لتعش المساعدات الدولية
شاي غولدين
2010-12-06
الانتفاضة، وما لم يُحدثه ما لا يُحصى من جلسات مجلس أمن الامم المتحدة، وعشرات المخربين المنتحرين وما لا نكاد نذكره من المواجهات ذات القوة المنخفضة، نجح فتَيان من عسفيا في فعله ألا وهو الافضاء الى مشاركة دولية فيما يجري في اسرائيل.
وكأنهم لم يهددونا عشرات السنين بخطر وجود مراقبين دوليين وجنود جيوش اجنبية وعناصر دبلوماسية تحاول النبش في 'شؤون اسرائيل الداخلية'. وكأنهم لم يُنذرونا تكرارا بأنه منذ اللحظة التي يجتاز فيها فرنسي واحد يلبس البزة العسكرية الحدود الى اسرائيل نفقد سيادة القوة اليهودية وتُسلب استقلالها وحريتها في حل شؤونها بحسب احتياجاتها ورغباتها وخريطة مصالحها من غير أن تُعاودها.
وكان كل ذلك حسنا جميلا ويبدو منطقيا جدا، الى أن لعب هذان الفتَيان من عسفيا (كما يبدو) لعبة خطرة بنار الشرق الاوسط المتقلبة.
لم يكد يخرج لفظ واحد من التشكيك من أفواه أنصار عوزي لنداو وبيني بيغن وافيغدور ليبرمان حتى انطلقت مسرعة في طرق الشمال على نحو لا ينعكس! وحدات اطفاء من أنحاء اوروبا. وأصبحت تهبط وتُقلع طائرات ومروحيات اطفاء من أنحاء العالم كله من روسيا وأذربيجان، واليونان، وقبرص، وايطاليا، وفرنسا وتركيا كلها تهبط على تراب اسرائيل وتتدخل في شؤونها الداخلية وكأنه لا يوجد غد وكأن أمس لم يكن أمساً بل كانت اشاعة آثمة لحماقة نشرها شخص ما في شأننا. من الواضح للجميع أن ليس حكم 'المساعدة الدولية' كحكم 'التدخل الدولي في الصراع'، وما تزال السيادة هي السيادة هي السيادة!.
وماذا سنقول لاولادنا الآن عندما يُصعبون علينا بسؤال، 'أبي، أليست اسرائيل قادرة على أن تواجه امورها بقواها الذاتية؟'، يا بُني، الجواب هو 'لا' قطعا. ماتت السيادة، ولتعش المساعدة الدولية.
كم تُسمع ساخرة للأذن الحساسة ملاحظة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عندما تطرق الى ارسال وحدات الاطفاء الفلسطينية لمكافحة النيران في الكرمل إذ قال: 'عندما يكون الحديث عن شؤون انسانية فان الفلسطينيين لا يترددون البتة عن تقديم المساعدة'.
هل قلتم ليقم الخيار ويضرب المزارع؟ لكننا مُجبرون على الاعتراف بأن ظروف حياتنا في هذه المنطقة الساخنة تنجح في إحداث لحظات رائعة لا تُحصى. لحظات لو وُجد من حاول أن يتنبأ بها قبل ذلك بأسبوع لأُرسل على التحقيق للتشخيص النفسي. اجل، من المؤكد أن السلطة الفلسطينية وقبرص ستهبان الى تخليص اسرائيل في الازمات. أجل هذا مؤكد. وهو جار على التحقيق. على التحقيق ونصفه.
وبالمناسبة، شمعون بيريس هذا الذي نتمنى له السلامة، يقف قويا على رجليه ليرى رؤياه تتحقق وهي رؤيا شرق اوسط جديد مصوغ كله حول الأخت الاسرائيلية التي وقعت في ضائقة، يقوم إزاء أعيننا المذهولة.
وفي البرنامج ايضا اذا استمررنا على روح الأحداث المهرجانية هذه طائرة مساعدة ايرانية وتهنئة محمود احمدي نجاد بسلامة اسرائيل في طريقهما الينا. وعندما تهبطان هنا سنعلم حقا انه قد خمدت النار التي اشتعلت هنا مدة 62 سنة وانه قد حان دور ماء الحياة.
هآرتس 6/12/2010