الأربعاء
07 نوفمبر 2001
العدد : 1317
<a
href='http://www.almassae.press.ma/pub/www/delivery/ck.php?n=add9c940&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE'
target='_blank'><img
src='http://www.almassae.press.ma/pub/www/delivery/avw.php?zoneid=1&cb=INSERT_RANDOM_NUMBER_HERE&n=add9c940'
border='0' alt='' /></a>
شباطيات
الـمهـدي الـكــرّاوي -
guerraoui@gmail.com
«معدة فارغة... ليست بالمطلق أفضل
استشارة سياسية»، الفيزيائي العملاق الحائز على جائزة نوبل، ألبير إنشتيان.
يبدو أن السياسة في المغرب عوضت حلبات «السيرك» التي كانت تقام في مغرب
الثمانينيات بالساحات الكبرى للمدن،... حيث كان الناس يتفرجون على طاولات
القمار وخشبات «الشيخات»،... والسياسة في المغرب لم تصل من قبل إلى درجة من
درجات السخرية والعبث قبل اليوم،... فيبدو أنه وقع لها ما وقع مع
الديناصورات في عصر «الكريتاسي» أو الطباشيري، حين انقرضت هذه الحيوانات
الضخمة فجأة بعد أن عمرت الأرض 100 مليون سنة،... وبعد اختفائها عوضتها
أنواع جديدة من الثدييات الصغيرة.
في المغرب،... وبعد انقراض أسماء كمحمد بلحسن الوزاني والمهدي بن بركة وعبد
الرحيم بوعبيد ومحمد اليزيدي وأحمد بلافريج وعمر بن عبد الجليل وقاسم
الزهيري وعبد الله إبراهيم وغيرهم،... ظهرت زعامات حزبية جديدة عوضت
الديناصورات التي كانت تملأ غابة السياسة في المغرب وكان صوتها مسموعا وسط
طبقات الشعب ولدى القصر، وبعد أن كانت السير الذاتية للقادة الوطنيين زاخرة
بالشهادات الجامعية المرموقة من القرويين والسوربون،... أصبح لدينا
سياسيون و«زعماء» لهم مواقع إلكترونية يملؤونها بشواهد النجارة والحدادة.
والمطلع على الموقع الإلكتروني لعمدة فاس، الذي أصبح الزعيم الفعلي لحزب
بلافريج وعلال الفاسي وامحمد بوستة وأبوبكر القادري ومليكة الفاسي،...
تثيره من أول نظرة الصورة الافتتاحية للصفحة الأولى، حيث يظهر حميد شباط
بجلبابه الأبيض وطربوشه الأحمر في أعلى السماء وخلفه مدينة العلم والعلماء
التي بعد أن كانت منارة حضارية وعلمية وأدبية في التاريخ الإسلامي أصبحت
اليوم متحفا حيا لكل أشكال الانحراف والإجرام المنظم.
شباط الذي نال أول وآخر شهادة مدرسية، حسب سيرته الذاتية على موقعه
الإلكتروني، في سنة 1972 وهو لم يكمل بعد الـ19 من عمره في تخصص الخراطة
أو«التور» في لغة أصحاب ورشات الميكانيك، هو نفسه اليوم الذي يفتي في علوم
السياسة وقضايا الاستراتيجية، بل ولم يكفه ما وقع من أحداث مؤلمة في العيون
فأضاف إليها توابل مُرَّة بأن طالب بإصدار عفو ملكي على المتورطين في تلك
الأحداث،... وكأنه يقول لمن يهمهم الأمر: «لا يهم أن تحرقوا المدن ولا يهم
أن تتبولوا على الجثث ولا يهم أن تذبحوا قوات الأمن... نحن هنا لنطالب
بإطلاق سراحكم».
حين يأتي زعيم حزب يقود الحكومة وقائد نقابة عمالية و»عمدة» مدينة اسمها
فاس وبرلماني، ويتجاوز عمل اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق في أحداث
العيون ويقيم مهرجانا خطابيا في فاس، يستقبل فيه رئيس بلدية العيون ويقيم
محاكمة يوزع فيها التهم ويطالب بعفو ملكي على من شاهد العالم بأسره مذابحهم
وجرائمهم ووحشيتهم في القتل والتدمير،... ومع ذلك يبلع حزب الاستقلال
لسانه ويتفرج على بهلوانيات سياسية غير مضحكة بالمرة،... فإن ذلك يؤشر على
أن السياسة في المغرب أصبحت كـ»الطاجين البايت» يعافه الكل بعدما لم يعد
يصلح لا للأكل ولا للصدقة.
العديد من أعضاء حزب علال الفاسي يتداولون بينهم، في سخرية معبرة، أن هناك
فرقا كبيرا بين حزب الميزان وحزب الاستقلال، في إشارة ذكية إلى الحزب
الوطني التاريخي والحزب الذي أصبح كدكان «العطار» مليء بـ«البشنيخة»
و«السانوج»،... أما السياسة في المغرب فلم يعد يصنعها الكبار بل أصبحت
مقتصرة على وجوه جديدة،... وأحسن ما تقوم به هذه الوجوه اليوم هو أن تمدد
أرجلها أطول من حافة سرير هذا الوطن.