ي زحمة المهرجانات والمناسبات، يبحث المرء عن ملامحه
وأسئلته المؤجلة. متاحف عريقة مثل «اللوفر» و«غوغنهايم» وصلت إلى الخليج،
لكننا لا نعرف تماماً الأعمال التي يمكن عرضها هناك، وما ستكون آليات
الاختيار ومعايير الرقابة. ولا كيف سينتج كل ذلك نهضة فكريّة وثقافيّة. من
يستثمر اليوم في الثقافة؟ وكيف؟ الأسواق الغربيّة ترحّب بنوع معيّن من
الأعمال العربيّة. مشاريع الدعم تقدّم فسحة أمل للمبدعين الشباب، والأقل
شباباً أيضاً... في منطقة ملتهبة هي محط الأنظار والاهتمامات. مطلوب مال
للثقافة، ولكن بأي ثمن؟
شرق جديد
كان عام التحولات
العميقة التي لن تظهر على الوجه إلا بعد وقت، والانقسامات الحادة التي ترسم
خريطة مواجهات من نوع جديد. شيئاً فشيئاً فرغت التصنيفات من فحواها:
علماني، ديموقراطي، وطني، يساري، طليعي، أصولي... لا بد إذاً من جيل يأتي
لإعادة اختراع المعاني، وطريقة النظر إلى الواقع. جيل برز في الشعر
والموسيقى، في الفنون البصريّة والمشهديّة، ومن خلال التقنيات ووسائط
التعبير الجديدة. فهل يكتب له الاستمرار والتطوّر؟
رحيل
إنّه عام الحداد
والفراق والفجيعة. بين الغيّاب نذكر المبدعة والناشرة اللبنانيّة مي غصوب،
الأديبة اللبنانية ليلى عسيران، رائد الرواية المغاربية إدريس الشرايبي.
والشعر العراقي خسر اثنين من رموزه: نازك الملائكة، الرائدة التي حطّمت
فحولة الشعر انطفأت في القاهرة عن 84 عاماً. وسركون بولص، مجدد قصيدة النثر
خطفه الموت في برلين عن 63 عاماً.
إصدارات
أنسي الحاج أخيراً
وصل «الرأس المقطوع» إلى القاهرة وصار في استطاعة القارئ المصري أن يحصل
على الأعمال الكاملة لأنسي الحاج في طبعة شعبية صدرت ضمن سلسلة «الأعمال
الكاملة» عن «هيئة قصور الثقافة». سعدي يوسف الذي رافقت قصيدته نصوص
الريادة الأولى، أصدر هذا العام ديوانه الجديد «الشيوعي الأخير يدخل الى
الجنة» (دار المدى)، وأتت قصائده لتلخّص كل الإنجازات السابقة لصاحب «حانة
القرد المفكر». ومن خضم الكابوس العراقي، حوّلت عالية ممدوح في روايتها
«التشهي» (دار الآداب) العجز الجنسي إلى كناية عن الإحباط السياسي لمرحلة
وشعب وجيل.
قضايا
مرسيل خليفة من كان
يقول إن مرسيل خليفة سيكون ضحيّة البرلمان البحريني، هو والشاعر قاسم حداد،
بسبب استعراض راقص يحمل توقيعهما («مجنون ليلى»)، افتتح «ربيع الثقافة» في
المنامة؟ ومن «الايروسيّة» إلى حصار اللوبي الصهيوني الذي منع خليفة من
الغناء في كاليفورنيا خلال جولته الأميركيّة. وفي لبنان، عرقلت الرقابة عرض
ربيع مروة «نانسي» معتبرة أنّه يمثّل خطراً على السلم الأهلي(!) لكن طارق
متري، وزير الثقافة في ما بقي من الحكومة اللبنانيّة، وقف الى جانب
المسرحيّة التي وجدت طريقها الى الجمهور... وفي تونس أيضاً انتصر الفاضل
الجعايبي على وزير ثقافة بلاده الذي حاصر مسرحيّته «خمسون» أشهراً طويلة،
سينما
«هي فوضى» يوسف
شاهين المعلِّم الإسكندراني لم يفقد شيئاً من جرأته. فيلمه الجديد «هي
فوضى» يعرّي يوسف شاهين الواقع المصري، ويتناول عدداً من القضايا الساخنة
كالفساد السياسي والاقتصادي والعنف البوليسي في مصر.
وقد شهد العام عودة محمد خان بفيلم «في شقة مصر الجديدة» بعدما جافاه
النقد في السنوات الأخيرة، واتهمه بالتنازل لمنطق السوق. ويحكي الشريط قصّة
حبّ تدور في القاهرة التي صوّرها خان كما لم يفعل أي مخرج قبله. وفي
لبنان، عاد برهان علويّة بعد انقطاع طويل بشريطه الجديد «خلص» الذي فاز
بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان دبي. يعود صاحب «بيروت اللقاء» هنا إلى
الجرح نفسه الذي بنى عليه أبرز محطات تجربته الإبداعيّة. ويُدخلنا «خلص»
الى جحيم بيروت في زمن «السلم الأهلي» والجمهوريّة الثانية.
مهرجانات
«سكر بنات» نادين
لبكي كثرت مهرجانات السينما في العالم العربي. القاهرة توّجت فيلم «العدوّ
الحميم» (فلوران إميليو سيري)، الشريط السجالي الذي يتناول حرب الجزائر،
وينكأ جرحاً غائراً في الذاكرة الجماعية الفرنسية. ومنحت دبي «مهرها
الذهبي» للبناني فيليب عرقتنجي على فيلمه الجديد «تحت القصف». ولفتت نادين
لبكي الأنظار بفيلمها «سكّر بنات» الذي شارك في «كان»، إلى جانب مواطنتها
دانيال عربيد مخرجة «رجل ضائع». وحقّقت السينما المغربية نقلة نوعيّة من
خلال إنتاجاتها الغزيرة هذا العام.
مسرح
«صفحة 7» عصام
بوخالد وفادي أبي سمراالموسم المسرحي كان خصباً. «خمسون» الفاضل الجعايبي
(نصّ جليلة بكار، كوريغرافيا نوال اسكندراني)، عرضت في طوكيو، ثم أثارت
جدلاً في تونس. وكان للمسرح اللبناني الجديد وقفة تكريس في «مهرجان الخريف»
الباريسي، مع عروض لينا صانع ووليد رعد وربيع مروّة. هذا الأخير قدّم
«نانسي» في طوكيو أولاً، ثم أثار ضجّة في بيروت إذ أخرج شهداء الحرب
الأهليّة من عقالهم (مستنداً إلى أبحاث زينة معاصري). وقدم مهرجان «نقاط
لقاء» (طارق أبو الفتوح) المتعدد التوجهات والأماكن أعمالاً مهمّة،
آخر العمالقة
ميكلانجلو أنطونيون
يخسر عالم السينما والفنون المشهديّة هذا العام ثلاثة من عمالقة القرن
العشرين. بين رحيل السينمائي الإيطالي ميكلانجلو أنطونيوني وزميله السويدي
إنغمار برغمان، أقلّ من 24 ساعة.
كلاهما رحل في أواسط تسعينياته، بعدما كتب صفحات استثنائيّة في تاريخ الفنّ
السابع. أنطونيوني ابتكر أشكالاً جديدة تجنح إلى الغرائبية، وبقي بعيداً
عن الرواج التجاري بسبب صعوبة أفلامه التي تقوم على اللقطات الطويلة
والإيقاع البطيء. أمّا معلّم السينما التأمليّة إنغمار برغمان، فحوّل
الشاشة إلى مسرح للهواجس النفسيّة، وتداعيات اللاوعي وتهويمات الذات
المعذّبة. ومعظم أفلامه تدور في أجواء سوداوية قاتمة، تختصر صراع الإنسان
مع نفسه ومع الآخر في مواجهة العدم.
ألبوم العام
ليس حدثاً عادياً.
لطيفة التونسيّة تغنّي زياد الرحباني! منحت المطربة صوتها إلى الابن الرهيب
للمؤسسة الرحبانية في أسطوانة «معلومات أكيدة» التي كتب زياد ولحّن ووزّع
الجزء الأكبر من أغنياتها. وكانت بيروت على موعد مع زياد في «قصر
الأونيسكو» حيث أحيا أمسيتين بعنوان Da Cappo، وهو الاسم الذي حمله برنامج
حفلة أبو ظبي 2005.
موسيقى ومعارض
خرج شربل روحانا عن
صمته في ألبوم «خطيرة» منتقلاً من الموسيقى إلى الأغنية. كما أصدرت السورية
لينا شماميان أسطوانتها «شامات» التي تواصل فيها مغامرة إعادة تملّك
التراث بأسلوب معاصر. وكانت بيروت على موعد مع التونسي أنور براهم الذي
أحيا حفلتين في «ميوزكهول» بدعوة من «ليبان جاز» ضمن ثلاثي أسطوانته «رحلة
سَحَر».
وحضر لبنان للمرّة الأولى في «بينالي البندقيّة/ فينيسيا» (الدورة الـ52)،
في جناح مستقل أشرف عليه صالح بركات وساندرا داغر، وعرض أعمال فؤاد الخوري
وأكرم الزعتري ووليد صادق ومنيرة الصلح ولميا جريج. وكان «الأسد الذهبي» في
البينالي المذكور، من نصيب الفلسطينية إميلي جاسر، عن عملها «مادة من أجل
فيلم».
جوائز
نوبل الآداب 2007
كانت من نصيب البريطانية دوريس ليسينغ (88 عاماً). وفاز الروائي الياس خوري
بجائزة «سلطان بن علي العويس الثقافية» عن مجمل أعماله في حقل الرواية،
كذلك فاز بالجائزة نفسها، المصري يوسف الشاروني (القصة)، والمغربيان محمد
بنيس (الشعر)، وعبد الفتاح كيليطو (الدراسات الأدبية والنقد)، والتونسي
هشام جعيط (الدراسات الإنسانية والمستقبلية). وحصل محمود درويش على جائزة
ملتقى القاهرة الدولي الأول للشعر العربي.