فبالأحرى الزرواطة في مغربنا.. | |
|