ثورات في كل مكان
رأي القدس
2011-02-18
تجتاح المظاهرات الاحتجاجية معظم العواصم والمدن
العربية تقريبا، ويتزايد عدد القتلى بشكل متسارع بسبب استشراس قوات أمن
الانظمة في التصدي للمحتجين في محاولات محمومة لحماية انظمة قمعية مستبدة.
المظاهرات
الليبية اتسع نطاقها، مثلما تضاعف عدد قتلاها ووصل الى ما يقرب الاربعين،
حيث اطلق النظام قوات امنه وميليشياته للتصدي للمتظاهرين المدنيين، بينما
قتلت قوات الامن خمسة متظاهرين يمنيين بدم بارد، واطلقت نظيرتها البحرينية
النار على محتجين حاولوا العودة الى ميدان اللؤلؤة واصابت العديد منهم.
كانت
مؤلمة رؤية جثث القتلى الذين سقطوا في مجزرة ميدان اللؤلؤة وقد اخترقتها
عشرات الرصاصات.. شبان وشابات سقطوا في هجوم وحشي شنته قوات الامن
البحرينية عليهم في الرابعة صباحا اثناء نومهم.
عشرون قتيلا سقطوا برصاص
الامن في مدينة بنغازي، وسبعة آخرون في مدينة درنة، حسبما ذكرت صحيفة
'اويا' التي يملكها سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي.
حتى الكويت
شهدت مظاهرات غاضبة لفئة 'البدون'، او معدومي الجنسية الذين اضطهدتهم
الحكومة، وهم كويتيون، على مدى نصف القرن الماضي، وحرمتهم من ابسط حقوقهم
الانسانية في المواطنة والمساواة، والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
سورية
التي اعتقد الكثيرون داخل النظام الحاكم انها محصنة من شرارة الانتفاضات
الشعبية العربية، افاقت يوم أمس على بداية تململ شعبي يمكن ان تتسع دائرته،
وذلك عندما اهان شرطي مواطناً سورياً في منطقة الحريقة احدى اهم الاسواق
التجارية في العاصمة، وقال له 'امش يا حمار' فثار المواطنون غضباً انتصاراً
لكرامة زميلهم المهدورة، واضطر وزير الداخلية السوري للذهاب بنفسه الى
المكان لتهدئة المحتجين.
الشعوب العربية بدأت تتحرر من عقدة الخوف،
وتنزل الى الشوارع للمطالبة بالتغيير، تغيير الانظمة، وتغيير السياسات التي
أوصلت الى حالة القهر والظلم التي تعيش في ظلها الشعوب العربية حالياً.
الشعب
الليبي يعيش في ظروف مهينة ويرى امواله تنهب من قبل مافيا الفساد المحيطة
بالنظام، وكرامته تداس من جانب قوات امن متغولة لا ترحم وتمارس ابشع انواع
التعذيب في السجون.
الشعب اليمني يرى كيف تتكدس السلطة والاموال في يد
حفنة صغيرة من الفاسدين، بينما لا يجد قوت يومه، وما يسد رمق اطفاله بالحد
الادنى من فتات الطعام.
والاوضاع في سورية ليست افضل، بل لا نبالغ اذا
ما قلنا انها الاكثر سوءاً بسبب تغول اجهزة الامن، وغياب اي احترام لحقوق
الانسان، وهبوط سقف الحريات الى الحدود الدنيا، هذا اذا كانت موجودة اصلاً.
المخاض
العربي عسير، والانظمة العربية الديكتاتورية تقاوم بشراسة من اجل البقاء
امام هذه الثورات الشعبية، لذلك لن يكون مفاجئاً اذا ما رأينا حمامات دماء،
ومجازر، معظم ضحاياها من الابرياء طالبي الحرية والعدالة والمساواة ولقمة
العيش المغموسة بالكرامة.
الثورات الشعبية ستنتصر في نهاية المطاف،
مثلما انتصرت نظيرتاها في تونس ومصر، وقبلهما ايران وجورجيا والفلبين
واوكرانيا والدول الاشتراكية الاوروبية، فعمر انظمة الظلم والديكتاتورية
والاستبداد يظل قصيراً مهما طال. والنهاية حتمية دون اي شك.