قصة (باقة مصابيح والنوتة الاخيرة)
للقاص الكوردي: امانج مصطفى صالح/ ضمن كتاب ( قصص به يفين).
اعداد مكتب المنظمات الديمقراطية/ للاتحاد الوطني الكردستاني.
(( القصة مهداة الى الاجساد التي غرقت في بحر ايجا من دون قبور.))
يفترض رصد الفكرة في التجربة التي يعيشها الانسان اثناء البحث عن الذات عبر فواصل حياة المنفى بعيدا عن الوطن، قد خلقت لديه قناعاة بأنه مقموع ذاتياً ويحتاج دائماً لوقفة مشعة على مساحات صيغت من ضغوط زمكانية.
ان وعي القاص امانج مصطفى يشتغل على السرد الدلالي والدرامي، شواهده مرتبطة بلغة فنية لها جماليتها، لما لديه من وعي شمولي محمي من الابتذال والترهل، امانج قاص متمكن ومنطقي، لذا تجده مطئن للمحكي من القصة، لا يمارس الثرثرة حول افعال شخوصه مقتنع بما يقدمه وفيما يفكرون ابطاله، جسَّدَ نقائض الافعال المتقابلة بين الابعاد الداخلية للشخوص ببنائه في عمله القائمة على العمل الدرامي والموضوعي ومفارقات الحياة التي اساسها الانسان.
يبدأ القاص امانج بتسليط الضوء على وضع بعض الشباب المهاجر بأهداف غير مستقرة ويصدمون بحواجز وعوائق تعمل على هدم جانب من شخصيتهم، التي سبق وان تعذبت داخل الوطن لعدم توفر متطلبات حياة تواكب طموحاتهم، وسعيهم للهروب بحثا عن حياة افضل خارج حدود الوطن، كأنَّ القاص امانج يقول: دوافع الشباب المهاجر، هو المبطن من قناعاتهم بأنهم بحاجة لهذه التجربة من اجل ايجاد ذواتهم المفقودة، مما يقودهم الشعور بالفشل الى فشل اعمق، كجرح مدية حين تترك اثر لا يمكن محوه من جلد القضية الهاربون منها ، ومن التصور الراسب الممتزج بالامل والخيبة كشباب طافح بالطاقة والحيوية باحثين عن ابواب تحررهم من طاقاتهم في مكان آخر.
القاص امانج يفتت مضمون تاريخ يطرح عوامل نفسية اخرى تركتها أثار الحروب، وبالسرد نحو(/ الرمز / الشاهد/ القبر)، العمر المتقارب بين (تريفه واوشي) والقدرها المحتوم، وهو ممسك بخيط القضية في السرد بقوة ذهنية، معالجاً قضية تستحق الالتفات نحوها والبحث الجدي فيها، في المجتمع الشرقي عامة والكوردي خاصة، ناظرا صورة العالم بصيغة مبتكرة، لغته في القص حديثة ومعاصرة لا تخلو من الابداع في السرد، في حواراته نجد لديه معرفة دقيقة لأصل المشكلة، خلق جميل في الشكل المحكي والتواصل الذي يقيم العلاقة بين المتلقي والمرسل، برصده التفاعل النمطي لجيل من الشباب المهاجر الذي يعيش في المنفى بكل شوائبه المزودة بالادعاء العالي لماهية ما هو خارج حدود الوطن.
يبدأ القاص امانج بتسليط الضوء على وضع بعض الشباب المهاجر بأهداف غير مستقرة ويصدمون بحواجز وعوائق تعمل على هدم جانب من شخصيتهم، التي سبق وان تعذبت داخل الوطن لعدم توفر متطلبات حياة تواكب طموحاتهم، وسعيهم للهروب بحثا عن حياة افضل خارج حدود الوطن، كأنَّ القاص امانج يقول: دوافع الشباب المهاجر، هو المبطن من قناعاتهم بأنهم بحاجة لهذه التجربة من اجل ايجاد ذواتهم المفقودة، مما يقودهم الشعور بالفشل الى فشل اعمق، كجرح مدية حين تترك اثر لا يمكن محوه من جلد القضية الهاربون منها ، ومن التصور الراسب الممتزج بالامل والخيبة كشباب طافح بالطاقة والحيوية باحثين عن ابواب تحررهم من طاقاتهم في مكان آخر. القاص امانج يفتت مضمون تاريخ يطرح عوامل نفسية اخرى تركتها أثار الحروب، وبالسرد نحو(/ الرمز / الشاهد/ القبر)، العمر المتقارب بين (تريفه واوشي) والقدرها المحتوم، وهو ممسك بخيط القضية في السرد بقوة ذهنية، معالجاً قضية تستحق الالتفات نحوها والبحث الجدي فيها، في المجتمع الشرقي عامة والكوردي خاصة، ناظرا صورة العالم بصيغة مبتكرة، لغته في القص حديثة ومعاصرة لا تخلو من الابداع في السرد، في حواراته نجد لديه معرفة دقيقة لأصل المشكلة، خلق جميل في الشكل المحكي والتواصل الذي يقيم العلاقة بين المتلقي والمرسل، برصده التفاعل النمطي لجيل من الشباب المهاجر الذي يعيش في المنفى بكل شوائبه المزودة بالادعاء العالي لماهية ما هو خارج حدود الوطن.
لنطلع على مقطع من القصة:
( - لا اعلم اي سؤ طالع هذا جعلنا ان نكون منظفي هذه القابر وكيف تورطنا مع هذا الحارس النازي!؟ لا نتاخر في الوصول، ولا نتباطأ في عملنا، ولكن منذ أن عملنا لديه لم نرَّ ابتسامة منه ولا كلمة طيبة، يتبعنا ويراقبنا دوماً ويامرنا بتنظيف جميع الزوايا والاخاديد لهذه المقبرة، عندما تصبح المقبرة حديقة نظيفة جدا، ينظر الى ساعته العتيقة ذات الحزام الجلدي السميك ويبقي بؤبؤتيه حينا على عقاربها ثم يامرنا ان نتبعه مع عدتنا ونبدأ بتنظيف وكنس جانبي الزقاق المحاذي لحائط المقبرة، علما ان هذا ليس ضمن حدود عملنا ولكن علينا ان نتجرعه، مع هذا لا يرضى بعملنا ويدندن مع نفسه ولا شك ان دندنته ومدمته كلها سب واستهزاء).
يؤكد القاص هناك اعتراف كبير بفشل بعض الشباب المهاجر الذي قادهم الى هذا المصير المؤلم، والذي جعلهم منظفي مقابر، مع انهم كانوا يحلمون باشياء افضل حسب تصوراتهم الموهومة، ودائما هناك عوائق في طبيعة الانسان تقلل من محاولات البلوغ عنده في تحصيل ما يسعى اليه، اذ تعمق فيما وصل اليه من ضياع يجعل احساسه منكمش، ان اشكالية التشتت لمعنى الانكسار في عودته للحيرة التي تصاحبه في امكانية معرفة الذات وصورة الانسان داخله، وما تنطوي عليه تجربته بأثمانها الباهضة، وتقودهم لمصير لا يقل عذابه عن عذاب غربة الوطن.
القاص امانج يعطينا فكرة عن ذلك الانسان المبحوح صوته في العالمين ( عالم الوطن وعوقه تجاه انسانه/ وعالم الحلم وقسوته) متسائلآ ابداً:
- اين يكمن سر حدودي أو افق موتي؟
يبدو ذلك واضحاً في حوارات القصة:
( ما اجملها( هايكة)! خلف اسوار الملجأ، تنادي سيروان بزمور( الهورن) لسيارتها.. جميع العزاب والرجال المبعدين عن زوجاتهم يراقبون هذا اللقاء، من شبابيك غرفهم بحماس.. تبدأ هايكة تعانق سيروان وكأنهما وحيدان تحت لحاف وسط السماء والارض،
- يصرخ ماموستا سواره خارجا راسه من الشباك: " لا تنسانا ياسيروان تمتع بها" .
يحمر وجه آزاد حين يرى هذا المشهد وترتفع حرارته، يبدأ بالذهاب والاياب في الغرفة التي مساحتها اربعة امتار فقط، ثم يبدأ بسرد مغامراته مع النساء وهو البطل في جميع قصصه المغامراتية كانه احد ابطال مسرحيات شكسبير الرومانسية، كما ينسى احيانا انه سرد هذه القصة من قبل فيبالغ باطالتها واطنابها، وانا كالمرات السابقة المستمع فقط من غير ان انطق بشيء.
كاكه شوان.. كيف امضي بحياتي واوقاتي مع الفتيات الالمانيات وهن جربن الالاف قبلي؟ لكن ماموستا سوارة انفعل وقال شبه غاضب:
- آزاد.. لا تبالغ كثيرا سردت لنا هذه القصة الاسبوع الماضي بشكل آخر، انك تتلهف الى صداقة فتاة المانية، ولكنك تقول بانهن فاسدات رغم انك قلت مرارا" انني بدلت العديد من الفتيات، وهذا يعني بانك ذو خبرة وتجربة في هذا المجال" وغالبا يتناقشان بانفعال حول هذا الموضوع..
- وقف دلير مستهزئا وقال:
- الخال سواره.. ليس هذا حلمي، وانما احلم بالحصول على جواز سفر الماني، واعود الى مدينتي ومعي سيارة فيصبح ذلك اليوم عيد ميلادي..
كان يتكلم ويقف امام المرأة يدهن يديه بالمسحوق والكريم ويبلل بهما شعر رأسه المشيب، كما يلعن في قرارة نفسه تلكم الشعرات البيض ويود لو اقتلع جميعها.
صور متتالية تدور في ( الهايم- ملجأ الاجئين) وماعاناة الشباب (سيروان/ سوارة/ آزاد / رابح) اما على لسان شوان سارد القصة يبقى مع الليل والحلم الذي يصفهما بالعَدوانْ له، كيف يقودانه للعودة بالذكريات المؤلمة التي رافقته في رحلته الى المنفى ، التي تشبه رمال حارقة في اواني بائعي حب الشمس لأطفال مدينته، وهو يصارع الصمت في عينيه حتى الصباح، ترفه زوجته لم تكن راغبة بالسفر، غير انها كانت منقادة وراء حبها وحلم زوجها واخلاصها له، وهذا معروف عن نساء كوردستان، الاخلاص في الحب حتى الموت، شابة لم تبرح قريتها دفعها الحب للغرق في لجج البحر الذي ابى ان يتخلى عنها لجمالها، كما نجد في المقطع الخير من القصة:
- روحي شوانه.. هَلِكتُ.. اشعر كانَّ قدمي تخدرتا.. نفذت طاقتي وامتلأ حلقي بالمياه المالحة.
- تريفه.. لولا تلك الامواج الهادرة لكنا نرتاح تحت انوار تلك المصابيح تصبري وتحملي.
ولكن الامواج واحدة بعد الاخرى ترجف قلبيكما وانتما تصارعانها منذ حين.. البحر بدأ يهجم عليكما، توحدت الامواج وحاصرتكما بقوة وعنف وصوت مخيف فتحت فاها للجسد الناعم والممتلئ ل.. (ترا) العروس، هاجمت الامواج وتقدمت والتفت بذراعاتها حول تريفه وانفكت ذرعيها حول كتفيك وخطفتها مسرعة..
نظرت الى خلفك في الظلام الدامس سمعت آخر مرة صرخة؛ صرختين، والصرخة الثالثة كتمت وضاعت امام عينيك بحثت عنها في جوارك ..بكيت كثيرا صرخت دون جدوى.
بكل ما اوتيت من قوة صرخت صرخة مدوية لكن صراخك لم يستجب بغير صداه من البحر (تريفه..تريفه) ارجفتك وفزَّتكَ دمدمة حارس المقبرة.
حدقت فيما حولك من كل الجوانب كان اصدقاوك يوزعون القزم والمعاول للتهيؤ للعمل.
- آه .. عزيزتي اوشي .. يوم اخر كسائر الايام، ويا ليت ل.. ( لتريفه) تي ، قبرا ازوره.
القاص امانج ابدع في رسم ظلال الصورة المتكاملة للوضع الذي يعيشه الشباب المهاجر وما يقدم من تضحيات في كل خطوة يدفع ثمن كبير من عمره وشبابه الممزق بين رغباته، وحبه لتحقيق شيء يقدمه لعمره المجهول والواقع تحت طائل المطلوب والحلم، امانج كاتب قصة مبدع ويبدو مقل في كتاباته الرائعة، واتمنى ان يستمر في مد الجنس الادبي من القص في الادب الكوردي بما يضفيه من لمسات تحتوي فكره، له نظرة مميزة في عالم القص مختلفة عن تجربة غيرهِ من كتاب القصة الكوردية.