الظواهري وخطاب الزعامة
رأي القدس
2011-06-08
الدكتور ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم
'القاعدة' اصدر شريطا مصورا يوم امس نعى فيه الشيخ اسامة بن لادن، واكد
مواصلة الحرب ضد الولايات المتحدة الامريكية، واشاد بالثورات الشعبية
المندلعة حاليا في سورية واليمن وليبيا.
الشريط الذي يعتبر الاول منذ
مقتل زعيم تنظيم 'القاعدة' اثناء غارة امريكية على منزله في بلدة ابوت
اباد الباكستانية، حدد نهج التنظيم بعد استشهاد مؤسسه وزعيمه السابق، وهو
مواصلة 'التحريض' ضد الولايات المتحدة ومخططاتها خاصة في ليبيا.
الدكتور
الظواهري اكد على 'ضرورة مواصلة الجهاد لطرد الغزاة من ديار الاسلام
وتطهيرها من الظلم'، وبعث برسالة تأييد 'لكل المجاهدين في افغانستان
وباكستان والعراق والصومال وجزيرة العرب والمغرب الاسلامي' وحثهم على مزيد
من الجهد 'لقتال الصليبيين' وشد على يد 'المجاهدين في فلسطين' مؤكدا ان
امريكا لن تهنأ بالامن حتى تعيشوه واقعا في فلسطين'.
هذا الخطاب هو
خطاب قائد يحل محل قائد آخر قضى نحبه، فما ورد فيه من عبارات وتوجيهات
يختلف كليا عن نهج وصياغة الخطابات المصورة، او السمعية السابقة للدكتور
الظواهري، فنحن امام قائد مسؤول يصدر التوجيهات والاوامر لفروع 'القاعدة'
في مختلف المناطق، ويحدد لها مسار العمل، ويشدد على ثوابت التنظيم
واولوياته.
نقطة اخرى لا يمكن تجاهلها في الخطاب وهي تتعلق بقوله ان
الولايات المتحدة ستندم اشد الندم على اغتيالها لزعيم التنظيم، مما يعني
ان الاستعدادات جارية لعملية، بل ربما اكثر من عملية انتقامية للثأر من
مقتل شيخ 'القاعدة'.
تنظيم 'القاعدة' عندما يتوعد بالانتقام فانه غالبا
ما يترجم اقواله الى افعال. فعندما قصفت ادارة الرئيس بيل كلينتون مواقع
التنظيم في افغانستان باكثر من 70 صاروخ كروز في آب (اغسطس) عام 1998 كرد
على تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي (كينيا) ودار السلام
(تنزانيا) اكد تنظيم 'القاعدة'، وفي بيان نشرته هذه الصحيفة في حينه، ان
الانتقام سيأتي مزلزلا، وبعد ذلك بثلاثة اعوام افاق العالم بأسره على
انباء الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وكذلك البنتاغون
مقر وزارة الدفاع الامريكية في واشنطن.
من الصعب التكهن بخطوة تنظيم
'القاعدة' الانتقامية المقبلة ومكانها، ولكن من الجائز القول بان ما يجري
في المنطقة العربية حاليا من احداث يجعل تنفيذ التهديدات اكثر سهولة من اي
وقت مضى. فاليمن الذي تتواجد على ارضه حاليا قيادة التنظيم في الجزيرة
العربية يتحول بسرعة الى دولة فاشلة، اما ليبيا فان كميات كبيرة من
الاسلحة من المحتمل ان تكون وقعت في ايدي الجماعات الاسلامية التي تقاتل
الى جانب الثوار ضد نظام العقيد معمر القذافي، وقد عبر روبرت غيتس وزير
الدفاع الامريكي عن خشيته من هذا الامر علنا.
وكان لافتا ان الدكتور
الظواهري طالب في الشريط نفسه الثوار الليبيين بعدم التعاون مع حلف
الناتو، او الدخول في مقايضة معه، لانه 'من الخطأ الوثوق في غارات الناتو'
مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة قيام الليبيين بتسليح انفسهم. واذا اخذنا
هذا التحذير في اطار مضامين شريط صوتي سابق طالب فيه تنظيم 'القاعدة'
الجماعات الاسلامية الليبية المتشددة بقتال حلف الناتو وقوات القذافي معا
فانه يمكن فهم الرسالة التي يريد الظواهري ارسالها.
لا شك ان تنظيم
'القاعدة' مني بخسارة كبيرة بعد مقتل مؤسسه وزعيمه الروحي الشيخ اسامة بن
لادن، ولكن يبدو ان التنظيم امتص هذه الصدمة ولو مؤقتا، وبدأ يعيد ترتيب
صفوفه مجددا، ويحسم مسألة الخلافة لصالح الدكتور الظواهري مغلقا الباب على
تكهنات انتشرت في الاسابيع القليلة الماضية تفيد بوجود صراعات على قيادة
التنظيم.