الموطور تايدور في لخوا المعطي قبال -
mkabbal@gmail.com مباشرة بعد أحداث العيون التي خصتها وسائل الإعلام الفرنسية بحيز وافر، ومتحيز، من التعليقات، تصب جميعها في جعبة أطروحة الانفصاليين، طرح مكتب السياحة المغربي على جدران الميترو وجدارياته الإشهارية في باريس ونواحيها عشرات الملصقات السياحية تمدح سحر البيئة والبشر بمدن شفشاون وفاس ومكناس ومراكش... إلخ، كما لو كانت رغبة المكتب في «تنظيف» الصورة من دماء العيون واسترجاع الجاذبية الإكزوتيكية المفقودة التي تقدم البلد على أنه المكان الذي يوفر بسخاء الطبخ والطبيعة، الزين و»الظرافة»! والحقيقة أنه لا يشكل السياح الذين يتهافتون على المغرب لوبيا وازنا قد يعول عليه المغرب سياسيا وإعلاميا، بل وحتى اقتصاديا. يقومون بلفة حول المدن العتيقة، يستمتعون بالتبوريدة، بشطحات كناوة وأولاد سيدي احماد وموسى، يأكلون ما طاب ولذ من الطواجين والكسكس وكعب غزال، ويعودون أدراجهم إلى ضواحيهم البئيسة من دون أن يخلفوا ولو «صولديا» واحدا في خزينة الدولة. لذا، فإن رهان الصراع الإعلامي المطلوب من المغرب خوضُه أوربيا، بل عالميا، لا فحسب مع جبهة البوليساريو بل أيضا مع رعاتها: الجزائر وإسبانيا وقطر، يستلزم اليوم استراتيجية هجومية ذكية بالداخل والخارج، يديرها فاعلون إعلاميون محترفون وليس مهرجون سليلو تربية البصري! وتبقى شروط نجاح هذا المشروع وقفا على إدخال إصلاحات جذرية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لمغاربة الصحراء، محاسبة المرتشين والمكتنزين باسم الهوية الصحراوية، تنقية الأجواء السياسية، إدخال تعديل جذري على دواليب الدبلوماسية المغربية التي أبانت عن فشلها الذريع في تدبير الأزمة... ما قام به وزير الخارجية في ملف العيون شبيه بخرجة مكتب السياحة على جدران ميترو باريس! آش جاب كوعو لبوعو؟ أليس من الأجدى إلغاء وزارة الخارجية ووزارة الإعلام؟
في المهجر، نرصد يوميا أخبارا سارة عن المغرب والمغاربة، لطرحها وتداولها إما عبر الـ«فايسبوك» أو الـ«تويتر» أو المدونات. نبتهج لإنجاز عدّاء أو لاعب لكرة القدم من أصل مغربي، لفنان ساخر أو فنان تشكيلي، لفنان موسيقي أو مخرج سينمائي، أو لتكريس روائي أو شاعر... على ندرتها، تبقى هذه الأخبار السارة حصيلة مجهود شخصي، من دون أية مساعدة من السفارة، القنصلية، وزارة الهجرة. لكن بعد أحداث العيون، الفيضانات، تسريبات «ويكيليكس» عن المغرب، ساد في أوساط مغاربة المهجر استياء عميق مصدره الإحساس بأن البلاد تسير إلى الهاوية وبأن مخربي الظل والظلام ينشطون من دون رادع ضد إرادة ورغبة الإصلاح. الانطباع الثاني، الذي يخلفه المغرب في أوساط مغاربة المهجر، هو شلل الممارسة السياسية. وفي الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع، في هذه الحقبة من الانتقال، إلى مساهمة ومرافقة الأحزاب والنخبة لتسطير المشاريع وفتح الأوراش، تعرف الممارسة السياسة انتكاسة حقيقية. من هنا الابتذال الذي أصاب السياسة في أعين مغاربة المهجر، والمغاربة عموما، بملاحظتهم أن حفنة تنتمي إلى نفس العائلة ونفس «الكاستينغ» استحوذت على الاستوزار، أو حين يتابعون برامج القناتين الأولى و«دوزيم» لمشاهدة «خيخ» المسلسلات التركية والمكسيكية والشرقية أو «يسقطون» في سهرات بائخة، وكأن ما يهم المغاربة هو «التفواج» و«النشاط»، أو حين يطل وزير الهجرة لزف البشرى لمغاربة الخارج بأن «العام زين» وأن دخول الجالية وخروجها مرا بسلام، أو لما تتعطل أو تصاب طائرات لارام في عز الزحمة بأعطاب تقنية. إلخ... أكثر من انطباع يسود لدى مغاربة المهجر الذين ينظر إليهم كمجرد بقرة للدوفيز، قناعة مفادها أن «الموطور تايدور في لخوا» وأنهم مثل الركاب الذين أدوا تذكرة السفر، صعدوا إلى الحافلة، وبعد مسافة 15 كيلومترا «لفظ محرك الحافلة أنفاسه»، فما كان من السائق سوى أن توجه إليهم بنبرة آمرة: «وا نزلوا تدفعوا»!