استيقظ
من سبات عميق، وجلس متأملاً في الظلام، عائداً من سفر بعيد.. وطفق من
لحظته يجمع أشتات الحلم، متعجلاً لملمة التفاصيل يخشى أن تفلت من ذهنه
عناصر الحلم الغامض.
وجد نفسه في حقل شاسع من البياض الشديد في نقائه وهنا أفلت من ذهنه نوع ذلك
البياض، جليد.. لبن.. زبد.. أمواج.. ملح.. قطن، تداخلت كل تلك الأشياء..
تجاوز تلك النقطة حتى لا تتسرب في حقل النسيان بقية تفاصيل الحلم.
الشمس فوق رأسه تظهر وتختفي.. كان الجو غائماً في الغالب.
في قلب الحقل الشاسع من البياض كانت هناك امرأة حاسرة الرأس والوجه.. يلتف
على جسدها شيذر أسود، تفرقت الغيوم ورحلت وانسكبت أشعة الشمس بوهجها الصارخ
فشع وجه المرأة ألقاً يتداول بتدرجاته لمعات تنقطع وتظهر، تبرز، وتختفي..
خيوط سراب، شطآن، بحر يتماوج ماؤه ذرات ملح مذابة في الهواء، وتطاير رغوة
الماء عند ملامستها اليابسة.
وهو يسترجع تلك الصور متتابعة في الذهن، تمر أمام البصر متسارعة وكأنها لن
تعود.. دفقات ضوئية تنكع من شقوق جدار أسود صقيل وأملس بقايا ثقل متخثر
شديد الليونة والطراوة ينام في عمق فنجال أبيض من الصين.
دعك عينيه بثنايا الأصابع، وركز بكل صحوه ويقظته الخارجين من نوم عميق
ونعاس لذيذ مازال يغري النفس بالاسترخاء والخوف من الضوء المزعج.
في سرحته الغارقة في استرجاع تفاصيل الحلم وصل الذهن إلى آخر مداه في
التركيز، وحثه على التواصل والاستمرار برجاء واسترحام اليمين.
توقف الاسترجاع عند تلك النقطة وعاد البصر يتكحل بالأشياء الصغيرة تكسو
بلادة اعتيادية أدمنها البصر في التكرار الممل إلى حد أن فقدت معنى وجودها
وحضورها.
وكما يتابع عملية حسابية ضاعت بعض أرقامها فتولاه عجز مهين منعه من الوصول
إلى نتيجة للجمع والطرح والضرب والقسمة.
ضاعت عليه وانطمست كل تفاصيل الحلم.. الذي مر في الرأس كطيف.
ارتبك في حالته، تشوش الذهن تداخلت المرئيات .. وصرخ بتوجع: حتى الحلم..!
تعجز عن استعادته الذاكرة مجرد استعادة واحدة فقط.. فقط.. لا غير.
الأربعاء يوليو 14, 2010 12:48 pm من طرف روزا