14 فبراير 2015 بقلم
الطيب الحيدي قسم:
الدراسات الدينية حجم الخط
-18
+ للنشر:يتحدد الدين، في أحد معانيه القاموسية، بأنه الديدن أو العادة بإطلاق، وهو إذ يشمل أيضا معنى الطاعة والجزاء عليها
[1]، باعتبار أنه الفعل أو السلوك المعتاد أو اللازم، فإنه يجري مجرى الثقافة السائدة في جماعة بشرية معينة، والتي يتداول قيمها الأفراد الاجتماعيون وتتناقلها الأجيال. هذا الأمر الذي يوطّن الدين في صلب الثقافة المتداولة، والمنقولة من جيل إلى جيل عبر تنشئة اجتماعية، يستدعي إذا الفعل التربوي. على أنه متى تغيّت التربية غايات من قبيل الانسجام الاجتماعي؛ فهذا كفيل باستدعاء الإيديولوجية باعتبارها " نسق الأفكار [والمعتقدات] المرتبطة اجتماعيا بمجموعة اقتصادية أو عرقية أو غيرهما "(...) حيث تكون مضادة للتاريخ، ورافضة للتغيير"[2]. ومن ثم هل من شأن الفعل التربوي الشامل لعناصر الثقافة على نحو العموم، ولعناصر المأثور الديني على وجه الخصوص، أن يتحول إلى أداة إيديولوجية مضادة لواقع المجتمع المتمايز الثقافات؟
سنعمد في سياق مباشرة هذا التساؤل إلى تبريز التحايث، وكذا التباين الممكن بين الدين والثقافة، لنعرج بعدها على مناقشة الخطورة المترتبة عن أدلجة الدين عبر تربية دينية قد لا تتلاءم مع واقع المجتمع المتعدد الثقافات.
في البدء، نسلم أن من شأن الفعل التربوي المؤدلج للثقافة، وضمنها الدينية، أن يعاكس المفهوم الإيجابي والفعال لمواطنة التعدد الثقافي ضمن المجتمعات المركبة. وحتى نعمق النقاش، يجدر بنا بداية، تبيان ملازمة الدين للثقافة المراد تصريفها وترسيخها عبر التنشئة الاجتماعية المدرسية.
لعل الإسهام الذي قدمه
بول تيليش (Paul Tillich) من أقوى النماذج الفكرية الممثلة للتلازم بين الثقافي والديني. وبالفعل، فقد دافع هذا المفكر عن دعوى كون الدين هو جوهر الثقافة، وأن هذه هي صورة أو شكل الدّين، وبما يكشف عن بعد إلهي أو لاهوتي للثقافة.
[3] يتعلق الأمر بلاهوت واقعي، يستهدف إعطاء المعنى والبحث عنه في العالم الراهن الخاص بالوجود والسلوك الفردي والجماعي.
وبناء على هذه الدعوى، يظهر أن الدين توجُّه نحو المعنى وشكل المعنى في أفعال الناس، توجُّه نحو المضمون اللا مشروط للمعنى، والذي يسمّى أحيانا بالله، ويتم التعبير عنه ضمن الأشكال المشروطة التي تنتجها الثقافة
[4]؛ وبتعبير آخر فالمعنى اللاهوتي، يتمظهر عينيا في أشكال الوجود الثقافي البشري، بل يمثل
الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الكائن البشري بما هو كائن مستفهم متسائل، وباحث دائم عن المعنى الذي لوجوده. وبذلك تلتقي الثقافة باللاهوت ضمن مستويين: مستوى المعني العيني (المحسوس) والمباشر، والذي يندرج بدوره ضمن مستوى سياق أوسع يتجسد في العالم الثقافي المعيش، والمعنى اللا مشروط هو الأساس المشترك لجهة أنه يشمل المعنى العيني لكل شيء، وكذا شموله للعالم الكلي للمعنى.
[5]وإذن، يجسد المعنى اللا مشروط، الذي لا يستنفَذ - مع ذلك- في أي شكل ثقافي، البعد اللاهوتي للثقافة الجارية، لكنه يظل شارطا لها، مثلما يجسد موطن الاتصال بين الأشياء في زمانها الحاضر وزمن الأبدية.
ومهما يكن، فإن بِمُكْنَة هذا المعنى الميتافزيقي لملازمة الديني للثقافي، والوصل الحاصل بين الراهن والسرمدي، أن يجسد لمنزع إيديولوجي يسعى إلى ربط الصلات بين النسبي والمطلق، حتى لا تخلو الأشكال الثقافية من معنى أزلي لا مشروط، تسعى للاتصال به دون استنفاذه، وهو الذي لا ينضب ولا يستنفذ في أشكال تجسد السطوح.
إلا أنه، وعلى خلاف منزع رد الأمور إلى واقع لاهوتي غيبي، بلور الطرح السوسيولوجي مقاربة مخصوصة للثقافة المكرسة تربويا وإيديولوجيا، والتي لا اعتبار فيها إلا للوقائع العينية المنظور إليها كأشياء، "عندما ننظر إلى الظواهر[الاجتماعية]كما هي، وكما كانت دائما، فإن ما يلاحظ هو أن التربية تتحقق في مجهود متواصل، كيما تفرض على الطفل أنماطًا للنظر والإحساس والسلوك، والتي ما كان ليتوصل إليها من تلقاء نفسه، إذ نكرهه منذ حداثة سنه على الأكل والشرب والنوم في ساعات منظمة، ونكرهه على النظافة والهدوء والطاعة، وبعد ذلك نلزمه بتعلم مراعاة الغير، واحترام العادات والتقاليد"[6].
ضمن هذا الإطار، يندرج فعل التربية "الإيديولوجية" في شكل ترسيخ أنماط للسلوك والتفكير والإحساس، الملزمة للفرد الاجتماعي، وذلك بقدر إلزامه بتقدير واحترام العادات والتقاليد التي يصعب التمييز فيها بين الديني والثقافي. إنها متعلقة بالإكراه والقسر الاجتماعي، الذي تستلزمه صناعة الكائن الاجتماعي في مصنع المجتمع الكبير، أو لنقل بلغة دوركهايم نفسه – في مصنّفه "التربية الأخلاقية"، إن الأمر يتعلق بواقع مجتمع في منزلة الإله، الذي يسوّي مخلوقه بحسب ما هو سائد فيه من عناصر ثقافية واجتماعية غاصة بالروح الدينية.
ومن هنا يتجسد الدين، بحسب دوركهايم، كظاهرة اجتماعية أساسية ترتد إليها كل الظواهر الأخرى. وبالفعل، فمن حيث إن الدين نسق متماسك من الاعتقادات والممارسات(طقوس)، فهو يعكس بذلك تواشجًا جدليًا لأمور مفارقة ومحرمة، وأخرى دنيوية؛ وهذا الجدل يمثل نواة الظاهرة الاجتماعية. ولكون الدين لا يقتصر على بنية للتأطير الرمزي، وأنه يشكل الرحم الذي يمتح الإنسان منه - في المجتمعات القديمة- حقيقته، فهو يشمل أو يمتد إلى كل شيء، إلى درجة أن ما هو اجتماعي هو ديني، ولتغدو اللفظتان مترادفتين.
غير أن هذا لا ينبغي أن يصرف الذهن إلى الاعتقاد بتقدم مطلق للدين على المجتمع، وإنما العكس هو الأسلم، "فإذا كان الدين قد ولّد كل شيء، فلأن فكرة المجتمع هي روح الدين"، ومن ثمة فهيمنة الدين على حياة الأفراد تعكس أساسا هيمنة المجتمع.
[7]يقوم المجتمع لدى دوركهايم ككيان كلي هائل القوة والقهر، وإذ يتحدد لديه بمثابة الإله، فلأنه الخالق للكائنات الاجتماعية يخرجها من الطبيعة إلى الثقافة، عبر آلية قسرية هي التنشئة الاجتماعية، والتي تنتقل بموجبها جملة أنماط التفكير والسلوك والإحساس التي لا تعزب عنها الروح الدينية. ومصداق ذلك التعريف الذي قدمه دوركهايم للتربية، حين قوله بأنها "ذلك الفعل الذي تمارسه الأجيال الراشدة على الأجيال التي لم تنضج بعد للحياة الاجتماعية، وموضوعها أن تثير وتنمي في الطفل بعض الحالات البدنية والفكرية والذهنية التي يتطلبها المجتمع السياسي برمته، وكذا الوسط المجتمعي الموجَّه إليه بخاصة".
[8]إذن، لاغرو أن نجد في الفعل التربوي- والحال هذه- تجسيدا لآلية ومنطق إيديولوجي، غايته تحقيق هدف التربية الرئيس والمتجسد في الانسجام الاجتماعي. ومن جهة الحاجة القصوى إلى وعي جمعي يضمن هذا الهدف، فإن دوركهايم، وبحس إديولوجي بيّن، لا يني عن التشديد على لزوم هذا الوعي، حتى في المجتمعات التي صارت روابطها الاجتماعية مبنية على التضامن العضوي المتعلق بتقسيم العمل الاجتماعي، وحيث ترتهن وحدة المجتمع إلى أمر هش ومؤقت، متمثلا في التعاون الأناني عبر التبادلوالسوق.
صحيح أن حضور الروح الدينية في المجتمعات التقليدية، ومن ثم الثقل الإيديولوجي للدين يخفت كثيرا، مقارنة مع مجتمعات التضامن العضوي، وذلك بسبب النمو المطرد للنزعة الفردانية، إلا أن الحاجة تبقى ماسة إلى وعي واعتقاد جمعي لا يقل شدة؛ وعي قد يكون مختلفا في النوع، لكنه يبدو مماثلا من حيث أهميته الكمية، بل قد يكون أصلب من الوعي الجمعي السابق، مع العلم أنه لا يخلو بدوره من نفس أشبه بالنفَس الديني؛ فما طبيعة هذا الوعي الجمعي المستحدث؟
إن الاعتقاد الجمعي الذي صار مهيمنا في المجتمعات الحديثة هو أساسا الوعي بقيمة الفرد وكرامته الإنسانية: إذ "من الملفت أن المشاعر الجمعية الوحيدة، التي صارت أكثر حدة هي التي لا يتجسد موضوعها في الأمور الاجتماعية، بل في الفرد". والحاصل أن واقع الفردانية في المجتمعات الحديثة لا يفتأ يتلبّس لبوسا دينيا. فإذا بالمجتمع الذي يعبد نفسه من أجل انسجامه، هو المجتمع عينه الذي يعوض وثوقية الطقس الديني بوثوقية الاعتقاد في قيمة الفرد وكرامته.
وإذ يعد هذا الوعي قوام اللحمة أو الوحدة الاجتماعية، فلأنه يكرس"إيديولوجيا" جديدة تنتظم حول القيمة العليا والمقدسة للفرد. والحاصل، أن انبثاق عصر الفرد لا يعني زوال الدين بروحه الجمعية، بل ارتسام أسارير ديانة جديدة، موضوعها الفرد الذي تعبَدُ كرامة شخصه، وتنبَثُّ لأجل هذه العبادة خرافاتها بين الناس. لقد صار الإنسان – كما كتب دوركهايم في مصنّفه - الانتحار- بمثابة الإله بالنسبة للإنسان، ذلك أن الكرامة الإنسانية والحرية الفردية قد أضحت تشكل قيما مقدسة، بقدر ما سيشكل إرساء هذه "الحقائق" الجديدة الفتح الأخلاقي الكبير للأزمنة الحديثة .
نخلص إلى أن هذه العبادة الإيديولوجية للفرد ما كان لها أن تنتشر لو لم تستند على تنشئة اجتماعية، تجسد الفعل التربوي الاجتماعي المفضي إلى تحول يتجاوز أشكال الأدلجة التي يتعرض لها الدين عادة، فإن دوركهايم يكشف بذلك عن وعي جمعي يعكس - بسبب مفعول التربية- صياغة تأليفية مبدعة، توحد عناصر ديانة اجتماعية جديدة (ديانة الحداثة)، ومبادئ إتيقا فردانية.
هكذا، يظهر الوقوف عند هذين النموذجين (النموذج الفلسفي لتيليش والسوسيولوجي لدوركهايم) أن الثقافة ذات المضمون الديني لا تنفك عن مفعول الإيديولوجيا، حتى وهي تمارس فعلها في الأفراد والجماعات كمجرد بث وترسيخ لعناصر اجتماعية، وهي بهذا المفعول تجسد الفعل التربوي الذي يؤدلج المأثور الديني. وأمام هذا الوضع، هل من سبيل إلى فعل تربوي ذي مضمون ديني يمكنه التلاؤم مع مجتمعات متعددة الثقافة؟
من الواضح أن المفعول الإيديولوجي للتربية يتألف من عناصر قسرية، لكن سعي الفرد إلى تقديم مصالحه على مصلحة الغير، ورغبته في الخروج عن النسق الثقافي، قد يجسد للأفق الذي صارت تسمح به المجتمعات الحديثة للأفراد؛ فوجود وعي جمعي بمضمون إيديولوجي ديني لا يتعارض مع نزعات التهوّي الفردية، تلك التي تنتهي إلى ظهور هويات فردية إلى جوار الهوية الاتفاقية الجمعية.
وإذا كان الوعي الجمعي أو لنقل الثقافة في شموليتها وحضورها القوي في مجتمع ما، إنما تفرض الانضباط لأنماط تفكير وسلوك وإحساس، فإن هذا الواقع ليس بالصرامة القصوى، لأن الأمور على درجة كبيرة من العمومية والقابلية للانفلات من التحديد الصارم، فيكون بالإمكان حصول حالات متنامية جدا لأشكال الخروج عن التعبئة الإيديولوجية لجماعة ثقافية، وكذا إمكان حصول الانشقاقات الفردية، لكن كيف يكون الحال في ظل مجتمع متعدد ثقافيا؟
من المسلم به أن الأنظمة الدراسية في المجتمعات الحديثة تجعل التدريس ذا مضمون كوني، لجهة أن موضوعاته تتعلق بالمعارف والعلوم التي توصلت إليها الإنسانية، بغض النظر عن العقائد أو الأديان. وحين يباشر المتمدرسون هذه الموضوعات، فهي قلما تثير الحساسيات الإيديولوجية الدينية، حتى فيما يخص بعض الحقائق العلمية التي تتعارض مع بعض المسلمات الدينية والعقدية. والحاصل أن الفضاء الفكري الحر، الذي تمثله المدرسة أو زمن التمدرس، غالبا ما يفلح في امتصاص الأفكار المسبقة " لزبنائه" المتمدرسين، حيث تبدو برامجه موازية لثقافاتهم، ولا تسير على الطرف النقيض لما ترسخ لهم بفعل التنشئة الاجتماعية الأولية (الأسرية خاصة).
من مستتبعات هذا الواقع، أن التنشئة الاجتماعية المدرسية تمكن النشء والشباب من ولوج معمَّم إلى الثقافة الحديثة، بقدر ما أنها تزحزح الدين من مركز الذهنيات إلى هامشها. فلكون المعارف العلمية التي يتم إنتاجها أو نقلها لا تشترط عقيدة أو دينا بعينه، بقدر ما أنها تشترط حقلها المحايد، فإن الفعل التربوي- والحال هذه-يكاد يخلو من كل إيديولوجيا، اللهم إذا افترضنا أن النموذج العلمي الأمثل (البراديغم) هو نفسه إيديولوجية علمية.
بذلك يكاد التمدرس الحديث- وخاصة العمومي منه ذاك الواقع تحت مسؤولية الدولة- ينأى بنفسه إلى حد كبير عن مفعولات الإيديولوجيا. إلا أن هذا الفضاء الحر لا يستمر طويلا، فإن من شأن الإطار العائلي أو المهني أن يعمل على استرداد الأفراد الأحرار والماردين حينا من الدهر، استردادهم إلى ذهنية يشغل فيها الدين حيزا كبيرا، بل قد يكون حاسما في قراراتهم واختياراتهم. والمشكلة المؤكد نشوؤها حينئذ، هو كيفية تدبير العيش المشترك ضمن فضاء عمومي.
بنحو العموم، يمكن التمييز في الثقافة الجارية في مجتمع حديث، بين ثقافة موسومة بالدين وأخرى تسعى إلى الانعتاق من الماضي الديني. وإذ تعد هذه أقرب إلى الواقع السياسي في الدول العلمانية، فإن الاستقامة المدنية المأمولة في مجتمع أساسه وقوامه التعاقد، إنما تتطلب - مع ذلك-قيام فعل تربوي يتجنب الأدلجة الوثوقية للثقافة، ومن ثم للمأثور الديني، عبر اعتباره المرجع الأساس للفعل الاجتماعي والسياسي. ولذلك، إذا اقتضى الأمر تربية دينية تستجيب لثقل ثقافي اجتماعي غاص بالنفَس الديني، فإنها مدعوة إلى مراعاة مقتضيات مواطنة التعدد الثقافي، تلك التي تعد حلا من الحلول الناجعة للمجتمعات المركبة.
كتب داريوش شيغان: " إن أدلجة الأديان تخفي خطرا مرعبا يتمثل في تفلّت السلوك اللاعقلاني للجماهير"[9]. وبالفعل، من شأن النرجسية الأسطورية أن تدفع جماعة ما إلى اعتبار منطق أفكارها المحكوم بالنفَس الديني (إيديولوجيتها)، المنطق الأصوب الذي تختزل إليه الوقائع، ويلزمها أن تخضع له. ومادام الأمر يهم حالة وجدانية انفعالية محكومة بإحساس بدائي بالقوة، فإن ذلك كفيل بتداعي أفكار وأفعال لاعقلانية، بل من شأنها أن تكون مدمرة، ولا تتلاءم مع واقع التعدد في المجتمعات الحديثة.
ومتى استدعت كل إيديولوجيا الفعل "التربوي" الذي يغذيها ويرسخها أو ينشرها، فإن التربية الناقلة للثقافة – وبما فيها المأثور الديني- ستتحول إلى "إيديولوجيا تعبر عن وهم المركزية"
[10]، وهو الوهم الذي يعاند ويناهض التغير في التاريخ، والتعدد في المجتمع، والانفتاح أو الإمكان في المستقبل، ليكون من غايات التربية، المدعاة دينية، صنع وعي زائف يتوهم السير الواثق باتجاه الإنسان الكامل الصانع للعالم المنسجم المأمول، مع اعتبار مفعول هذه التربية الأجدر وحده بتحصيل هذه الغاية.
على هذا الأساس، فإن هذا الضرب من التربية الإيديولوجية التي تكاد تكون ملازمة للثقافة، لا تتناسب مع إرادات الأفراد في التحرر والخروج والانشقاق عن وحدات ثقافية محددة، مثلما لا تتلاءم مع إرادات الجماعات المتمايزة ثقافيا في بناء الواقع السياسي والاجتماعي، الذي قد يجسد منطلقا نحو "فضاء ثالث ليس بالداخلي ولا الخارجي، الفضاء الذي يشكل عتبة[11]" للانطلاق نحو عالم عمومي مفتوح يوجد بجوار الثقافة والدين، ومن ثم سيستدعي الأمر تربية مخصوصة تراعي الثقافة الخاصة، وتسهم في بناء هذا الفضاء الثالث، وذلك مهما تعذرت براءتها من الإيديولوجية، لأنها ستعكس آخر المطاف لعقلانية اجتماعية وسياسية.