قدْ يحْدُثُ ألاّ يَحْدثَ أمْـرٌ ذو جَدْوى..
مثلا: أنْ يـزْدانَ الآتِي بِدَمٍ يتأرجحُ فوق بساتين الفردوْسْ
ونشيدٍ ينْـطفُ مِنْ سِـفـْرِ الأحلامْ..
أنْ يَصْعدَ ذروةَ هذا العَصْرِ الثائرِ ،“أبطالٌ” جُبناءُ وَ أقــزامْ..
أنْ تزْدحِمَ الأشعارُ، كما الطّرقاتُ، برائحةِ الفَـوْضَى..
أنْ يُسْرِفَ كلُّ زُناةِ الكلِمِ الطيّبِ في فلسفةِ الوهْمِ وفي تأويلِ رموزِ
الحُكْـمِ الخَرْقاءْ..
***عُذْرًا.. إنّي أتلألأُ ذُعْــرًا فيما أرقُبُ مِنْ فجواتِ الأقبيةِ العمْياءْ
فرَجَ الغيْبِ: فُـتـوحًا في آفاقِ الرّوحْ..
هلْ أحدِسُ أم لا أحدِسُ بالطّوفانِ وملْحمةِ الإنسانِ:
نشيٍشِ اللّـحْـمٍ الشّائـطِ حيثُ تلوذُ..
وألْسِنةٍ مِنْ شَغَفٍ شَهَـويٍّ.. وخياناتٍ صَمّاءْ..
*** عُذْرًا.. إنّا نَتَـساقَى ألوانَ القَهْـرَ الثّـوْريَّ أفانينْ..
الآنَ تـَـناظَرُ كلُّ مرايانا .
في الدّرْبِ العارِجِ نحو الحُلْمِ أعُـوجُ على المِرْآةْ:
أبدًا، لمْ تنجُ ملامِحُنا مِنْ خيْبتِها الأولَى..
لكنَّ خُصومَ مرايانا الثـوريِّين الحُكَماءَ يقولونْ:
“الشّاعِرُ هذا، رومنْـسيٌّ مُحْبَطْ..
الشاعِرُ هذا، لا يُدْرِكُ قانُونَ المَكْرِ الفاحِشِ..
لا يحْذَقُ شِطرنْجَ الأوقاتْ”..
***عُذْرًا.. أوَ لا نتـَــقـصّى في وجْهِ الحـُلـُمِ المُستبْشِرِ
مخْطوطاتِ التّـيهِ وَهَـوْلِ الأزْمنةِ الدّامِي؟
أوَ ليسَ لنا أنْ نرتِقَ كلَّ بَكاراتِ الوطـنِ ا المفتوقِةِ ..
نرْسُمَ تاريخَ اللاّئي طُمِستْ فيهنّ بُعيْدَ الطّمْثِ مَلامِحُهنّْ؟
***قد يحْدُثُ ألاّ يَحْدثَ أمْـرٌ ذو جـَـدْوى
مثلاً: أنْ أقذفَ كيسَ رؤوسٍ سَهْوًا، أوْ أغْراضٍ أخْرَى
أوْ أعْضاءٍ جاهزةٍ للتّسويقْ
وأنا أرْكُضُ كيْ أنقِذَ ليْــلكة ً مِنْ مذبحةِ
السّحْلِ الفَــوْريِّ العــامْ..
في السّاحةِ ، تهليلاتٌ عُظْمَى ، عنْدَ صلاةِ الفجْرِ. و إيقاعِ الإعْـدامْ..
***أو قلْ مثـلاً أنْ تَـعْـلَقَ سَاقـي فيما يُـدْلَـقُ
مِنْ أحشاءِ الصبيةِ في الطّرقات
فَــيُـرنِّحُــني هَلَعُ اللحظةِ والأحزانُ
وتـَــفْرِغُ أحشائي مِنْ مخزونِ القيْءِ ذُهـولاً..
وتكونُ عيوني ألقتْ كلَّ حُمولةِ معـْناها
في اللاّمَعْنى..
*** قــدْ يحْدُثُ ألاّ يَحْدثَ أمْـرٌ ذو جـَـدْوى
قُلْ مـثـلًا:
أنْ أشْـهُـوَ سوناتاتٍ تــرْخُمُ طافحةً بالحبِّ ..
و معْـزوفةَ “ضوءِ القمر”، الْـحَرَمـَـتْـني مُتعتـَـها الصّرْفَ
خُدوشُ شظايَا أصابتْ مَـكْـتبةَ الألحانْ..
مِنْ وَجْـدِهِ يـَــرْجفُ بـــاخْ ..
ويـُواسِي حُزْنَهُ جوسْتاف مالرْ في دفْقةِ عَزْفٍ نَضّاخْ ...
كانتْ أرْباعُ المعْـزوفاتِ ثلاثـَتُـهُـنَّ رمادًا،
والرّبُـعُ المتبقّي نُوطاتٍ مُسْتعِـرهْ
في الرّاهِنِ موسيقَى نَخِــرَهْ.
***قــدْ يَحْدثُ ألاّ يحْدُثَ ما لا يَـسْـترْعي الوِجْـدانْ
مثلاً:
أنْ تُرْهِفَ كيفَ يُحمْحِمُ فيك الحزنُ، وتَسْـمَعَ
آخِـرَ غرْغرةِ الوطنِ السّابحِ في أتّـونْ..
أنْ تبْصِرَ جُلَّ وُجوه زبانية ِ النّيران “ضيوفًا”
في ساحاتِ الشّامْ..
ألاّ تُلْفِي مِن خِلاّنِ الأعْـرابِ – وأنتَ عَـزيزٌ كانَ أُهِـينْ-
سِـوى قُطــعانِ مِنْ لُـؤماءِ العَصْرِ العِنّــينْ..
***أنْ تجْـتابَ الزّمَنَ الأحْلى.. تَدْلــفَ غُــرَفَ الـذّكرَى..
أنْ تَـتَوسّدَ مِنْسأةَ الإرْثِ التّاريخِ الورديِّ ،
وَ تَجْأر بالقـٌدَماءِ، فـتـَسْـتـدْعِي المُتنبّي الغِـرَّ
و سيْـفَ الدّولةِ والمُعتصِمَ باللّهِ العبّاسيَّ . ومأثورَ قَـوافي أبي تمّامْ..
احذرْ !. ها أنْتَ مُواقِــعُ ذاكِ الحُـلـْـمِ المأفُــونْ..
احذَرْ ! ضُرِبَتْ أعْـلى الأسوارِ حواليكَ ،
وأقــيمَ المَــوْبِـقْ.
ثمّــة مأزِقْ !
*** هَبْ أنّ بِـوسْعِكَ ترتيبَ المتشوّشِ في أشياءِ العالمْ:
مثلاً خُـذْ مِنْ أضوائـِكَ قـَـبْـضةَ ضَـوءْ
وابْذُرْ أفُــقَ العُمْـيانِ ـ حدائــقـَـهُمْ و الحـَـدقاتْ
لنْ يَحدُثَ أمْرٌ غيرُ نُــمُوِّ الظلمةِ و الغــيْمْ..
هَبْ أنّكَ تخلِطُ في اللـّـوْحةِ للّــوْحِةْ
ألـْــوانَ الرّسْــمْ،
يَـطغَـى اللاّلوْنُ عليك .. يُــداهِـمُكَ الأبْــيَـضْ..
هـَـبْ أنّــكَ تـَــنْـهَـضْ،
تـتـنشّقُ مِلْءَ الحُريّةِ أنْـفاسَ العَبَـقِ الثوريّْ
ولمْ تـنـْـشَـقْ عَــبَقَ الجوْهـَـرِ في الدّاخِـلْ؟
ثورِيٌّ أنتَ إذنْ، يُـحْيِـيكَ الوَهْـمُ النّاعــمُ،
يَـطْـلِي وَعْيَكَ زيْفُ الباطـلْ..
هَبْ أنّكَ تجتازُ مناخاتِ الوحشةِ والتّيهْ،
قلْ كيف ستـنجُو مِنْ كلِّ فِــخاخِ الذّعْـر المُحْـدِقْ؟
*** قــدْ يحْدُثُ ألاّ يَحْدثَ أمْـرٌ يصفــو:
ها قدْ عادوا زُمَــرًا زمَـرًا..
قَبِّلْ أعْداءَكَ غوِغاءَ السّاسةِ والسفّاحَ التّائبَ
والشّعبَ المؤمِنَ بالآتيِ.. وزُناةَ الثّورةِ...
ينْجُ ضَميرُكَ مِنْ وَخْزِ سفاهتِه العجماءْ
ما أشبهَ بُرهةَ ما قبل الشّطـَحِاتِ بما يـَـتْـلــو!