** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
ثورتا تونس ومصر الشعبيتان: آفاق واسعة لمرحلة تاريخية جديدة في المنطقة I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 ثورتا تونس ومصر الشعبيتان: آفاق واسعة لمرحلة تاريخية جديدة في المنطقة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سميح القاسم
المد يــر العـام *****
المد يــر  العـام *****
سميح القاسم


التوقيع : تخطفني الغاب، هذه امنيتي الحارقة حملتها قافلتي من : الجرح الرجيم ! أعبر من ازقة موتي الكامن لاكتوي بلهب الصبح.. والصبح حرية .

عدد الرسائل : 3177

تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

ثورتا تونس ومصر الشعبيتان: آفاق واسعة لمرحلة تاريخية جديدة في المنطقة Empty
07022011
مُساهمةثورتا تونس ومصر الشعبيتان: آفاق واسعة لمرحلة تاريخية جديدة في المنطقة

[b]الثورتان الشعبيتان العارمتان في تونس ومصر أدخلتا
منطقتنا العربية، خلال أسابيع قليلة، في مرحلة نوعية جديدة تماماً، وفتحتا
آفاقاً واسعة غير مسبوقة لتحقيق إنجازات هامة، وطنية واجتماعية، لمصلحة
القطاعات الشعبية الأوسع، وفي النهاية لصالح شعوب المنطقة بمجملها.
وإذا
كانت ثورة تونس المبادرة والمبدِعة قد فاجأت العرب والعالم بوتيرتها
الهادرة والسريعة، بعد ان شكّل مجرد اندلاعها عنصر مفاجأة كبيراً للنظام
الحاكم فيها آنذاك، ولعموم المراقبين والمتابعين، فإن نجاح مرحلتها الأولى،
عبر الإطاحة برأس النظام السابق وعدد من رموزه الآخرين، رسم أمام شعوب
المنطقة، التي تعاني معظم بلدانها من مشكلات شبيهة متراكمة منذ سنوات
طويلة، نموذجاً فذاً لقدرة الشعب وقواه الحية والمقدامة، وبالدرجة الأولى
قواه الشابة المتوثبة، على تحقيق تغييرات كبيرة في واقع حالك مزمن، خلال
زمن قصير، بالكاد خلال شهر واحد بالنسبة للمرحلة الأولى من الثورة
التونسية.
وكل شيء تغيّر بعد هذا النجاح الأول الذي أثار دهشة وإعجاب
الشعوب العربية، التي كانت قد وصلت الى درجة عالية من القنوط من إحداث أي
تغيير في واقعها الراكد والداكن القائم منذ عقود طويلة. وهي عقود شهدت
تراكم وتفاقم القمع السلطوي المترافق مع استشراء الفساد والتبعية، حيث ساد
كم الأفواه وحجب كافة الحريات وحقوق المواطنة، الى جانب تدهور الوضع
المعيشي والحياتي لغالبية المواطنين، الذين باتوا يشاهدون ثروات بلدانهم
تسخّر لصالح قلة صغيرة من "القطط السمان"، كما أسموهم في مصر منذ سنوات
عديدة، وهي قلة غالباً ما تكون متداخلة مع البيروقراطية الحاكمة، وجزءً
أساسياً من مركز القرار في البلد.
فمنذ الرابع عشر من كانون
الثاني/يناير، يوم هذا الإنتصار الأولي الكبير للثورة التونسية، أدركت شعوب
المنطقة العربية في بلدانها المختلفة أن هناك طريقاً مفتوحة أمامها
للتغيير السريع، وأن قوة الشعب الموحد قوة هائلة يمكن أن تطيح بكل الحواجز
والعوائق.
وكان مدهشاً أن تمتد شرارة تونس الساطعة بسرعة شديدة الى
البلد الأكبر والأكثر تأثيراً في عموم هذه المنطقة، البلد الذي فيه من
السكان سبعة أضعاف ونيف ما في تونس، ولديه من الطاقات الكامنة في شتى
المجالات ما يفترض أن يجعل منه بلداً مرشحاً لدور مهم في عالم الغد، خاصة
إذا ما استعاد دوره المركزي في المنطقة. حيث سارع شبان مصر وقواه الحية الى
الإستفادة من النموذج التونسي، عبر احتلال صدارة الشارع والأحداث في هذه
الثورة الشعبية الهائلة التي انطلقت بقوة يوم 25 كانون الثاني/يناير، لتحقق
خلال أيام ما لم يكن يخطر على بال أحد، قبل شهر فقط، أن يتحقق خلال سنوات
طويلة.

الحراك الشعبي المصري كان متواصلاً منذ عدة سنوات

وينبغي
القول أن مصر وشارعها الحيوي كان يغلي ويهدر منذ عدة سنوات، مع تفاقم
الوضع المعيشي لقطاعات واسعة من الشعب بفعل تطبيقات "الليبرالية الجديدة"
التي تتالت منذ أوائل التسعينيات الماضية، والتي شملت في ما شملت خصخصة جزء
متزايد من القطاع العام الذي بناه الشعب المصري طوال القرن الماضي، ورفع
الدعم الحكومي عن المواد الإستهلاكية الأساسية، وإدخال رأسمال خارجي نهم
يستغل رخص اليد العاملة المصرية لتحقيق أرباح فاحشة، متناغماً ومتداخلاً مع
القطاع الطفيلي والكومبرادوري من الرأسمالية المحلية، والذي تنامى حجمه
ودوره السياسي منذ أواسط السبعينيات الماضية في مرحلة "انفتاح" النظام في
الحقبة الساداتية. وذهب كلا الجناحين، الخارجي والمحلي، حتى الى استيراد
أيدٍ عاملة من بلدان أفقر من مصر، مثل الهند وبنغلادش وغيرهما، بهدف تحقيق
أرباح أكبر في وقت كانت فيه البطالة في صفوف المواطنين المصريين تتفاقم.
وقدرت بعض المصادر الإقتصادية أن نسبة هذه اليد العاملة الرخيصة المستوردة
في مصر تجاوزت في العام 2009 الـ 10 بالمئة من قوة العمل في البلد.
وهذا
التفاقم في الوضع المعيشي تزايد مع اندلاع الأزمة الإقتصادية العالمية في
العامين 2007- 2008 بانعكاساتها السلبية على قطاعات هامة من الإقتصاد
المصري، سواء قطاع السياحة، الحيوي في بلد مثل مصر، وهو قطاع شهد تراجعاً
على مستوى العالم في حقبة الأزمة، أو في مجال التحويلات الخارجية من
الشغيلة المصريين العاملين في دول الخليج العربية أو في بلدان عربية
واجنبية أخرى، خاصة بعد إنهاء عمل مئات الآلاف من المواطنين المصريين في
بلدان الخليج وغيرها من البلدان المستوردة لليد العاملة وللكفاءات
المختلفة، وهي أعداد من المغتربين المصريين اضطرت الى العودة الى مصر،
وانضم معظمهم الى صفوف العاطلين عن العمل، المكتظة بالأساس في البلد. ناهيك
عن تراجع الطلب على المنتجات المختلفة، كأحد مظاهر الأزمة العالمية،
والتراجع حتى في مردود حركة السفن في قناة السويس، مع تراجع حركة التجارة
ونقل السلع على صعيد العالم.
وفي واقع الأمر، فإن التحركات السياسية
والإجتماعية والمطلبية، بما في ذلك العمالية، لم تتوقف عملياً في مصر خلال
السنوات الست أو السبع الأخيرة، خاصة منذ العام 2004، الذي شهد سلسلة من
التحركات الإحتجاجية على التعديلات الدستورية والعملية الإنتخابية. وتمكنت
التحركات العمالية في بعض الحالات من فرض التراجع على الجهات المعنية في
السلطة أو أصحاب المشاريع الإقتصادية سواء عن عمليات خصخصة لمرافق معينة من
القطاع العام، أو عن إجراءات الحد من الأجور وتسريح العمال، في بلد لا
تتوفر فيه ضمانات اجتماعية ذات شأن، سواء للعاطلين عن العمل أو للمرض
والإعاقة والشيخوخة.

نسبة البطالة في المنطقة العربية، خاصة بين الشبان، ضعف النسبة العالمية

وكانت
المنطقة العربية، بشكل عام، تشهد في السنوات الأخيرة نسبة عالية من
البطالة، خاصة بين الشبان، بمن فيهم حملة الشهادات الثانوية والجامعية. وقد
قدّر رئيس البنك الدولي روبيرت زوليك، في خطابه أمام القمة الإقتصادية
العربية التي انعقدت في الكويت في الشهر الأول من العام 2009، بأن نسبة
البطالة في المنطقة العربية وصلت في مطلع ذلك العام الى حوالي 14 بالمئة من
قوة العمل في مجمل المنطقة، لتشكّل أكثر من ضعف النسبة العالمية، ولتصبح
الأعلى بين كل مناطق العالم باستثناء إفريقيا السوداء، جنوبي الصحراء
الكبرى. في حين بلغت نسبة البطالة بين الشبان أكثر من 30 بالمئة، وهي كذلك
أعلى بكثير من النسبة العالمية.
ولم يكن من الممكن بالنسبة لرئيس البنك
الدولي، الأميركي الجنسية والمسؤول الرفيع السابق في إدارة بوش الإبن، أن
يعترف بمسؤولية نصائح مؤسسته الإقتصادية وتوصيات صندوق النقد الدولي
المقدمة للبلدان العربية طوال العقدين الماضيين ونيف، في مجال تطبيقات
"الليبرالية الجديدة"، عن الوصول بالوضع الإقتصادي والإجتماعي العربي الى
هذا القدر من التردي. فنسب الفقر في المنطقة العربية كانت تتزايد حتى قبل
الأزمة الإقتصادية العالمية الكبيرة التي اندلعت مؤخراً. حيث تشير مصادر
منظمة الغذاء والزراعية الدولية أن عدد الذين يعانون من نقص في التغذية
زادت في المنطقة العربية بين العامين 1990 و2004 من 20 مليوناً الى 26
مليوناً، وهو رقم ارتفع في السنوات اللاحقة، خاصة مع ارتفاع أسعار عدد من
المواد الغذائية الأساسية في السوق العالمية واستمرار عدد من الحكومات
العربية في رفع الدعم عن هذه المواد وغيرها، تحديداً في استجابة منها
لدعوات البنك وصندوق النقد الدوليين.
ووصلت نسب الفقر في المنطقة
العربية الى مستويات قياسية تجاوزت النسب في شرق آسيا وفي أميركا
اللاتينية، بحيث لم تعد تفوقها من بين مناطق العالم سوى إفريقيا السوداء،
جنوبي الصحراء. وتراوحت تقديرات نسب الفقر في المنطقة العربية بين حوالي 30
بالمئة لبلد مثل لبنان وأكثر من 60 بالمئة لبلد قليل الموارد مثل اليمن،
في حين كانت التقديرات أن هذه النسبة في مصر تجاوزت الـ 40 بالمئة. وهي
تقديرات قد تكون أقل من الواقع، لأن نسبة عالية من القوة العاملة في مصر،
كما في بلدان عربية أخرى، تعمل في قطاعات إقتصادية غير مرئية وبالتالي غير
مسجلة، شهدت بدورها أيضاً تدهوراً في السنوات الأخيرة.
هذا في حين كانت
الأرقام الإقتصادية الإجمالية في مصر تشير الى تنامٍ ملموس في الناتج
الداخلي الإجمالي خلال السنوات القليلة الماضية. ولكن هذا التنامي لم يكن
ينعكس على مستوى حياة القطاعات الشعبية الأوسع، التي كانت تلمس، من جانب
آخر، ذلك الثراء المفرط للشريحة الصغيرة من كبار المتمولين، الذين يطلق
عليهم بشيء من التورية تعبير "رجال الأعمال"، والذين كانت ممارسات بعضهم
تقترب من مناخات المافيات وأوساط الجريمة المنظمة.
ومع ان معدل الناتج
الداخلي الإجمالي للفرد في تونس، من حيث القوة الشرائية، هو مرة ونصف المرة
تقريباً معدل الناتج للفرد في مصر، إلا ان تونس أيضاً كانت تعاني من
مشكلات شبيهة، سواء على صعيد التفاوت في المداخيل وانتشار الفساد وتفاقم
الفقر والبطالة، خاصة في المناطق الداخلية من البلاد التي لا تقع على
الساحل، حيث لا حركة سياحية ولا موارد طبيعية كبيرة، وهي المناطق التي شهدت
تحديداً تلك الإنفجارات الأولى للثورة الشعبية في تونس. وهو وضع تفاقم
طبعاً مع انفجار الأزمة الإقتصادية العالمية، حيث تراجعت حركة السياحة
الخارجية، أحد مصادر الدخل الرئيسية في البلد، وانخفض الطلب العالمي على
السلع، كما في العديد من البلدان، وهي كلها عوامل لعبت دورها في توفير شروط
الإنفجار الكبير.
طبعاً، سواء في تونس أو في مصر، لم يكن العامل
الإقتصادي- الإجتماعي هو العنصر الوحيد في الوصول الى هذين الإنفجارين،
لكنه كان عاملاً أساسياً وهاماً لا يمكن التقليل من دوره ومركزيته في
الإحتقان الشعبي. وكلنا بتنا نعرف الآن خلفيات الشهيد الأول للثورة
التونسية، محمد البوعزيزي، الذي كان يحمل شهادة جامعية ولا يجد مجالاً لعمل
لائق. بالطبع، تراكمت عوامل أخرى الى جانب العامل الإقتصادي المعيشي، سواء
الطابع الإستبدادي للسلطة وغياب الحريات والحقوق الديمقراطية، في وقت كان
فيه المجتمع المدني في البلدين يتنامى ويزداد قوة، سواء في العلن أو تحت
الأرض وفي المنافي. وبات مستوى الثقافة والوعي، خاصة بين الأجيال الجديدة،
يستدعي تعاملاً مختلفاً من قبل السلطات الحاكمة، خاصة مع الإنفتاح الهائل
لوسائل الإتصالات والمعلومات العصرية، سواء الفضائيات المتزايدة في منطقتنا
والعالم، أو شبكة الإنترنت وما نشأ عنها من وسائل اتصال وتشابك، وكذلك
طبعاً الهواتف النقالة المتطورة التي باتت أداة واسعة الإنتشار وسهلة
الإستعمال بالنسبة لشبيبة متزايدة العدد باتت تضيق ذرعاً من فقدان فرص
العمل والحياة اللائقة ومن استمرار امتهان الكرامة والحقوق.

موقع اليسار هو في قلب هذه الحركة الشعبية، وتنامي دوره رهن بأدائه العملي

في
كلا الحالتين، التونسية والمصرية، نحن أمام رغبة عارمة لدى قطاعات واسعة
من الشعب، والشبيبة في المقام الأول، لتجاوز الطابع السلطوي للنظام وإنهاء
القيود على الحريات والحقوق والحد من الفساد المستفحل وتفاوت المداخيل
الفاحش، وإيجاد فرص عمل مناسبة وتأمين صيغ أكثر توازناً في الإستفادة من
الثروة الإجتماعية. إذاً، وبالرغم من اختلاف الخلفيات الفكرية والسياسية،
وتنوع البرامج الخاصة للأحزاب والقوى والتيارات وهيئات المجتمع المدني التي
انضوت في هاتين الثورتين، فنحن أمام سعي ملح، تصدرته القطاعات الشبابية
النشطة، لإنجاز مهمات بناء الدولة المدنية المتقدمة التي تحترم حقوق وحريات
وكرامة المواطنين، وتؤمن أكبر قدر من العدالة في التعامل معهم وفي
استفادتهم من الثروة العامة. وكلها مهمات وطنية وديمقراطية ذات طابع مشروع
وضروري وهام.
ولا شك أن قوى اليسار وتياراته في البلدين، بمعزل عن حجم
حضورها ودورها، لا يمكن إلا أن تنخرط في هذه العملية الثورية لتحقيق هذا
الهدف المشترك للغالبية الساحقة من الشعبين. وإذا كانت موازين القوى
الداخلية في ظل النظامين السلطويين، واعتبارات أخرى خاصة بكل حالة من
الحالتين، لم تتح المجال أمام نمو كبير ليسار معبر عن مصالح القطاعات
الشعبية الواسعة، وخاصة قطاعات الشغيلة والكادحين، بما في ذلك كادحي الريف
الفقراء، وهم كثر في البلدين، فإن هذه القوى، أو أية قوى وتيارات جديدة
يمكن أن تولد من رحم الحركة الثورية، لديها الفرصة، بعد تقدم مهمة بناء
النظام الوطني الديمقراطي، أو خلال هذه العملية، لمواصلة طرح أفكارها
وبرامجها العملية أمام أوسع قطاعات من الشعب، ليس بالكلام وحده وإنما عبر
الممارسة وتقديم القدوة العملية. وهنا، من المهم التأكيد أن الوسيلة
الناجعة في عصرنا لتحقيق توسع اليسار في هذه القطاعات الشعبية هي الإقناع،
أي تقديم الأفكار والبرامج للقطاعات الشعبية بصيغ عملية مرئية، تُشعر هذه
القطاعات بجدية ومصداقية هذا اليسار وقدرته، من خلال جهده وجهد الجماهير
التي تنضم اليه، على تحقيق إنجازات إضافية لصالح هذه القطاعات الشعبية،
وخاصة تلك التي كانت تتعرض للغبن الأكبر.
أما الأفكار الإنقلابية
(البلانكية) التي سادت في بعض تجارب القرن العشرين، فلم يعد لها مكان في
عصرنا الراهن، بعد التطورات الكبيرة التي طرأت على العالم، خاصة بعد أن
شاهدنا النهايات التي وصلت إليها معظم التجارب السابقة التي لم تكن تعتمد
على مشاركة القطاعات الشعبية الواسعة في عملية البناء وفي القرار، واستندت
الى احتكار قلة محدودة من الأفراد لهذا الدور، غالباً باسم هذه الأغلبية
"الصامتة"، أو كطليعة مزعومة لها. وحتى تتأمن في منطقتنا شروط حريات
ديمقراطية واسعة، وعمليات اقتراع وانتخاب حرة ونزيهة يتم خلالها احترام
حقوق كافة التيارات والقوى، بدون استثناء، للتعبير عن مواقفها وبرامجها
ونشرها على أوسع نطاق، يكون اليسار الجاد والفاعل قد قطع شوطاً مهماً،
ويمكن أن يستكمله حتى عبر محطات الإقتراع، كما حصل خلال السنوات القليلة
الماضية في عدد من بلدان أميركا الجنوبية.

تدخلات خارجية غير بريئة

يبقى
أن نشير هنا الى مخاطر التدخلات الأجنبية، وخاصة من قبل الدول الإستعمارية
السابقة أو الدولة الإستعمارية الجديدة الأوسع نفوذاً في العالم وفي
منطقتنا، أي الولايات المتحدة. وفي حالة تونس، من الواضح أن المقصود بدرجة
أساسية هو فرنسا، الدولة المستعمرة السابقة، الى جانب الولايات المتحدة،
التي تنامى نفوذها في هذا البلد خلال العقود الأخيرة على حساب الدولة
المستعمرة سابقاً.
أما في مصر، ذات الموقع والأهمية الإستراتيجية
البالغة في منطقتنا، فالطرف المعني الأول بالتدخل هو الولايات المتحدة،
الراعية لعمليات فك الإرتباط والتسوية المصرية- الإسرائيلية المنفصلة بعد
حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 والداعمة عسكرياً ومالياً للطرفين منذ
اتفاقيات كامب ديفيد والمعاهدة الثنائية في أواخر السبعينيات الماضية، مع
تفاوت طبعاً في حجم الدعم والطابع الإستراتيجي للعلاقة، لصالح إسرائيل،
المعتمد والحليف الأول الموثوق لواشنطن في المنطقة. والى جانب الولايات
المتحدة، هناك دول أوروبا المؤثرة التي لها مصالح في مصر ودور مكمل للدور
الأميركي. كما لا يمكن أن نقلل من درجة اهتمام ومتابعة إسرائيل للتطورات
الجارية في مصر، ورغبتها في التأثير، بشكل أو بآخر، عليها، وإن كانت
إسرائيل، رغم قدراتها التقنية والعسكرية والعلمية الكبيرة، لن تقدر على
اللعب كثيراً في بلد واسع العدد والخبرة أثبت، رغم قيود الإتفاقية مع
إسرائيل، أن شعبه ونخبه الأبرز لا تقل مناهضة للسياسات العدوانية
والإستعمارية الإسرائيلية من أي شعب عربي آخر، إن لم تكن أكثر صلابةً
أحياناً.
وفي كل الأحوال، تشكل الثورتان الشعبيتان التونسية والمصرية
تحولاً نوعياً كبيراً في وضع مجمل المنطقة العربية، ومنعطفاً هاماً في
مسيرة حركة التحرر العربية. وإن كان من المهم متابعة مجريات المسيرتين
المتواصلتين في البلدين لترجمة مكتسبات العملية الثورية والتضحيات الشعبية
الكبيرة في محطات متلاحقة قد تحتاج الى مدى زمني غير قصير. لأن البناء أصعب
دائماً، ولأن محاولات الإلتفاف والإجهاض وتقزيم المكتسبات الشعبية من قبل
القوى المتضررة في الداخل والخارج ستبقى مستمرة، وتحتاج من الطلائع
الشعبية، سواء الحركة الشبابية الوثابة أو القوى السياسية الوطنية
والتقدمية الى يقظة دائمة لتعميق المكتسبات والحؤول دون تفريغها من
مضمونها.
نقول ذلك ونحن ندرك تماماً بأن لا أحد يمكن أن يحل في مقام
شعبي تونس ومصر وطلائعهما الثورية والوطنية المقدامة، وأن يقف موقف الناصح
لهما. فهما اللذان يقدمان اليوم لعموم منطقتنا، وللعالم، دروساً جديدة في
الشجاعة والتضحية والإبداع والتصميم، لا يمكن إلا أن نقف أمامها بكل
التقدير والإعجاب. وهما تقدير وإعجاب يسودان شعوب العالم كله في هذه الأيام
المبهرة من تاريخ منطقتنا.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

ثورتا تونس ومصر الشعبيتان: آفاق واسعة لمرحلة تاريخية جديدة في المنطقة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

ثورتا تونس ومصر الشعبيتان: آفاق واسعة لمرحلة تاريخية جديدة في المنطقة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» بعد تونس ومصر: هل انحسر دور الأحزاب السياسية؟
»  الهبة الجماهيرية في تونس ومصر، الان بدء العمل!
»  ما يجري اليوم في كل من تونس ومصر، هو نوع من هجوم مضاد ضد المجتمع والدولة، هجوم هو بمثابة ثورة معاكسة، ثورة مضادة يقودها أصحاب المصالح والمنافع الخاصة؛ الشخصية والطبقية، بعد أن فقدوا نفوذهم، على الرغم من كل محاولات حُماتهم من عصابات البلطجة الرسمية وغير
» في هذه الأيام التي يقف فيها الشعب الليبي بصدره العاري في وجه فلول نظام لا يستحق أن يعيش 42 يوماً وليس 42 سنة، يقف الأحرار في جميع أنحاء العالم إلى جانبه في عزمه الأكيد على التخلص من هذا "العيب" التاريخي! هذه حلقة جديدة من حلقات مسلسل تصفية شعوب المنطقة لح
» هل تقود تونس الموجة الخامسة للديموقراطية فى المنطقة العربية؟

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: