أتعذرني إنْ وقفتُ لأبكي
كما يشتهي القلبُ - أبكي عليكْ؟
أتعذرني إنْ أزحتُ العزاءَ
وخالفتك الرأيَ في ذا الرحيلِ
وخالفتُ نفسي؟
أنا لا أُصدَّقُ موتاً كهذا
ولكنّ للقلب لهفتَهُ
يستطيرُ صعيقاً إذا الفقدُ حلَّ
يُطِيْرُ سلاهُ ولا يتروَّى
على صخرةِ الموت يهْوِي بهِ
قمراً من زجاجْ
أراني سأُجري الدموعَ طويلاً
سأهوي مع القلب
لا بُدَّ أهوي
ولا بدّ لي في مسافاتهِ
أنْ أغوص مليَّاً
ولا بدّ لي من وقوفٍ طويلْ.
سيغرقني القلبُ -أدري- كثيراً
وإنَّي أراهُ -كما يشتهي الموتُ-
يمضي بعيداً ويعصف بي
بارتجالٍ سريعٍ
يُطَيِّرني في بطاح الهلاكِ
ويلقي عليَّ بغيمٍ ثقيلٍ
وتيهٍ مريرْ.
أتعذرني؟!
ليس لي أنْ أكون بأكثر منَّي
لأنكر للقلب رجفتَهُ
وانهماراتهِ
ليس لي ما يفوقُ
-بعصفٍ كهذا-
رسوخ الجبال.
تَرَنَّحت الأرضُ
مادت وماجت
وساحت عليها
مساحتها
ومساراتها
الذُّرى والحدودُ
وأسماؤها
والرسوم التي
تتسمى الجهات.
ترنّحت الأرضُ
مادت وماجت
فماذا أطيقُ عليها لها؟
وماذا أطيقُ بها أنْ أكون؟
ترى ما أطيقُ أنا
أنْ أكون؟
أراني أحطُّ بليلٍ غريبٍ
أُقلِّبُ للروح مثل الغريب
فلم تحفظ الأرضُ لي أثراً
ولم تَدَّكِرْني
كأنْ لم أكن قد جُرِحْتُ بها
أو حملتُ لها وُجْهَةً
أو طريقاً
كأنْ لم أكن قد شُغفتُ بها
وسابقتُ بالشوق كلَّ الفصولْ.
ترنّحت الأرضُ..
هل كنتَ تدري؟
وما هذه الظُّلْمةُ الكاسحةْ؟
أهو المنتهى
أم مدىً للعُلى
شاهقُ الاختبارْ؟
أجبني بربِّكَ، خُذْ بيديَّ
ولا تختبرني
فما عاد لي للرؤى قمرٌ
ولا نجمةٌ تستقيمٌ الحسابْ
فماذا أطيق؟
أراني أعوم بليلٍ غريبٍ
أقلِّبُ للروح مثل الغريب
تبهَّمَتِ الأرض ُ
ما عدتُ أدري
على أيّ تيهٍ أنا من طريقي
على أيّ بعدٍ أنا في الظلام
أتعذرني؟