اكتبي وصيتك على نعال أبنائك
المغادرين
هنادي الزرقة
(سوريا)
انتظار
الأرملة
ذات السبعين عاماً
تلمّع صورة زوجها كلَّ صباح
تسقي عصفورة حبيسة
في قفص
وتجلس على شرفتها
تراقب الشارع
......
بعد حين
تكدّس
الغـبار على صورة زوجها
ماتت العصفورة
وكعادتهم
أكمل العابرون
طريقهم
دون أن يلتفتوا إلى الشرفة!
الخوف
سيكبر الأولاد
دون
أن تنتبهي لسحابة الصخب
التي رموها في سريرك
ومضوا
سيكبر
الأولاد
ويكفّ البــاب عن الغــدو والإياب
سيغلقون طفولتهم عليك
ويمضون
دون مبالاةٍ
بيديك اللتين تتأرجحان بانتظارهم
ستكبر الأغنـيات
التي ربيتها لهم
وتمدّ لسانها لك
اصمتي
سوف تصمتين
اعترافاً
منك
بأن الأولاد قد مضوا
وأن القافلة لم تنتظر
وتركــنين إلى
كرســيك المخلوع
ذاهلةً عن صريره
ناظرة إلى أيام
تخافين الوصول
إليها.
وصية
اكتبي وصيتك
على نعــال أبنــائك المغــادرين
لتضجَّ
بها الأرصفة
* * *
ارقدي
كمن يعدّ في صمت
أسنانه المخلوعة
* * *
هكذا
سينفرط الوقت من يديك
مثل سبحة طويلة
لا تساعدك ساقاك
في
الجري خلف حباتها
* * *
وتقبعين على الحائط
كلوح زجاج أغبش
مرَّت عليه هراوة النسيان
صوتــك
المئذنــة التــي تصدّعت
جســدك الجامــع الـذي تهاوى
وأنت تخبئين
الأسى
في مرطبانات وتنسينها
تحت ثوبك
* * *
ألم يكن الوقت مبكراً
لتخللي تفاحاتك الحمراء
ألم يكن الوقت
مبكراً
لتنذري روحك للعتمة
في الخريف
تنقين أيامك
من رمل
الساعات
في الخريف
يحدث أن مفاصلك
تحتاج دائماً
إلى ذلك
الوهـن الضروري للحلم.