أسطورة الرجل القوي بشرى ايجورك -
bouchra_ijork@yahoo.fr شاهدت دعاية لنبذ العنف ضد النساء، واطلعت على أرقام مخيفة لحجم النساء المعنفات سنويا بالمغرب، ولم أستغرب..
فرغم أننا في عصر التواصل بامتياز، إلا أنه لازال هناك رجال لا أسلوب لهم في النقاش سوى الضرب واللطم، ولا تفاهم بالنسبة إليهم إلا عبر الاعتداء، ولا قوة بالنسبة إليهم سوى قوة العضلات.
لم أستغرب لأننا بالنظر إلى كل مظاهر العنف النفسي والجسدي المباشر وغير المباشر، البادي والضمني.. كل أشكال العنف المحيطة بنا والتي نعيشها يوميا في البيوت والشوارع والإدارات والملاعب وقاعات السينما والمدارس.. في كل مكان، لا يمكن أن نتوقع سوى العنف، لأنه ببساطة العنف يولد العنف ويخلق نزعة الصراع والانتقام والتدمير.
جولة صغيرة في شوارعنا تكشف الاحتقان الدائم والبركان المشتعل المستعد دائما للانفجار ولأتفه الأسباب.
لم يعد المغاربة يطيقون بعضهم البعض، لذلك يفرغون غضبهم متى أتيح لهم ذلك، وطبعا في الأضعف منهم والأقل قوة وحيلة.
العنف ضد المرأة ليس فقط ذاك الاعتداء الجسدي الذي تتعرض له النساء في البيوت من قبل جلاديهن، أقصد أزواجهن.. بل له تجليات عدة كالتحرش في الشارع والعمل، والتضييق والتمييز والاستغلال والاضطهاد، مظاهر شتى تخفي الكثير من المسكوت عنه، أي ما لا ترويه النسوة خوفا وخجلا وتكتما.
الرجل الذي يضرب زوجته يعبر عن ضعفه لأنه لا يملك سبلا أخرى للحوار، لم يتعود على النقاش والأخذ والرد، رجل قاس وجلف ومتجبر يعتدي على كائن أضعف منه ويتلذذ بتعذيبه، الرجال من هذه الطينة مجرد التفكير فيهم يصيبني بالغثيان.
وهناك آخرون تستفزهم زوجاتهم، أولئك النسوة اللواتي يجدن متعة في الضرب كنوع من المازوشية، أو كنظرة مختلفة إلى قوة الزوج وسلطته الذكورية، هؤلاء الأزواج يحيون شذوذا تحكمه علاقة مرضية.
أما الرجولة الحقيقية فهي ذاك الحضور المبهم الذي يشعر الأنوثة بالأمان، ذاك الحضن الدافئ الذي يحميك..
ذاك الملاذ الذي لا هروب منه إلا إليه..
الرجولة ليست ضربا وصراخا وعنفا واعتداء، إنها كلام سري غير منطوق، همس يوقظ القلب من غفوته ويسحب الروح من شرودها.
منْ علم الذكور أن الرجولة قسوة وظلم واستبداد؟
منْ لقنهم أن الزواج حرب كبرى.. معركة الغلبة فيها للقوي..
من علمهم أن البيت حلبة للملاكمة تسقط فيها المرأة دائما بالضربة القاضية جريحة ومنكسرة ومخذولة..
الرجولة أناقة روح وعذوبة لسان ورقة قلب وشموع مشتعلة لا تنطفئ أبدا..
وأسطورة الرجل القوي لا يخلقها الرجال بالعنف، بل تخلقها النسوة بالرقة والمودة، فتصنع الأنوثة أنانية الرجولة بانبهارها بها واحترامها وصونها.
ولو أننا تأملنا حكم الله تعالى في خلق مؤسسة الزواج لاستوعبنا قوله تعالى: «وخلقنا لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعلنا بينكم مودة ورحمة»..
إنها آية أبلغ من ألف دعاية وشعار.