ما الإنسان إلا هذه الشفافية التي يبدها حيال ذاته ، إنها الثقوب التي تخترقه والتجاوز الذي يسعى الى تحقيقه، والمغايرة التي يستنبطها، والمفارقة التي ينطوي عليها ، هي البحث عن الزمن الضائع والارتحال وراء الدلالات، سواء كانت دلالات الوجود أو دلالات المعاني ، باختصار إنها تلك المسافة التي يصنعها الإنسان بينه وبين نفسه ، فنحن كائنات خصيصتنا المجاز، ولعل هذا ما تقوم به كينونتنا ، لا مراء في أننا ننزع الى التغاير، ونتوق الى المفارقة، لا مجال للحديث عن مقالات تخلو من المعاني والدلالات ، فأحلامنا هي منبت وعينا ووعينا هو جراحاتنا التي تشكل معالم شخصيتنا، وأخطاؤنا هي التي تولد أفكارنا ، واساطيرنا هي الوجه الآخر لعقلانينا ، وهكذا فقدرنا أن تتجاذبنا الملازمة والمفارقة ، أن نتأرجح بين الوجود والعدم ، أن نحيا بين النعيم والشقاء، قدرنا أن نزهد في الدنيا رغبة فيها، وأن نلتقي بالآخر هربا منه، وأن نهوى الروح جزعا من فرط الجسد، وليس ذلك دعوة يائسة بقدر ما هي دعوة للاعتراف بضعفنا، دعوة لنكون أكثر تواضعا وتوازنا وتكاملا في النظر الى أنفسنا.
هذا الوعي يفتح افقا جديدا لتصور الأنسان ، إنه يحمل على إعادة النظر في فهم العقل العربي للإنسان والذات ، فكيف يتصور الفكر العربي الاسلامي إشكالية الإنسان ؟ وما هي بالتالي صورة الإنسانية العربية ؟
ولكن قبل الشروع في هذا المبحث أود هنا أن أزحزح ذلك المفهوم الضاغط على الوعي الاسلامي، والمتمثل في تلك المكانة المرعبة التي يشكلها رجال الدين أو فقهاء السلاطين، في تاسيس الوعي للأمة المسلمة ذلك الوعي الزائف الذي لا ينتج الحقيقة كونها حقيقة ولا يؤسس المعرفة بها . وأنحصرت اهتماماتهم فقط في اسباغ المشروعية على أنظمة الحكم عبر التاريخ .
إن رجال الدين يجسدون الوظيفة الاجتماعية التاريخية ويلعبون نفس الدور المقيت عبر التاريخ .أقصد بذلك انهم يقومون بمهمة المراقبة والضبط والتوجيه والتعليم والارشاد للناس في المجتمع. وهم يتمتعون بصفتين اثنتين تميزهم عن بقية الناس: أولا كلهم يعرفون القراءة والكتابة في مجتمع كان ولا يزال معظم أفراده أميين.وثانيا كلهم يدعون الكفاءة والمعرفة والخبرة في مجال العلوم الدينية. وبالتالي بإمكانهم أن يصبحوا ايديولوجيين من جهة، ومن جهة ثانية امتلاكهم القوة المرعبة على التوجيه الذي لا يناقش لأنهم يتحدثون باسم الله ، وعندئذ تكمن مهمتهم الخطرة في خلع المشروعية الدينية المقدسة علي السلطة القائمة التي عادة ما تحتاج الى المشروعية الدينية لتأكيد وجودها ودوام هيمنتها وسيادتها. كما كان يفعل ابن قتيبة في وقته والغزالي والماوردي .. الخ..ولكن هذه الوظائف والمهام التي قام بها رجال الدين والتي هي قد تبدو مفيدة من الناحية الاجتماعية والسياسية، لكن كان ثمنها باهظا علي الصعيد الفكري والثقافي.نقصد بذلك انهم أهملوا الفكر والثقافة ولم يؤدوا الي حصول أي تطور في هذا المجال الحيوي. فبما انهم كانوا مشغولين جدا بضرورة المحافظة علي الحد الأدني من النظام الاجتماعي والحياة الدينية والثقافية طبقا للشريعة، فانهم انغلقوا داخل الفكر الامتثالي، أي فكر التقليد، الذي لاتجديد فيه ولاتقدم الي الامام.لقد استعادوا في أحسن الاحوال التعاليم الشرعية لأئمة المذاهب السابقين وراحوا يجترونها ويعيشون عليها ويفرضونها على البشر دون تجديد أو ابداع أو قدرة على القراءة المغايرة لهذه المصنفات التي حملت أفكارا من زمن بعيد وحياة مختلفة . وهكذا دخلنا، او قل دخل العالم الإسلامي، فيما ندعوه: بزمن المدرسة الاجترارية المقدسة بفعل هؤلاء الرجال المقدسين .ونقصد به الزمن المدرساني التكراري الاجتراري الرتيب الممل الذي نسي تلك المناظرات الفكرية الكبري التي كانت تجري في العصر الكلاسيكي المجيد من عمر الحضارة العربية الاسلامية.في ذلك الوقت كان الجميع يتناقشون ويتحاورون ويخوضون في مختلف الشؤون الدينية والعقائدية بكل حرية. حتي الملاحدة او الدهريين كان يحق لهم ان يدلوا بوجهة نظرهم، هذا العصر الذهبي محصور بفترة القرون الهجرية الاربعة. وهي الفترة الواقعة بين القرنين السابع والحادي عشر للميلاد. بعدئذ ابتدأ الجمود والانحطاط وزمن التخلف والاجترار الذي لم نخرج منه حتي الآن.
هذه اللوحة التي نقدمها هنا عن مكانة الانسان في الفضاء الفكري هذا، لا تخرج في الواقع عن هذا السياق أو الطرح الذي رسمته المدرسانية الاجترارية والتي راحت تموضع هذه الصورة داخل منظور يحدد مهمة الانسان ورسالته في هذه الوجود التي تنحصر في مهمة الاستخلاف وعدم الخروج على الامام أوالخليفة. أما الإنسان كذات وكفكر ووجود وحرية ، اختفى تماما في هذا الوعي. وما تلك المحاولات التي جرت على أيدي بعض المثقفين من الطبقة الممتازة في اعادة الاعتبار للإنسان والارتفاع بمكانته وقيمته والتي قاد لواءها المعري والجاحظ وابن مسكويه وابو حيان التوحيدي، ظلت محاولات لكنها وئدت في مهدها ولم تتحول الى تيار فكري عنيف يقلب المفاهييم ويرتفع بالحضارة الى سدتها العليّة .
أن الميراث الثقافي والفكري والروحي المتراكم داخل التراث الاسلامي كان ولا يزال يغذي دائماً الحلم بمثال الانسان أو بالانسان المثالي .أو الانسان الكامل. كما كان المفكرون قد اختطوا مساره في منحنى حياتهم الشخصية والفكرية وفي الروايات الغنية التي خلفوها لنا عن تجاربهم في آن معاً. تلك التجارب المفعمة بالحنين الجبار للكينونة والذي لا ينفصل عن الرغبة العميقة في البقاء ، هذه الرغبة التي تعذب كل روح بشرية ذات تواصل مع الوعد بالأبدية والخلاص الوجودي. وهذا الحنين هو ما يحرك المسلم نحو المطلق في معراج متصاعد يبلغ ذروته المطلقة في تلك اللحظة الذي يحدث فيها التماهي التام بين الذوات الكونية ....
لكن أين تموضع الانسان في اطار هذا الفكر ووفق أية تصورات يمكن لنا أن نقبض عليها أو نحددها بصفتها تجليا منبثقا من عمق التجربة المتغيرة والمتحركة لهذا الفكر وعلى اي نحو ؟ كيف لنا ان نحدد مكانة الانسان في مثل هكذا مسار؟
المسار الفكري الذي اختطه هؤلاء المفكرين كان قد وظف الخيال في التقاط مفاهيم تصورية راح يمزجها بلغة الحكمة ثم أخذ يرقي هذا التصور في إنشاء نموذج متعالي للإنسان حتى وصل به الى صورة الوجود الكامل، أي هو صانع الوجود ومحركه على المستوى القيمي والاجتماعي والسياسي والفكري . وهذا التصور انعكس على المفاهييم الاخلاقية في بنية هذا الفكر وهنا نجد كيف راحت استراتيجية الرفض من قبل الفقه المرتبط بالسلطه تفعل فعلها في استبعاد هذا الفكر الذي يجعل الإنسان هو محور الوجود ومداره ، .وان كان هناك ثمة اعتبار ما في أن الانسان هو امكان لتجليات كلمة الله ... لكن في حدود الوظيفة التي حددها الفكر الاسلامي في صورته المنطقية الخلائفية .اي كون الانسان خليفة الله في الأرض.
أما ما يتعلق بالمسار الفلسفي في معالجة هذا الموضوع، فإن وجود الانسان حاضرا في العديد من التيارات والمدارس الفكرية العديدة . ولكننا لا نستطيع أن نكتفي بالأطر الدينية والأخلاقية والقانونية والفلسفية الموروثة عن الفكر الاسلامي النظري أو التأملي لتحديد مكانة الانسان هذه .
لا ريب في أن الاسلام قد أدخل متغيرات كبرى على النظرة العامة لمفهوم الانسان ، حيث أخذت النظرة تتغير لتأخذ مفهوما يأسر المفهوم القديم بطريقة متعالية لتبلغ أوجها في الوجود المتميز للإنسان في هذا الكون وأنه في محل الاستخلاف الالهي أو هو الأمين على الحقيقة المتجسدة في هذا الوجود .
لقد تبلورت هذه الصياغة مع فرض الدولة المركزية من جهة التي راحت تفرض نمطا من التصور على وجود الانسان ومهمته في الكون تلك المهمة الرسالية بالغة الأهمية . والتي تتحدد في مهمة الاستخلاف ، ثم الانصياع التام للحقيقة التي يجسدها الخليفة عند السنة والامام عند الشيعة من جهة أخرى.
لكن كيف ولماذا حدث كل ذلك وما هي الجذور العميقة التي رسمت أو حددت ملامح هذا النمط من التفكير الذي رهن الانسان في هذا الاطار التاريخي ؟ في دائرة التحليل التي نراها يعود ذلك الى بلورة قانون إيماني بالغ الأهمية من خلال نظام العقيدة الذي راح يولد الفروق على أساس نظام الإيمان القائم على التفريق بين المؤمن والكافر ، ثم بلورة الصورة القيمية للإنسان الأمر الذي أدى الى حدوث صراعات معروفة وصدامات بالغة مع الأعراف المحلية، أدت بعد فتح مكة الى نوع من التدجين القسري لنظام القيم للمجتمع الجاهلي . الأمر الذي أدى الى تغيير كامل في النظرة الى مفهوم الإنسان أو الشخص، كما أدى الى تغيير النظرة الى الشخص
المدان في القرآن تحت اسم الجاهلية فيى الفترة الافتتاحية في مكة .
لم تهتم الاسلاميات الكلاسيكية قط بهذا المعطى الحاسم من أجل معرفة أو فهم تركيبة المجتمعات الاسلامية تاريخيا. فهي قد فصلت كلياً بين الاهتمامات المعرفية التاريخية وبين التحريات الميدانية الخاصة بعلم الاجتماع، اي صورة المجتمع المتجسدة في ذلك الوقت. وبالتالي فقد حبست نفسها في إطار النصوص الفصيحة من أجل تشكيل إسلام مثالي .
ينبغي أن نلاحظ هنا أن الصراع الذي دار بشكل لا يرحم بين المجتمع المتوحش والمجتمع المدجن كان قد ابتدأ سابقاً مع لحظة النبي في مكة والمدينة. ولم يتلق عندئذ فقط، صيغة إيديولوجية نموذجية متمثلة بالقرآن، وإنما تلقى أيضاً أساساً وجوديا يخلع التعالي والتنزيه على هذا التضاد ذي الجوهر غير العقلاني . نحن نعلم، بهذا الصدد، كيف أن القرآن وكل الفكر الاسلامي التالي قد عارض بكل حماسة وقوة بين ظلمات الجاهلية ونور الاسلام. فالجاهلية هي تلك المرحلة من التاريخ التي لم يكن البشر قد تلقوا فيها الوحي بعد. والمقصود بالوحي هنا تلك المعرفة الصحيحة إطلاقاً التي علمها الله من أجل أن يعدل كل مؤمن من أعماله ويوجهها لكي تتلاءم مع منظور النجاة الأبدية. والاسلام هو انبثاق هذا العلم الذي يقود كل المؤمنين نحو الخلاص الأبدي في الدار الآخرة.
ولكن في اطار تحليلنا نقول : إن نموذج تشكيل الانسان في الاسلام وقدرة هذا النموذج على اختراق كل الحدود الثقافية ثم انبثاقه المتكرر الذي لا يقاوم في كل المنعطفات التاريخية التي تميزت بالغليان الاجتماعي في ذلك الوقت كان يستمد نماذج تصوراته الممكنة من الطابع الفعال للخطاب القرآني وبنيته المجازية الرمزية المنفتحة على المطلق وتعددية المعنى .ومن القوة الحاملة والمثيرة للشعائر الدينية التي تتم بواسطتها عملية التجسيد المستمرة بالنسبة لكل مؤمن وبالنسبة للأمة كلها، للمضامين المعنوية واندفاعات الأمل الأخروي التي أدخلها الخطاب القرآني لأول مرة، والتي وسعها وضخمها في ما بعد الخطاب الاسلامي.
وكذلك من تأسيس دولة مركزية قوية ، وهذه الدولة حملت على عاتقها مهمة الدفاع عن الدين الحق ثم استمدت منه في خط الرجعة شرعيتها.
كل ذلك أدى الى تشكيل متخيل سياسي ديني أثناء المرحلة التأسيسية للاسلام .
وما انفك هذا المتخيل يستوعب التصورات المدرسية للاسلام الأولي لكي يوّلد في كل مكان تاريخاً إسلامياً . وهذا التاريخ مقدم ومتصور على أساس أنه التطبيق الحرفي لنموذج السلوك الفردي والجماعي الذي دشنه النبي.
كان هذا المتخيل قد دشن لأول مرة بتجربة المدينة. وكل المبادرات التاريخية الكبرى التي حصلت في المجال الاسلامي كانت قد تولّدت بواسطة هذا المتخيّل. وهذه المبادرات والأعمال التاريخية تفترض نفسها توليد نمط معين من أنماط الانسان، أقصد النمط الذي كان قد استبطن كل التصورات والصور الرمزية المثالية المنقولة من قبل الخطاب الاسلامي التقليدي.
يمكننا أن نعيد كتابة تاريخ المجتمع الذي ساده هذا النموذج في الممارسة والعمل التاريخي عن طريق تبيان التداخل والتفاعل المستمر بين المتخيل السياسي الديني المشترك لدى كل المؤمنين، وبين العقل التحليلي والتصوري والمنطقي للمثقفين الذين يحاولون إدخال نوع من التماسك العقلاني داخل مجال مخترق إلى حد كبير من قبل تصورات الخطاب الرسمي، أي خطاب الدولة الاسلامية . أو مخترق من قبل الخطابات المنافسة التي تتناسب بشكل أفضل مع الأعراف الرمزية المحلية. كما راح التوحيدي على الأقل يوظفه .
ما الذي بقي من هذا المقصد الأخلاقي والروحي الاسلامي في وعي الناس المعاصرين أو ضمائرهم؟ أقصد هؤلاء الناس المشغولين كلياً بالتنافس الشديد الذي لا يرحم من أجل اقتناص السلطة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية. ؟ وهل توجد ذروة للهيبة أو للسيادة يمكن للانسان أن يستمدّ منها هدايته ويمتحن صلاحية وأهمية القيم التي تشكل شخصيته وتفرضها بصفتها تلك على المجتمع؟
لكي نجيب عن هذا السؤال سوف نطرح، ، سؤالاً آخر: هل يمتلك الفكر الاسلامي اليوم الوسائل العقلية والثقافية، أو الحريات والأطر الاجتماعية التي لا بد منها من أجل تشكيل فلسفة حديثة للانسان؟
إن الإيديولوجيا الاسلاموية والمطالبة بالعودة إلى إسلام محمل بأبعادها تلك ، يمارسان اليوم على العقل العلمي الضغوط نفسها التي مارستها الأستاذية العقائدية للفقهاء على العقل في القرون الوسطى.
إن الشخص المكوّن معرفياً داخل هذا السياج الدوغمائي لا يمكنه أن يفكر بمسألة الإيديولوجيا. على العكس، إنه يتلقى نصاً كنص الفريضة الغائبة بمثابة الصحيح كلياً.
وأنا إذ أتحدث عن وجود خطاب قرآني مفتوح معرفياً، فإني لا أدخل بدوري ضمن إطار السياج الدوغمائي وإنما أتصور القرآن على هيئة فضاء لغوي تشتغل فيه عدة أنماط من الخطاب الخطاب النبوي، والخطاب التشريعي، والخطاب القصصي، والخطاب الوعظي والأمثال... . فهذه الخطابات تشتغل في القرآن في ذات الوقت وتتقاطع أيضاً. إن التحليل اللغوي والدلالي البحت لهذه الخطابات يتيح لنا أن نستخرج البنية الأسطورية المركزية للقرآن، هذه البنية التي تستخدم الرمز والمجاز من أجل أن تخلع على العبارات القرآنية إمكانيات افتراضية عديدة للمعنى والدلالة. وهذه الإمكانيات قابلة للتحيين والتجسيد في الظروف الوجودية المتواترة والمتكررة.
هذا يعني أن التضاد ليس تجريدياً ولا إيمانياً، وإنما يمكن التحقق من وجوده لغوياً وتاريخياً عن طريق التفاعل والتأثير المتبادل المستمر بين اللغة والتاريخ والفكر. وهي الذرى الثلاث لإنتاج المعنى. إن قراءة القرآن تجبرنا على الربط بين هذه الذرى الثلاث التي تدرس عادة بشكل منفصل من قبل المؤرخون، و الفلاسفة .
إن القوة الإقناعية والتعبوية للخطاب الاسلامي تزداد فعاليتها وقوتها كلما أوردت الاستشهادات العديدة من النصوص المقدسة أو التي جرى تقديسها من قبَل المؤمنين كنصوص ابن تيمية مثلاً. فكلما أعادوا تحيينها واستملاكها وتطبيقها من جديد على أوضاع اجتماعية وسياسية مختلفة ومعاشة من قبل جماهير المسلمين كلما استطاعوا تحريكها أكثر فأكثر. وأما في داخل الفكر الاسلامي نفسه فيمكننا أن نعترض على هذه الطريقة في الاستشهاد بالنصوص القديمة، أو على الأقل مناقشة صلاحيتها من حيث المعنى والسياق والمشروعية اللاهوتية لاستخدام القرآن والحديث لأغراض كهذه. ... هكذا نلاحظ حصول نوع من الزحزحة الدلالية داخل النظام المعرفي الخاص بالفكر الاسلامي ذاته. فمبدأ العودة إلى النصوص التأسيسية لا يزال سارياً، بل وقد تصلب وتشدد أكثر. ولكن التلاعب المعنوي والاستدلالي المنطقي بالنصوص قد أصبح خاضعاً كلياً للغائية الإيديولوجية والسياسية التي تستبعد كافة المعاني الدلالية ذات البنية العميقة في الوصول الى النتائج .