سنين كروم
July 13, 2015
القاهرة ـ «القدس العربي» حملت الصحف الصادرة أمس الاثنين 13 يوليو/تموز عددا من الأخبار المهمة جدا، رغم أنها لم تحظ باهتمامات الأغلبية، التي استمرت في متابعة حلقات المسلسلات والبرامج التلفزيونية وتحليلها، وتوفير الحكومة السلع في العيد، والاستعدادات له بزيادة عدد القطارات وتوفير أماكن فيها، وتأمين الحدائق والمتنزهات وأفلام العيد في دور السينما، وما ينشر من تحقيقات وأخبار عن وفاة الفنان عمر الشريف وسامي العدل. وأخبار التحقيقات في حادث تفجير السيارة أمام مبنى القنصلية الإيطالية الواقعة في تقاطع شارع الجلاء مع السادس والعشرين من يوليو وسط القاهرة، أمام مستشفى الجلاء للولادة، وعلى بعد عشرات الأمتار من مبنى جريدتي «الأخبار» و«الأهرام»، وإن كان الحادث كغيره من حوادث الإرهاب سوف ينصرف الناس عنه، لأن العيد بعد أيام قليلة يوم الجمعة، ولأنه لم يكن الأول ولن يكون، فقد سبقه في المنطقة نفسها حادث التفجير الذي حدث في دار القضاء العالي على بعد أمتار من مكتب النائب الذي اغتيل في ما بعد، المستشار هشام بركات، ثم الاغتيال والهجوم الإرهابي لاحتلال مدينة الشيخ زويد، والبيان الذي أصدره الجيش ونشرته صحف أمس عن وصول عدد الإرهابيين الذين تم قتلهم منذ أول الشهر إلى مئتين واثنين وخمسين إرهابيا، لأن المصريين اعتادوا على سماع ورؤية هذه المشاهد ولم يعد يثير غضبهم الدولة التي يتهمونها بعدم استخدام العنف لأقصى درجة لتصفية الإرهابيين، من دون أي اعتبار لأوروبا وأمريكا ومنظمات حقوق الإنسان، كما لم يهتموا بالمعركة التي بدأت بقانون مكافحة الإرهاب بسبب المادة 33 الخاصة بالحبس في قضايا النشر، وأجبر الصحافيون الحكومة على سحبها وزيادة الغرامة المالية. هذا وكشف زميلنا الرسام في مجلة «روز اليوسف» أنور عن سر جديد، إذ قال إنه حضر اجتماعا عقده أبو العريف وزملاؤه قال لهم أبو العريف:
- أنا عرفت أزاي نقضي على الإرهاب يا جماعة نقبض على الصحافيين.
- فرد عليه بحماس « الله فكرة جميلة».
أما الأخبار المهمة جدا في صحف أمس، ولم تهتم بها الأغلبية، فكانت إعلان هيئة قناة السويس أنها ستقوم بالتشغيل التجريبي للقناة الجديدة في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، تمهيدا للاحتفال بالافتتاح الرسمي في السادس من الشهر المقبل، وكذلك خبر استقبال الرئيس السيسي لنائب الرئيس اليمني ورئيس الوزراء خالد بحاح، والاجتماع الذي عقده إبراهيم محلب مع بحاح والوفد المرافق له، والتوقيع على اتفاقيات لتفعيل ما هو متفق عليه منذ سنوات بين البلدين، رغم أن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي لا وجود لها على أرض اليمن، لكن الهدف كان الرد عمليا على الإشاعات التي انطلقت مؤخرا عن وجود تغير في موقف مصر من الأزمة اليمنية، بما يعكس الخلاف مع السعودية، وكان سامح شكري وزير الخارجية منذ أيام قد سخر من هذه الأنباء. أما الخلاف الحقيقي بين البلدين والمعلن بطريقة ناعمة فهو بالنسبة لسوريا.
والخبر الثاني الذي لم يهتم به أحد هو، قيام محافظ مطروح بتسليم التعويضات المالية للأهالي المضارين من دخول أراضيهم في نطاق مشروع المحطة النووية، التي سيتم إنشاؤها في الضبعة، وكان الجيش قد تكفل أيضا ببناء مساكن بديلة لهم على الطراز البدوي، ومنطقة زراعية أيضا، والخبر معناه أن يوم الإعلان عن بدء العمل في إنشاء أول محطتين نوويتين لتوليد الكهرباء، وتحليه المياه في إطار خطة إنشاء ثماني محطات قد اقترب جدا.
أما الخبر الثالث الذي لم يحظ أيضا بالاهتمام رغم أهميته، فكان استقبال الرئيس السيسي لوفد سوداني كبير يرأسه وزير الري لبحث التكامل بين البلدين. واعطى السيسي توجيهات للحكومة المصرية بالانتهاء من استصلاح المئة ألف فدان الأولى في ظرف عام واحد، تنفيذا لاتفاق تم توقيعه بين البلدين عام 1976، أي عندما كان السادات رئيسا لمصر، وجعفر النميري رئيسا للسودان، لتحقيق التكامل بين البلدين، لكنه تعثر ثم انتعش سياسيا بعض الوقت بعد مجئ مبارك، بإنشاء برلمان وادي النيل، وتعرض للإنتكاس، لكن هذه المرة هناك تصميم مصر أولا على تحقيق التكامل وتنفيذ الاتفاقيات، وإلا لما حدد الرئيس للحكومة عاما لتنفيذ استصلاح وزراعة المئة ألف فدان الأولى، التي سيتبعها غيرها، وكان منذ أشهر قد تم افتتاح منافذ حدودية جديدة بين البلدين ومد طرق والعمل على مد خط سكة حديد. وإلى قليل من كثير لدينا….
ياسر برهامي: التجديد ليس
معناه أن نأتي بشيء مخالف لما سبق
ونبدأ بمعارك ومشاحنات إخواننا في التيار الإسلامي، التي امتدت إلى قضايا متعددة ولم تتركز على واحدة. رأينا جريدة «الشروق» يوم الاثنين الماضي تنشر حديثا مع ياسر برهامي نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية، التي خرج منها حزب النور أجراه معه زميلنا علي كمال قال فيه عن تجديد الخطاب الديني: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها»، والتجديد ليس معناه أن نأتي بشيء مخالف لما سبق، وإنما هو من الدين، والمقصود به أن بعض الأمور تكون من أحاديث في السُنة النبوية ضعفت وبنيت عليها بدع ومخالفات وخرافات، وتجديد الخطاب الديني معتمد على أن نستعمل الدواء الموجود فى النصوص الشرعية لعلاج الأمراض التي ظهرت في الوقت الحالي، مثل قضايا التكفير والخلافة الإسلامية، وتصحيح مفاهيم الجهاد، وليس استعمال القتل والعنف بحجة الجهاد، ولابد من توضيح النصوص المنحرفة في الجهاد ومنع الدماء، عن طريق الأدلة الشرعية الصحيحة وقضية التبعية لدول الغرب، وقضية التقية، ونعالجها بالأدلة الصحيحة والتحذير من التكفير والقتل وسفك الدماء بغير حق، ولابد من استقلالية الأئمة وتدريبهم على مواجهة تلك الظواهر، وتوضيح أسباب الانحراف الفكري، والتحذير من قضية الشيعة وخطورتهم على مصر، وما يتعرض له العراق وسوريا ولبنان، وما يتعرض له أهل السنة، وقضية سب الصحابة، وجانب آخر هو الانحراف الأخلاقي وما تقدمه بعض وسائل الإعلام. البعض يردد «داعش» و»بيت المقدس» وغيره، خرج من رحم السلفيين واعتمادهم على فتاوى «ابن تيمية»؟ هذا غير صحيح، وإذا افترضنا ذلك فهم كما يستخدمون فتاوى لابن تيمية يستخدمون أيضا آيات من القرآن الكريم، وبذلك لا نستطيع أن نقول إن القرآن يدعو إلى القتل، وهذا فهم خاطئ، ولابد من توضيح ما جاء في تلك الآيات في القرآن وما يرددونه باطل، بجانب أن ابن تيمية أمر بمقاومة العدو والتتار والصليبيين، وهناك تحريف لفتاواه، ولم يدع إلى القتل والعنف قط ودعوته كانت للحق».
علي جمعة: الفتوى لها جلالها
وفي يوم الاثنين الماضي نفسه نشرت مجلة «البوابة» حديثا مع مفتي مصر الأسبق خفيف الظل الدكتور علي جمعة، أجرته معه زميلتنا الجميلة الشيماء عبد اللطيف، قال فيه عن التكفير وابن تيمية: «إن فتاوى التكفير التي تدعو إلى قتل رجال الشرطة والجيش، هي الآراء الشاذة الضالة، فالفتوى لها جلالها. أما أصحاب الفكر التكفيري فقد نشأوا على أفهام خاطئة سربت إليهم من مفاهيم جاهلة، هؤلاء الأشخاص لم نر أحدا منهم في مجالس العلم، ولم يدرسوا في الأزهر الشريف، وهؤلاء الخوارج يشوهون صورة الإسلام عند العالم، وهم قتلة فسقة مفسدون ومجرمون. إن الفكر المنحرف هذا يرجع إلى استنادهم إلى فتوى أهل ماردين، التي أفتى بها ابن تيمية لكنهم فسروها لأنهم قرأوها في الكتب فقط ولم يدرسوها على يد المشايخ المعتمدين، فهم يشبهون واقعنا المعاصر بحال التتار والمملوكين ويظنون في أنفسهم أنهم حماة الدين المنوط لهم منازعة ولاة الأمور لأنهم لا يطبقون شرع الله».
أحمد عمر هاشم: البخاري
ومسلم لا تنطبق عليهما مسألة التنقيح
وإلى يوم الثلاثاء الماضي وجريدة «الأخبار» المسائي اليومية التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم، والحديث الذي نشرته مع الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء، وأجرته معه الجميلة زميلتنا إيمان عبد الرحمن ودافع فيه عن الصحيحين بخاري ومسلم ونفى وجود أي حديث ضعيف فيهما قال:
«لا يوجد في صحيحي البخاري ومسلم أحاديث ضعيفة، وهما الكتابان اللذان تلقتهما الأمة بالقبول. وصحيح البخاري مكثت معه ستة عشر عاما وشرحته في ستة عشر مجلدا وما رأيت فيه حديثا واحدا ضعيفا، ولو رجع من يقولون بعدم صحة أحاديث البخاري، إلى كتب الشروح ما قالوا ذلك، وعليهم أن يسألوا أهل الذكر. وعن إرضاع الكبير في صحيح البخاري فموجود، لكنه أيضا واقعة خاصة لشاب عاش مع رجل وامرأة، وأصبحت مفارقته لهما من الأمور الصعبة، فـ«الرضاع المحرم ما أنبت اللحم وأنشر العظم»، أي يكون لطفل صغير ويكون للرضاعة دور في نمو وبناء جسمه طبعا. وطبعا الكبير الرضاع له لا يحدث هذا البناء، لذا فهذه خصوصية لحالة حديث قبل الإسلام وكان لابد من مخرج لدخوله وخروجه مع المرأة التي تبنته وليس لها سواه يرعاها في كبرها ولا يطبق على أحد آخر. فقط كانت واقعة فردية لا تعمم. والتراث نوعان أحدهما أحاديث للرسول «صلى الله عليه وسلم « لها شروح وتفسيرات ونوع من كلام العلماء يجوز لنا أن نناقشه ونخرج فيه ما نراه غير صحيح. أما البخاري ومسلم فلا تنطبق عليهما مسألة التنقيح، وكذلك موطأ الإمام مالك وكل كتب السنة التي بها أحاديث صحيحة لا يصح التدخل فيها أو تنقيحها وإلا ستحدث فتنة كبيرة».
خطة وزارة الأوقاف لتحجيم
انتشار الزوايا غير المرخصة
ومن «الأخبار» المسائي إلى مجلة «آخر ساعة» التي تصدر عن المؤسسة القومية نفسها وتحقيق زميلنا حسن حافظ عن خطة وزارة الأوقاف مع الزوايا المنتشرة في طول البلاد وعرضها وكانت مراكز للمتطرفين الدينية قال: «انتشرت ظاهرة بناء الزوايا أسفل البنايات السكنية وفي الشوارع الجانبية، منذ منتصف السبعينيات لتغزو الشارع منذ ذلك الوقت حتى يومنا، هذا من دون رقابة من الدولة، في إطار ظاهرة التدين المظهري، الذي عرفته مصر مع هبوب ريح الأفكار الوهابية مع أموال الخليج، لكن الظاهرة التي شكلت العمود الفقري لانتشار الأفكار السلفية في المجتمع المصري، بدأت تعرف نوعا من أنواع الانحسار والتراجع، خاصة مع قرارات وزارة الأوقاف الأخيرة التي حجمت من انتشار الزوايا غير المرخصة، لكن الخطر الآن لم يعد مقصورا على الزوايا غير المرخصة. تحول الزوايا الدينية إلى مراكز لنشر الفكر المتشدد والمتطرف بعيدًا عن إشراف الدولة ساعد في انتشار أفكار التكفير في المجتمع، بشكل هدد مكوناته الأساسية وساعد في نشر مناخ طائفي، وهو ما استدعى مواجهة متأخرة من الدولة تمثلت في قرار الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف بغلق الزوايا التي تقل مساحتها عن 80 مترًا، ما تم تأييده من قبل محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية في فبراير/شباط الماضي، التي قضت بغلق الزوايا بهدف حماية النشء من التشدد والتطرف. واستجابت جامعة القاهرة، كبرى الجامعات في مصر، لقرار المحكمة وقررت البدء الفوري بإغلاق الزوايا والمصليات داخل الكليات المختلفة التابعة للجامعة، مع البدء في إنشاء مسجد كبير يسع 1000 شخص في الحرم الجامعي، بالإضافة إلى الاستعانة بشيوخ ومقيمي شعائر من وزارة الأوقاف، ويأتي ذلك بعدما أرسلت الجامعة سؤالا لدار الإفتاء عن جواز غلق زوايا الصلاة التي انتشرت في الجامعة والمدينة الجامعية، بهدف منع استغلال تلك المصليات في نشر الأفكار المتطرفة بين طلاب الجامعة، وسيطرة بعض التيارات المتشددة عليها، ليأتي رد «الإفتاء» بالموافقة على الإغلاق، طالما أن في ذلك «تحقيقًا لمقصود الشريعة الإسلامية من صلاة الجماعة في المسجد».
في الأزهر يُستفاد من المذهب
الشيعي في بعض الأحكام الفقهية
وآخر معارك الإسلاميين ستكون من «اللواء الإسلامي» التي تصدر كل خميس عن دار أخبار اليوم وحديث مع الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور حامد أبو طالب أجراه معه زميلنا مهدي أبو عالية وقال فيه عن الشيعة وخطرهم: «التبشير الشيعي ليس ظاهرة، مصر بأكملها تحب آل بيت رسول الله «صلى الله عليه وسلم « ولن يقبل أن يسمع هؤلاء الدعاة الذين يروجون للشيعة ويتصدي لهم الأزهر ويقف لهم بالمرصاد وأدعوهم أن يوفروا أوقاتهم ودعوتهم، لأن مصر ركيزة أهل السنة والجماعة، ولا تقبل أي تطاول على صحابة النبي وأل بيته وأمهات المؤمنين. وأرى أن هذه فتنة عالمية يراد لمصر أن تسقط فيها بعد فشلهم في إشعال فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، فهم يشيعون الفتنة المذهبية بين المسلمين أنفسهم أو السلفيين وغيرهم أو إشعال الفتنة بين الشافعية والمالكية وهي أو غيرها من الفتن يجب ألا تشغلنا لأننا ندرس في الأزهر المذهب الشيعي ويستفاد منه في بعض الآراء والأحكام الفقهية».
أيهما أحسن زوجة مبارك أم زوجة مرسي؟
وإلى المعارك والردود المتنوعة وبعضها خاص بالمثقفين والسياسيين، مثل الهجوم الذي شنه يوم الأربعاء زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي في بابه اليومي «رأي» ضد المثقفين المصريين بقوله عنهم: «قلنا وما زلنا على قناعاتنا بأن المثقفين في هذا البلد هم أكثر الفئات انتهازية واستغلالا لإمكانياتهم وقدراتهم في الحوار والجدال والمعرفة، لتحقيق أهداف ومنافع شخصية، وأنهم أيضا على استعداد للتعايش مع كل الأنظمة وكل العصور، وقد تابعنا مواقف العديد من الإعلاميين والسياسيين والمفكرين، الذين كانوا من رجالات نظام مبارك، وكيف انقضوا عليه انقضاضا عندما نجحت ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وكيف قفزوا على الثورة وتصدروا المشهد، وحاولوا استغلال الشباب والمزايدة عليه، ثم وقفوا مع الإخوان عندما تسيدوا المشهد وتحولت مواقفهم مرة أخرى ضد الشباب وثورة يناير، عندما أزاح الشعب الإخوان في 30 يونيو/حزيران، وعادوا مرة أخرى للتعاطف مع مبارك ونظامه وأعوانه. وأحدهم وهو من كبار المفكرين ظهر في برنامج تلفزيوني مع مذيع لبناني أصبح ملما بالشأن المصري ومتخصصا فيه، وسأله المذيع أيهما أفضل زوجة مبارك أم زوجة مرسي وأجاب هذا المفكر، من دون تردد، بأن سوزان مبارك أفضل بالطبع، فقد كانت جامعية. ولم يكن هذا المفكر مستعدا للمفاجأة المقبلة من المذيع الذي عرض عليه حديثا سابقا له أثناء فترة حكم مرسي يقول فيه، إن زوجة مرسي أفضل من زوجة مبارك، وحاول المفكر تدارك المأزق باستخدام عبارات المثقفين المطاطة التي تحمل دائما أكثر من معنى، ولا تفضح عن أي معنى عندما قال: إن نموذج زوجة مرسي يختلف عن نموذج زوجة مبارك. وهذه هي النخبة المثقفة ومواقفها المتغيرة الصالحة لكل زمان ومكان ولا تعليق».
الفرق بين حزب «التجمع المصري»
وحزب «سيريرا» اليوناني
والبابلي يقصد طوني خليفة مقدم البرامج في قناة «القاهرة والناس» أما المثقف الذي أشار إليه فلا أعرف اسمه لأنني لم أشاهد الحلقة، أما ثاني المعارك فكانت ضد اليسار المصري وشنها ضده يوم السبت في «المقال» زميلنا أحمد وفيق بقوله: «أتعجب من الأفراح التي أقامها اليسار المصري بشكل غير رسمي، أفرادا وأحزابا، بعد النجاح الذي حققه «حزب سيريرا» اليساري اليوناني، سواء بوصوله إلى حكم اليونان أو بفوزه في رهان استفتاء 5 يوليو/تموز، المهم والتاريخي، ويكون من المقبول أن أفرح لتفوق شقيقي أو ابن عمي، لأن ما يجري في عروقنا الدم نفسه. أما السعادة البالغة لنجاح شخص ما يربطني به مجرد تشابه في الأسماء، فأمر غير مفهوم ولا مقبول ولا يمكن تفسيره سوى أنني أتمسح فيه، وهذا ما يفعله اليسار المصري بالضبط، فاحتفاؤهم بما وصل إليه «حزب سيريرا» اليوناني يريدون من ورائه إيهام المعددين بأنهم يسار مثلهم ويمتلكون رؤية بديلة تحقق نقلة وطفرة تحتاجها مصر بكل تأكيد على جميع الأصعدة، وأرى ذلك عملية نصب سياسية متكاملة مع سبق الإصرار والترصد، فالفارق بين يسارنا ويسار اليونان يشبه الفارق بين جامعاتنا وجامعات أمريكا، المسمى واحد أما ما يحدث بداخل تلك الأبنية المسماة جامعة فلا يمت لبعضه بأدنى صلة، وحتى يتضح هذا الفارق الشاسع دعنا نضع أمامنا «حزب التجمع المصري» بصفته كبير العائلة اليسارية في بلدنا، مع «حزب سيريرا»، ونرى هل فعلا يمكن أن ترتاح ضمائرنا إذا اعتبرناهما سواء في اليسار؟ يبلغ حزب التجمع من العمر 39 سنة، أما «حزب سيريرا» فقد تم تأسيسه عام 2004، وبدأ أولى منافساته البرلمانية في السنة نفسها، والفشل الجلي السافر للتجمع في اكتساب ثقة المواطن المصري مقارنة بجماهيرية «حزب سيريرا» في الشارع اليوناني لا يمكن إرجاعه بأي حال إلى اختلاف الأوضاع السياسية بين البلدين، فالعوامل الثلاثة الفقر والبطالة وارتفاع الديون توجد في مصر بدرجة أضخم، ما اختلف حقا هو المهارة والقدرة السياسية العالية لرئيس حزب سيريرا في التعامل مع هذه الأوضاع، وطرح حزبه كبديل يمتلك تطلعات وحلولا لأزمات تعيشها اليونان».
انخفاض الجنيه لا يؤدي
بالضرورة إلى رفع الأسعار
ونترك معركة خاصة بالمثقفين اليسار إلى معركة خاصة بالجنيه والدولار والتخفيض الذي قام به البنك المركزي للجنيه أمام الدولار، وقال عنه يوم الخميس زميلنا وصديقنا في «الأخبار» جلال عارف في عموده اليومي «في الصميم»: «الدكتور هشام رامز محافظ البنك المركزي يقول إنه من المفترض ألا يؤدي ذلك إلى رفع الأسعار في الأسواق. ويدلل على ذلك بأن الدول التي نستورد منها معظم احتياجاتنا الأساسية قد انخفضت أسعار عملاتها بأضعاف ما حدث عندنا. وهذا صحيح، ولكن هل تأثرت الأسعار عندنا؟ العملة الورقية «اليورو» انخفضت في العام الماضي بنسبة كبيرة، وفي الوقت نفسه زالت الجمارك التي كانت على بعض السلع المستوردة من أوروبا، مثل السيارات بحكم الاتفاقيات مع أوروبا.. ومع ذلك زادت أسعار السيارات! وانخفضت أسعار العملة في البرازيل، كما يقول محافظ البنك المركزي، بنسبة 14٪ في العام الماضي، ومع ذلك زادت أسعار اللحوم التي يتم استيرادها من هناك!.. وهكذا الأمر في باقي السلع. الزيادة الجديدة عندنا في سعر الدولار لا تتجاوز 3٪، فهل ستقف أسعار السلع المستوردة عند هذ الحد؟ ومستلزمات الإنتاج المستوردة للصناعة المصرية لا تزيد على 50٪ أي أن ما تتحمله تكلفة المنتج النهائي لا تزيد على 1.5٪ كما يقول رئيس اتحاد الصناعات.. فهل ستكون هذه هي الزيادة التي تحدث في أسعار المنتجات؟.. بالطبع لا. لقد قامت الدولة بجهود معقولة في مجال توفير السلع الغذائية الأساسية عن طريق الجمعيات الاستهلاكية بأسعار مناسبة، لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير. المطلوب أن يفهم الجميع أن علينا أن نقيم «اقتصاد حرب» حقيقيا، وأن تكون هناك سياسة تقشف لا تبدد القليل الذي نملكه في استيراد سلع ترفيهية».
مواجهة الركود
ودفع الصادرات إلى الأمام
ولكن سرعان ما جاء الرد على جلال بعد يومين من زميل له في «أخبار اليوم» هو مجدي دربالة المشرف على صفحة «بنوك وتمويل» وفي تحقيق له قال: «أكد هاني سيف النصر رئيس بنك الاستثمار العربي على أن البنك المركزي بقيادة هشام رامز يسعى دائما إلى دفع الاقتصاد ومواجهة الركود ودفع الصادرات إلى الأمام وجذب الاستثمار وهذا ما دفعه إلى رفع سعر الدولار أمام الجنية المصري في الفترة الماضية، ضمن خرق الإجراءات التي قام بها هشام رامز لضبط السوق المصرفي ومواجهة الاستيراد غير الضروري، ومواجهة الظروف الاقتصادية التي تمر بها أوروبا، التي قد تنعكس على الاقتصاد المصري وفاتورة الاستيراد. وقال السيد القصير رئيس بنك التنمية الصناعية إن البنك المركزي يضع السياسات النقدية ويتحكم في السعر الرسمي للجنية المصري أمام الدولار، واستغل فترة مناسبة لتحريك سعر الجنيه أمام الدولار ومن الممكن أن يتراجع الدولار مستقبلا أمام الجنيه والبنك المركزي يسعى إلى ضبط سوق الصرف وتوفر احتياجات العملاء من العملة الصعبة».
تغول الفساد والمفسدين وتوحش الإرهاب
هذا ولا تزال المقالات والتعليقات مستمرة من مدة عن الرئيس السيسي عن شعبيته وبعض مساعديه ووزرائه وعلاقاته مع رجال الأعمال الذين لا يستريحون إليه، وما يجب عليه من وجهة نظر البعض أن يفعله، وهل هو أقرب إلى نظام مبارك أو خالد الذكر. ويوم السبت قبل الماضي قال عنه زميلنا في «الأهرام» محمد الأنور: «على رئيس الجمهورية، الذي يدرك انه لا يمتلك رفاهية الوقت أن يتخلص من جميع الوجوه القديمة في مختلف الأجهزة والمؤسسات، التي نهبت رصيده الشعبي، وتنهب مال الشعب، بوجوه جديدة وكفاءة في مختلف المؤسسات. إن الجميع راهنوا على أن ما حدث من فرز للوجوه والمواقف خلال السنوات الأربع الماضية سيوفر الكثير من الوقت والجهد في الاختيار وعلى أسس سليمة، لكن ما نراه من تغول الفساد والمفسدين وتوحش الإرهاب يدعونا إلى دعوة الرئيس لمراجعة خياراته واختياراته، لان الوطن على المحك والقتلة على جميع الأبواب. أما الغرب ورضاه عن مصر فتلك قصة معروفة للجميع، لأنه وأمريكا لن يرضيا إلا بإسقاط هذا الوطن. الحرب ليست صعبة لكنها مصيرية تحتاج رجالا وأفعالا على الأرض».
رجال أعمال تضخمت
ثروتهم بطرق غير مشروعة
أما زميله علاء ثابت رئيس تحرير «الأهرام» المسائي فعالج القضية يوم الثلاثاء من جانب آخر قائلا: «إن طريقة السيسي في معالجة الأزمات تبدو غير مألوفة، فهو لا يفضل أن يصادر أموال رجال أعمال تضخمت ثروتهم بطريقة قد تكون غير مشروعة، بل يسعى لترسيخ قيم جديدة تجعل رجال الأعمال يشعرون بدوره الوطني ويسهم بجزء من ثروته في تنميتها، وألا يبحث في الربح السريع على حساب الشعب، بل يشعر بأن رقي مصر وتنميتها مسؤولية الجميع. ورجال الأعمال يجب أن يكونوا في مقدمة الساعين لأن تكون مصر دولة قوية ومتقدمة، علينا استعادة قيم رجال أعمال بنوا مصر مثل طلعت حرب، ولدينا نماذج كثيرة لرجال أعمال وطنيين كان البناء والتشييد والتطوير هو هدفهم وليس الاستيلاء على قطعة أرض أو مصنع. عندما ننظر إلى رجال الأعمال في اليابان أو كوريا وغيرهما، ومدى غيرتهم على مصلحة بلدانهم وتقديم المصلحة العامة على الربح السريع، سنجد أن رجال الأعمال المصريين ليسوا أقل وطنية، لكن مناخ الفساد الذي وجدوه سائدا فرض سلوكيات أنانية ومدمرة علينا التخلص منها».
عدم خلط السياسة بالرياضة
أيضا في اليوم نفسه تناول زميلنا وصديقنا عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» الأمر من زاوية أخرى تمثلت في قوله: «الطريقة التي تعامل بها الجميع مع لاعب وادي دجلة أحمد الميرغني، كارثية وتؤكد للأسف الشديد أنه ما لم تحدث معجزة تغير من طريقة تفكيرنا فالنتيجة هي «مفيش فايدة». اللاعب الشاب انتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي في تعليقه على ما حدث من هجمات إرهابية في سيناء يوم الأربعاء الماضي، ومبلغ علمي أولا: أنه من حق أي مواطن أن ينتقد الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء والمسؤولين، مادام من حق آخرين أن يمدحوهم. ثانيا: الذين هاجموا اللاعب وحاولوا ذبحه ظنا منهم أنهم يدافعون عن رئيس الجمهورية هم أكثر الذين أساءوا إلى الرئيس وإلى صورته، ليس من الشجاعة بالمرة أن يتم تجييش هذا العدد من الإعلاميين والشخصيات العامة ضد لاعب شاب قال رأيه في مسؤول ما، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع هذا الرأي. أتمنى أن تبادر مؤسسة الرئاسة أوالحكومة لوقف مأساة ذبح لاعب شاب، حسنا فعلت إدارة نادي وادي دجلة حينما قالت إنها عاقبت اللاعب فقط إداريا بالوقف أربع مباريات فقط، وإنها تطبق لائحة عدم خلط السياسة بالرياضة ويحبذ لو تم تطبيق ذلك على الجميع. إذا كان لاعب فرد بلا حول ولا قوة، تعرض لمثل هذا الانتقاد لمجرد أنه عبر عن رأيه، فكيف سيكون مصير حزب مدني ديمقراطي يقول انه يعارض الحكومة أو الرئيس؟».
حيتان الفساد داخل الدولة أقوى من الدولة
وأخيرا مع تساؤل محمود سلطان رئيس تحرير «المصريون» عن متى يتحدث السيسي يقول: «لم ينقطع الجدل في مصر، بعد إعلان قانون مكافحة الإرهاب، وصدور القانون الذي أعطى لرئيس الجمهورية حق إعفاء رؤساء المؤسسات الرقابية المستقلة من مناصبهم. وفي تقديري أن القانونين يلتقيان عند هدف واحد: حماية الفساد، وإن صدرا تحت مسميات مختلفة: الأول بزعم مكافحة الإرهاب.. فيما يدلف من هذا العنوان الذي يعتبر مطلبًا وطنيًا، ليضفي حصانة على «الفاسدين ـ المقصرين» في مكافحة الإرهاب.. فهو يقضى بقطع لسان كل من ينشر معلومات عن العمليات ضد الإرهابيين، تخالف بيانات السلطة، حتى لو كانت بيانات الأخيرة تحمل جينات إعلام النكسة ذاتها في عهد عبد الناصر.. فيرفل المقصرون والفاسدون في نعيم «التضليل».. بل ربما يصنع منهم إعلام السلطة «أبطالاً» قوميين، ندرّس سيرتهم «العطرة» لتلاميذ المدارس! قانون مكافحة الإرهاب.. قانون «فرعوني».. يستن بسنة فرعون الأصلي «ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد».. يقول للمصريين صراحة.. لن تروا إلا بعيون السلطة، ولن تسمعوا إلا بأذنها.. و.. إنكم مجرد كائنات تأكل وحسب.. وذلك إذا وجدت ما تأكله أصلاً. القانون.. كما قلت يقطع أي طريق لمحاسبة السلطة وأدائها في التصدي للإرهابيين.. لأن كل شيء سيتم في «الظلمة» وبعيدًا عن عيون الصحافيين والإعلاميين.. وتنشد مصر نشيدًا واحدًا «تسلم الأيادي».. فيما لا يمكن لأحد التأكد ما إذا كانت في أدائها تستحق السلامة «تسلم».. أم تستحق شيئًا آخر جزاءً وفاقًا لفشلها وتقصيرها وفسادها. واللافت ـ هنا ـ أن قانون إعفاء رؤساء المؤسسات الرقابية، جاء بعد أيام من الإعلان عن قانون الإرهاب.. في خطوة، لا تخفي دلالتها بأنهما قانونان ينتميان لفصيلة واحدة.. فصـــيلة «حماية الفساد».
ليس بوسع أحد أن يقتنع، بأنه يمكن مكافحة الإرهاب، بحماية السلطة وأجهزتها من أي رقابة عليها من الإعلام والصحافة.. بل أن غياب الأخيرة وتخويفها وإرهابها حال خالفت الرواية الرسمية، يعني باختصار شديد ما عبر عنه المثل الشعبي: غاب القط.. إلعب يا فار. ولا ندري مبررًا يقنع أحدًا، بالضرورة الملحة التي حملت الرئيس على إصدار قانون إعفاء رؤساء المؤسسات الرقابية المستقلة من مناصبهم.. ولا يوجد إلا مبرر واحد وهو أنه مفصل على مقاس رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الحالي المستشار هشام جنينة.. وأن جماعات وحيتان الفساد داخل الدولة، أقوى من الدولة وتملي شروطها عليها.. وأنها حققت انتصارًا تاريخيًا ووفرت مظلة قانونية وسيادية يبقيها قوية وعفية ومتبجحة، بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر كله. هــــذه هـــي «حقيقة» ما ترك من انطباعات بشأن هذين القـــانونين، حتى داخل معسكر 30 يونيو المؤيد للرئيس.. وما يلفت الانتباه أكثر، هو سكوت الرئاسة، رغم صخب الجدل، وخطورته على قدرة الشرعية المتآكلة على الصمود.. حاجة تحير فعلا».
حسنين كروم