لبنان: انهارت الوساطات والخوف على الجيش
رأي القدس
2011-01-20
انهارت الوساطة التركية القطرية التي كانت تهدف الى
ايجاد مخرج للازمة اللبنانية المتفاقمة، مثلما انهارت قبلها الوساطة
السورية السعودية، وباتت الامور مفتوحة على جميع الاحتمالات: التقسيم،
الفتنة المذهبية والطائفية، والانفجار العسكري، او جميعها مجتمعة.
السيد
احمد داوود اوغلو وزير خارجية تركيا قال بعد عودته الى انقرة 'ان الاطراف
اللبنانية ليسوا قريبين من التوصل الى اتفاق لحل الازمة السياسية'. وهذا
يعني ان لا امل في اي انفراجة قريبة، وان الايام القادمة ستشهد تصعيدا.
من
شاهد وجه السيد حسن نصر الله والتعبيرات المتشائمة المرسومة عليه اثناء
لقائه بالوزيرين القطري والتركي يستطيع ان يقرأ بعض ملامح المستقبل
بالنسبة الى لبنان، وربما الى منطقة الشرق الاوسط برمتها.
لبنان يعيش
حاليا حالة من الاستقطاب السياسي والمذهبي غير مسبوقة، والخوف كل الخوف ان
يمتد هذا الاستقطاب الى الجيش اللبناني نفسه، مما قد يؤدي الى انقسامه
كمقدمة لانهياره وهنا تكمن الطامة الكبرى.
العماد جان قهوجي قائد الجيش
زار دمشق، وبحث مع القيادة السورية موقف الجيش في الازمة، واكد انه، اي
الجيش، سيقف على الحياد، مثلما كان حاله اثناء ازمة السابع من ايار (مايو)
عام 2008 عندما نزلت عناصر تابعة الى حزب الله الى قلب بيروت. ولكن هناك
العديد من علامات الاستفهام حول قدرته على فرض هذا الحياد او الحفاظ عليه
مثلما فعل سلفه العماد ميشال سليمان في حينها.
المعارضة لن تقبل بحكومة
جديدة يشكلها السيد سعد الحريري، والموالاة لن تقبل بحكومة تدعمها
المعارضة بقيادة السيد عمر كرامي، مما يعني ان لبنان سيظل بدون حكومة
لاسابيع او لاشهر قادمة.
القرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية
المتعلقة باغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري قد لا يجد حكومة لبنانية
تتعاطى معه وتتعاون في تطبيقه، وهذا ربما يفتح الباب امام تدويل الازمة.
هناك
طبخة جرى اعدادها على نار ملتهبة في دهاليز نيويورك وواشنطن، كان من ابرز
طباخيها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والعاهل السعودي الملك عبد الله بن
عبد العزيز باشراف مباشر من السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية
الامريكية.
لا نعرف عناصر هذه الطبخة وبهاراتها، ولكن ما نعرفه او
نستطيع استخلاصه، من نوايا الطباخين ومواقفهم، انها قد لا تكون في صالح
استقرار الاوضاع في لبنان.
فعندما يعلن الامير سعود الفيصل وزير
الخارجية السعودية ان بلاده غسلت يديها من الوساطة في لبنان، وانه يتوقع
تطورات خطيرة قد تؤدي الى التقسيم وانتهاء التعايش بصيغته الحالية في
لبنان، فان على اللبنانيين ان يضعوا ايديهم على قلوبهم وتوقع الاسوأ.
لا
احد يريد الحرب او يتمناها، سواء كانت اهلية، او بسبب غزو خارجي، ولكن من
الواضح ان هناك من يريدها من خارج لبنان، وبالتحديد في اسرائيل والولايات
المتحدة، بدعم من بعض القوى العربية المؤسسة لما يسمى بمحور الاعتدال.
ليس
امام المعارضة اللبنانية بزعامة 'حزب الله' غير الاستعداد لمعركة 'كسر
عظم' سواء مع المعسكر اللبناني الآخر، او المحور الامريكي الاسرائيلي
وحلفائه العرب، فباب الوساطات جرى اغلاقه باحكام، والحلول السياسية وصلت
الى طريق مسدود والانفجار العسكري بات وشيكاً، نقولها، وفي حلوقنا مرارة،
ولكن لدينا قناعة راسخة بان اسرائيل لن تخرج منتصرة من اي حرب جديدة ضد
لبنان، تماماً مثلما كان حالها في حرب تموز عام 2006 ونأمل ان تكون
قناعتنا هذه في محلها.