اصطحبها الى غرفته .. وحيدا كان يطارح غربته، بعد أن نقلته الشركة التي يعمل فيها الى مكان بعيد . عائلته المكونة من خمسة أنفار تهوي على ظهره بسياط الجوع فيزداد انحناء، راتبه لا يكفي لدفع فاتورة الكهرباء، والضرائب وحاجيات الأولاد . لم يعرف غصنه النديّ وعوده الفارع غير جسدها البضّ ووجهها المدور كرغيف خبز مقمّر، لم يشغل باله سوى صراخ أولاده وهم يتشيطنون في ساحة البيت والشارع الممتد أمامه دون نهاية.. ينشر ازدحامه على الجانبين، العمارات تتعانق كأشباح تهاجسه في مساءات الصيف الحارة، رائحة الأسماك وصوت الباعة في الصباحات، زمرة الكلاب الشاردة والقطط المتسكّعة بشهوة غريزتها الحيوانية ...
انّها المرة الأولى التي يرى أمامه أنثى تخلع ملابسها، حافية تدعوه بعينيها، تشده ليبحث فيها عن شيء ما حرم منه،، لم ير جسدا بهذا الجمال، نهداها بلون الكرز يستفزانه، خصرها النحيل، ساقاها،، كل شيء فيها يثير ذكورته الجائعة .
يسحبها الى السرير،، يركل الباب برجله،، يتهاوى بجسده النابح،، يحترق رنين الهاتف من الغرفة المجاورة،، لعابه ينزلق الى حيث يروي ظمأ وحدته بعطرها وعرقها الأنثويّ، تتلوى كأفعى راقصة تحت لزوجة لذته الشيطانية المشتهاة، يفرد الليل فخذيه متراخيا على سرير يئن ويئن، وصرير الفجر المصحوب بضجيج الهاتف المستمر يعلن عن هدوء عاصفة ليلية .
-لا بد أنه عادل صديقي،، يبدو أن جيبه فرغت من النقود،، وينتظرني على عتبة عزلته مع بنات الهوى لأدفع ثمن الخمرة والمتعة ..
-هالو ..نعم ..ماذا ؟!!! يلهث بصوته المتهدّج،، تسقط سماعة الهاتف من يده،، يرتمي على الكنبة صارخا
-لا يا ولدي،، لا يا صابر،، وعدتك بتحقيق أحلامك،، ليس الآن يا بني،، يا الله ارفق بي ...
ازداد نحيبه،، دموعه بلّلت وسادتين من ندم،، والسرير أمامه يتمطّى، على شرشفه جسد بلون وطعم النبيذ المعتّق.
دسّ في حقيبتها مئة دولار،، غادرت وهي تقهقه،،وتتلوى،،صفق الباب مصعوقا،، هرول يتعثّر بخطواته ليلحق بأقرب قطار يوصله الى بلدته النائية،، ليدفن ابنه بيديه ....!