إنتفاضة أممية" على دمشق وطهران.. وموسكو توفد لافروف إلى المنطقة وتترقب زيارة الحريري "لاستطلاع رأيه بالتطورات"
نصرالله شهر "العصيان" في مواجهة "المحكمة" وجعجع طالب "باجتماع عاجل" لمجلس الوزراء |
الجمعة 29 تشرين الأول 2010
ساركوزي جدد دعم المحكمة.. وبري "كرر انتقاداته لها". (أ.ف.ب)
مُكرّسًا الظنّ يقينًا بكون الهجوم "النسوي" على فريق التحقيق الدولي في الضاحية الجنوبية قد جرى عن سابق إعداد وتنظيم كتوطئة لإعلان العصيان بوجه المحكمة الخاصة بلبنان.. أطل أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله على شاشة "المنار" ليعلن قطع طرق تعاون "حزب الله"، واستلحاقًا سائر قوى المعارضة، مع التحقيقات الدولية الجارية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، محرضًا في الوقت عينه اللبنانيين على العصيان في وجه فريق مكتب المحكمة في بيروت تحت وطأة اعتبار من يتعاون مع أعضاء هذا الفريق "إنما يساعد على الاعتداء على المقاومة"، وعلى هذا الأساس دعا نصرالله المسؤولين في الدولة اللبنانية إلى "تحمل مسؤولياتهم" في هذا المجال، مع تسجيل شجبه سرعة تحرك القضاء اللبناني في فتح تحقيق بالإعتداء الذي تعرض له فريق التحقيق الدولي في الضاحية الجنوبية. نصرالله، الذي أوجز إطلالته فحصرها بتعميم وجوب قطع سبل التعاون اللبناني أمام فريق التحقيقات الدولية الموجود في لبنان، توسّل في سبيل تبرير دعوته إلى "التصدي الأهلي" لتحقيقات المحكمة الخاصة بلبنان عنوان "إستباحة الكرامات والأعراض" من منطلق عدم جواز الإطلاع على "ملفات الطب النسائي لزوجاتنا وبناتنا وأخواتنا" مع إشارته في هذا المجال إلى أنّ "زوجات ونساء قيادات وكوادر حزب الله" يترددن إلى عيادة الطبيبة إيمان شرارة حيث وقع الإعتداء على فريق التحقيق الدولي.. إلا أنه عنوان تقاطعت الأوساط المراقبة عند اعتباره غير مقنع بالإستناد إلى ما أدلت به الطبيبة إيمان شرارة نفسها حين أكدت لوسائل الإعلام أن المحققين الدوليين لم يطلبوا الإطلاع على الملفات الطبية للنساء اللواتي سبق أن تلقين المعالجة في عيادتها، إنما بعض الإستفسارات حول "داتا" بعض الملفات الموجودة في أرشيف عيادة شرارة منذ العام 2003، وعليه فإنّ
مصادر مراقبة لتصاعد وتيرة الحملة المناهضة للمحكمة الدولية بقيادة "حزب الله" رأت في كلام السيد نصرالله "حجة ضعيفة بدا نصرالله نفسه غير مقتنع بقدرته على تسويقها"، وقالت هذه المصادر لـ”NOW Lebanon” إنّ إطلالة أمين عام "حزب الله" أمس "تشي بأنّ ما أعلنه كان قرارًا معلّبًا سلفًا، وفق برمجة مسبقة التخطيط إقتضت تظهير مواجهة "نسوية" مع فريق التحقيق الدولي للإتكاء عليها في إعلان الحزب تنصله، تحت عناوين أخلاقية، من موجبات التعاون مع التحقيقات الجارية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسائر الإغتيالات التي تلتها".وفي أولى ردود الفعل الورادة من "لاهاي"، ندّدت الناطقة باسم
المحكمة الخاصة بلبنان بدعوة أمين عام "حزب الله" الى مقاطعة محققيها، واضعة إياها في خانة "المحاولة المقصودة لإعاقة العدالة"، وأكدت في المقابل لوكالة "فرانس برس" أنّ "المحكمة الخاصة بلبنان ستواصل الاعتماد على التعاون الكامل من جانب الحكومة اللبنانية ودعم المجتمع الدولي لإنجاز التفويض الموكل اليها"... وهو تعاون كان وزير العدل إبراهيم نجار قد أكد على استمرار التزام الدولة اللبنانية به "قانونًا، وبموجب الاتفاقات التي عقدها مع الجهات الدولية المختصة"، وذلك في معرض تشديد نجار على كون "لبنان لا يسعه إلا أن يتقيد بما التزم به لجهة تأمين حماية المحققين الدوليين، وهذا التقيّد يجب أن يسري على كل الوزارات والإدارات والقوى المعنية بهذه الإلتزامات". أما على مستوى ردود الفعل المحلية على كلام أمين عام "حزب الله"، فقد وصف رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية"
سمير جعجع موقف نصرالله بأنه "خطير جداً، إذ إنه يُهدد الدولة اللبنانية لأنها أول من يتعامل مع المحققين الدوليين"، مذكرًا في هذا المجال بأنّ "الحكومة الحالية في صلب بيانها الوزاري تعهدت التعامل مع المحكمة الخاصة بلبنان"، وطالب جعجع في ضوء هذه المستجدات رئيسيْ الجمهورية ومجلس الوزراء بالدعوة إلى "اجتماع عاجل للحكومة للتباحث في هذا الأمر"، منبهًا في هذا الإطار إلى أنّ خطاب نصرالله هو بمثابة "انقلاب على الحكومة اللبنانية".في غضون ذلك، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يختتم زيارته الرسمية إلى
باريس بلقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في "قصر الإليزيه" حيث جدد ساركوزي "دعم فرنسا للمحكمة الخاصة بلبنان" خلال لقائه بري "الذي كرر انتقاداته لهذه المحكمة" وفق ما جاء في بيان صادر عن الإليزيه، وإذ لفت البيان إلى أنه لم يتم التطرق في اللقاء إلى الحادثة التي تعرّض لها فريق من المحققين الدوليين في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلا أنه شدد على كون "فرنسا ترى أنه من المهم ان يواصل مدعي عام المحكمة الخاصة بلبنان عمله وأن لا يؤدي ذلك الى اضطراب الوضع في لبنان".من جهتها، حرصت
الولايات المتحدة الأميركية على الإعراب بوضوح عن إدانتها "بأشد العبارات الممكنة" الهجوم الذي تعرض له فريق التحقيق الدولي في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي في بيان إنّ "هذا الهجوم يشكل محاولة جديدة لفرض خيار خاطئ بين العدالة والاستقرار ولمنع المحكمة المستقلة من القيام بالمهمة التي كلفها بها مجلس الامن الدولي"، لافتًا الإنتباه إلى أنّ "أي جهود للتشكيك بمصداقية المحكمة وعرقلتها أو التأثير على عملها لن يؤدي سوى إلى زيادة عدم الاستقرار والتوتر في البلاد، الأمر الذي يجب ألا يُسمح به".
مجلس الأمن الدولي
تزامنًا، برز قلق دولي متعاظم من تطورات الأحداث في لبنان والمنطقة في خلال انعقاد مجلس الأمن الدولي بجلسة مغلقة خصصها للتباحث في وضع لبنان، وفي هذا السياق جاء تحذير المبعوث الخاص لمراقبة تطبيق القرار 1559
تيري رود لارسن من أنّ "لبنان بات دولة في حالة خطرة بسبب الميلشيات المسلّحة بشكل كثيف والعاملة على أرضه"، داعياً إلى "بذل جهود عاجلة لتجريد "حزب الله" من سلاحه".لارسن، وفي حديث للصحافيين إثر جلسة مجلس الأمن قال: "الميليشيات المسلّحة في لبنان هي تهديد قائم بذاته وخصوصاً عندما تقترن مع خطاب طائش وغير مسؤول"، محذرًا في الوقت عينه من أنّ "الشرق الأوسط هو منطقة تهب عليها تيارات هوائية وإعصار.. وإذا اهتز استقرار لبنان أخشى ان يؤدي إلى تأثير موجي ينتقل منه إلى باقي المنطقة".إلى ذلك، اتّهمت
السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس إيران وسوريا بـ"مواصلة تسليح حزب الله في مخالفة واضحة للقرارات الدولية"، معتبرةً أن الحزب "يمارس نفوذاً مدمّراً ومزعزعاً للاستقرار". وقالت رايس للصحافيين في مقر الأمم المتحدة إنّ "إيران وسوريا تسعيان لتقويض استقلال لبنان وتعريض استقراره للخطر"، مشيرةً إلى أنّ "حزب الله لا يزال ميليشيا مسلّحة بشكل كبير لم يكن ليستطيع بلوغه لولا مساعدة سوريا وتسهيلها وصول الأسلحة السورية والإيرانية إليه بما يعارض قرار مجلس الأمن رقم 1747".وإذ أعربت عن اعتقاد الإدارة الأميركية بأنّ "هناك بعض اللاعبين داخل وخارج لبنان مثل "حزب الله" وإيران وسوريا يؤمنون بأن زيادة الاضطرابات الطائفية سيساعدهم في تقوية وتعزيز سلطتهم على لبنان"، لفتت رايس إلى أنّ "سوريا، بشكل خاص، أظهرت تجاهلاً صارخاً لسيادة ووحدة أراضي لبنان واستقلاله السياسي تحت السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية، وفق ما أكّد القرار 1559، وعلى سبيل المثال أصدرت سوريا 33 مذكرة توقيف لمسؤولين لبنانيين حاليين وسابقين ورعايا أجانب، وإلى جانب ذلك، هي تلعب دوراً بارزاً في نشر عدم الاستقرار في لبنان، لا سيما من خلال تزويد المليشيات اللبنانية ومن ضمنها "حزب الله" بأسلحة متطورة"، مشيرةً إلى أنّ "الولايات المتحدة حذّرت كلا من ايران وسوريا اليوم (خلال جلسة مجلس الأمن أمس) من مغبّة نشر الاضطرابات وعدم الاستقرار في لبنان". في المقابل، إنتقد
السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إثر انتهاء جلسة مجلس الأمن كلام نظيرته الأميركية وتقرير لارسن، معتبرًا أن سوريا لم تعد معنية بتطبيقات القرار 1559 "منذ انسحابها من لبنان"، نافيًا أن تكون بلاده تسلّح "ميليشيات لبنانية"، كما اعتبر الجعفري أنّ تصريحات السفيرة الأميركية "ستكون لها آثار سلبية جدًا على الوضع اللبناني"، وأنها تصريحات "تتعارض تماماً مع الكثير من الوقائع المتعلقة بالتطورات الايجابية على صعيد العلاقات اللبنانية – السورية"، متهمًا رايس بأنها "أعطت مصداقية لوقائع خاطئة"، كما شدد الجعفري في الوقت عينه على أن سوريا لا تعترف بتقرير تيري رود لا رسن، مذكرًا في هذا المجال بأنّ "لارسن ممنوع من الدخول إلى الأراضي السورية منذ حوالى العامين".
موسكو "قلقة".. ولافروف إلى المنطقة مطلع ت2
وحيال هذه التطورات المتسارعة في لبنان والمنطقة، أفادت
مصادر دبلوماسية روسية موقع “NOW Lebanon” أنّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيقوم بجولة مكوكية على منطقة الشرق الأوسط "أوائل شهر تشرين الثاني المقبل تشمل إسرائيل ورام الله ومصر وسوريا ولبنان"، موضحةً أنّ مهمة لافروف "تستهدف الاطلاع عن كثب على الأوضاع العامة في المنطقة، بالإضافة إلى الوقوف على آخر المستجدات في ما خص مسار عملية السلام". أما في ما خصّ محطته اللبنانية، فلفتت المصادر الدبلوماسية الروسية إلى أنّ "موسكو قلقة من التوتر الحاصل في لبنان، وعلى هذا الأساس قررت إيفاد وزير خارجيتها للإستماع إلى وجهات نظر المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم الرؤساء الثلاثة حول أكثر من ملف مطروح على الساحة اللبنانية، سيما ما يتعلق بموضوع المحكمة الدولية وقرارها الظني"، لافتة في الوقت نفسه إلى أنّ "القيادة الروسية تترقب زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى موسكو منتصف شهر تشرين الثاني المقبل للتباحث معه في آخر المستجدات المحلية والإقليمية والدولية، والإطلاع على تصوراته إزاءها، بالإضافة إلى تعزيز وتفعيل أطر التعاون اللبناني - الروسي من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية خلال هذه الزيارة".