[size=40]24أكتوبر 2015بقلم مجموعة باحثينقسم:حجم الخط
-18
+للنشر:[/size]
الملخص:
إذا كان المقدّس في ماهيّته يحيل على معاني السمو والتعالي والطهارة، وإلى ما يتعيّن احترامه وعدم تدنيسه أو الاعتداء على حرماته، وهو ما يجعل من مشمولاته المكان والزمان والأشخاص والأشياء، ناهيك عن الأقوال والأفعال والطقوس، فإنّ ما يسترعي الانتباه هو أنّ حضور هذا المقدّس كان دوماً مقترناً بصور مختلفة من العنف الظاهر والكامن. يكفي دليلاً على ذلك الحروب الدينيّة، واستباحة دماء المخالفين في الرأي أو الاعتقاد التي تُمارس باسم الدين، هجوماً أو دفاعاً، وأحكام الحسبة وفتاوى القتل والتكفير التي أضحت ممارسات تهيمن على مسرح الحياة الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة.
قال إريك فايل ذات يوم: "إنّ هناك صنوفاً من العنف بقدر ما هناك من المقدّسات". هذه العبارة يمكن أن تُقرأ على وجهين: من ناحية، ثمة تأكيد على أنّ المقدسات تُورِّث عنفاً تتعدّد أشكاله وصوره؛ ومن ناحية أخرى، تشير إلى أنّه يمكن للعنف المتفاقم أن يتلحّف بالمقدّس، ويعمل على توظيفه لتسويغ ممارساته، بحيث يتحول الإرهابي مثلاً إلى بطل أو شهيد. فكلما ارتبط المقدّس بالسياسة في علاقة توظيف متبادل، أمسك العنف والمقدّس، كلٌ منهما برقبة الآخر.
إنّ ما تشهده الساحات العالميّة، والعربيّة على الخصوص، من دمار وإراقة للدماء وقتل باسم الله، يفرض علينا أن نفرغ ما في وسعنا من أجل الإمساك بالخيوط الناظمة التي تضبط العلاقات المتشابكة بين المقدّس والعنف في أبعادها المختلفة، وفهم آليات اشتغالها على ضوء الأسئلة التالية: ضمن أيّ إطار يمكن معالجة العلاقة بين المقدّس والعنف؟ كيف يمكن تسويغ العنف استناداً إلى المقدّس؟...