بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1537
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | انهيار الإيديولوجيات السلفية والقومية | |
[b]
[/b] var addthis_config = {"data_track_clickback":true}; [b] جموع هادرة، لا تحمل أية هوية أو طابع إيديولوجي، تخرج من مشارق ما يسمى بالأرض العربية ومغاربها، هاتفة بشعار واحد: "الشعب يريد إسقاط النظام"، ليس إلا، وبعد أن طفح بها الكيل وذاقت الهوان والأمرّين، من كل الأيديولوجيات التي جربت نفسها بجسد وعقول هذه الشعوب فتحولت تلك الإيديولوجيات إلى قنابل تفجر ذات الأنظمة التي حملتها، من جهة، ونار وسعير ولظى تشوى بها الشعوب وسوط كاو للاستبداد، من جهة أخرى، من العلمانية التونسية، إلى تحالف الماضوية القوموية المصرية، مروراً بالجماهيرية الشعبوية الليبية الخضراء، والملكية الوراثية البحرينية، والثورية السبتمبرية اليمنية، والسلطانية العمانية من صحار، وحتى تعريجاً على الأردنية الهاشمية السلالاتية النبوية، وليس انتهاء بالوهابية السعودية الملكية القهرية الاستبدادية التي وصلتها نيران البوعزيزي الحارقة، عبر مظاهرات احتجاجية في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية، وتحديداً في القطيف والإحساء، للمطالبة بالإفراج عن معتقلين سياسيين والمطالبة بالحرية والعدالة المساواة مع بقية السكان. فالكره الشديد والسخط العارم على أنظمة الفساد والنهب والاحتكار والاستبداد أصبح هدفاً مشتركاً تلتف حوله جموع الشباب التي تستقرئ مستقبلها عبر دراسة واقع آبائهم لتأكدهم بأن مصيراً كارثياً مماثلاً لمصير آبائهم، في المذلة والجوع والهوان، هو في انتظارهم إذا ما استمرت هذه السلالات القهرية الظلامية مع شبكات النهب المنظم جاثمة على صدور العباد. وغابت عن هتافات المتظاهرين، قضية فلسطين، تماماً، بعد أن مسخت إلى دويلة بني عباس الكراكوزية، وإمارة بني حماس الطالبانية وتحول الثوار الكبار إلى لوردات وأساطين كبار في عالم المال و"البزنس" والأعمال، كما غابت شعارات الوحدة العربية، والتحرير، وإسرائيل وكامب ديفيد وأمريكا والإمبريالية والاستعمار والصهيونية التي اعتادت الإيديولوجيات الحاكمة بشقيها الثوري والماضوي، أن تجترها، وتتاجر بها على الدوام.
فيما مضى، وحال وصول العسكري العربي المهيب، في الانقلابات العربية الكارثية التي سموها ثورات، إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون، كان يتحف "الجماهير" المتعطشة والمتلهفة له والتي كانت "تنتظره" بشوق وعلى أحر من الجمر، بخطاب إيديولوجي لوذعي حار ولاهب عن إيديولوجياه الحزبية، وقام بثورته التاريخية الفاصلة من أجلها، ونذر نفسه المصون، وضحى، ويا حرام، في سبيلها، لكن هذا الثوري صار أكثر إمبراطورية من هيلاسيلاسي، وأكثر رأسمالية من آدم سميث.
وقد أصبحت الإيديولوجيات التي تلطى خلفها الجنرالات طويلاً، أصناماً وعجولاً مقدسة، وصلت حد التأليه ووضعت القوانين العسكرية والعرفية لعدم المساس بها، وأصبح وجودها مرتبطاً بوجود الحاكم نفسه، والمساس بها، مساس بالحاكم ذاته، وما أدراكم ماذا يعني المساس بالحاكم، فأقل وأقرب "نزهة" مفتوحة للمرء في هذه الحالة، وعلى نفقة الدولة، ستكون إلى ما وراء الشمس.
وكذلك الحال بالنسبة للإيديولوجيات الدينية التي تحولت إلى وسيلة وأداة للاضطهاد والقمع والتنكيل والاستخدام الأبشع للقيم الدينية في استدامة وبقاء تلك السلالات وتأبيد حكمها واحتكار الثروة والقرار، والتحكم برؤوس العباد.
ولم يعد لتلك الإيديولوجيات أي طعم ولا بريق في ظل ارتباطها بالجوع، والاستبداد، والفساد التي جلبته، وصار مجرد ذكر تلك الإيديولوجيات يثير مشاعر القرف، والخوف والاشمئزاز، كما مشاعر القلق، وأصبحت بضاعة تالفة لم يعد بالإمكان الاتجار بها، وتقديمها كحلول وصار شعار من مثل الوحدة العربية، بمثابة مسبة وإهانة شخصية وتقريع وتهكم، في ظل الممارسات القطرية والانعزالية والانغلاق على الذات الوطنية، والسياسات التمييزية والعنصرية والشاذة التي كانت تتبعها الحكومات والأنظمة العربية فيما بين بعضها البعض وتمارس ضد ما تسمى بالشعوب العربية.
ولكن الحال هذا، حال التعصب والتمترس الإيديولوجي، قد تغير وانهار في عصر الثورات البوعزيزية المباركة وأكبر خطأ اليوم تقع فيه أية ثورة في المنطقة هو التلطي بالإيديولوجية والعرقية والإثنية والدينية وما شابه من صنوف العقائد التي تتجه بها نحو الاستبداد، والعودة إلى مربع الأدلجة المريع، الذي سينتهي ولا بد نحو مستنقعات الفساد والاستبداد.
لا إيديولوجيات لا سلفية ولا قومية بعد اليوم. فلم يعد أحد يثق كثيراً بالأيديولوجيات أو بمن يحملها، والناس تريد أن تعيش بكرامتها بعيداً عن صولات وجولات التجار والثوار. ولم تعد تلك الإيديولوجيات تقنع أحداً في ظل فشلها على أرض الواقع وتحولها إلى كابوس رهيب بسبب من استغلالها الخبيث المريب. وهناك روح جديدة، على ما يبدو اليوم، روح تكره وتقطع مع كل الإيديولوجيات وتتجنبها وتهرب منها كي لا تقع في مطب أي استبداد إيديولوجي ومهما كانت هويته، لأن للإيديولوجيات على ما يبدو مسار ومآل واحد وهو الاستبداد. وبات هناك عدو واحد ووحيد للشعوب وهو الاستبداد وصنوه الفساد، ولا يهم هنا إن كانت هويته قومية، أو ماضوية، أو حتى بلشفية حمراء. عدو وغول رهيب وشيطان رجيم يتفق عليه الجميع هاتفين وطالبين بموته السريع والأكيد.
إيديولوجية الثورات البوعزيزية واحدة وهي العداء المطلق لـ"النظام" من كل الأطياف : فالشعب يريد فقط إسقاط النظام، وبعدها لكل حادث حديث.[/b] | |
|