الانتقال من التسكع للنضال 'السيبرنيتي' يهدد أنظمة عربية استبدادية بالسقوط
حسين مجدوبي
2011-01-18
مدريد ـ 'القدس العربي': يواصل الرأي العام العربي
وخاصة في منطقة شمال افريقيا وأساسا الشباب مناقشة تداعيات الثورة
السياسية لتونس الخضراء، حيث أصبحت مواقع الدردشة في شبكة الإنترنت فضاء
لكيفية المساهمة 'سيبرنيتيا' في انتقال الثورة الى الدول العربية الأخرى
وتقديم اقتراحات لتحقيق هذا الهدف.
وكان الرأي السائد في العالم العربي
هو أن الشبكة العنكبوتية فضاء للتسكع السيبرنيتي بين الشبان المراهقين.
وقد ظل كثير من المحللين السياسيين العرب والباحثين الاجتماعيين لا يأخذون
على محمل الجد الدور الفعال للإنترنت في العالم العربي ولم ينتبهوا إلى
أنه منذ سنوات، ومنذ انتشار فايسبوك وتويتر ومختلف فضاءات إنترنت يتبلور
تدريجيا خطاب الرفض غير القائم على إيديولوجية سياسية واضحة بقدر ما هي
قائمة على رفض الواقع المهين والمطالبة ببديل يحترم كرامة الإنسان العربي،
هذا الخطاب الذي من ضمن إنجازاته الكبرى المساهمة في الثورة التونسية التي
طردت بن علي.
وإذا كان شباب الغرب قد اكتشف منذ مدة سلاح الإنترنت،
الأمر الذي جعله ينسق تظاهرات كبرى في مختلف مناطق العالم خاصة إبان
الأزمات الخطيرة مثل حرب الخليج الثانية وكيف كان الإنترنت آلية الاتصال
والتنسيق والتعبير في آن واحد، فهذه الظاهرة بدأت تجد مكانا لها وبقوة في
أوساط الشباب العربي. وهكذا، فقد تحول كل حساب مفتوح في فايسبوك مثلا أو
تويتر بمثابة جريدة يمكن الاطلاع عليها لمعرفة معطيات حول قضية من القضايا
قد تكون عادية أو ذات حساسية كبرى والكثير منها يصب في الكشف عن فضائح
سياسية.
ويعيش العالم العربي على إيقاع ما تقدمه شبكة الإنترنت خلال
الشهور الأخيرة، وكان المنعطف الأول هو الفضائح الخطيرة لعدد من الحكام
العرب التي جاءت في الوثائق الأمريكية التي كشفتها ويكيليكس ومن ضمنهم
تونس والمغرب والجزائر وليبيا. وبالتزامن مع ذلك وقع انفجار سيبرنيتي
بمناسبة الثورة السياسية والديمقراطية في تونس، حيث تخلى الكثير من الشباب
عن التسكع السيبرنيتي للانتقال الى 'النضال السيبرنيتي' والحلم
بالديمقراطية قبل التعرف على فتاة شقراء.
ومن خلال جولة في فايسبوك حول
نوعية الأخبار والدردشات في منطقة المغرب العربي- الأمازيغي، أصبح العلم
التونسي هو الأكثر حضورا، حيث غابت صور بعض الشباب وفضلوا علم هذا البلد
المغاربي. وكتب أحد المغاربة في موقعه في فايسبوك 'سأترك العلم التونسي
لمدة أسبوع بدل صورتي تكريما للأمل الذي زرعه فينا الشعب التونسي، ولنحلم
بثورة من المغرب حتى ليبيا لطرد المفسدين'. وفي الجزائر، حلت صورة الشهيد
البوعزيزي الذي تسبب في الثورة التونسية محل مئات صور الأعضاء وهو الأمر
نفسه بالنسبة للمغاربة، وجاء في موقع يحمل صورة هذا البطل 'أتمنى أن أكون
بوعزيزي الجزائر'. وتكررت التعبيرات نفسها في مواقع الشباب الموريتاني في
حين لم نعثر على أي موقع من دولة ملك ملوك إفريقيا، ليبيا.
ويعتبر موقع
الصحافي المشاغب علي المرابط في فايسبوك من أكثر المواقع زيارة من طرف
المغاربة سواء في الداخل أو الخارج نظرا لجرأته، حيث يوجد الآلاف مسجلين
في موقعه يتابعون الأخبار المثيرة التي يضعها والتي أغلبها إما تعليق ساخر
أو سبق صحافي.
ويعترف المرابط بقوة ونفوذ فضاءات الانترنت الجديدة
واستفادته منها الى أبعد الحدود بعيدا عن الرقابة التقليدية والمضايقات.
وقال لـ'القدس العربي' في هذا السياق 'أهتم منذ مدة بأدوات الاتصال
الحديثة المرتبطة بالإنترنت، ولكن فاجأتني قوة بعضها مثل فايسبوك سواء على
مستوى قوة الانتشار أو التأثير أو تجاوز أدوات المراقبة لأنظمة ديكتاتورية
مثل النظام المغربي'.
وأضاف: 'لقد منعت السلطات المغربية مجلتين كنت
أصدرهما ('دومان' بالفرنسية و'دومان' بالعربية) وأصدرت في حقي حكما بمنعي
من الكتابة عشر سنوات، ولكن فجأة اكتشفت قوة الإنترنت وفايسبوك. الآن لدي
الحرية المطلقة في النشر والتعليق على وثائق ويكيليكس كتلك التي تطرقت
للفساد المالي لدى الملك محمد السادس ومحيطه. لقد كان من الصعب معالجة ذلك
في جريدة ورقية، والأهم أن الرقابة المغربية لا تستطيع منعي'.
ويكشف المرابط متباهيا أن من الأعضاء المسجلين في لائحته في فايسبوك وزراء مغاربة بل ومن ضمنهم وزير أول سابق مسجل باسم مستعار!
وهكذا،
قد يحمل التحول من ثقافة التسكع 'السيبرنيتي' الى ثقافة النضال
'السيبرنيتي' مفاجآت يدركها الجميع وهناك من يرتقبها وهي: سقوط بعض
الأنظمة الاستبدادية.